شكل اعتماد البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او الإنسانية او المهينة ، من طرف الاممالمتحدة في 18 دجنبر 2002 خطوة جبارة في سبيل وضع حد للتعذيب ،وحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم، ومثل إضافة أساسية للإجراءات الاخرى ،التي أقرتها اتفاقية التعذيب أو تنص عليها القوانين الوطنية ، ويندرج البروتوكول الاختياري في إطار الجهود الرامية للاستئصال آفة التعذيب والتركيز أساسا على الوقاية، ودعا البروتوكول إلى إنشاء نظام وقائي يقوم على الزيارات المنتظمة ،لاماكن الاحتجاز، بهدف حماية الأشخاص المحتجزين من التعذيب ومنعه، كما جاء في ديباجة البروتوكول، بالإضافة الى الإجراءات والتدابير المتنوعة التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها. وبموجب البروتوكول تقرر إنشاء آلية دولية للقيام بمهام البروتوكول، تسمى اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، تقوم بزيارة أماكن الاحتجاز والاعتقال وتقدم توصيات للدول الأطراف في البروتوكول ، ونص البروتوكول كذلك على إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب ،من طرف الدول التي قامت بالتصديق على البروتوكول في غضون سنة واحدة من التصديق وان تضمن استقلالها الوظيفي واستقلال العاملين فيها، وان توفر لها الموارد اللازمة لاداء مهامها وان تمنحها الصلاحيات والسلطات ،التي تخولها للقيام بشكل منتظم بزيارة أماكن الاعتقال والاحتجاز بشكل منتظم ودراسة أوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم وتعزيز حمايتهم من التعذيب وتقديم التوصيات
المغرب والآلية الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب صادق المغرب على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، ومند سنوات والمنظمات الحقوقية المغربية تناضل من اجل التصديق على البروتوكول، ولقد تشكلت المجموعة الوطنية للترافع على التصديق وتنفيد الالتزامات المترتبة على دلك ، وخصوصا ان موضوع التعذيب ظل من القضايا الاساسية في مجال حقوق الانسان وان تجربة ماضي الانتهاكات ببلادنا من خلال تقرير هيئة الانصاف والمصالحة او جلسات الاستماع للضحايا، كشفت عن حجم واتساع ظاهرة التعذيب بما خلفته من ماسي ومظالم واثار ومضافعات اجتماعية ونفسية قاسية على عدد من المناضلين والضحايا وعلى المجتمع برمته، وظل طموح كل المهتمين بحقوق الإنسان ان تختفي هده الآفة وان يوضع حد للتعذيب ولدلك استقبل الجميع حدث مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري بحفاوة وترحاب، وفي نفس الوقت بوعي بالتحديات والرهانات المرتبطة دائما بالتنفيذ والأجرة ولقد نص دستور 2011 على الحماية من التعذيب في الفصل 22 حيث نص على انه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية او المعنوية لاي شخص ومن قبل اي جهة كانت خاصة او عامة ولا يجوز لاحد ان يعامل الغير ، تحث اي ذريعة معاملة قاسية أو لا إنسانية او مهينة او تمس بالكرامة الإنسانية ، وأكد ان ممارسة التعذيب بكافة أشكاله ومن قبل اي كان جريمة يعاقب عليها في القانون بالاضافة الى ما اصبح يتضمنه القانون الجنائي من نصوص قانونية تجرم وتعاقب مرتكبي التعذيب ،كما ان بعض التقارير الرسمية تتحدث عن تأهيل العاملين في مجال الأمن وتكوينهم ،وإدماج حقوق الانسان في برامج التكوين واعادة التكوين و عن اجراءات تأديبة وعقوبات ضد اشخاص متهمين بأعمال تعذيب وعنف، رغم ان المهتمين بحقوق الانسان يؤكدون استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، وبطء وتعقد مسا طير المتابعات وعدم شفافيتها ، وغموض مآل عدد من ملفات بعض المتابعين في قضايا التعذيب لقد مر اكثر من سنة على التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب ،وطيلة هده السنة عاش الحقل الحقوقي، نقاشات وحوارات، حول سبل جعل هده المصادقة خطوة أساسية من اجل إحداث قطيعة نهاية مع ممارسات التعذيب، وخصوصا ان المغرب ملزم في غضون سنة، بان يشكل الية مستقلة للوقاية من التعذيب ،كالية وطنية تنهض بهمام الوقاية وزيارة اماكن الاعتقال والاحتجاز ،وتتلقى الشكايات وتنجز التقارير وتقدم التوصيات ،وفي خضم هدا النقاش يطرح التساؤل حول استقلالية هده الهيئة وفعاليتها وصلاحياتها والموارد والإمكانيات المادية والمالية الضرورية لعملها
