تفاعلت الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة مع تقرير أعدّه فرع منظمة الهجرة الدولية بإسبانيا يتعلق بدراسة استطلاعية حول الاتجار بالبشر في صفوف المهاجرين المتجهين صوب إسبانيا، حيث اعتبرت أنه لا يوفر المعطيات المتداولة والبيانات العلمية والرسمية التي استند عليها الاستطلاع. وأوردت الوزارة، في ردها، أن التقرير لم يوضح حجم العينة المستجوبة ومدى تمثيليتها للمهاجرين بالتراب الإسباني؛ وكذا طريقة وضع الأسئلة وتحصيل الأجوبة المبنية من طرف الجهة التي قامت بالاستطلاع والتي تتعلق أساسا بمؤشرات الاتجار بالبشر، علما أن الأركان الواجب توفرها في جريمة الاتجار بالبشر ترتكز على الفعل والوسيلة والهدف وليس على المؤشرات. وشددت الوزارة المعنية على أن الاستطلاع لم يحدد الفرق بين ضحايا تهريب المهاجرين وبين ضحايا الاتجار بالبشر، مع العلم أن الفرق شاسع بخصوص الإجراءات المتعلقة بحماية الضحايا؛ وهو ما يصعب معه تحديد النسب المئوية الصحيحة بخصوص الفئات المستجوبة، مؤكدة أن أجوبة المستطلعين تنبني على تصريحات (Le déclaratif) غير مقرونة بحجج ودلائل مادية عن الشيء المصرح به من طرف الضحايا المحتملين. وأكدت وزارة "شؤون الهجرة" أن التقرير شمل فئات المهاجرين غير النظامين، مما يفسر أن جل الضحايا المحتملين لشبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر يستعملون مصطلح "ضحية" لضمان بقائهم بالتراب الإسباني وحمايتهم من إجراءات الإبعاد والترحيل. المصدر أورد أنه "في إطار التدابير المتخذة للحد من الهجرة غير النظامية لا بد من التذكير بأن المغرب تبنى سياسة وطنية محكمة في مجال الهجرة واللجوء، من خلال اتخاذ تدابير تتعلق بتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين المقيمين بالتراب الوطني بطريقة غير نظامية من خلال عمليتين أسفرتا عن تسوية وضعية أزيد من 50.000 مهاجرة ومهاجر، يمثلون 116 جنسية". وأضافت الوزارة: "زيادة على تسوية وضعية طالبي اللجوء قصد تمكينهم من الاستفادة من جميع البرامج المتضمنة في الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي تم تنزيلها منذ سنة 2013 (تسجيل أزيد من 5000 طفل مهاجر في نظام التعليم العمومي، فتح خدمات الصحة والمساعدة الاجتماعية والسكن والحماية القانونية والتكوين المهني والتشغيل في وجه المهاجرين واللاجئين)، وتحصينهم من الوقوع في أيادي شبكات التهجير والاتجار بالبشر". وكشفت "وزارة شؤون الهجرة" أن المغرب يتوفر على تراكمات علمية ومعرفية بظاهرة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، من خلال توفره على ترسانة قانونية لمكافحة هذه الظواهر وحماية ومساعدة الضحايا، و"في هذا الصدد عمل المغرب على اعتماد قانون وطني منذ سنة 2016 يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر ومساعدة الضحايا، كما يتوفر على بنية مؤسساتية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر وحماية ومساعدة الضحايا". "زيادة على إصدار مجموعة من المناشير والمذكرات من طرف الوزارات والمؤسسات المعنية موجهة لمختلف محاكم المملكة بخصوص متابعة المجرمين وحماية الضحايا ومساعدتهم"، تقول الوزارة المنتدبة، وتضيف: "ويتوفر المغرب على سند قانوني يخول للضحايا تقديم شكاياتهم أمام الجهات المعنية للدفاع عن حقوقهم، إلا أنه لحدود تاريخه لم تسجل أي شكاية من طرف المهاجرين واللاجئين باستثناء بعض القضايا الرائجة أمام المحاكم المختصة وتتعلق بضحايا مغاربة يتم استغلالهم في العمل القسري والتسول والاستغلال الجنسي". وفي إطار تنزيل الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء وتنفيذا لمضامين البرنامج العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين المدعوم من مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تورد الوزارة، تنظم دورات تكوينية بمختلف جهات المملكة لفائدة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وجمعيات المجتمع المدني في مجال مكافحة الظاهرة وحماية ومساعدة الضحايا. وتعتبر "وزارة الهجرة" أن ظاهرة تهريب المهاجرين جزء لا يتجزأ من مآسي ومخلفات الهجرة غير النظامية، و"لهذا تبنى المغرب سياسة وطنية لإدماج المهاجرين واللاجئين ترتكز على تسوية وضعيتهم الإدارية وتوفير برامج الاندماج في المجتمع المغربي أو العودة الطوعية للبلدان الأصلية، وهذا ما يهدف إليه أيضا الميثاق العالمي لهجرات آمنة، منظمة ومنتظمة الذي تم اعتماده بمراكش في دجنبر الماضي". وتقول الوزارة إن برنامج تدبير تدفقات المهاجرين ومكافحة الاتجار بالبشر حسب مقاربة إنسانية ومحترمة لحقوق الإنسان، المتضمن في الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، يهدف إلى مكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والتي أصبحت تأخذ أشكالا جديدة من حيث التنظيم والعلاقات مع الشبكات الإجرامية الدولية الأخرى التي تتاجر في المخدرات وممنوعات أخرى. وترتكز هذه الخطة، تقول الوزارة، على الحد من أنشطة هذه الشبكات خصوصا التي تنشط عبر الحدود الشرقية التي تشهد 92 في المائة من محاولات تسرب المهاجرين، وتقوية مراقبة الشواطئ للحد من أنشطة شبكات تهريب المهاجرين غير النظاميين، ومراقبة الغابات وبعض الأماكن التي يتخذها المهاجرون غير النظاميون كمأوى لهم، واستباق أنشطة الشبكات المختصة في تهريب المهاجرين وتشديد الخناق عليها وإنقاذ الضحايا من هذه الشبكات (إحباط 88.761 محاولة للهجرة غير النظامية وتفكيك 229 شبكة إجرامية مختصة في تهريب المهاجرين سنة 2018)، وتشجيع العودة الطوعية للمهاجرين في وضعية غير قانونية بتعاون مع المنظمة الدولية للهجرات وبتنسيق مع الهيئات الدبلوماسية إلى بلدانهم الأصلية، في ظروف تحترم حقوقهم وكرامتهم (5.608 مهاجرين مستفيدين سنة 2018).