قالت قوات سوريا الديمقراطية إنها أوشكت على دحر تنظيم الدولة الإسلامية في الباغوز التي تعد آخر منطقة يسيطر عليها التنظيم بشرق سوريا بعد أن انتزعت السيطرة على مخيم من قبضة المتشددين رغم أن المعركة لم تنته بعد. وكان مقاتلون متشددون متمرسون يتحصنون في هذا المخيم لخوض محاولة أخيرة للدفاع عن جيب الباغوز، وهو كل ما تبقى من "الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية وامتدت ذات يوم على ثلث مساحة سورياوالعراق. وقال مصطفى بالي مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية على تويتر "هذا ليس إعلان نصر بل إحراز تقدم كبير في قتال داعش". وأضاف لرويترز "المعلومات التي تتحدث عن انتهاء داعش في الباغوز غير صحيحة، داعش ما زال يتحصن في بعض النقاط في جيوب متفرقة ولا يقتصر وجودهم على مساحة جغرافية محددة، والاشتباكات مستمرة إلى الآن". وكان بالي قال إن قوات سوريا الديمقراطية أسرت مئات المتشددين المصابين عندما اجتاحت المخيم. كما أسرت 157 مقاتلا معظمهم أجانب. وردا على سؤال من رويترز عن الوقت الذي ستستغرقه القوات لإلحاق الهزيمة بالمتشددين المتبقيين، قال بالي إنه يتوقع انتهاء العملية "قريبا جدا". وأضاف أن بعض المتشددين المتبقيين تراجعوا إلى ضفة نهر الفرات القريب. وقال بالي إن المعارك لم تنته بعد مضيفا أن بعض المقاتلين اتخذوا من أطفالهم دروعا بشرية وإن هناك اشتباكات متقطعة. وأُجبر مقاتلو التنظيم وأنصاره على التقهقر بوتيرة مضطردة إلى الباغوز بعد سنوات من الانسحابات في مواجهة حملات عسكرية شنتها قوات محلية وأجنبية مختلفة. وستمثل هزيمة التنظيم في الباغوز علامة فارقة في الحرب على المتشددين، لكن ما زال يُنظر على نطاق واسع إلى أتباعه على أنهم يشكلون تهديدا أمنيا كبيرا في ظل تواجدهم في مناطق نائية وقدرتهم على شن هجمات بأسلوب حرب العصابات. وستمثل السيطرة على الباغوز أيضا لحظة مهمة في الحرب السورية الأوسع، إذ أنها ستنهي وجود أحد أطراف القتال الرئيسيين وتترك سوريا مقسمة بين الرئيس بشار الأسد والقوات التي يقودها الأكراد ومقاتلي المعارضة الذين تدعمهم تركيا. وشن المتشددون المتعنتون محاولة يائسة للدفاع عن المخيم في الباغوز واستخدموا مفجرين انتحاريين وسيارات ملغومة. ووفقا لقوات سوريا الديمقراطية فقد خرج أكثر من 60 ألف شخص من الباغوز على مدى الشهرين المنصرمين، نصفهم تقريبا من أنصار تنظيم الدولة الإسلامية المستسلمين، ومن بينهم حوالي 5000 مقاتل. ورغم كون التنظيم المتشدد على شفا الهزيمة، ظلت الآلة الدعائية فيه تمارس عملها وقال أبي الحسن المهاجر المتحدث باسم التنظيم في تسجيل صوتي مساء أمس الاثنين إن الدولة الإسلامية ستبقى قوية وحث على شن هجمات جديدة. وبث التنظيم تسجيلا مصورا من داخل مخيم الباغوز يظهر مقاتلين يقفون وسط سيارات تحمل آثار الرصاص ويرقدون خلف سواتر ترابية وهم يطلقون النار من بنادقهم. وكان المشهد الصاخب حولهم يعج بالسيارات والخيام المؤقتة والحطام وأعمدة غيوم الدخان المتصاعدة. وأمام هذا المشهد وقف رجل ليلقي رسالة تحدي وبجواره مجموعة صغيرة من النساء والرضع. وقال "إن الصليبيين والملاحدة قد شردوا بالمسلمين، اللهم فشرد بهم، قد شردوهم وحرقوهم، اللهم فأحرقهم... أخوتي المسلمين في كل مكان إننا قدمنا ما علينا ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم". وقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إن اللقطات أظهرت أن الدولة الإسلامية حفرت في الباغوز أنفاقا ضخمة تسع مرور مركبات بها. وأضاف خلال مؤتمر صحفي أن التقدم بطيء وربما تمتد المعركة لعدة أيام. *خطر العودة حذر الجيش الأمريكي من أن تنظيم الدولة الإسلامية ربما لا يزال يعول على عشرات الآلاف من المقاتلين المنتشرين في جميع أنحاء العراقوسوريا مع ما يكفي من القادة والموارد بما يتيح له شن هجمات مسلحة. وأصدر مكتب المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وهو هيئة رقابة داخلية، تقريرا الشهر الماضي قال فيه إن تنظيم الدولة الإسلامية ما زال جماعة متمردة نشطة تجدد مهامها وتعزز قدراتها في العراق بسرعة أكبر منها في سوريا. وأفاد تقرير المفتش العام بأنه في "ظل عدم وجود ضغط مستمر (لمكافحة الإرهاب) فمن المرجح أن يتمكن تنظيم الدولة الإسلامية من الظهور من جديد في سوريا في غضون 12 شهرا ويستعيد مساحات محدودة من الأراضي". وقال مسؤولون أمريكيون إن قوات مدعومة من الولاياتالمتحدة ألقت القبض على مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية على صلة بتفجير انتحاري وقع في يناير كانون الثاني في سوريا وقُتل فيه أربعة أمريكيين. وكان الهجوم الذي وقع في مدينة منبج هو أعنف عملية منفردة تستهدف أمريكيين في سوريا منذ أن أرسلت الولاياتالمتحدة قوات برية إلى هناك في 2015. ووقع هذا الهجوم بعد نحو شهر من إرباك الرئيس الأمريكي لفريقه الأمني وحلفائه بقرار مفاجئ يوم 19 دجنبر بسحب القوات الأمريكية البالغ قوامها ألفا جندي من سوريا وإعلانه هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد تراجعت واشنطن الآن جزئيا عن قرار ترامب، وتخطط لترك 200 من قوات حفظ السلام في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.