شكل الإعلان عن إحداث الالية الوطنية للوقاية من التعذيب، مساء يوم الجمعة الماضي، مناسبة أكدت خلالها أمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على الالتزام بضمان استقلالية هذه الآلية، قائلة” إن الاستقلالية الوظيفية والمالية للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب “قرار والتزام سياسي ومعنوي”، وأن هذه الاستقلالية تستمدها الآلية من استقلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كمؤسسة دستورية وتنضبط أيضا لمبادئ باريس. وأبرزت رئيسة المجلس الوطني، خلال اللقاء التواصلي حول إحداث الآلية، الذي نظم بالمقر المستقبلي للآلية المخصصة ببناية المجلس بالرباط، أن مرتكزات استقلالية الآلية التي يحتضنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تستمد مرتكزاتها من استقلالية هذا الأخير، باعتباره من جهة مؤسسة دستورية مستقلة يتمتع بالشخصية الاعتبارية لكونه من أشخاص القانون العام ويملك كامل الأهلية القانونية والاستقلال المالي والإداري. هذا فضلا، عن اعتماد المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمبادئ باريس التي تنظم المؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها ومبادئ بلغراد الخاصة بعلاقته مع البرلمان، ويصنف في الدرجة “أ” كأعلى درجات الاعتماد التي يمنحها التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية، والتي توج بها بالنظر لمقاربته وتدخلاته في طرح قضايا حقوق الإنسان وطنيا وإقليميا ودوليا. وفيما يخص هيكلة الآلية، أفادت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن اختيار أعضائها سيتم من بين أعضاء الجمعية العمومية للمجلس ضمن مسطرة شفافة وواضحة، وذلك دون تدخل من أية جهة، هذا مع الحرص على إعمال المعايير التي يتضمنها البرتوكول، والتي تنص على اختيار الأعضاء المتمكنين من معارف مهنية وطبية وقانونية متصلة بالوقاية والمتوفرين على كفاءات وتجارب في مجال زيارة أماكن الاحتجاز وخبرة في مجال إعداد التقارير. وحول منصب المنسق للآلية، أفادت أن من سيتولى هذه المهمة سيتفرغ لها بشكل كامل، وكذا الأمر بالنسبة لأعضائها، حيث سيشتغلون طيلة الوقت، مما يعزز استقلاليتهم وتجردهم، حسب ذكر الرئيسة بوعياش، على أن استقلالية الآلية تبتدأ من خلال مسؤوليتها في القرارات التي ستتخذها وفي التقارير التي ستنجزها، وفي المداولات التي ستقوم بها وفي الزيارات التي ستنظمها وفي خطة العمل والاستراتيجية اللتين ستعتمدهما، دون أي تدخل مهما كان نوعه ومن أي جهة كانت. هذا وسيفرد للآلية بند خاص للحصول على مواردها المالية، يحدد ضمن ميزانية المجلس، وسيتولى مهمة الآمر بالصرف منسق الآلية، وذلك ضمانا للقيام بمهامها بكل استقلالية . وبالنسبة لضمان القيام بالمهام بكل تجرد واستقلالية، أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على ضمان الحماية القانونية لأعضاء الآلية بمناسبة القيام بمهامهم من أي تدخل أو ضغط قد يتعرضون له، كما سيتم ضمان الحماية المقررة قانونا للأشخاص الذاتيين والاعتباريين الذين قاموا بتبليغ الآلية بأي معلومات صحيحة، بالإضافة إلى حماية المعطيات الشخصية المحصل عليها من لدن الآلية. وفي المقابل، توزعت آراء الفاعلين الحقوقيين خلال هذا اللقاء بين من مشيد بهذا الإعلان عن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والحسم بذلك في مسألة استقلالية الآلية، وبين من اعتبر أن هذا الإحداث ينبغي تقديم توضيحات أكثر للهيئات الحقوقية بشان التوجهات التي كانت تتداول بشأن الجهة التي ستتولى مهام الآلية المستقلة للوقاية من التعذيب . وعبر النقيب الجامعي عن تثمينه لإقرار الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والتي كان طريق إقرارها طويلا، حسب تعبير النقيب، معربا عن الآمال في أن لاتتعرض الآلية في إطار عملها لأي ضغوط، وأن لا تعتبر الآلية أنها ضد أي أحد كان، سواء كانت إدارة، أو جهاز في الدولة أوأي جهة، بل هي آلية تندرج في إطار خيار حقوق الإنسان الذي تبناه المغرب. كما أبدى أملا في أن تقف الآلية في إطار مهامها على بعض الإشكاليات وتجد لها حلا، من مثل مرحلة البحث التمهيدي، وأن تجد الآلية الأدوات الكفيلة لمراقبة أماكن الاحتجاز، وأن يتم تمكين الآلية من الاشتغال بكل أريحية بعيدا عن أي تشكيك. في حين، قال قاسم شباب، عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، إن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب تحت إشراف المجلس الوطني لحقوق الإنسان أصبح أمرا واقعا، وما نطالب به هو أن تكون هناك إرادة سياسية للقطع مع ممارسات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بإرساء ضمانات عدم التكرار والقطع بشكل نهائي مع التعذيب، وتفعيل توصيات عدم الإفلات من العقاب التي تضمنها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة. وشدد بخصوص تشكيل الآلية أن يتم مراعاة اختيار أعضاء تتوفر فيهم الكفاءة، والنزاهة والحيادية، سواء تعلق الأمر بالأطر الطبية أو القضائية، وأن يتم توفير جميع الإمكانيات للقيام بالواجب. واقترح أن يكون للآلية امتداد جغرافي على مستوى الجهات والأقاليم، واضطلاعها أيضا بإنجاز تقارير حول الظاهرة . ومن جانبه دعا عبد الله مسداد الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى ضرورة عقد جلسة تواصل وحوار مع الهيئات الحقوقية من أجل توضيح بشأن التوجهات التي كانت تتداول بشأن تولي مهام الآلية للوقاية من التعذيب، وتقديم توضيحات أكثر حول مدى هذه استقلالية الآلية وعدم وجود إي إشكالية على هذا المستوى، خاصة، يضيف ذات المتحدث، أن الهيئات الحقوقية كانت في المجمل تترافع في البداية من أجل تصديق المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وقدمت مذكرة لها بخصوص إحداث الهيئة الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب دعت فيها الحكومة أنذاك ،على أن تكون هذه الآلية مستقلة عن كل السلطات، وأن تمنح لها كل الاختصاصات المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري. وأشار، حسب تعبيره، أنه لايمكن القفز على مسلسل النقاش الذي تميز به التقعيد للآلية، على أساس أن عقد اللقاء التواصلي من شأنه إما الخروج بإجماع حول تبني الصيغة التي اعتمدها المجلس في الإعلان عن الآلية أو على الأقل الانخراط أو المواكبة للآلية . واعتبر أن تنظيم مثل هذا اللقاء التواصلي، إذا وافقت على تنظيمه رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من شأنه الوقوف على الآليات الأخرى الموجودة والتي تضطلع بمهام زيارة أماكن الحرمان من الحرية، ممثلة في اللجان الإقليمية والتي لاتفعل في غالب الأحيان.