"صعوبات مستمرة ونجاحات في الميدان وآفاق واعدة" جملة تختصر الصعوبات والضغوطات التي تواجهها حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS"، وإنجازاتها التي حققتها رغم التحديات، حتى باتت الحركة فلسطينية المنشأ بالاتساع والتمدد لتصبح عالمية الانتشار". "انخراط البرلمان الألماني "البوندستاغ" في الحرب المفتوحة ضد حركة المقاطعة، والتي تمثل في صدور قرار يعتبرها "مناهضة للساميّة"، ويدعو حكومة بلاده إلى عدم تمويل أو دعم أي مؤسسة تنفي "حقّ إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها" غير دستوري، ويتنافى مع أبسط قواعد الديمقراطية وحرية التعبير" هذا ما قاله عمر البرغوثي، العضو المؤسس في "BDS" ، ل"وفا". وأشار إلى أن هذه الحرب المفتوحة التي يشنها النظام الإسرائيلي المتجه نحو الفاشية، والمتحالف بشكل مفضوح مع القوى الفاشية والظلامية في أمريكا وأوروبا والمنطقة العربية، قد يؤشر إلى بداية أفول الديمقراطية في ألمانيا، وبداية بزوغ الفاشية الجديدة، المعادية لليهود، بالتأكيد؛ ولكن المعادية بشكل أكبر وأكثر علانية للعرب والمسلمين والأقليات الملونة. وتابع: كما إنه يتناقض مباشرة مع الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي الذي أيّد منذ 2016 الحق في الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل كحق مكفول بالمعاهدات الدولية والأوروبية المتعلقة بحقوق الإنسان. كما يشكل هذا الموقف الألماني تماهياً خطيراً مع محور ترمب- نتنياهو اليميني المتطرف والمعادي لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، والساعي بشكل محموم لتصفية قضيتنا الوطنية. واستوقف البرغوثي ما حدث في مسابقة الأغنية الأوروبية المعروفة ب"اليوروفيجين"، بقوله: نرحب بكل شكل للتضامن مع نضال شعبنا من أجل حقوقنا غير القابلة للتصرف، ونرفض خرق معايير المقاطعة حتى ممن يحاولون التغطية على هذا التواطؤ بلفتات رمزية قصيرة العمر؛ فالآلة الإعلامية الإسرائيلية قادرة على الاستفادة من هذا الخرق للتغطية على جرائمها بحق شعبنا، وتحويل أي لفتة رمزية كإثبات لديمقراطيتها وليبراليتها الزائفتين. لقد طالبنا كل الفرق بالذات الأيسلندية المؤيدة لحقوقنا بالانسحاب من هذه المسابقة في تل أبيب، لا المشاركة ولا حتى لو كانت مصحوبة بلفتات غير مؤثرة". وعن أهم ما حققته (BDS) منذ انطلاقها عام 2005، قال: "نجحنا في بناء أرضية حقوقية ونضالية مشتركة يجمع عليها الكل الفلسطيني تقريبا، ونشر الوعي عالميا حول كافة حقوق شعبنا الفلسطيني، وأهمها: حق تقرير المصير، وعودة اللاجئين، والتخلص من الاحتلال الإسرائيلي". وأشار إلى أن "وجود وزارة بأكملها – وزارة الشؤون الإستراتيجية – في الحكومة الإسرائيلية مخصصة لمحاربة حركة مقاطعة وتخصيص ميزانيات (بالتعاون مع مجموعات اللوبي الصهيوني) تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً لتقويضها يؤكدان أن إسرائيل باتت بالفعل مقتنعة تماماً بأن "BDS" تشكل تهديدا استراتيجيا "من الطراز الأول"، كما صرح الرئيس الإسرائيلي الحالي. وتابع: هناك مؤشرات أخرى مهمة تستشعر إسرائيل منها خطرا كبيرا على اقتصادها، فخلال الأعوام القليلة الماضية أعلنت أكثر من 80 سلطة محلية في إسبانيا عن نفسها "مناطق خالية من الأبارتهايد الإسرائيلي"، وشملت القائمة بلدية كل من: قرطبة، وإشبيلية، وفالنسيا. وأعلنت مجالس بلدية عدة في فرنسا، والنرويج، وبريطانيا، مقاطعتها لمنتجات المستعمرات الإسرائيلية. وعن الشركات الأجنبية التي سحبت استثماراتها من إسرائيل بضغط من حركة المقاطعة، تحدث البرغوثي عن سحب شركة "فيوليا" الفرنسية للبنى التحتية كل