أجمع المتدخلون في ندوة صحافية نظّمت بمدينة الدارالبيضاء، صباح اليوم الخميس، على أن التحولات الرقمية الجديدة أسهمت في بروز تحولات ثقافية، تستدعي تطوير الإستراتيجية الإعلامية المعتمدة من قبل جميع وسائل الإعلام الوطنية؛ سواء تعلق الأمر بالإعلام السمعي البصري أو الصحافة الورقية والإلكترونية. ويؤكد المهنيون في مجال الإعلام والاتصال، خلال ندوة حملت عنوان "أي معالجة إعلامية لتيمة الطفولة في المغرب"، أن بعض وسائل الوطنية، لاسيما الإلكترونية منها، باتت تتجه صوب ما يعرف ب"البوز"؛ وهو ما جعلها تتخذ الطفل مجرد وسيلة لتسويق منتجاتها فقط، بينما يسجل ضعف كبير على مستوى التوعية والتحسيس والالتزام بأخلاقيات المهنة. محمد بلقاسم، منسق تحرير جريدة هسبريس الإلكترونية، أكد أن "معالجة المواضيع المرتبطة بالطفل في الإعلام الإلكتروني موسومة بالفوضى، الأمر الذي ينعكس على التعاطي مع قضايا الحقوق بشكل عام"، معتبرا أنه "لا نحس بوجود صحافة متخصصة في الطفولة بالمغرب، عبر استحضار الشمولية التي يقتضيها هذا الموضوع الحساس". ويرى بلقاسم، في معرض حديثه عن واقع حضور تيمة الطفل في الإعلام المغربي، على هامش تقديم نتائج الدراسة التي أجرتها منظمة الأممالمتحدة للطفولة، أن "الطفل يتم استغلاله عبر ما يسمى ب"البوز"، بحيث لا تحترم هذه المنابر الحد الأدنى من أخلاقيات المهنة". وأكد المتحدث أن "طبيعة التعامل مع الطفل من قبل المؤسسات الإعلامية يغلب عليه الطابع المناسباتي، لأنه لا يوجد ضمن السياسات التحريرية الخاصة بالطفل، لا سيما أن المندوبية السامية للتخطيط تحدثت عن وجود نسبة مهمة من الأطفال تصل إلى نحو 23 في المائة من ساكنة المغرب، بينما لا يوجد أي خيط ناظم بين السياسات العمومية ووسائل الإعلام". وأوضح الفاعل الإعلامي أن "الصورة النمطية ما زالت حاضرة في وسائل الإعلام، سواء تعلق الأمر بالطفل أم المرأة"، مشيرا إلى أن جريدة هسبريس الإلكترونية، التي تم تتويجها كأفضل جريدة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، "تتوفر على باقة من البرامج المتنوعة التي تستهدف الأطفال والشباب، وكذلك تشبيب الطاقم الصحافي الذي أغلبه من الشباب". من جهته، اعتبر أنيس مغري، خبير لدى منظمة الأممالمتحدة للطفولة، أن "وسائل الإعلام في حاجة إلى النقد الذاتي بهدف تطوير المضامين، إذ تقوم المنظمة بالتنسيق مع مجموعة من القطاعات الوزارية التقليدية، إلى جانب وسائل الإعلام، بغية تحسين النظرة تجاه الطفل"، داعيا إلى "إعطاء نَفَسٍ جديد للمهنة، من خلال تقوية المهارات والمكتسبات الصحافية، بغرض تزويد المهنيين بالآليات الضرورية، سواء داخل معاهد التكوين، من قبيل المعهد العالي للإعلام والاتصال، وكذلك في أوساط الصحافيين الممارسين". أما سليم الشيخ، المدير العام للقناة الثانية، فقد أوضح أن "دوزيم تتوفر على برامج متخصصة توجه أساسا إلى فائدة الأطفال والشباب في التلفزيون والراديو؛ لكن التوجه نحو المجال الرقمي دفعنا إلى إعداد برامج جديدة سوف نشتغل عليها كي تكون عملية". ويرى الشيخ، في كلمته خلال الندوة، أن "منظمة الأممالمتحدة للطفولة سوف تساعدنا حتما من أجل تزويد الطاقم الصحافي الذي يشتغل في القناة الثانية بأهم التقنيات البيداغوجية والعملية ذات الصلة بالطفل التي قد لا نتوفر عليها"، مبرزا أن "بعض الأحكام النمطية بخصوص الشباب منتشرة بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل الأشرطة السلبية التي يتم تقاسمها حول مترشحي الباكالوريا، بخصوص ظاهرة الغش وغيرها".