قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنَّ "الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي أحْدَثها المغرب ستمكّنُ من زيارة كل مراكز الحرمان من الحرية، بما فيها مراكز السجون والشرطة والدرك الملكي والقوات العمومية ومراكز الطفولة والمستشفيات، وتقديم تقارير ستمكّنُ المشرّع والمؤسّسات المعنيّة من تطوير وتحسين ظُروف الحرمان من الحرية". وأضافتْ بوعياش، في ندوة صحافية، الجمعة، حول الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، أنّ "من صلاحيات هذه الآلية أنها ستُمكننا من زيارة جميع مراكز الحرمان من الحرية، واعتماد تقارير وصياغة توصيات ترومُ تحسينَ أوضاع الموقوفين، وإجراء مقابلات خاصة بدون الحاجة إلى شهود، وهي بذلك ترفعُ شعارَ الشّفافية، حيثُ إنها غير تابعة لأحد، وستعدّ تقاريرها بدون تدخل مهما كان نوعه، ومن أي جهة كيفما كانتْ". وقالت المسؤولة الحقوقية إنّ "هذه الزيارات الميدانية لمراكز الاعتقال ستتبعها صياغة وتقديم تقارير مفصلة حول ظروف المعتقلين ومعاملتهم من طرفِ السلطات"، مضيفة أن "المغرب يهدفُ اليوم إلى الوقاية من الانتهاكات، وضمان قواعد دولة الحق والقانون داخل مراكز الحرمان من الحرية من خلال تفعيل مقتضيات الدستور، خاصة في فصله 22". ومن أهم مقتضيات هذه الآلية، وفقاً لرئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن "تكون لها الاستقلالية المالية والوظيفية، وما تمّ تحديده في قانون المجلس يُمكّنُ من أن تكون لهذه الآلية الاستقلال المالي والوظيفي، خاصة أن أعضاءها سيتمّ انتخابهم من الجمعية العمومية للمجلس"، مبرزة أن "هذه الآلية لها حماية قانونية للقيام بعملها بدون أيّ تدخل من أي جهة كيفما كانتْ". وأوضحت بوعياش، خلال افتتاح أشغال هذا اللقاء إلى جانب المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، أحمد شوقي بنيوب، وممثل رئيس النيابة العامة، أن احتضان هذه الآلية من لدن المجلس يأتي انسجاما مع التوجه العام الذي نهجته أغلب الدول في هذا المجال، مشيرة إلى أنه إلى حدود مارس 2019 بلغ عدد الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري 89 دولة، من بينها 71 دولة أحدثت آليات وطنية للوقاية من التعذيب؛ وأكثر من ثلثي هذه الآليات محتضنة لدى مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان منشأة بموجب مبادئ باريس. وأكدت بوعياش أن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب هو تفعيل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وللمقتضيات الدستورية، خاصة الفصل 22 الذي ينص على أنه "لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف ومن أي جهة كانت، خاصة أو عامة، ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطه بالكرامة الإنسانية". كما أن هذه الآلية، تضيف بوعياش، ترجمة عملية لتوصيات مختلف الآليات الأممية المعنية بمناهضة التعذيب والوقاية منه. يذكر أن المغرب صادق على اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة في 21 يونيو 1993، وبروتوكولها الاختياري في 24 نونبر 2014. ويهدفُ البروتوكول الاختياري إلى تعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. وينصُّ كذلك على تعيين أو إحداث آلية وقائية وطنية مستقلة، واحدة أو أكثر، لمنع التعذيب على المستوى المحلي. وقد خوّل القانون 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان لهذا الأخير احتضان الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، حيث تم تخصيص المواد من 13 إلى 17 لصلاحيات هذه الآلية، التي تختصُّ بدراسة وضعية وواقع معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم من خلال القيام بزيارات منتظمة لمختلف أماكن الاحتجاز. كما أن لهذه الآلية حرية الولوج إلى هذه الأماكن، وصياغة توصيات ومقترحات مرتبطة بالقوانين والممارسات في هذا المجال.