معايير وشروط اساسية للالية الوطنية للوقاية من التعديب في نونبر 2011 انعقد بجنيف المنتدى العالمي للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعديب ،بعد خمسة سنوات على دخوله حيز التنفيذ ، وكان هدا اللقاء العالمي فرصة لتقييم تنفيذ البروتوكول، وكدا الاليات الوطنية للوقاية من التعذيب التي أنشأتها الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري ،وأكدت خلاصاته ،اولا على فهم أوسع لمنع التعذيب ،وفي مقدمتها فهم أسباب التعذيب المؤسسية والمعيارية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ومعالجتها ،واعتبار الوقاية من التعذيب تنطوي على مجموعة واسعة من الإجراءات: الإصلاح القانوني وضمان المسؤولية الجنائية ومكافحة الإفلات من العقاب ،وضمان الوسائل القانونية والتعويضات لضحايا التعذيب وتم التأكيد أساسا على توفر الإرادة السياسية لمنع التعذيب ،وتم التركيز على وجود مخاطر تعيق عمل الوقاية من التعذيب ،مثل تغليب الأمن القومي على حقوق الإنسان ، واستعمال ذريعة محاربة الارهاب لتعطيل الالتزامات في مجال حقوق الإنسان، بالاضافة الى اكتظاظ السجون، و استمرار الطابع السري لمراكز الاعتقال والاحتجاز ، عدم خضوع أجهزة الامن للرقابة القضائية وللمؤسسات التشريعية كما أكدت خلاصات المنتدى العالمي و المبادئ التوجيهية بشان الآليات الوقاية الوطنية والمقررة في الدورة الثانية عشر للجنة الفرعية لمنع التعذيب في نونبر 2010 على شروط أساسية منها أساسا الاستقلالية : تحتاج الآلية الوطنية إلى ضمان استقلالها أن تكون متحررة من نفوذ الحكومة، أي يجب أن تكون مدعومة من طرف المؤسسة التشريعية، وان ينص على مهامها في القانون أو الدستور، وتزويدها بالموارد المالية ، وان تكون عن طريق عملية مفتوحة وشاملة تشارك فيها مجموعة واسعة من الجهات، بما فيها المجتمع المدني وان ينطبق دلك على اختيار وتعيين الأعضاء الصلاحيات والسلطات: يجب ان تتمتع هده الآلية بالسلطة، للوصول الى أماكن الاحتجاز من دون قيود ،والوصول إلى سائر الوثائق، وان تتاح لها فرصة الاجتماع مع سائر الأشخاص المحرومين من حريتهم على انفراد ،فضلا عن مصادر أخرى و ومع أصحاب المصلحة المعنيين المصداقية والشرعية : يجب أن تكون ذات مصداقية في اعين المجتمع المدني والجمهور والمعتقلين والسلطات، ومن شروط دلك أ، يكون أعضاءها يتمتعون بشرعية اجتماعية ومشهود بالكفاءة والنزاهة، وان يكون عملها ذا جودة عالية ،وتقاريرها تتمتع بالموضوعية والحياد، وضمان الشفافية والمساءلة داخل الآلية نفسها التعاون مع السلطات :تحتاج الآلية الى بناء الثقة المتبادلة مع السلطات ، لكن تمة فعل متوازن بين إشاعة التعاون والقدرة على انتقاد المواقف من جهة وخطر ان تكون قريبة جدا او تابعة او خاضعة للسلطات الوعي العام والشفافية لنجاح عمل الآلية الوطنية هنا حاجة لوعي عام مواكب ومتفاعل مع عملها ،وتلعب وسائل الإعلام دور حيوي في دلك، بل تعتبر شريكا جيدا للآلية دور المجتمع المدني : يمكن تعزيز دور الآلية الوطنية من خلال دعمها من طرف تنظيمات المجتمع المدني وخصوصا التنظيمات الحقوقية مثلا للمشاركة في الزيارات لاماكن الاعتقال وكدا من خلال توفير الخبراء وتقديم المشورة الفنية هوية الآلية الوطنية هل مستقلة ام جزء من مؤسسة وطنية لم يحدد البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب أي صيغة لإنشاء الآلية الوطنية ركز أساسا على المعايير الأساسية الضرورية لكي تنهض الآلية الوطنية بأدوارها في الوقاية والحماية وتنوعت اختيارات الدول الأطراف بين تشكيل هيئات مستقلة عن اي مؤسسة والبعض الاخر انشاها باعتبارها جزء من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان فمثلا تونس اسست هيئة مستقلة بنص قانوني صادر عن المؤسسة التشريعية وبعض الدول الأفريقية أدمجتها في مؤسساتها الوطنية لحقوق الإنسان في المغرب تحرك المجلس الوطني لحقوق الإنسان واستبق اي نقاش عمومي ليبادر الى طرح مفاده انه يقترح ان تكون الألية جزء من آلياته الداخلية بمبرر ان من شان إنشاءها خارج المجلس الوطني