اندلعت صدامات، الجمعة، بين الشرطة الجزائرية وبين مئات المتظاهرين كانوا يحاولون الوصول إلى مقر رئاسة الجمهورية، استجابة إلى دعوات أطلقها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 أبريل المقبل. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع، بعدما حاول المتظاهرون اختراق الطوق الأمني في الشارع المؤدي إلى رئاسة الجمهورية في حي المرادية. ورد المتظاهرون برشق الشرطة بالحجارة، وفق مراسلة فرانس برس. ونجحت الشرطة في دفع المتظاهرين بعيدا؛ لكن بعضهم واصل رمي الحجارة على عناصر الأمن، التي أوقفت بعض المحتجين. وفي ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة الجزائري عاد المتظاهرون للتجمع، وقام بعضهم بإنزال صورة كبيرة للرئيس بوتفليقة كانت معلقة في واجهة مكتب حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه رئيس الوزراء أحمد أويحيى، وقاموا بتمزيقها والدوس عليها. جرت التظاهرات في وسط العاصمة الجزائرية وفي عديد المناطق الأخرى، استجابة لدعوات أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من منع التظاهر في العاصمة الجزائرية بقرار صدر في 2001، حيث تتصدى الشرطة لأي محاولة للتجمع أو تنظيم مسيرة. والحراك الحالي غير منظم، وجاء تلبية لما نشره مدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دعوات للتظاهر بعد صلاة الجمعة، ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة يبدو واثقاً من الفوز بها. العاصمة والمناطق في العاصمة، انطلقت التظاهرة مباشرة بعد صلاة الجمعة من عدة مساجد من وسط الجزائر والضواحي القريبة منها نحو ساحة "أول مايو"، ثم سار المئات نحو ساحة البريد المركزي عبر شارع حسيبة بن بوعلي، دون أن يعترضهم أفراد الشرطة المنتشرون بقوة. وردد المتظاهرون شعارات "لا بوتفليقة لا السعيد" في إشارة إلى شقيقه السعيد بوتفليقة الذي يتم الحديث عنه كخليفة للرئيس، وكذلك "لا للعهدة الخامسة" و"بوتفليقة ارحل" و"أويحيى ارحل" ويقصدون رئيس الوزراء أحمد أويحيى أحد أهم المناصرين لاستمرار بوتفليقة في الحكم. ثم انقسم المتظاهرون، وأغلبهم من الشباب، إلى عدة مجموعات صغيرة اعترضت الشرطة واحدة منها قرب ساحة البريد المركزي، وطلبت من المشاركين تغيير المسار. وإضافة إلى الانتشار الكثيف على الأرض، حامت طائرة مروحية تابعة للشرطة منذ الصباح في أجواء العاصمة. كما تم تنظيم مظاهرات في مناطق مختلفة من البلاد، خاصة في تيزي وزو وبجاية (شمال) وعنابة (شمال شرق) وورقلة (جنوب شرق) بحسب مواقع إخبارية جزائرية. وذكرت صحيفة "الوطن" على موقعها أن "تجمعا ضخما شهدته بجاية قرب قصر الثقافة"، وفي ورقلة "ردد آلاف المتظاهرين "الشعب يريد إسقاط النظام"، حسب الصحيفة. وتحدثت الصحافة الجزائرية، كذلك، عن تظاهرات بأعداد متفاوتة في كل من وهران وتيارت وغليزان بغرب البلاد وسطيف في شرقها. وحذرت السلطات الجزائرية، خلال الأيام الأخيرة، من "ناشري الفوضى". وتعود آخر مسيرة في العاصمة الجزائرية إلى فبراير 2018، عندما كسر حوالي ألف طبيب قرار حظر التظاهر وتمكنوا من التجمع في ساحة البريد المركزي قبل أن تحاصرهم الشرطة. ويحكم بوتفليقة، البالغ 81 سنة، الجزائر منذ 1999 وقرر في بداية فبراير الجاري الترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 أبريل المقبل، عبر رسالة شرح فيها برنامجه، واضعا حدا لشهور من التساؤلات. ودارت التساؤلات حول قدرته البدنية على البقاء في الحكم منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013، منعته من التحرك وأثرت على قدرته على الكلام. وأشار بوتفليقة إلى مرضه في رسالته قائلا: "بطبيعة الحال، لم أعد بنفس القوة البدنية التي كنتُ عليها، ولم أخف هذا يوما على شعبنا، إلاّ أنّ الإرادة الراسخة لخدمة وطني لم تغادرني قَطُّ، بل وستُمكنُني من اجتياز الصعاب المرتبطة بالمرض". وأعلنت الرئاسة الجزائرية، الخميس، أن بوتفليقة سيتوجه الأحد إلى جنيف لإجراء "فحوصات طبية دورية". وكان أعيد انتخاب بوتفليقة، باستمرار منذ 2004، بنسبة تفوق 80 في المائة من الأصوات ومن الجولة الأولى.