تحدّث إميليو باسكونيانا، عمدة أوريويلا الإسبانية، عن ضمّ مدينته ل "مسار النخيل"، مذكّرا بالتأثيرات الفينيقية والرومانية والعربية عليها، واحتوائها على ثاني أكبر بستان نخل بأوروبا، وهو ما يستوجب "حماية إرثها الذي عانى من العديد من المشاكل". ووضّح العمدة الإسباني، في سياق حديثه مساء الثلاثاء بالمعهد الإسباني ثيربانتس بالرباط، أن من بين المشاكل التي عانى منها بستان النخيل بمدينة أوريويلا الإسبانية وباءُ "بيسكودو روخو" والتأثيرات العمرانية، وهو ما دفع إلى حمايته والتعامل في الوقت نفسه مع المشاكل التي تعاني منها بساتين نخل أخرى، وقاد بالتالي إلى إعداد إعلان للدفاع عن النخيل وبساتينه وقّعت عليه العديد من البلدان، من بينها دول بشمال إفريقيا، ضمنها المغرب. وأبرز المتحدّث أن زيارته إلى المغرب تسعى إلى تثمين بساتين النخل بشكل عام، وبساتين النخل في مسار النخيل بأليكانتي، وإلتشي، وأوريويلا، ومورسيا، وألميريا، ودول شمال إفريقيا مثل المغرب، وتونس، والجزائر، بشكل خاص، وهو ما يحتاج إلى عمل موحّد عبر خلق علاقات صداقة وتوحيد الشعوب والأفراد بما يجمع لا بما يفرق، وعبر تنمية مشتركة أحسن مع "الأغلبية التي لها إرادة جيدة". وبيّن باسكونيانا أن عدد النّخل في المدينة في ستينات وسبعينات القرن الماضي كان يزيد عن ثلاثين ألفا، لكنّه انخفض كثيرا، واستمر ذلك الانخفاض في السنوات الأخيرة بفقدان خُمُسِ بساتينِ النّخيل التي تمتد في المدينة على طول 33 ألف هكتار، داعيا في هذا السياق إلى واجب حمايتها، مُذكّرا بإجراءات تمويل مشاريع استعادة المساحات التي فقدت بمليون يورو. وقال خابيير كالبان، مدير المعهد الإسباني ثيربانتس بالرباط، إن المعهد ينظّم يوم النخلة لأن هناك مبادرة من مدينة أوريويلا الإسبانية، التي يوجد بها الكثير من النخل، قام بها عمدتها، وتتمثل في التوقيع في اليوم العشرين من شهر يناير على إعلان من أجل حماية النخل، بحضور ممثلّين عن مجموعة من المناطق الإسبانية وكل دول شمال إفريقيا. وأورد مدير المعهد الإسباني بالرباط أن المتدخّلين في هذا اللقاء من مختلف المشارب، سواء في شؤون التدبير، أو من وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية، أو المتحدّثين من وجهة نظر سيميائية فلسفية حول دلالات النخل ومعمار بساتين النخيل، ووضّح أن مشروع عمدة أوريويلا يدخل في إطار الديبلوماسية الثقافية، وله علاقة بما هو طبيعي وبالمناظر الطبيعية، وبما هو ثقافي، وزاد مبيّنا أن الموضوع "جدّ مرتبط بهويتنا المشتركة، وثقافتَيْنا"، لأن هذا المشروع يمثّل "دعوة للعمل المشترك، وتثمين بساتين النخيل بضِفَّتَي المتوسّط". وتحدّث عبد المجيد الإدريسي عماري، مهندس مكلّف بالتنسيق مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، عن عدم توازن الاقتصاد الواحي بالمغرب وهشاشته بفعل إجباره على الدخول في اقتصاد السوق والنمو السكاني، وهو ما لم يكن مفيدا للتنمية المستدامة للواحات بل ساهم في انحدارها، إضافة إلى التغير المناخي والمشاكل الحادة في الطقس المتعلقة بالتمدن، وضغط سؤال الماء بفعل الاستنزاف الحاد له. وذكّر المتحدّث بأنّ الواحات بالمغرب تغطّي أزيد من 115 ألف كيلومتر مربع وتعتبر مأوى بالنسبة لخمسة بالمائة من الساكنة المغربية، وأشار إلى أن هذه الواحات تشكّل "خط الدفاع الأخير أمام التصحر". وقسّم المتخصّص ذاته السياسات العمومية التي تروم التصدي لهذه الإشكالات إلى قسمين، هما: استراتيجيات التنمية الجهوية التي تقوم بها الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات، والاستراتيجيات القطاعية التي يقوم بها مخطّط المغرب الأخضر.