يمر حزب الأصالة والمعاصرة، "حزب الدولة" الذي نشأ كبيرا وبدأ يصغر منذ تولي أمانته العامة حكيم بنشماس خلفا للرجل "القوي والنافذ" إلياس العماري، بأخطر أزمة تنظيمية تهدد وجوده. وكشف الإعداد للمؤتمر الوطني الرابع للحزب أن بنشماس فقد التحكم في دواليبه، بعدما استطاع المعارضون له أن يتحكموا في اللجنة التحضيرية بانتخاب سمير كودار رئيسا لها، الأمر الذي لم يرق للأمين العام الذي فضل الهروب من الاجتماع الذي انعقد ليلة السبت الماضي. المعطيات التي حصلت عليها هسبريس أكدت أن اجتماع اللجنة التحضيرية كان سيمر بشكل عاد لولا محاولة الأمين العام الحالي، حكيم بنشماس، تجاوز مخرجات المجلس الوطني عندما أقحم خمسة أعضاء لم ينتخبهم المجلس بالقوة ضمن اللجنة التي تجاوز عدد أعضائها 150 عضوا. من جهة ثانية، ارتفعت حدة الخلافات داخل اللجنة التحضيرية عندما أعلن المعارضون للأمين العام نهج مبدأ التعامل بالمثل وطالبوا بالعضوية لتسعة أعضاء إضافيين، وهو ما وافق عليه بنشماس، لكنه اعترض على تصويتهم داخل اللجنة، مع السماح لهم بالمشاركة في المناقشات العامة. وتم الاتفاق قبل الإفطار على تقديم مرشح لكل طرف، حيث تم اختيار سمير كودار مرشحا لمنصب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع من طرف المعارضين للأمين العام، فيما دفع بنشماس ومناصروه بميلودة حازب لرئاسة اللجنة. وفي هذا الصدد، كشف مصدر حضر الاجتماع لهسبريس أن مناصري الأمين العام انقلبوا على الاتفاق بعد الإفطار، بدعوى أن المرشحين من منطقة واحدة هي مراكش، وهو مبرر اعتبر محاولة من بنشماس لنسف أشغال اللجنة التحضيرية بعد اقتناعه بأن غالبية الأعضاء ال154 سيصوتون لكودار. ورغم محاولات أنصار الأمين العام التأثير على أشغال الاجتماع، إلا أن التصويت على مرشح اللجنة التحضيرية أعطى لكودار غالبية الأصوات، ب 102 مقابل 52 صوتا لميلودة حازب، وهو ما دفع بنشماس إلى رفع جلسة اللجنة التحضيرية وتصدير الأزمة إلى المكتب السياسي الذي يرتقب أن يجتمع ليلة اليوم الإثنين. ومباشرة بعد إعلان كودار رئيسا للجنة التحضيرية، أعلن كل من محمد الحموتي، رئيس المكتب الفيدرالي للحزب، وفاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني، دعمهما له وقدما له تهنئة مكتوبة. وجاء في التهنئتين، اللتين توصلت هسبريس بنسخة منهما، أن "رئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب جاءت بأغلبية ساحقة في جلسة تصويت علني ساهم فيه عضوات وأعضاء اللجنة التحضيرية الذين حضروا بناء على دعوة رسمية وتلا أسماءهم الأمين العام في بداية الاجتماع". من جهة ثانية، خرج الأمين العام، حكيم بنشماس، بما وصفه بيان الشرعية والمسؤولية، أعلن فيه أنه "لم يتسن للحاضرات والحاضرين الحسم العملي في مباشرة عملية الترشيح والتصويت بالنظر للخلاف الذي تفجر بخصوص بعض المواد الواردة في النظام الداخلي"، موردا أن "العملية لم تتم نهائيا بعد رفع الجلسة لانتفاء الشروط العادية والسليمة للدخول في هذه العملية". وقال البيان إن "تنصيب أحد المرشحين لنفسه رئيسا للجنة التحضيرية بعد رفع الجلسة من طرف الأمين العام مسألة غير شرعية"، معتبرا أن "الاستحواذ على المنصة من قبل "رئيس" المكتب الفيدرالي رفقة المرشح المذكور سلوك لا يحترم سلطة المؤسسات الحزبية، ويخرق قواعد العملية الانتخابية والسلوك السياسي السليم، وهو ما يستوجب المحاسبة وفقا للضوابط التنظيمية والتأديبية والسياسية".