معطيات صادمة كشف عنها نقابيون عن وضعية النزلاء السابقين بضريح «بويا عمر»، الذين تم تنقيل أكثر من 120 منهم إلى مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بالجماعة القروية «سْعادة» بضواحي مدينة مراكش. النقابيون المنتمون إلى المكتب الجهوي بمراكش للنقابة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء المركزية النقابية «الفيدرالية الديمقراطية للشغل»، اتهموا وزارة الصحة بما اعتبروه «استغلالا سياسيا» لمبادرة «الكرامة في مجال الصحة النفسية»، التي أطلقتها الوزارة، بتاريخ الخميس 11 يونيو المنصرم، لإخلاء أكثر من 800 نزيل من المنازل المحيطة بضريح «بويا عمر» بإقليم قلعة السراغنة، وتنقيلهم باتجاه المستشفيات والمصالح الطبية المختصة بعدد من المدن المغربية، بينما أكد النقابيون، خلال ندوة صحافية عقدوها أول أمس الأربعاء بمقر الإدارة العامة للمركز الاستشفائي الجامعي «محمد السادس» بمراكش، أن معاناة النزلاء السابقين مازالت مستمرة، متهمين وزارة الصحة باحتجازهم داخل مستشفياتها بدون أية رعاية صحية ونفسية. وأوضحوا أن وزارة الصحة لم تقم بأي مجهود فعلي لتحسين جودة الخدمات الصحية بمستشفيات الأمراض العقلية والنفسية بالمغرب، خلافا لما كان أعلنه الوزير الحسين الوردي، بأن مبادرة «كرامة» قد تم تدشين المرحلة الأولى منها بالرفع من الطاقة الاستيعابية لهذه المستشفيات بأكثر من 1000 سرير. واستدل النقابيون على ذلك بما يقع داخل مستشفى «سْعادة» بمراكش، الذي قالوا إنه يؤوي أكثر من 160 نزيلا سابقا بضريح «بويا عمر»، مشبهين وضعيتهم ب «الاحتجاز» الذي كانوا يعيشونه بالضريح المثير للجدل. وأدلى ممرض حديث الالتحاق بمستشفى «سْعادة» بشهادة صادمة عن أوضاع المرضى النفسيين النزلاء بالمؤسسة الصحية التي يشتغل بها، مشبها وضعه ب «حارس السجن»، موضحا بأن دوره، رفقة مجموعة من زملائه بالمستشفى المذكور، ينحصر في حراسة النزلاء المرحلين من ضريح بويا عمر على مدار الأربع والعشرين ساعة في ظروف تنعدم فيها الحدود الدنيا للعمل وشروط السلامة، موضحا أنه شخصيا يراقب خمسين نزيلا بمصلحة واحدة من أصل ثلاث مصالح بهذا المستشفى، مضيفا أن الممرضين يتلقون تعليمات من رؤسائهم بمناولة المرضى أدوية مهدئة قوية المفعول بدون وصفات موقعة من طرف أطباء مختصين، وهو ما أكد أنه يجعلهم بين سندان المساءلة الإدارية في حالة رفض أوامر رؤسائهم بتقديم هذه الأدوية شديدة المفعول للمرضى، وبين مطرقة المحاسبة القانونية في حالة تعرض النزلاء لمضاعفات صحية من جراء تناولهم للأدوية المذكورة. الممرض الشاب قال إن معظم النزلاء يعانون من أمراض خطيرة كداء الكبد الفيروسي، ومن أمراض جلدية معدية، في وقت كانت فيه وزارة الصحة أعلنت بأنها أجرت لنزلاء الضريح فحوصات طبية عضوية ونفسية قبل تنقيلهم للمستشفيات، في إطار المرحلة الثانية من مبادرة «كرامة». هذا، وأكد النقابي محمد الفيكيكي، وهو مسؤول بمستشفى الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى»سْعادة»، بأن هذه المؤسسة استقبلت حوالي 160 من النزلاء السابقين بضريح «بويا عمر»، المنحدرين من مدن مغربية مختلفة، وضمنهم مرضى من مدينة الدارالبيضاء، بالرغم من أن هذه المدينة تتوفر على مستشفى مختص مؤهل أكثر من نظيره بمراكش، وهو ما قال إنه يناقض ما سبق لوزارة الصحة أن التزمت به قصد تنقيل النزلاء إلى المستشفيات العقلية القريبة من مقرات إقامة عائلاتهم. من جهته، أوضح إبراهيم المومن، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة (ف.د.ش) بمراكش، أن عائلات النزلاء السابقين بالضريح المرحلين إلى مراكش، سبق لهم أن هددوا وزارة الصحة من مغبة تسريح أبنائهم، وهي الضغوطات التي قال إن الوزارة رضخت لها، خاصة وأن العديد من النزلاء ينحدرون من عائلات نافذة. في المقابل، أكدت أسماء أمجاهدي، مديرة مستشفى «سْعادة»، بأن جهودا استثنائية يبذلها الطاقم الطبي للمؤسسة، التي استقبلت 127 نزيلا من «بويا عمر»، الذين قالت إنهم تلقوا رعاية طبية من مستويين: نفسي وعضوي، موضحة بأن الطاقم الطبي للمستشفى، الذي يتكون من خمسة أطباء مختصين في الطب العقلي والنفسي ومن ممرضين، أشرف على علاج المرضى، الذين كانت حالة بعضهم مستقرة، بينما كان معظمهم يعاني من أمراض عصبية، كالهلوسة ومن مشاكل الإدمان على المخدرات. وأضافت أن الرعاية الطبية العضوية كشفت عن إصابة بعض المرضى بأمراض فقر الدم بسبب سوء التغذية التي كانوا يعانون منها بالمنازل المجاورة للضريح، كما أن بعضهم يعاني من ندوب والتهابات بسبب تعرضهم للتكبيل، فضلا عن إصابة بعضهم بأمراض خطيرة، من قبيل الالتهاب الكبدي الفيروسي والسل وأورام في الدماغ، الذين أجريت لهم تحاليل وفحوصات طبية، وتم نقل العديد منهم إلى مستشفيات: الأنطاكي، ابن زهر، ابن طفيل، والرازي بمدينة مراكش.