أطلقت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أول طلب عروض مشاريع لتشجيع البحث في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، بعدما كانت قد خصصت العام الماضي 30 مليون درهم للمشاريع البحثية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية. المشروع الجديد المخصص للذكاء الاصطناعي هو الأول من نوعه في المغرب، وهو عبارة عن طلب عروض مشاريع سيخصص له غلاف مالي قدره 50 مليون درهم، ستساهم في تمويله وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي ووزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي. وتم الإعلان عن هذا البرنامج في لقاء نُظم بالرباط، وحضره سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الذي أشار إلى أن المركز الوطني للبحث العلمي والتقني صار يتوفر على جهاز حاسوب عالي الأداء من نوع High Performance Computing de 700 cœurs ، وهو موجه لمنح مختلف مؤسسات التعليم والبحث المغربية قدرات حسابية جد عالية. وأقر أمزازي، في كلمة ألقاها في حفل إطلاق البرنامج، بأن ما يخصصه المغرب للبحث العلمي ضعيف، مشيراً إلى أن النسبة لا تتجاوز 0,8 في المائة من الناتج الداخلي الخام، قبل أن يضيف أن الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين ستُمكن من الرفع التدريجي لهذه الحصة لتصل إلى 1 في المائة على المدى القصير، و1,5 في المائة سنة 2025، و2 في المائة سنة 2030. وأوضح الوزير أن من الأمور المهمة لتقييم حيوية وكفاءة البحوث في العالم مدى مساهمة القطاع الخاص في تمويلها. وفي حالة المغرب قال أمزازي إن الدولة لا تزال تُمول البحث العلمي بنسبة 73 في المائة، فيما لا تتجاوز نسبة مساهمة القطاع الخاص 22 في المائة. وهو رقم يبقى ضعيفاً، يضيف الوزير، مقارنة باليابان التي يُساهم فيها القطاع الخاص بنسبة 78 في المائة، أو ببلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تُسجل معدل 61 في المائة. غير أن الوزير أكد أن "الاستثمار لا يعني بالضرورة الحصول على نتيجة". وأضاف قائلاً: "البحث لا يمكن أن يصبح رافعاً حقيقياً للنمو إلا إذا كان مصدراً للابتكار، لأن الابتكار صار المصدر الرئيسي لخلق الثروة اليوم، وأصبح مؤشراً رئيسياً في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لأي بلد". وقال أمزازي إن تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي خيار استراتيجي من أجل تشجيع الابتكار في المغرب، مشيرا إلى أن تمويل المشاريع مشروط بوجود شراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل الاستجابة للإشكاليات الوطنية، خصوصاً في قطاعات صناعات السيارات والطيران والطاقات المتجددة. وحسب الوزير، فإن المهارات الرقمية أضحت لا محيد عنها، مشيرا إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع المهن التي ظهرت منذ سنة 2010 تنتمي إلى المجال الرقمي. وأضاف أن عدداً من الدراسات تُشير إلى أن تطور الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي سيخلق حوالي 66 مليون منصب شغل، أي أن 14 من المناصب الحالية ستختفي في العقود المقبلة في البلدان الغنية. ولتأكيد أهمية الذكاء الاصطناعي والبحث فيه، أوضح وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي أن إيجاد وظيفة في عالم اليوم بدون إتقان الأدوات الرقمية صار مهمةً مستحيلةً، وقال إن 90 في المائة من الوظائف اليوم أصبحت تتطلب الحد الأدنى من المهارات الرقمية، وفي حالة غيابها يحضر الحديث عما يسمى "الأمية الرقمية". يذكر أن طلب العروض الخاص ببحوث الذكاء الاصطناعي وتقنياته، الذي تم الإعلان عنه اليوم، سينتقي مشاريع البحث الهامة والدقيقة والقابلة للإنجاز، والتي لها أثر سوسيو اقتصادي حقيقي بالمغرب، ويشترط أن تهم موضوعات التربية والمقاربات البيداغوجية والصحة والمالية والأبناك والتأمين والطاقة والماء والبيئة والصناعة والنقل واللوجيستيك والاتصالات وشبكاتها والمعالجة الأتوماتيكية للغات الطبيعية والمدن الذكية. للإشارة، سيكون 15 ماي المقبل آخر أجل لتلقي المشاريع لدى المركز الوطني للبحث العلمي والتقني.