إن جل المنظمات والخلايا الفدائية في كل المدن المغربية كان لها ارتباط بالمنظمة السرية، لأنها كانت الأساس في بداية الكفاح المسلح بالمغرب، وكانت المدرسة التي يستلهمون منها مبادئ التضحية والفداء، والقطب الذي يلتفون حوله، فكانت تزودهم بالتمويل والمعلومات وأقراص السم والأسلحة. المنظمة السرية والمنظمات المستقلة أريد أن أوضح هنا أن جل المنظمات والخلايا الفدائية في كل المدن المغربية كان لها ارتباط بالمنظمة السرية، لأنها كانت الأساس في بداية الكفاح المسلح بالمغرب، وكانت المدرسة التي يستلهمون منها مبادئ التضحية والفداء، والقطب الذي يلتفون حوله، فكانت تزودهم بالتمويل والمعلومات وأقراص السم والأسلحة من مسدسات وقنابل ورصاص، كما كانوا يستشيرونها في نوعية العمليات الفدائية التي سيقومون بها. والمنظمة السرية كان لها وجود بجميع المدن المغربية، وكذا بالمنطقة الشمالية ومدينة سيدي إفني بالجنوب، لذا كان يسهل عليها ترحيل الفدائيين المتورطين الذين افتضح أمرهم، وهي الوحيدة التي كانت تتوفر على أقراص السم ولها عيون داخل جهاز المخابرات، فكانت كل المنظمات تخطب ودها، وتلتجئ إليها من أجل التعاون معها، ولحل المشاكل التي تعترض طريقها. وسارع بعض الأفراد الشرفاء بعد الاستقلال إلى الاعتراف بفضل المنظمة السرية على العمل الفدائي، بينما تنكرت لها الشرذمة التي جرفها تيار العقوق والنظرة الضيقة للتبني الحزبي. منظمة "اليد السوداء" كان الشهيدان أحمد الراشيدي ومولاي الطاهر العلوي على اتصال بمحمد الزرقطوني، وكان يجتمع بهما باستمرار، وذات يوم أطلعهما على كتاب من سلسلة رواية الهلال للكاتب جرجي زيدان تحمل اسم "الانقلاب العثماني"، وتحكي عن منظمة للمقاومة اسمها "اليد السوداء"، فأعجب الشهيدان بالاسم، وباقتراح من محمد الزرقطوني اختير هذا الاسم لمنظمتهما، ولكن حدثت تطورات خطيرة أضرت بمنظمة "اليد السوداء"، إذ تم إلقاء القبض على جل أفرادها بعد تنفيذ عمليتين فدائيتين، وكان ضمن أعضائها سعيد ولد الحاج عبد الله، الذي تورط وافتضح أمره، وكان عضوا في المنظمة السرية، وله اتصال بمحمد الزرقطوني وسعيد المانوزي وسعيد بونعيلات وبلعيد البركوكي، فقمنا بتهريبه إلى ضيعة "وادي إيكم "، ومن بعد ذلك إلى المنطقة الشمالية. وتعد منظمة "اليد السوداء" أول منظمة فدائية كشف أمرها وألقي القبض على أعضائها من طرف البوليس الفرنسي في أكتوبر سنة 1953، وكانت تضم حوالي 60 عضوا، وعرفت قضيتها بقضية سينما "ريو" أو "جماعة الخمسة والخمسين"، في إشارة إلى عدد الأفراد الذين ألقي عليهم القبض. وجرت محاكمة أفرادها بالمحكمة العسكرية، وهللت الصحافة الاستعمارية يومها باكتشاف منظمة "اليد السوداء"، واعتقدت بأنها النواة الأولى، ولن يكون بعدها أي شيء يستحق الذكر. ومن شهدائها: الصورة تؤرخ للحظة إعدام الشهيدين أحمد الراشيدي ومولاي الطاهر العلوي، وقد رفض الشهيد أحمد الراشيدي وضع العصابة على عينيه، وخاطب جلاديه قائلا: "دعوني أرى سماء بلادي لآخر مرة". منظمة "الحسنية" منظمة فدائية عتيدة، أنجزت عدة عمليات كان لها الصدى القوي، استهدفت نائبا للقاضي، ومهندسا فرنسيا، وبائعا خطيرا للخمور، ربطنا الاتصال بأفرادها في شهر أبريل 1954 عندما وزعوا منشورا خطيرا مكتوبا بخط اليد في جميع أنحاء مدينة الدارالبيضاء، واستطعت رفقة المدني لاعور من التوصل إليهم بواسطة إدريس المذكوري الذي كان يملك متجرا لبيع