خفّف صندوق النقد الدولي من حِدة الحركات الاجتماعية في المملكة مقارنة مع بقية دول شمال إفريقيا، حيث أبرز أن مؤشر الاضطرابات الاجتماعية المُعلنة في الأخبار تضمّن أقل عدد من المصطلحات المتعلقة بالسخط الاجتماعي مقارنة مع الماضي القريب. وهو مؤشر يرصد منسوب الاحتجاجات والمظاهرات بناء على أعداد المفاهيم الواردة في وسائل الإعلام. وأرجعت المؤسسة المالية الدولية، في تقرير جديد معنون ب "آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان"، دوافع الاضطرابات في المغرب وغيره من بلدان المنطقة إلى "السخط حيال الأوضاع الاقتصادية"، معتبرة أن "البطالة ومحدودية الفرص والفساد وضعف الخدمات العامة" تصنف ضمن أقوى مُسببات الاحتجاجات. ويرى التقرير المالي أن "الحصة الكبيرة من صادرات البلدان المستوردة للنفط في المنطقة إلى الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية، تحديدا بلدان المغرب وموريتانيا والأردن وباكستان وتونس، تُعرضها إلى مخاطر التطورات السلبية بسبب انخفاض النمو، ما تسبب في تخفيض توقعات النمو الإجمالي للناتج المحلي الحقيقي سنة 2019 بصورة مطردة في ظل ضعف البيئة الخارجية". وأبرز صندوق النقد الدولي أن "ميزان المخاطر ما يزال مائلا نحو التطورات السلبية، حيث تلقي التوترات التجارية العالمية بظلالها على آفاق النمو لدى أهم الشركاء التجاريين، وتزيد من احتمالات عزوف المستثمرين عن المخاطر في الأسواق الصاعدة". وأردف: "رغم تحويلات العاملين في الخارج التي تساعد على توفير احتياطي وقائي لتمويل العجز في الحساب الجاري في العديد من البلدان (المغرب، باكستان، الصومال)، إلا أن هنالك مخاطر تطورات سلبية من حدوث تباطؤ في البلدان المنشئة للتحويلات، معظمها في أوروبا أو مجلس التعاون الخليجي". وتوقع التقرير أن "يرتفع معدل التضخم في المنطقة بدرجة طفيفة ليصل إلى 3.11 خلال الموسم الحالي، حيث ستشهد المنطقة تضخماً أحادي الرقم؛ أي أقل من 3 في المائة في كل من المغرب ولبنان وأفغانستان"، مبرزا أن "عجز الحساب التجاري في المغرب من المتوقع أن يتراجع إلى نحو 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2020". وفي مقابل الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها منطقة شمال إفريقيا، دعت المؤسسة النقدية الدولية إلى إحياء التكتل المغاربي، معتبرة أن "تحليل صندوق النقد الدولي يشير إلى أن زيادة التكامل في بلدان منطقة المغرب العربي سيخلق سوقا إقليمية تضم حوالي 100 مليون نسمة بمتوسط دخل حوالي 4000 دولار للفرد بالقيمة الإسمية"، منبها إلى كون "التكامل الإقليمي يمكن أن يسهم في زيادة النمو في كل بلد من هذه البلدان بمقدار نقطة مئوية في المتوسط على المدى الطويل". وفي ظل وجود بيئة خارجية أكثر صعوبة وتوترات اجتماعية ناشئة، يضيف التقرير، قد "يحدث تقاعس في مواصلة الإصلاحات الهيكلية التي لن تؤثر تأثيرا مباشرا على النمو، لكن من الضروري إحراز تقدم في الإصلاحات قبل أن تصبح الأوضاع أكثر صعوبة، بحيث سوف يستمر تفاقم الانقسامات الاجتماعية إذا لم تتم معالجة التحديات متوسطة الأجل، مما يزيد من مخاطر التصحيح غير المنظم". وأوصى المصدر ذاته ب "بذل المزيد من الجهود الواضحة لتعزيز الحكامة وتحسين فعالية أطر مكافحة الفساد وغسل الأموال في المنطقة"، مشيرا إلى بعض التشريعات التي أصدرتها مجموعة من دول المنطقة بهدف تيسير تأسيس الشركات؛ على رأسها المغرب"، خاتما بأن "من شأن تلك الإجراءات الحد من الفساد وزيادة كفاءة الإنفاق العام، والرفع من جودة التعليم العام والبنية التحتية".