كاد بيرني ساندرز، الذي اعتبره كثيرون في البداية مجرد مرشح هامشي يحمل أفكارا اشتراكية سخيفة، يفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في انتخابات 2016، وها هو اليوم يضع البيت الأبيض نصب عينيه مجددا. وأعلن ساندرز، السناتور من فيرمونت الذي يبلغ من العمر 77 عاما، الثلاثاء، أنه سينضم إلى المرشحين الديمقراطيين الساعين إلى هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتخابات 2020، وقال لإذاعة فيرمونت العامة: "أردت أن يكون أهالي ولاية فيرمونت أول من يعرف بالأمر"، ووصف ترامب بأنه "مصدر عار على الصعيد الوطني" وبأنه "مريض بالكذب". وقال ساندرز: "أعتقد كذلك أنه عنصري ومتحيز جنسيا ويعاني من رهاب المثليين والأجانب، وأنه شخص يكسب نقاطا سياسية رخيصة عبر التهجم على الأقليات والمهاجرين الذين لا يحملون وثائق أحيانا". وكما هي حال ترامب، دخل ساندرز الساحة السياسية دون أن يكون لديه انتماء حزبي عندما بدأت الانتخابات التمهيدية لاستحقاق 2016 الرئاسي؛ لم يكن معروفا بشكل واسع على الصعيد الشعبي، ولم تكن فرصه كبيرة في وجه آلة هيلاري كلينتون الدعائية، لكنه اقترب من النجاح، إذ فاز ب23 في الانتخابات التمهيدية أو الاجتماعات الحزبية لاختيار المرشحين أمام كلينتون التي كانت تحظى بتمويل أفضل. ونجح ساندرز في كسب المؤيدين عبر خطابه المناهض ل"وول ستريت" وحديثه عن "ثورة سياسية". ورغم أن ساندرز كان المرشح الأكبر سنا إلا أنه حظي بدعم معنوي من الليبراليين الشباب عبر دعواته إلى تقديم رعاية صحية شاملة لجميع الفئات، وتحديد الحد الأدنى للأجور عند 15 دولارا في الساعة، وتوفير دراسة جامعية مجانية، وجعل من الكفاح ضد عدم المساواة في الدخل محور حملته، واعتبرها المسألة السياسية والأخلاقية والاقتصادية الأبرز في هذا العصر. وبعد أربع سنوات، لازالت سياسات ساندرز على حالها، إلا أن تغييرات كبيرة طرأت على المشهد السياسي، إذ فاز ترامب بالانتخابات بينما يلمع نجم الديمقراطية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، أصغر عضو في الكونغرس من نيويورك، والتي تشارك ساندرز كثيرا من مواقفه. وقال ساندرز في مقابلة مع مجلة "جي كيو": "نجحنا في تغيير الحزب عقائديا أكثر بكثير مما كنت أحلم (...) العالم تغير". - من بروكلين إلى مجلس الشيوخ - ولد برنارد ساندرز في الثامن من سبتمبر 1941 في بروكلين بنيويورك، لعائلة من المهاجرين اليهود القادمين من بولندا، ودرس في "كلية بروكلين"، ولاحقا في "جامعة شيكاغو"، حيث نشط في حركة الحقوق المدنية وحضر "مسيرة واشنطن" في 1963، والتي ألقى خلالها مارتن لوثر كينغ خطابه الشهير "لدي حلم"؛ وبعد تخرجه، عمل في "كيبوتس" إسرائيلي (تجمع سكاني زراعي) قبل أن ينتقل إلى فيرمونت، حيث عمل كنجار ثم مخرج أفلام..وانتخب عام 1981 رئيسا لبلدية برلينغتون، أكبر مدن الولاية، بفارق عشرة أصوات، قبل أن يعاد انتخابه لثلاث ولايات أخرى، وبقي رئيسا للبلدية حتى العام 1989 ليفوز سنة 1990 كعضو مستقل في مجلس النواب؛ وحافظ على مقعده في مجلس النواب حتى العام 2006 عندما انتخب لمجلس الشيوخ، وأعيد انتخابه في 2012 و2018. ورغم أنه لازال يتمتع بشعبية في أوساط الكثير من الديمقراطيين، إلا أن البعض في الحزب يشككون في مدى رجاحة اختيار بطل سبعيني أبيض البشرة هذه المرة. وأعلنت عدة نساء ترشحهن للانتخابات حتى الآن، بينهن كاميلا هاريس، وهي سناتور من كاليفورنيا من أصول إفريقية تبدو في واجهة المنافسة. وانتقدت عدة ناشطات من حركة "مي تو" ترشح ساندرز بعدما اشتكت نساء في فريق حملته الانتخابية في 2016 من تعرضهن للتحرش الجنسي من قبل موظفين ضمن الفريق. وأصدر ساندرز اعتذارا "للنساء اللواتي كنّ في حملته عام 2016 واللواتي تعرضن للتحرش أو سوء المعاملة"، وقال: "لا يمكننا التحدث فقط عن إنهاء التحيز الجنسي والتمييز (...) يجب أن يكون ذلك واقعا في حياتنا اليومية". ولازال ساندرز، الذي يعرف بسرعة غضبه وحدة طباعه، يتمتع بطاقة شخص أصغر سنا بكثير، إذ دعم دون كلل المرشحين الديمقراطيين في انتخابات منتصف الولاية عام 2018. ويشير ساندرز إلى أن رغبته ليست الوصول إلى البيت الأبيض بحد ذاته، بل الهدف بالنسبة إليه هو هزيمة ترامب، وقال لمجلة "نيويورك": "إذا كان هناك شخص آخر يبدو لأي سبب من الأسباب قادرا على القيام بالمهمة بشكل أفضل مني فسأبذل كل ما في وسعي لانتخابه أو انتخابها". ويعيش ساندرز في برلينغتون مع زوجته الثانية جاين، ولديهما أربعة أولاد وسبعة أحفاد. *أ.ف.ب