أجهزة الراديو في شارع السويس قرب سينما "الكواكب"، فسألناه عن مصدر المنشور فأخبرنا أنه يعرف صديقين ينتميان إلى هذه المجموعة، فاتفقنا معه على أن نرسل إليه محمد بنحمو الشيباني للاتصال بهما، وكانت إشارة التعارف هي أن يقو ل له: "أريد الراديو الأسود والراديو الأحمر". ومعناه أنه يريد الاتصال بشخص لم أتذكر اسمه وهو الراديو الأحمر، وبلحاج الصحراوي وهو الراديو الأسود. وكلفنا محمد بنحمو الشيباني بالاتصال بهم، فأصبح صلة الوصل بيننا وبينهم، ونسقنا معهم وزودناهم بالسلاح والذخيرة. من أفرادها: محمد بن الحاج الصحراوي، إدريس المذكوري، حجاج الخمليشي، عبدالمالك مستور، مولاي الطيب الصحراوي، عبدالسلام الكفايتي، عبدالسلام بارني، موسى بلحسن المدعو ب"الماسخون"، صوت العرب ومحمد الركيبي. منظمة "الهلال الأسود" منظمة فدائية هزت كيان الاستعمار الفرنسي وعملاءه، أسسها لحسن لكلاوي، الرجل العامل البسيط بحي الإسبان بالدار البيضاء، وأطرها ونظم تسييرها بعد ذلك الشاب عبد الله الحداوي، المطرود من التعليم الثانوي. نفذت العديد من العمليات المهمة. من أفرادها: لحسن لكلاوي الصحيح، عبد الله الحداوي، الشهيد محمد الحداوي، الشهيد الضعفان حجاج المزابي، المهدي الناموسي الملقب ب"بوودينة"،أحمد شفيق، أعمامو الزياني، محماد گرانفال، عدنان محمد بنمسعود، امحمد بوهلال، بكبيشي علال، صدوق محمد بن علال، عبد السلام الفاكتور، أحمد هرم، الحاج عبد الله الملقب ب"مول لاموزيك"، المحجوب العطار، اليماني الوادي، إبراهيم الهروس والمختار بنور. منظمة "جيش الأطلس" انبثقت من الحي المحمدي. من أعمال هذه المنظمة قَنبلة مقهى "مرس السلطان"، التي أرهبت الاستعمار الفرنسي وغيرت رأيه، فقد هزت هذه القنبلة الكيان الفرنسي المتواجد بالدار البيضاء وبالمغرب، وفرضت عليه إعادة النظر في مواقفه، ونفض كل فرنسي الغبار عن حقيبته، فقد أوشك وقت الرحيل. من أفرادها: أمبارك عمان الملقب ب"سي بوشتى"، عبد الله باردوني، بكراوي بوشعيب الملقب ب"بوراس"، عبد السلام بيجو، حسن أمزوغ وعزالدين محمد بن عبد الرحمان الملقب ب"الصحراوي". منظمة "أسد التحرير" منظمة فتية، إذ كل أعضائها شباب بدءا برئيسها. وقد عملت هذه المنظمة على إعداد وتهيئة أشخاص للتضحية والفداء في إطار محكم، وقامت بالعديد من العمليات الفدائية المهمة. اعتقل بعض أعضائها، إثر تورطهم في عملية بوسكورة. من ضمن أفرادها: أزيدان عبد السلام، تدير علي بنسعيد،بويري إدريس بنبوبکر، برهماني محمد، جردي عبد القادر،أمشكي البشير، لشهب الحاج علي، أمان الله محمد، بن الفلاح حجاج، تنان أحمد، الصياد عبد الرحمان واللبار سعيد. منظمة "صوت النار" تكونت من أفراد من منظمة "جيش الأطلس"، ولم تنفصل عنها. نفذت العديد من العمليات، من أشهرها محاولة اغتيال فرنسوا أفيفال. من أفرادها: المجاهد بالعربي الباعمراني،الحسن الكباص والحاج لحسن زهير. وكانت هناك عدة خلايا أخرى توجد مراكزها خارج مدينة الدار البيضاء، أذكر من بينها: منظمة "اليد المتوكلة"، أنشئت بالحي المحمدي ولعبت دورا هاما في منطقة الشاوية، وبالضبط في قصبة أولاد سعيد، ويرجع الفضل في تأسيسها إلى حسن السكوري. من أفرادها: الزواق التهامي، مولاي إدريس، الحاج مصطفى ولد الخليفة، أحمد بن الجيلالي، إبراهيم البوليسي، الخراز، الزوين، أقديم علي والصويري. *صحافي، باحث في تاريخ المقاومة المغربية، شاعر وزجال [email protected]