مشاريعها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 2015 بعد حملة مقاطعة ضدها انطلقت عام 2008، بعد خسارة تجاوزت ال 23 مليار دولار، بالإضافة إلى انسحاب شركة الاتصالات العملاقة "أورانج" مطلع 2016 من السوق الإسرائيلية، بعد حملة مقاطعة قوية قادتها BDS في مصر وفرنسا. وتابع: بالإضافة إلى شركة "G4S"، الشركة الأمنية الأكبر في العالم والمتورطة في السجون الإسرائيلية والحواجز العسكرية والمستعمرات، فقد قررت قبل أسابيع سحب مشاريعها الإسرائيلية تقريباً، بعد خسارة عقود كبيرة حول العالم، بالذات في الأردن، ولبنان، والكويت، والنرويج، والاتحاد الأوروبي، وجنوب أفريقيا، كما باع صندوق بيل وميليندا غيتس (Gates Foundation) حصته في الشركة عام 2014، البالغة 170 مليون دولار، بعد ضغط من حركة المقاطعة، وصندوق الاستثمار التابع للكنيسة الميثودية الموحدة (United Methodist Church)، وهي من كبريات الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة الأميركية كان قد قرر عام 2016 سحب جميع استثماراته من البنوك الإسرائيلية، بينما قررت كنيسة "اليسوع الموحدة" عام 2015 سحب استثماراتها من الشركات المتورطة مع الاحتلال، مثل: هيولت باكارد "HP"، وكاتربلر، وغيرها. وفي العام ذاته، سحب الصندوق الحكومي النرويجي، الذي يعد أكبر الصناديق السيادية في العالم، استثماراته من شركتين إسرائيليتين، بالإضافة إلى سحب ثاني أكبر صندوق تقاعدي في هولندا "PGGM" استثماراته من البنوك الإسرائيلية الكبرى لتورطها في الاحتلال. كما سحب أكبر بنك بريطاني "HSBC" استثماراته من شركة "إلبيت" للتصنيع العسكري الإسرائيلي، بعد حملة ضغط من قبل حركة المقاطعة استمرت لأشهر طويلة، بينما أعلنت شركة "Airbnb" لتأجير المنازل للسياح أنها ستوقف الإعلان عن المنازل في المستعمرات المقامة في الضفة الغربية. ونوه البرغوثي إلى أنه لا توجد دراسات دقيقة لحجم خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحراك المتواصل الذي تقوده حركة المقاطعة حتى الآن، فيما يتحدث بعض المسؤولين الإسرائيليين عن خسائر تصل إلى مليارات الدولارات. وحول المؤشرات التي تبرهن على تصاعد عزلة إسرائيل فنيا، وثقافيا، قال: "في العام الماضي فقط ألغى منتخب كرة القدم الأرجنتيني مباراة ودية مع نظيره الإسرائيلي، وفنانات عالميات من وزن شاكيرا، و"لانا دل راين" و"ناتالي بورتمان"، وعشرات الفنانين الآخرين قد الغوا مشاركاتهم في حفلات ومناسبات فنية إسرائيلية في تل أبيب وغيرها، كما انضمت عشرات الفرق، والشخصيات الموسيقية البريطانية للمقاطعة الثقافية لإسرائيل رسمياً، وأكثر من مئة ألف شخص ضموا صوتهم لحملتنا الداعية لمقاطعة "اليوروفيجن" في تل أبيب، كما انضم إليها عشرات الفنانين/ات المرموقين/ات في أوروبا. وامتد التأثير لعشرات الجامعات، بالذات في الولايات المتحدةالأمريكية، وجنوب أفريقيا، وبريطانيا، وإيرلندا، وكندا، حيث تبنت مجالس الطلبة قرارات داعمة لإجراءات المقاطعة، وسحب الاستثمارات ضد الاحتلال، و"الأبارتهايد" الإسرائيلي؛ وهو ما خلق انطباعا لدى قيادات وأحزاب دولة الاحتلال بأن عزلتها الدولية آخذة في النمو وأن ما أسماه ب "اللحظة الجنوب أفريقية" باتت أقرب من ذي قبل، وتصاعد الفاشية الإسرائيلية ونموّ تأثير حركة المقاطعة أدى إلى تدني شعبية إسرائيل بين شعوب العالم إلى أدنى المستويات، بحيث باتت تنافس كوريا الشمالية على موقع ثالث أو رابع أسوأ دولة في العالم من حيث الشعبية، حسب نتائج استطلاع الرأي العالمي "GlobeScan" الذي أجرته BBC عام 2017. وعن التحديات التي تواجه "BDS"، قال: نظام الاستعمار و"الأبارتهايد" الإسرائيلي تبنى منذ العام 2014 إستراتيجية جديدة