المشكلة الكبرى التي يواجهها قطاع التعليم في بلادي هي "قُطّاع" التعليم في بلادي. وفي بلادي ظلموني واتهموني بأنني واحد من "قُطّاع" التعليم. وأصل الحكاية أنني قطعت الميزانية نصفين؛ نصفٌ لترميم المدرسة وتزويدها بحواسيب معطوبة، ونصفٌ لاستكمال الأشغال في مزرعتي الخاصة، وما أنا إلا ناهب صغير في "جماعة بوكو حبة الإنهابية".. لا أملك سوى مزرعتين، في كل مزرعة أشجار تين وزيتون ورمان وفيلا صغيرة مخصصة لليالي الأنس والفرفشة؛ فأنا مسؤول مهم، وعلى عاتقي مسؤوليات مهمة، وهواتفي لا تتوقف عن الرنين، وتتوارد عليّ المكالمات من هنا وهناك لإيجاد الحلول للمشكلات.. وتستكثرون عليّ قضاء سويعات مع الخلّان والخليلات؟ انتهى الوقت..ضعوا أقلامكم على الطاولة وخذوا شيكاتكم من تحت الطاولة. لحظة سيادة المسؤول..سؤال أخير: من أين لك هذا؟ تركنا سؤالنا معلقا في باب المسؤول، وذهبنا إلى مدرس خمسيني كان ينتظرنا في المدرسة، طلبنا منه تعريف السادة المشاهدين بشخصه الكريم.. أنا مدرس من العصر الطباشيري الأول، أعاني من حساسية مزمنة في جيوبي الأنفية، فقد استنشقت ملايير الذرات الطباشيرية؛ أقلعت عن التفكير منذ مدة لا بأس بها، لأن التفكير مضر بالصحة، أقلعت عن ممارسة السياسة في المقاهي.. احترفتُ الانتظار، انتظار قطار الأحلام الصغيرة التي ماتت قبل أن تولد..القطار نفسه الذي تركني في محطة مهجورة من محطات عمري المهدور..انتظار الترقية المتأخرة..انتظار الاقتطاعات المرتقبة..انتظار التقاعد بعد تجاوز الستين، والرجوع للتدريس بالتعاقد بعد تجاوز السبعين..وعشرين على عشرين. تركنا المدرس وسط ضجيج التلاميذ وخرجنا إلى هدير دراجات نارية ضخمة كانت تمرق من أمام باب المدرسة في سباق محموم. نلتقي الآن بتلميذ، يبدو أنه منشغل باللعب في هاتفه، سألناه عن مدى حبّه للدراسة ومواظبته عليها..أنا أحضر للمدرسة لأهداف أخرى غير الدراسة، لديّ أصدقائي وصديقاتي، أقضي معهم لحظات ممتعة، نرتكب حماقاتنا بعيدا عن أعين المجتمع المريض..أكره هؤلاء الكبار المتسلطين الأغبياء، يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء.. لا يعرفون كوعهم من بوعهم..أنا هنا لقتل الوقت، منتهى أحلامي أن أحصل على فرصة للهروب إلى جنة الغرب. آخر الأخبار تفيد بأن المسؤول اشترى مزرعة ثالثة. المدرس سقط عن طريق السلم الإداري وأصيب بكسر في الخاطر. التلميذ عُرض على المجلس التأديبي لأنه غشّ في الامتحان. فيلم قصير مشهد3/ شقة/ صالة صغيرة – ليل. الجو البارد نفسه..هشام الآن شيخ منهك، لحيته بيضاء، مستلقٍ ومغطى وبجانبه عكازه؛ لا يتوقف عن السعال. هشام لعواطف: "غير كابري ونوضي عفاك صاوبي ليا شي دكيكة ندفي بيها لعضيمات". عواطف عجوز منهكة، جالسة، تقوم بصعوبة، تمد يدها نحو عكاز هشام وتلتقطه، تكاد تسقط. عواطف: "عكاز واعر هذا..تشري ليا شي واحد بحالو؟"، تقف بصعوبة وهي متكئة على العكاز. هشام: "والله ألحبيبة تا نغرقك عكاكز غير صبري شوية تا نديرو لاباس". عواطف تعبث بشعرها الأبيض ثم تفقد توازنها وتسقط. ينقطع صوتها تماما.. ماتت. هشام يتحسس وجه عواطف، يبدو متبلدا وباردا. هشام: "عواطف.. صافي متّي.. إيوا مالك ماتسنّيتي شوية تا تا تا نديرو لا باس"، يدخل في نوبة حادة من السعال ثم يسقط. (النهاية) نصائح مول الكوتشي يجب أن تعرف كيف يفكر الناجحون والأغنياء لتصبح ناجحا وغنيا، ولأنك لست ناجحا ولست غنيا فلن تعرف كيف يفكر الناجحون والأغنياء. أفضل طريقة لتقوية ثقتك في نفسك هي أن تأتي أفعالا غريبة؛ أصرخ بأعلى صوتك في مكان مزدحم بالناس، عانق شخصا لا تعرفه، تظاهر بالخرس وتواصل بالإشارات. www.facebook.com/fettah.bendaou