ان يؤدي الى تضخم في المؤسسات وانه يملك الكفاءات والخبرة وانه يتمتع بالاستقلالية والجدير بالدكران ما سجلناه طيلة المرحلة السابقة هو ضعف النقاش العمومي حول هده الآلية ، وعدم إشراك المنظمات الحقوقية الفاعلة في مجال حقوق الإنسان التي بادرت بعضها لتنظيم لقاءات حول المو ضوع ، ناهيك على ان السياق الوطني لم يكن مشجعا فلقد تعرضت الحركة الحقوقية لحملة ممنهجة من التضييق و المنع والتشكيك في أدوارها ،ودلك من اجل تهميشها وفي نفس الوقت كانت تجري محاولات لإعادة هيكلة المشهد الحقوقي في اتجاه الضغط عليه والثاتير في استقلالية قراره ومبادراته في ظل وجود حالة من الاستقطاب لأطره وكفاءاته. لم تستطع الحركة الحقوقية ان تبلور تصور جماعي ،لكيفية التعاطي مع موضوع الالية الوطنية للوقاية من التعذيب ،على الرغم من انها تحركت بشكل جماعي في مرحلة الترافع من أجل التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب ،وهو مؤشر سلبي يعبر عن الاتجاه العام الذي سيتخذ ه البعد الوحدوي والتشاركي في المستقبل ، مع الإشارة ان بعض المنظمات الحقوقية مقتنعة مند البداية بتصور المجلس الوطني لحقوق الإنسان وان كانت تعبر عنه بصيغ مختلفة ،مع العلم ان هناك تخوفات كبيرة وخصوصا ان تجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تعاطيه مع قضايا التعذيب لم تكن في مستوى المطلوب بالإضافة إلى ردود الفعل المتشنجة التي تم التعبير عنها بعد صدور تقارير حقوقية دولية حول التعذيب ، ناهيك على ان مسالة التضخم التي يستند عليها المجلس الوطني لاستبعاد إنشاء اللالية الوطنية خارجه ، سيعيشها هو الأخر وخصوصا انه يتطلع لإنشاء آليات أخرى مرتبطة باتفاقيات حقوقية، بالإضافة الى مجالات عمله المتعددة ، وان هناك احتمال ان يتخذ عمل الالية داخل المجلس في ظل تضخم مهامه فعلا ، بعدا روتينيا وعاديا وهدا ما تم الانتباه اليه من طرف المنتدى العالمي المنعقد في جنيف الذي دعا إلى تجنب ( العمل كالمعتاد) لان المنتظم الدولي الحقوقي لازالت تساوره العديد من التخوفات من ان يتم الالتفاف على أهداف البروتوكول الاختياري من طرف الدول ، ان مبررات المجلس الوطني غير مقنعة وغير واضحة وخصوصا ادا اخدنا بعين الاعتبار استمرار دور وتأثير بعض العقليات ، والأوساط التي تعمل على إعاقة اي تحول جدري في مجال حقوق الإنسان، وتحاول التحكم في الانعكاسات المحتملة لتلك الالتزامات ،وهدا ما اتضح جليا في استبعاد اي نوع من المشاركة للمنظمات الحقوقية ،في اللقاء الدولي حول التعذيب المنعقد مؤخرا بمراكش، بالاضافة الى استمرار حكامة أمنية لا تستجيب للتطلعات الحقوقية وكدا إصلاح القضاء الكفيل بان يلعب دورا محوريا في مجال الحماية من التعذيب . لقد ابانت بعض التجارب في إنشاء الية الوقاية بعيدا عن المجتمع المدني، او في نزاع معه عن محدوديتها وعدم نجاحها ، لان النهج الشامل لعمل الوقاية من التعديب، يفترض تعاون كل المعنيين ومشاركتهم ككفاءات وفعاليات ،وفي رأينا ان صيغة استقلالية هيئة الوقاية من التعذيب، عن اي مؤسسة ستكون الصيغة الملائمة لتجربتنا فالاستقلال التنظيمي والوظيفي والمحدد بنص قانوني وصلاحيات كاملة ، سيمكن الهيئة من العمل بفعالية وقوة وخصوصا من خلال اشراك المجتمع المدني والكفاءات والخبرات ،في الميادين القانونية والحقوقية والمهنية ، على أساس وعي الجميع بالتحديات واستعداده للعمل الجماعي والايجابي والمنفتح والإدراك ان الحد من التعذيب هو عمل مجتمعي أساسي في سبيل مجتمع الحرية وحقوق الإنسان ان نزعة التهميش والوصاية وفرض الأمر الواقع تتنافى ومنهجية إنشاء الآليات الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب ، ان بلادنا بحاجة الى آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب يشارك فيها الجميع بما فيها المجلس الوطني وكل الكفاءات والخبرات والمنظمات الحقوقية الوازنة وان تؤسس لتجربة متميزة تساهم في وضح حد للتعذيب والوقاية منه ومعالجة أسبابه وفي مقدمتها إصلاح المؤسسة الأمنية والقضاء ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان واحترام تام للحريات العامة ووضع حد للإفلات من العقاب ورفع كل اشكال التضييق على الحركة الحقوقية