لمحاربة حركة المقاطعة تشمل حربا استخباراتية، وقانونية، ودعائية هائلة ضدها في فلسطين، وحول العالم، في محاولة لتجريمها، أو نزع الشرعية عنها. وأضاف البرغوثي: خصصت إسرائيل عام 2016 موارد مالية ضخمة، ووظفت أجهزتها الاستخباراتية وآلتها الإعلامية الكبيرة، ووزارة الشؤون الاستراتيجية بأكملها وطواقم مهمة في وزارة الخارجية، واللوبي الصهيوني في الغرب؛ لضرب ال"BDS" من خلال عمليات التخريب الإلكتروني، وتشويه السمعة، والحرب القانونية ضد شبكات حركة المقاطعة، والمدافعين عن حقوق الإنسان التابعين لها. كما وعملت على توظيف نفوذها الهائل في الكونغرس الأمريكي، ولدى المشرّعين في برلمانات الولايات المتحدةالأمريكية، وفي فرنسا، والمملكة المتحدة، وكندا، وألمانيا، وغيرها لِسنِّ قوانين، أو سياسات تجرّم المقاطعة، أو تعاقب مناصريها. ولفت إلى انه نُظّم في القدس المحتلة في مارس 2016 مؤتمرا ضخما لمحاربة "BDS"، حذّر فيه رئيس تحرير جريدة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية من تصاعد قوتها، وأعرب عن خشيته من أن تصبح إسرائيل "بعد 5 أو 10 سنوات شبهَ معزولةٍ أو منبوذةٍ"، شأنها شأن جنوب أفريقيا زمن "الأبارتهايد". كما دعا وزيرُ الاستخبارات في حينه يسرائيل كاتس الحكومة الإسرائيلية وبمساعدة أجهزة الاستخبارات إلى "الاغتيال المدني" لقادة الحركة، وتم ذكر البرغوثي بالاسم. وأضاف: انه قبل أسابيع، حققت حركة المقاطعة نصرا قانونيا جديدا ضد هذه التشريعات، إذ أمر قاضٍ فدرالي بوقف العمل بقانون معاداة "BDS" الساري في ولاية تكساس منذ أكثر من عامين، بسبب تعارضه مع التعديل الأول للدستور الأمريكي الخاص بحرية التعبير، وهذا ثالث نجاح قانوني للحركة ضد الحرب القانونية الإسرائيلية. وأكد أن حركة المقاطعة فلسطينية المنشأ، ولكن عالمية الانتشار، ولديها شراكات قوية مع نقابات عمالية، ومجموعات كنسية، وأطر أكاديمية، وفنية، ومجالس طلبة في مئات الجامعات الغربية، وأطر نسوية، وشبابية وغيرها، ودعم حركة المقاطعة انتشر في معظم دول الغرب، وفي دول عربية، وأمريكية لاتينية، وآسيوية عديدة وفي جنوب أفريقيا. وربما تكون الحركة الأقوى في جنوب أفريقيا وإسبانيا، مشيرا إلى أن آفاق عمل "BDS" المستقبلية أوسع مما يستطيع التعبير عنه في سطور. وأوضح البرغوثي "أن الغالبية الساحقة في المجتمع الفلسطيني أطلقت نداء "BDS" في العام 2005، ويدعو العالم إلى عزل النظام الإسرائيلي الاستعماري والعنصري في شتى المجالات، سواء الأكاديمية، أو الثقافية، أو الاقتصادية، أو العسكرية، حتى ينصاع للقانون الدولي، ويلبي الشروط الثلاثة التي تشكل الحد الأدنى المطلوب لكي يمارس الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير بحسب القانون الدولي، بإنهاء احتلال كافة الأراضي العربية عام 1967، بما في ذلك إزالة المستعمرات والجدار وإنهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) القائم داخل أراضي عام 1948 ضد الجزء من شعبنا الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية؛ وعودة اللاجئين إلى ديارهم الأصلية التي شردوا منها، وهو حق طبيعي كفله القانون الدولي. يشار إلى أن اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، وهي أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني يضم مختلف أطياف العمل السياسي والنقابي والشعبي الفلسطيني، تقود حركة المقاطعة العالمية (BDS) وتضع معاييرها وتنسق مع الشركاء والحلفاء حول العالم في حملات مقاطعة، أو سحب استثمارات عينية. كما أن هناك عددا من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية التي تعمل في الاتجاه ذاته بشكل مستقل. *وفا