وصف ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأحكام الاستئنافية الصادرة ضد معتقلي "حراك الريف" بأنها قاسية، ودعا المجتمع الحقوقي إلى العمل من أجل الإفراج عنهم بعد أن أصبحت الأحكام نهائية. كلمة لشكر جاءت خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين الاتحاديين، المنعقد بالمضيق تحت شعار "المحاماة شريك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وحماية الحقوق والحريات". وقال الكاتب الأول ل"حزب الوردة" إن تنظيمه السياسي سيعمل، إلى جانب المجتمع الحقوقي، ب"الوسائل الحقيقية، وليس بالمزايدات، للإفراج عن المعتقلين المتواجدين بسجون المملكة". ونفى لشكر في كلمته الموجهة إلى المحامين إمكانية تحقيق العدالة في ظل غياب أي شريك من الشركاء، معتبرا أن مهنة المحاماة ما تزال دعامة أساسية لإرساء مرفق العدالة، مشددا على ضرورة التحول من المقاربة التقليدية التي وصفها بالمجحفة، إلى مقاربة قانونية عقلانية "تجعل من المحاماة شريكا متميزا للسلطة القضائية في ترسيخ وتعزيز العدالة". ودعا لشكر إلى مواصلة العمل والنضال من أجل أن تتبوأ مهنة المحاماة المكانة التي تستحقها، مشيرا إلى أن النهوض بها مسؤولية يتحملها كل الفاعلين بالقطاع، بمن فيهم الوزارة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب. واعتبر المسؤول الحزبي أن هناك حاجة ملحة لتعديل دستوري لضمان تمثيلية دستورية للمحامين في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، داعيا إلى إعادة النظر في قانون المحاماة بما يمكنه من توحيد قواعد الممارسة. وأكد لشكر حرصه وكل المؤتمرين على الخروج من المؤتمر بمجلس تنسيق وطني لكفاءات نقابات هيئات المحامين، وبمنسق وطني يشرف على إعادة بناء تنظيم القطاع، مشددا على أن مهمة المؤتمرين لا تقتصر على أداء واجبهم المهني، بل تمتد إلى تأطير المجتمع، وتشمل المشاركة في النقاش العمومي حول أولويات البلاد. الجلسة الافتتاحية التي حضرها عدد من قيادات حزب "الوردة"، على رأسهم محمد بن عبد القادر، عضو المكتب السياسي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، أكد خلالها كمال المهدي، نقيب هيئة المحامين بتطوان منسق قطاع المحامين الاتحاديين بالمدينة، أن دستور 2011 حقق للمحامين مطلبا تاريخيا طالما ناضلوا من أجله، بإعلانه عن استقلال السلطة القضائية. وقال: "هو استقلال جسدته العديد من القوانين التنظيمية التي من شأنها أن تقويه على مستوى الواقع، فقد تمخض عن ذلك سؤال محوري أصبح يراود المحامين، ويتعلق بدورهم في هذه المنظومة الجديدة للعدالة، خاصة وأن المحامين يعتبرون جزء من أسرة القضاء". النقيب أشار إلى أن المؤتمر ينعقد كذلك قبل أيام قليلة من فعالية وطنية ستشهدها البلاد، وهي انعقاد المؤتمر العام لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، "الذي يحمل الكثير من الآمال للإجابة عن أسئلة واقع المحاماة وآفاقها في البلاد ضمن المشهد الجديد الذي تعيشه". وأكد كمال المهدي ضرورة تشخيص واقع المهنة وملامسة المواضيع الأساسية الراهنة والمستقبلية المرتبطة بها قبل المشاركة في المؤتمر العام، "خاصة بعد صدور قوانين تنظيمية للسلطة القضائية، في الوقت الذي لم يصدر فيه القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة". من جهته، أكد عمر ودرا، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في كلمته، ضرورة استرجاع المحامي الاتحادي لمكانته المهنية، سواء على المستوى الحزبي أو المجتمعي، معتبرا أن الاتحاد الاشتراكي مدرسة للنضال والتكوين السياسي والحقوقي، وكذلك مدرسة للمحاماة منذ بدايتها. وأشار رئيس جمعية المحامين في المغرب إلى أن الجمعية عند تأسيسها في الستينات لم يكن الحديث حينئذ عن المهنة كمورد رزق، "بل كان رد فعل عما كان يتعرض له المواطن المغربي في هجمات شرسة، لذا يجب على الجمعية أن تسترجع مكانتها الريادية"، مرجعا تقهقرها إلى لحظات ضعف عاشتها بعد أن تخلت عن دورها الحقوقي. وشدد المتحدث على ضرورة الاهتمام بمواضيع المجتمع، مستدلا على كلامه بتراجع القوة العددية للمحامين بالبرلمان المغربي بغرفتيه، التي لم تعد تتجاوز 18 محاميا، 16 منهم بالغرفة الأولى و2 بالغرفة الثانية. وكشف ودرا أن هناك تشريعات سترى النور، من بينها قانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية، واعتبر الأخير مفتاحا لتبيان حقوق وواجبات المحامي بشرط أن يضمن الولوج المستديم للعدالة بالنسبة للمواطن المغربي في أفق الألفية الثالثة، "وهو ولوج لا يحققه نظريا إلا المحامي"، مؤكدا ضرورة النضال من أجل تحقيق هذا الولوج. وقال رئيس الجمعية إن التنظيم "كانت له الشجاعة لفتح ملف الضرائب الذي لم يفتح منذ 30 سنة"، حيث نادى بنظام ضريبي يراعي ما أسماه بخصوصية المهنة، مشيرا إلى أن الجمعية قد استعانت بمكتب دولي لإعداد دراسة علمية ستقدمها في الأيام القليلة القادمة لوزارة المالية والإدارة العامة للضرائب. وشهد المؤتمر ترديد مجموعة من الشباب شعارات قوية ضد الكاتب الأول للحزب، ادريس لشكر، قبل أن يتناول كلمته، بهدف منعه من الكلام، كان لبعضها ارتباط دلالي بمعتقلي الريف وموقف الأخير منهم، واستمر ذلك لدقائق معدودة عاد بعدها الهدوء إلى القاعة. وهاجم الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي المحتجين، واعتبر ما أقدموا عليه مؤامرة تحاك ضد الحزب بهدف إفشال المؤتمر، قبل أن يواصل كلمته أمام الحضور.