قال يوحاي كوهين، عضو فرقة "أندلوسيوس" اليهودية، إن "الفرقة الموسيقية تعمل على استعادة التراث المغربي الأصيل"، مشيرا إلى كونها "تعمد إلى إحياء الأغاني المغربية؛ الشعبي والطرب الأندلسي على السواء"، معتبرا أن "الدافع الأساس الذي يجعل الفرقة تشتغل على قصيدة أو أغنية مغربية هي مدى حبّنا لها أو شهرتها في إسرائيل". وأضاف كوهين، في حوار أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الفرقة اليهودية "أندلوسيوس" تأتي إلى المغرب من أجل تبليغ رسالة مفادها تقريب الحوار بين الأديان لا غير"، وزاد: "لأنه من الواجب التعرف على حقيقة اليهود والمغاربة الذين تعايشوا معاً، سواء الذين يعيشون في إسرائيل حاليا أو في مختلف ربوع العالم.. نُكنّ للمغاربة محبة خالصة". إليكم تفاصيل الحوار كاملا: بداية، كيف تأسست فرقة "أندلوسيوس"؟ إن فكرة تأسيس الفرقة الموسيقية تعود إلى صديقي إلعاد ليفي، عازف الكمان الشهير، وهو مغربي الأصل بالمناسبة؛ لكنه يقيم حاليا في إسرائيل، بحيث يتقن الأنغام الموسيقية والقصائد الصوفية المغربية بشكل جيد للغاية، سواء تعلق الأمر بالأغاني الشعبية أم العصرية، إلى جانب براعته في أداء الموسيقى الجزائرية، الأمر الذي جعل جميع أعضاء الفرقة الموسيقية "أندلوشيس" يتتلمذون على يد هذا الفنان الكبير، المولع بالموسيقى الأندلسية، فضلا عن براعته الكبيرة في أداء الأغاني الشعبية بكل من الجزائر والمغرب معاً. كيف جاء انضمامك إلى الفرقة الموسيقية؟ بدأت العمل مع الفرقة الموسيقية "أندلوشيس"، منذ نحو نصف سنة تقريبا، تحديدا الأشهر الثمانية السالفة إلى حدود الساعة، لاسيما بعدما طلب مني الموسيقي الكبير إلعاد ليفي الانضمام إليها؛ وهو ما حفزّني على الموافقة، ليبدأ مشوار جديد مع هذه الفرقة. (مقاطعا) هل تضم الفرقة فنانين مغاربة؟ نعم، تضم الفرقة الموسيقية مجموعة من المغاربة؛ بدءا مني، مرورا بالفنان الموسيقي إلعاد ليفي، وكذلك مغنية الفرقة مغربية أيضا، وصولا إلى عازف كمان آخر، ويوجد عضو آخر مغربي أيضا؛ وهو ما يعني أن معظم أعضاء الفرقة هم مغاربة الأصل، ومن ثمة نعمل على استعادة التراث المغربي الأصيل. هل توجد قصائد أو أغان مغربية تفضلها بعينها؟ أحب جميع الأغاني المغربية بدون استثناء، لا سيما إن كانت مشهورة ومعروفة؛ ذلك أن الدافع الأساس الذي يجعل الفرقة تشتغل على قصيدة أو أغنية مغربية هي مدى حبّنا لها أو شهرتها في إسرائيل.. على العموم، أفضل الأغاني الشعبية التي تجعل الناس فرحين للغاية؛ لأن الأساسي هو هيمنة مشاعر الإيجابية والضحك على المتلقي. أفضل موسيقى الطرب الأندلسي بالدرجة الأولى، ثم الأغاني الشعبية ثانيا، إلى جانب موسيقى "كناوة"، وكذلك "ناس الغيوان" و"جيل جيلالة" وغيرها. شاركت في مهرجان "الأندلسيات الأطلسية" بالصويرة. ما مدى مساهمة هذه المواعد الفنية في تشجيع الحوار بين الأديان؟ إنه مهرجان رائع للغاية؛ لأنه يسهم في اكتشاف الناس لمواطنهم الأصلية، لا سيما التعايش بين الثقافتين اليهودية والإسلامية.. في الحقيقة، لا يوجد منطق السياسة في هذا المهرجان الرائع. ولعل الناس لا يهتمون بتلك الأشياء، لأن المحوري يكمن في الضحك والفرح الذي يبدو على ملامح الحاضرين والجمهور؛ الأمر الذي يجعلني أشدد -مثلما قلت- على أن المهرجان وسيلة للتعايش بين الديانات، سواء تعلق الأمر بالديانة اليهودية أو الإسلامية أو المسيحية وغيرها، إلى جانب تكريس قيم التسامح والأمان، مقابل الابتعاد أكثر عن كل ما من شأنه جلب الاختلاف والجدل. كيف تعلمت العزف على بعض الأنغام المغربية وأداء بعض القصائد الصوفية بالمهرجان سالف الذكر؟ الفضل كله يرجع إلى جدي وأبي اللذين يتحدران من المغرب، حيث ازدادا في إحدى مدن المغرب، ومن ثمة وجدت نفسي بين أحضان الموسيقى المغربية، منذ صغر سني؛ الأمر الذي جعلني أقترب من هذه الموسيقى أكثر فأكثر مع مرور السنين. أما تعلم العزف على أنغام الموسيقى المغربية، فقد جاء منذ نحو عشر سنوات؛ لأنني كنت أستمتع بهذه الموسيقى كثيرا، فضلا عن الحب الذي أكنّه لها منذ الصغر، بحيث شرعت في مشاهدة مجموعة من الأفلام المغربية الكبيرة من أجل تعلم اللغة أولا. على العموم، هذه الموسيقى صارت تملأ منزلي الآن. لقد تعلمت اللغة الدارجة المغربية، منذ ثماني سنوات، إذ رغبت دائما في تعلم اللغة العربية السائدة بالمغرب (الدارجة)؛ الأمر الذي حفزني على المجيء إلى المغرب، ليتحقق الحلم أخيرا سنة 2011. وقد أمضيت فيه ما يقارب ستة أشهر، ما جعلني أتعرف على المغاربة بشكل مباشر، وهم في نظري، أحسن شعب في العالم حقيقةً؛ لأنني كنت أحس بأنني في المنزل.. لم أشعر قط بأي تغيير. هنالك أصوات تتهم الفرقة بأن أعضاءها جزء من الجيش الاحتياطي الإسرائيلي. ما ردك على هؤلاء؟ من وجهة نظري، هذه الفئة المنتقدة ترتكب أخطاء فادحة كثيرة، لأنه لا تجمعنا أي علاقة بهذه الأشياء بتاتا؛ بل نحن مجرد فنانين موسيقيين، لم نأت إلى المغرب من أجل جلب "الصْدَاعْ"، وإنما نقول إننا يهوديين نأتي من أجل تبليغ رسالة مفادها تقريب الحوار بين الأديان لا غير. والدليل على ذلك هو أن هنالك فئة كبيرة من الإسرائيليين لديهم شوق بالغ من أجل زيارة المغرب، بحيث يعشقون الثقافة المغربية؛ بل يريدون العودة إلى بلدهم الأصل، بغرض التعرف على المناطق التي ازدادوا فيها، أو التي نشأت فيها أسرهم، لأنه يجب الوعي بأنه ليس كل ما يوجد في التلفزيون من أخبار ومعلومات صحيح ويعبر عن الحقيقة المطلقة. توجد العديد من الأشياء التي يجب التدقيق في أصلها، حتى يدرك الناس طبيعة الثقافة التي تحكمهم، وأيضا سبب اندلاع المشاكل التي توجد حاليا؛ لكنني أشدد على الثقافة مسألة راقية، لأنه من الواجب التعرف على حقيقة اليهود والمغاربة الذين تعايشوا معاً، سواء الذين يعيشون في إسرائيل حاليا أو في مختلف ربوع العالم.. نُكنّ للمغاربة محبة خالصة، سواء تعلق الأمر بالموسيقى أو الثقافة؛ لأن الحياة في المغرب رائعة بشكل عام.