تخطت المرأة المغربية كل التوقعات والحدود؛ فلم يعد ينظر إلى المرأة الناجحة في المجتمع المغربي على أنها حالة خاصة، فقائمة النساء اللائي أثبتن جدارتهن في المجالات التي اخترن ولوجها طويلة، بما فيها المجالات التي كانت حكرا على الرجال. وتعتبر سعاد احديدو، التي تعمل سائقة سيارة أجرة بمدينة الرباط منذ أزيد من سنتين، مثالا جليا للمرأة المغربية المكافحة، رمز الجد والاجتهاد والمثابرة من أجل تحقيق الذات بصيغة المؤنث. فسعاد التي لم يسعفها الحظ لاستكمال دراستها، اضطرت للعمل بالعديد من المهن التي كانت تتطلب جهدا عضليا، كبيع السمك والخضراوات والفواكه، ثم عاملة بخدمة التوصيل، قبل أن تسوقها الأقدار إلى أن تصبح سائقة سيارة أجرة. وفي تصريح صحافي، بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، قالت سعاد إنها تمارس مهنتها بكل حب وإخلاص وتعتبر مصلحة وراحة الزبون فوق كل اعتبار، موضحة أنها تتفانى في عملها الذي يمكنها من تحقيق ذاتها وإعالة أسرتها. وعن السبب الذي جعلها تمتهن مجال السياقة، تقول سعاد إن أحد أصدقائها هو من اقترح عليها الحصول على رخصة "الثقة" لقيادة سيارات الأجرة والعمل بشكل مستقل كسائقة مهنية، وذلك في أعقاب تعرضها لحادث اضطرها لمغادرة عملها بإحدى الشركات المتخصصة في بيع السمك. وتؤكد سعاد أنها لم تتردد في خوض هذه المغامرة، رغم المخاوف التي انتابتها بشأن احتمال فشل مشروعها، لا سيما وأن على عاتقها مسؤولية إعالة أسرتها. ورغم أن التجربة لم تخل من عراقيل، لا سيما وأنها فتاة تقتحم عالما ذكوريا بامتياز، إلا أن سعاد استطاعت التغلب عليها جميعها بفضل المثابرة والجد والإرادة القوية في سبيل النجاح، لتتمكن في ما بعد، متسلحة بإرادة جامحة في خوض غمار التجربة والنجاح في مهنة اختارتها طواعية، من نسج علاقات متميزة مع زملائها السائقين وكذا زبناء تعاملوا معها وكسبت ثقتهم حتى باتوا يعولون عليها في الكثير من مشاويرهم. وبخصوص المخاطر المحدقة بها لكونها تمارس مهنة صعبة بكل المقاييس، أكدت سعاد أن هذه المهنة لا تخلو من مخاطر، من الممكن أن تطال أيضا الرجال الممارسين لها، مسجلة أنه "كأي سائق مهني، تعرضت لمواقف كانت بمثابة شبه اعتداء، إلا أنني استطعت الدفاع عن نفسي، وأحيانا بالاستعانة بزملائي السائقين الذين لم يدخروا جهدا في حمايتي". وتابعت سعاد: "بالرغم من أنني أعمل حتى ساعات متأخرة أحيانا، إلا أنني لم أواجه يوما خطرا أو اعتداء بالغا"، مشيرة إلى أنها كفتاة "لم تشعر يوما بالتمييز من قبل الزبناء، بل على العكس من ذلك، لطالما أحسست بحبهم واحترامهم وتشجيعهم". ودعت سعاد النساء المغربيات إلى العمل والمثابرة من أجل تحقيق أحلامهن، مؤكدة أن الأحلام مهما كانت كبيرة وصعبة، فإنها تبقى ممكنة التحقق. وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، أكدت سعاد أن المرأة المغربية قوية ومثابرة وتستطيع العمل على عدة جبهات، حيث تمكنت اليوم من إثبات جدارتها وأحقيتها في الولوج إلى العديد من المجالات، حتى تلك التي كان حكرا على الرجال. *و.م.ع