لقد أبرزت تراكمات العشرية الأولى من حياة حزب الأصالة والمعاصرة أنه رغم كل المكتسبات التي تحققت مازلنا لم نستطع أن نتطور إلى قوة طبيعية لها امتداد جماهيري وإشعاع داخل المجتمع، قوة سياسية طبيعية لها كتلة ثابتة من المناضلين يتقاسمون حساسية أيديولوجية ومنخرطين في تنزيلها على أرض الواقع. رغم كل الغزوات الانتخابية نجد أنفسنا عاجزين عن تقديم عرض سياسي يمكن أن يشكل البديل المجتمعي السليم لما يقع داخل المشهد الوطني. رغم تواصل الانتصارات الكمية فشلنا في تكريس الفكرة التي كانت من وراء انخراط العديد من الفعاليات السياسية والاقتصادية والعديد من الأطر الوطنية في هذا المشروع الذي لم يرق بعد إلى طموحات المؤسسين، وبالأخص إلى طموحات الجيل الجديد من السياسيين الذي دخل غمار السياسة لأول مرة من داخل صفوف الأصالة والمعاصرة. ربما قصّرنا، ربما لم نتواصل بالشكل المناسب، ربما اخترنا في ما مضى بحسن نية أولويات أخرى غير التنظيم والتكوين، ربما لم نستطع أن نتفاعل بالشكل المناسب مع التعبيرات السياسية الجديدة، وربما أخطأنا في العديد من المحطات التنظيمية المصيرية لأسباب ذاتية مرتبطة بطبيعة مكونات الحزب، التي لم تجعل من تكريس مبدأ التدرج والتضامن داخل التنظيم من أولوياتها الأولى. أصبحت من الصعب مواصلة الطريق بنفس البوصلة، والمؤتمر الوطني القادم يشكل لا محالة الفرصة الأخيرة لتصحيح المسار. نعم لا يكمن أن نتنكّر للجيل المؤسس وللجيل الأول من القيادات التي سيرت الحزب تحت القصف وفي الضباب القاتم. نعم حققنا الكثير من الانتصارات الميدانية لكنها غير كافية لتحصين الحزب من الأزمات الداخلية التي أصبحت هي الوضع العادي داخل تنظيماته. أصبح من الضروري الاجتهاد جميعا من أجل إعطاء الفرصة لجيل جديد من القيادات السياسية داخل الحزب. وأول مدخل للإصلاح هو إنجاح محطة المؤتمر الوطني القادم؛ فرغم كل ما يعاب على مشروع حزبنا الفتي لا يمكن أن نتصور المشهد السياسي بدون حزب الأصالة والمعاصرة، خاصة والقطبية التي يتجه نحوها المشهد تضعنا أمام خيارين لن يدخرا أي جهد من أجل الهيمنة؛ فمن جهة التيار الأصولي يتوغل داخل دواليب القرار ويبسط نفوذه استعدادا للانقضاض على الدولة، ومن جهة أخرى تيار الأوليغارشية يتمدد وأصبح فاعلا أساسيا في القرار السياسي. نقبل في متم شهر أبريل المقبل على دورة مفصلية للمجلس الوطني للحزب، دورة ينتظرها خصومنا وأصدقاؤنا؛ فالكل يعي أن بارومتر الحياة السياسية هو مدى صحة حزب الأصالة والمعاصرة. ورغم كل المؤامرات الداخلية قبل الخارجية لا خوف على حزبنا، فللبيت رب يحميه. *عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة