"إمّا أنا أو بويا عمر"، بهذه العبارة حسَم وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، أمرَ الإغلاق النهائي لضريح بويا عمر في إحدى جلسات مجلس النواب شهر مايو سنة 2015، مؤكّدا أنّ قرار الإغلاق تمّ اتخاذه بعد سنة ونصف من الدراسة، مضيفا أن "المُشْكل ماشي تْسدّ، المشكل خاص تلقا العلاج"، لكن بعد مرور أربع سنوات على إغلاق "بويا عمر"، يبدو أن القرار لم يكن علاجا ناجعا لآلام نزلائه. تكشف حالة مستشفى "سعادة" بمراكش، الذي استقبل نسبة كبيرة من نزلاء "ضريح بويا عمر"، غداة إغلاقه، عن وجْه من أوْجُه فشل وزارة الصحة في ضمان الرعاية الصحية للنزلاء؛ إذ يعيش المستشفى وضعا مزريا دفع بأطره الصحية، من ممرضين وأطباء، إلى الدخول في اعتصام مفتوح بمقر مندوبية وزارة الصحة بمراكش. وكان وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، قدْ أعادَ فتْح مستشفى "سعادة" للأمراض العقلية الذي كان مغلقا من أجل إيواء نزلاء ضريح بويا عمر، دون أن يتمّ تأهيل المستشفى ليكون لائقا باستقبال المرضى، حسب حمزة إبراهيمي، المسؤول عن التواصل بالنقابة الوطنية للصحة العمومية، الذي أضاف أن "مستشفى السعادة تحوّل إلى بويا عمر جديد، الفرق الوحيد بينهما هو أنّ فيه أطباء وممرضين". من جهته، وصف عبد الرحيم حراف، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية بجهة مراكشآسفي، الحالة التي يوجد عليها مستشفى "سعادة" للأمراض العقلية بمراكش ب"المزرية"، مشدّدا على أنّ "الوضع الذي يعيش على وقعه المستشفى لا يوفر شروط العمل الملائمة للأطر الطبية والتمريضية، ولا شروط الرعاية الصحية للمرضى". وأكد حراف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ مستشفى سعادة بمراكش يعيش على إيقاع الفوضى، حيث يتمّ حشْر المرضى الذين يعانون من اضطرابات عقلية في القاعات بشكل عشوائي، علما أنّ المرضى الذين يعانون من الأمراض العقلية يجب تصنيفهم حسب درجة المرض، وليس جمعهم في مكان واحد. وإذا كان نزلاء مستشفى الأمراض العقلية بمراكش يعانون من غياب الشروط والظروف الملائمة للاستشفاء، فإنّ وضعية الأطباء والممرضين العاملين بالمستشفى لا تبدو أحسنَ حالا، في ظلّ قلّة الموارد البشرية، وعدم تمكينهم من وسائل العمل، علاوة على أنّ بناية المستشفى تحتاج إلى الإصلاح، وفق ما أفاد به عبد الرحيم حراف. المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية، التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل بجهة مراكش – آسفي، اعتبر أنّ مستشفى "سعادة" للأمراض العقلية بمراكش "يعرف وضعا متأزما واحتقانا خطيرا بسبب إهمال المسؤولين الذين اختاروا سياسة الآذان الصماء"، مضيفا أن "العمل السليم داخل هذه المؤسسة أصبح مستحيلا". وطالبت الهيئة النقابية المذكورة بالتدخل العاجل لإصلاح بناية مستشفى "سعادة"، الذي يعاني من تسربات المياه عبر التصدعات والشقوق التي تعرقها مختلف المصالح، والتي تهدد سلامة الموظفين والمرضى، كما طالبت بتوفير غرف العزل ووسائل تثبيت المرضى الهائجين الذين يشكلون خطرا على سلامتهم وعلى سلامة الغير. وتضمّن بلاغ المكتب النقابي ذاته مطالبَ أخرى سبَق أن رُفعت إلى المديرية الجهوية لوزارة الصحة قبل عام ونصف، "لكنْ لا حياة لمَن تنادي"، يقول حمزة إبراهيمي، مضيفا: "إذا كانت وزارة الصحة تريد تحويل مستشفى سعادة إلى بويا عمر جديد، اللهم يْسدّوه من دَابَا".