الباغوز (سوريا), 16-2-2019 (أ ف ب) - توقعت قوات سوريا الديموقراطية السبت الاعلان رسميا عن القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية في شرق سوريا في غضون أيام، مع وجود عدد كبير من المدنيين محاصرين في آخر بقعة تحت سيطرة الجهاديين تقدر مساحتها بنصف كيلومتر مربع. ويأتي هذا الاعلان غداة تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيتم الكشف في "غضون 24 ساعة" عن معلومات مهمة تتعلق ب"نجاحنا في القضاء على الخلافة"، التي أعلنها التنظيم في العام 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور عادلت مساحة بريطانيا. ومني التنظيم بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين، بعد سنوات أثار فيها الرعب بقواعده المتشددة وأحكامه الوحشية واعتداءاته الدموية حول العالم. وقال القائد العام لحملة قوات سوريا الديموقراطية في شرق سوريا جيا فرات خلال مؤتمر صحافي في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور (شرق)، "في وقت قصير جدا ، لن يتجاوز أياما ، سنعلن رسميا انتهاء وجود تنظيم داعش الارهابي". وبات التنظيم وفق فرات، محاصرا في حي داخل بلدة الباغوز التي "أصبحت تحت الرمايات النارية لمقاتلينا" وتعد "ساقطة ناريا ومحاصرة تماما في مساحة جغرافية" تقدر بنصف كيلومتر مربع. قرب خط الجبهة داخل الباغوز، شاهدت مراسلة فرانس برس السبت حفرا ضخمة في الشوارع وهياكل سيارات محترقة ومباني مدمرة بالكامل. وقالت إن الدمار طغى على شارع تحصن فيه مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية. وكان عدد منهم يتبادلون الحديث غير آبهين بدوي انفجارات قريبة، ناجمة على الأرجح عن قذائف مدفعية قبل أن تستهدف غارتان مواقع للتنظيم في البقعة المحاصرة. وفي الطريق باتجاه الباغوز، بدا المكان حيث كان يتم استقبال الفارين خاليا إلا من خيم بيضاء وبضعة مقاتلين من قوات سوريا الديموقراطية. وفي قرية صغيرة قربها، بدت منازل مشرعة الأبواب. وعلى أنقاض منزل مدمر، ت ركت حقائب مفتوحة أحاطت بها ثياب ملونة. وتخوض قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ أيلول/سبتمبر هجوما ضد آخر جيب للتنظيم. وتمكنت من طرده من كافة القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرته. وأوضح فرات أن قواته "تتحرك بحذر بما أن هناك الكثير من المدنيين ما زالوا محتجزين كدروع بشرية" من قبل الجهاديين. وكان المتحدث باسم هذه القوات عدنان عفرين أشار لفرانس برس ليل الجمعة السبت إلى وجود مدنيين "بأعداد كبيرة" من "نساء وأطفال من عوائل داعش، وموجودون في الأقبية تحت الأرض وفي الأنفاق". وقال عفرين "هذه كانت المفاجئة الكبرى لنا. لم نتوقع هذا العدد وإلا لما كنا استأنفنا الحملة" السبت الماضي، بعد توقف استمر أكثر من أسبوع للسماح للمدنيين بالخروج. وأوضح عفرين أن البحث "لا يزال جاريا عن الأنفاق ويتم التعامل معها بطرق متعددة منها الإغلاق أو التفجير" لافتا الى أن "مقاتلي داعش يختبئون بين المدنيين، بعدما خلعوا اللباس العسكري وارتدوا اللباس المدني". وخفف التحالف من وتيرة ضرباته ضد مقاتلي التنظيم لحماية المدنيين. وقال المتحدث باسم التحالف الكولونيل شون راين لفرانس برس السبت "تستمر المعارك (...) لكننا لا نزال نرى مئات المدنيين يحاولون الفرار الى بر الأمان". وأكد "خفض الضربات للمساعدة في حماية المدنيين ونظرا لظروف ساحة المعركة". وأوضح راين أن المنطقة "تحتوي على العديد من الأنفاق ما يؤدي الى ابطاء العمليات، إذ يتعين على قوات سوريا الديموقراطية تطهير المناطق من العبوات المفخخة ولا تزال ترصد اقدام مقاتلي التنظيم على تفجير ستراتهم الناسفة ومهاجمة مواقعها بسيارات ودراجات نارية محملة بمواد متفجرة". وغالبا ما يلجأ التنظيم عند حصاره ومع اقتراب المعارك من آخر نقاطه الى زرع الألغام وشن هجمات من الخنادق لاعاقة تقدم خصومه وايقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية. كما يستخدم المدنيين كدروع بشرية. ودفع الهجوم منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر نحو أربعين ألف شخص إلى الخروج من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، وبينهم نحو 3800 مشتبه بانتمائهم إلى التنظيم تم توقيفهم، بحسب المرصد. ويتم نقل المدنيين وبينهم الكثير من زوجات وأطفال الجهاديين إلى مخيمات شمالا ، بعد التدقيق في هوياتهم وجمع معلومات أولية في منطقة فرز قرب بلدة الباغوز، فيما يجري توقيف المشتبه بانتمائهم للتنظيم. وقال بالي إنه تم توقيف "العشرات" من مقاتلي التنظيم في اليومين الأخيرين. واستبق ترامب الجمعة اعلان قوات سوريا الديموقراطية عن موعد حسم المعركة بإشارته الى أن "هناك الكثير من البيانات المهمة المرتبطة بسوريا ونجاحنا في القضاء على الخلافة وسيتم الإعلان عنها في غضون 24 ساعة". إلا أن مدير برنامج مكافحة الارهاب في "هيومن رايتس ووتش" نديم حوري قال لفرانس برس "لا ينبغي أن تملي الضرورات السياسية إيقاع المعركة. يجب أولا حماية المدنيين والأسرى المحتملين". ويمهد إعلان الانتصار رسميا على التنظيم، الطريق أمام ترامب لتنفيذ قراره بسحب كل القوات الأميركية من شمال سوريا. إلا أن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس قال السبت إن بلاده "ستواصل ملاحقة" فلول التنظيم رغم قرب انسحاب قواتها من سوريا. ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، مع قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف. وقال قائد عمليات قوات سوريا الديموقراطية شرقا "بعد أن ننهي وجود تنظيم داعش العسكري العلني على الأرض، سننتقل الى المرحلة الثانية، الى مكافحة تنظيم داعش الارهابي وملاحقة خلاياه النائمة وفلوله المنتشرة في كل المناطق".