كاريكاتير الفنان سعد جلال علي شاطئ مدينة الدمام السعودية .وبينما كنت أتأمل حركات البحر المتموجة.استرعى انتباهي شخص في مقتبل العمر يرتدي ملابس شتوية رغم الجو الحار والرطوبة العالية. يمشي منكبا علي نفسه ، يلوح بيديه و ينبس بكلمات مبهمة.علي عينيه نظارات متهالكة وفي يده يمسك رزمة اوراق يناديه بعض المصطافين السعوديين بسخرية:تعالى يا مخربي ..تعالي يا بو بنات حلوين.. كما يرميه بالرمل بعض الصبية المشاكسين.. دفعني الفضول الي التقرب منه لمعرفة حكايته وبعد دردشة قصيرة اصطحبته معي الي احد صوالين الحلاقة حيث اعاد الحلاق له بعضا من ملامحه الانسانية . "" سألته لماذا اهملت نفسك الي هذه الدرجة التي تثير الاشفاق واجابني باسترسال و ارتباك: بدأت معاناتي عندما قررت التخلي عن عملي بمغسلة الملابس بمدينة الدارالبيضاء مقابل المجيئ الي السعودية للعمل بعقد عمل عرضه علي احد السعوديين الذي اغراني بالراتب المريح والسماح لي بالحج والعمرة كل سنة. وبعد وصولي فوجئت بواقع مختلف عن الحياة المغرية التي وعدني بها صاحب الشغل,فالسكن عبارة عن سرير بداخل الدكان والشغل 14 ساعة وبعد مرور ثلاثة اشهر دفعت ما يعادل 6000 درهم لاستصدار رخصة الاقامة كما طالبني الكفيل السعودي بدفع مبالغ ايجار المغسلة لصاحبها لانها ليست في ملكيته..وامام كثرة المصاريف التي لاحدود لها بحيث لا يتبقي لي سوى القليل كي اقتات .طلبت من الكفيل ان يمنحني جواز سفري لأعود لبلادي, فرفض وقال لي بالحرف:انت بالسعودية ملكي انا ولن تخرج من هنا حتي استرجع اموالي التي صرفتها في انشاء المغسلة ومبلغ التأشيرة..ناقشت مشكلتي مع بعض المغاربة فأوصوني بالصبر حتي يفرجها الله واخرين نصحوني بطلب نقل الكفالة الي مواطن سعودي اخر..وبعد ليالي بيضاء لم يزرني فيها النوم اقتنعت بالخيار الثاني.ذهبت عند الكفيل وطلبت منه منحي نقل كفالة الي جهة ثانية فاجابني مبتسما:ابشر من عيوني واضاف :مقابل ان اعتق رقبتك عليك ان تدفع لي مبلغ 3000 ريال سعودي 6000 درهم مغربي.. ورغم ان دمائي كانت تغلي من شدة الغضب استطعت ان اتدبر امري في المبلغ دفعته الي الكفيل الذي قام بتحرير ورقة يتنازل فيها عني الى مواطن سعودي اخر. سلمت ورقة التنازل مع جواز السفر والاقامة الي الكفيل الثاني...ومضت 6 شهور دون ان يقوم الكفيل الجديد باتمام الاجراء القانوني لنقل ملكيته لي وبقيت مثل امراة معلقة لاهي طالق ولا هي متزوجة برجل ثاني. والامر لم ينتهي عند حد التماطل فانا رغم انني ضحية لعب بين مواطنين سعوديين فالقانون هنا يعتبرني مخطئا..وهذا ما حدث حينما فوجئت ذات صباح بصورتي منشورة في صفحة الإعلانات لجريدة واسعة الانتشار مصحوبة ببلاغ يحذر من التعامل معي أو التستر علي وينصح كل من يعرفني من الملا العظيم أن يسارع بإبلاغ اقرب مركز للشرطة أو الجوازات.و بتدخل من طرف بعض المحسنين الذين دفعوا للكفيل مبلغ 2000 ريال سعودي حوالي 4000 درهم مغربي مقابل إلغاء البلاغ المقدم ضدي والا فالسجن والترحيل بأبشع طريقة.. لقد خسرت ثلاث سنوات من عمري وضاع عرق جبيني لا لشيء سوي لأنني مغربي مسلم جئت للكسب الحلال في بلاد الحرمين الشريفين وبين الفينة و الأخرى تنتابني حالة عصبية وهستيرية واكتئاب افقد فيها شهية الطعام والرغبة في الاقبال علي الحياة..انا لست مجنونا بل ضحية مسلوبة الحقوق. هذه حكاية مواطن مغربي التقيته بالصدفة وقد تأثرت بالغ الأثر لقصته التي قررت نقلها الي الرأي العام عبر مدونتك المحترمة.