انتقادات واسعة وجهها حقوقيون إلى الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب؛ فعلى الرغم من إشادة البعض بالنص القانوني لهذه الآلية، إلا أن منح صلاحية تطبيقها والإشراف عليها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان جعلها محط انتقاد واسع، إلى درجة أن كثيرين باتوا يشككون من مدى إمكانية تطبيقها بالشكل المطلوب. خديجة الرياضي، ناشطة حقوقية، أشادت بما تضمنته آلية البروتوكول الاختياري للقضاء على التعذيب من ضمانات ترى أنها كفيلة، لو تم تطبيقها بالشكل المطلوب، بالقضاء على التعذيب. وقالت الرياضي، في تصريح لهسبريس، إن "البروتوكول يقدم العديد من الضمانات، من قبيل أنه يمنح للأعضاء أن يزوروا جميع أماكن الاحتجاز والحرمان من الحرية، بما فيها مراكز السجون والشرطة والدرك الملكي والقوات العمومية ومراكز الطفولة والمستشفيات، بطريقة مفاجئة، ويمكنهم من إعداد تقارير، كما يوفر لهم الحرية الكاملة في التحرك، مع ضمان حماية المبلغين عن التعذيب". وأضافت: "يبقى السؤال هو هل سيتم تطبيق هذا البروتوكول بالشكل المطلوب؛ إذ إن إشراف المجلس الوطني لحقوق الإنسان على تنفيذ هذه الآلية يؤكد أنه لن يتم توفير هذه الضمانات". وواصلت قائلة: "بداية، كانت جل الجمعيات الحقوقية ترفض إشراف المجلس على هذه الآلية، خاصة أن الأمر يتعلق بمؤسسة دستورية، وبالتالي لا يجب أن توكل لها هذه المهمة التي يجب أن تضطلع بها هيئة مستقلة تماما". يأتي هذا في وقت أعلنت فيه أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذه الآلية "ستكون لها الاستقلالية المالية والوظيفية، وما تمّ تحديده في قانون المجلس يُمكّنُ من أن يكون لها الاستقلال المالي والوظيفي، خاصة أن أعضاءها سيتمّ انتخابهم من الجمعية العمومية للمجلس"، مبرزة أن "هذه الآلية لها حماية قانونية للقيام بعملها بدون أيّ تدخل من أي جهة كيفما كانت". وقالت بوعياش إن "المغرب يهدفُ اليوم إلى الوقاية من الانتهاكات، وضمان قواعد دولة الحق والقانون داخل مراكز الحرمان من الحرية من خلال تفعيل مقتضيات الدستور، خاصة في فصله 22". يذكر أن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب هو تفعيل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وللمقتضيات الدستورية، خاصة الفصل 22 الذي ينص على أنه "لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف ومن أي جهة كانت، خاصة أو عامة، ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطه بالكرامة الإنسانية". كما أن هذه الآلية، تضيف بوعياش، "ترجمة عملية لتوصيات مختلف الآليات الأممية المعنية بمناهضة التعذيب والوقاية منه".