في الوقت الذي عبرت فيه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية عن قبولها للعرض الحكومي، القاضي بزيادة قدرها 500 درهم لجميع الموظفين العموميين للسلالم ما دون العاشر والرتبة 5، و400 درهم ابتداءً من السلم العاشر والرتبة 6، أعربت النقابات العمالية غير الممثلة في الحوار الاجتماعي عن رفضها للمقترح الجديد لوزارة الداخلية. وقد أعلنت الفيدرالية الديمقراطية للشغل عن رفضها لنتائج الحوار الاجتماعي، في الاجتماع الأسبوعي للمكتب المركزي للنقابة العمالية، خلال الأسبوع الحالي، داعية إلى تنظيم مسيرة وطنية احتجاجية، المزمع خوضها في 28 أبريل الجاري. وسارت على المنوال نفسه المنظمة الديمقراطية للشغل، التي دعت إلى زيادة 600 درهم لجميع فئات الموظفين دفعة واحدة. فاتيحي: عرض لا يحقق السلم الاجتماعي في هذا السياق، قال عبد الحميد فاتيحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، إن "موقف النقابة من العرض الحكومي قد عبّرنا عنه من خلال رفضنا لمخرجاته، التي لا تستجيب لتطلعات الشغيلة، على أساس أن شقه المادي الذي يتكون من 500 و400 درهم على ثلاث دفوعات لا يساوي حتى الاقتطاعات التي تمت فيما يتعلق بنظام التقاعد". وأضاف فاتيحي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الطبقة العاملة مرّت بثماني سنوات عجاف، ولا يمكن أن تنتظر في نهاية المطاف زيادة 400 درهم على ثلاث دفوعات"، معتبرا أن "هذه الفترة عرفت تدهورا في القدرة الشرائية، جراء الزيادة في الأسعار، لا سيما المحروقات والضرائب؛ الأمر الذي جعل الشق المادي من العرض ضعيفا للغاية وغير مُسْتساغ". وأوضح الفاعل النقابي أن "هنالك قضايا أخرى لا يوجد فيها أي قرار حكومي إلى حد الساعة، لأن مخرجات الحوار الاجتماعي لم تتحدث عنها، ممثلة فيما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، خاصة ما يرتبط بالحريات النقابية وإحداث الدرجة الجديدة، وكذلك مجموعة من القوانين التي نادينا بها أكثر من ست سنوات، على رأسها قانون النقابات الذي لم يذكره أي طرف". "الحل النقابي أصبح الحقل الوحيد الذي لا يتوفر على قانون يحكمه"، يقول فاتيحي، موردا أن "العديد من القضايا الاجتماعية لا نتوفر فيها على أي جواب، من قبيل الإشكالات المتعلقة بالمطالب الفئوية في قطاع التعليم، في مقدمتها مطلب الأساتذة المتعاقدين، ثم المنظومة الصحية التي يغيب فيها الجواب عن معضلاتها، إلى جانب تعهد الحكومات السابقة بإحداث تعويض عن الأعمال في المناطق النائية". وأوضح المتحدث أن "الحوار الاجتماعي لا يمكن اختزاله في 500 أو 400 درهم، لأننا نطالب بمأسسة الحوار أولا حتى يشمل جميع الجوانب، أي أن يتم في إطار مؤسسات دستورية، بينما لا نعرف دوافع استمرار وزارة الداخلية في الإشراف عليه، ومن ثمة فإن الحوار يبقى خاليا من القضايا التي تجعلنا نعتبر قادرا على خلق التراكمات، بهدف تحقيق السلم الاجتماعي والإجابة عن إشكالات تدهور القدرة الشرائية بالمغرب". لطفي: عرض لا يستجيب لانتظارات الشغيلة من جهته، أكد علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن "العرض الذي قدمته وزارة الداخلية مع بعض المركزيات النقابية لا يستجيب بتاتاً لما كانت تنتظره الشغيلة المغربية، سواء تعلق الأمر بالقطاع العام أو الخاص، بخصوص تحسين الوضعية الاجتماعية، عبر الزيادة في أجور الموظفين والمستخدمين بالقطاع الخاص". وشدد لطفي، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "الاقتطاعات التي تمت في حكومة عبد الإله بنكيران، وصولا إلى حكومة العثماني، تتجاوز بكثير ما قُرّر في اللقاء كزيادة موزعة على ثلاث سنوات؛ ذلك أن ما تم اقتطاعه من أجور الموظفين بالإدارات العمومية لفائدة الصندوق المغربي للتقاعد يصل إلى ثلاث مرات مقارنة مع أقره العرض الجديد". واستغرب من استثناء المتقاعدين من الزيادة في الأجور، قائلا: "علما أن هذه الفئة تؤدي الضريبة المفروضة على الدخل، على اعتبار أن آخر زيادة في الأجور بجمهورية مصر شملت معاشات المتقاعدين، وهي مسائل جاري بها العمل في كل الدول، باستثناء المغرب، خاصة أن الحد الأدنى للمعاش يصل إلى 1500 درهم، مقابل وجود نسبة كبيرة من المتقاعدين تتقاضى أقل بكثير". "إذا عدنا إلى اتفاق 26 أبريل، في عهد الوزير الأول عباس الفاسي سنة 2011، سنجد أن بنود الاتفاق لم تطبق على أرض الواقع"، يورد لطفي. وتابع مسترسلا: "يضاف إلى هذا، نزول العديد من فئات الموظفين للشارع، بمن في ذلك الأطباء والممرضون والمتصرفون والتقنيون والمهندسون وأساتذة التعليم العالي، بغرض مراجعة الأنظمة الأساسية". ودعا الفاعل عينه إلى "زيادة مبلغ 600 درهم للأجور لجميع الفئات دفعة واحدة بدون توزيعها إلى سلالم، بأثر رجعي منذ يناير 2018، أي التاريخ الذي كانت مقررة فيه، فضلا عن الزيادة في معاشات التقاعد المماثلة، وأيضا رفع الحد الأدنى من الأجر الخاص وملاءمته للقطاع الفلاحي، لا سيما في ظل الأجور الهزيلة للعمال والعاملات في القطاع الفلاحي".