بعد سلسلة مفاوضات تشاورية بين السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية، شرعت هذه الأخيرة في تفعيل الاتفاق الموقع بين مدريد والرباط سنة 2007 بشأن ترحيل الأطفال المغاربة القاصرين غير المصحوبين، المعروفين اختصارا بتسمية "MENAS"، استجابة لمطالب حاكمي سبتة ومليلية اللذين عبّرا، في أكثر من مناسبة، عن انزعاجهما من "الضغط المتزايد على مراكز استقبال هذه الفئة بالثغرين المحتلين". وتلقت الحكومة المحلية بكل من سبتة ومليلية قرار تفعيل البرتوكول، الذي جرى تعطيله عام 2009 بأمر من المحكمة الدستورية الإسبانية، التي دعت حينها إلى "منح الحماية للمراهقين المغاربة وتوفير الضمانات الأساسية لهم قصد تفادي تعرضهم للتشرد"، بكثير من الارتياح، لا سيما أنه جاء لتسوية ملف ظل عالقا لمدة طويلة بسبب صعوبة تنفيذ إجراءات الترحيل في حق القاصرين الأجانب المحميين بموجب القانون الأوروبي. وأوردت صحيفة "إلباييس" أن الحكومة الإسبانية شرعت بالفعل في إعادة القاصرين المغاربة غير المصحوبين إلى ذويهم، مشيرة في السياق نفسه إلى أن المرحلة الأولى من العملية شملت 23 قاصرا يقيمون بمحافظة مدريد جرى استدعاؤهم من قبل مكتب المدعي العام المكلف بشؤون القصر بهدف إجراء سلسلة مقابلات مع وفد مغربي، في إطار التنزيل الفعلي لاتفاق ثنائي عملت حكومة الاشتراكيين على إحيائه. وزاد المنبر الإعلامي نفسه أن الحكومة المركزية بالعاصمة مدريد ماضية في تطبيق قراراتها بغرض مواجهة تزايد أعداد الأطفال المغاربة القاصرين بمحافظتي مدريد والأندلس ومدينتي سبتة ومليلية، موضحا أن التوصل إلى ضرورة ترحيل هؤلاء المراهقين جرى بناء على دراسة مفصلة للملف أعدتها وزارة الهجرة والضمان الاجتماعي الإسبانية، التي خلصت إلى إمكانية تسليمهم بشكل قانوني إلى عائلاتهم مخافة تعرضهم للاستغلال. وحذرت حكومة بيدرو سانتشيث من خطورة تعرض هذه الشريحة للتغرير والاستدراج من قبل منظمات الاتجار بالبشر بعيدا عن الحضن الأسري، لا سيما أن أغلبية هؤلاء الأطفال يرفضون العيش داخل المؤسسات الإيوائية المخصصة للعناية بهم ويعيشون حياة التشرد فوق أرصفة الشوارع والأزقة، مردفة بأن متطلبات العناية والإنفاق عليهم تكلف سنويا وبشكل مباشر أموالا كبيرة لميزانية الدولة، خاصة في ظل تضاعف أعدادهم. ونقلت الصحيفة معطيات عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فرع إسبانيا، تشير إلى وصول حوالي 5500 قاصر مغربي إلى إسبانيا خلال العام الماضي، مبرزة أن السلطات المغربية رفضت التعاون بشأن هذا الملف تزامنا مع إعلان الاتحاد الأوروبي تخصيص دعم مالي للرباط بقيمة 140 مليون يوور، بالرغم من أن 70 في المائة من المراهقين غير المصحوبين الموجودين فوق التراب الأيبيري يحملون الجنسية المغربية. حري بالذكر أن أول اجتماع رفيع المستوى عقد في العاصمة شهر فبراير الماضي، حضره ممثلين من كلا البلدين من أجل تدارس ملف القاصرين المغاربة وإيجاد حلول قانونية لتنفيذ اتفاق الترحيل الموقع بين الجانبين؛ فيما وصفت حكومة الاشتراكيين الصيغة ب"العودة الطوعية للقصر"، بغرض إعطاء طابع إنساني للقرار الذي لقي تنديدا من قبل منظمات حقوقية تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين الأجانب.