تخوّف عبد الفتاح الزين، خبير في شؤون الهجرة، من إدراج التكوين المهني في التعليم، لانتقال بعض المنتديات العالمية للهجرة من الحديث عن الهجرة إلى الحديث عن الحركية؛ أي من الحديث عن وضعيات إنسانية إلى رأسمال إنساني في مجال الشغل، واستدرك موضّحا: "وكأن على بلدان الجنوب إعطاء بلدان الشمال العقول بعدما كانت سابقا في حاجة إلى مهاجرين ذوي قوة عضلية". وأضاف الخبير في سياق مشاركته بندوة حول آفاق وتحديات البحث في الهجرة نظّمها مركز الأبحاث في الهجرة يوم الجمعة بقاعة خوان غويتيسولو بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الخامسة والعشرين، أن موضوع الهجرة لا زال مؤسسا على مرجعية شمالية يجعله يدرس بمنطق الغرب ودول الشمال أكثر من منطق دول الجنوب، موضّحا أن الخبرة في المجال وراءها المال والحاجيات السياسية؛ ولذا هناك هوّة بين البحث الجامعي والأكاديمي، وبين العمل في مجال سياسات الهجرة، وبين العمل في مجال العمل المدني. ونفى الزين حاجة المغرب لأي درس حول الهجرة من طرف الغرب، واسترسل موضّحا أن المغرب هو البلد الوحيد والأول الذي نظم في دول الجنوب تسوية وضعية المهاجرين، وأنه أصبح محطّة استقرار لأن أوروبا تريد أن يكون البحر الأبيض المتوسط حدودا لا يمكن تجاوزها. مشكل الهجرة اليوم حسب المتخصّص أنها صارت من أدوات الاحتجاج السياسي لا البحث عن عمل فقط، وأضاف أنه لو وقّعت دول العالم على اتفاقية حقوق العمّال المهاجرين لما كانت هناك حاجة للميثاق العالمي للهجرة الآمنة والنظامية والمنظّمة. وعبّر في نفس السياق عن أن الهجرة سياسة لإعادة بناء المجتمع، وأن كل مكون من مكونات التعدّد المغربي متعدد في حد ذاته، وهذا ما يُبين أن "المغرب بوثقة للهجرة؛ وهو شيء إيجابي سيساهم في إعادة بناء مفهوم العروبة التي ننتمي إليها، وإعادة بناء الانتماء إلى إفريقيا التي ليست سوداء حسب نيلسون مانديلا"، بتعبير المتحدّث. من جهته تأسّف صبري الحو، خبير في القانون الدولي والهجرة وقضية الصحراء، من استغلال الهجرة لدعم مركز مجموعة من الأحزاب الشعبويّة، وتنصّل مجموعة من دول استقبال المهاجرين من التوقيع على الميثاق العالمي للهجرة. ووضّح الحو أن مؤتمر الهجرة الذي انعقد بمراكش يثير إشكالية حقوق الإنسان وحقوق المهاجر والتنمية، مذكّرا بأن استمرار إيمان بعض الدول بسيادتها المطلقة لا يستقيم مع حديث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن حق الشخص في اختيار بلد الإقامة وتأكيد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ذلك. عبد الفتاح بلعمشي، أستاذ القانون الدولي، ذكر من جهته أن هناك "جوانب إيجابية وسلبية في الهجرة"، منتقدا عدم دقّة العديد من المفاهيم والمصطلحات سهلة التداول في الإعلام، بخلطها بين مفاهيم الهجرة السرية أو الهجرة غير القانونية أو الهجرة غير النظامية. ويرى المتحدّث أن المغرب شريك دولي لا غنى عنه في مجال الهجرة، مذكّرا بانكباب المملكة على إحداث مرصد إفريقي للهجرة يكون مقره بها، وتحيين التشريعات المغربية وفق التشريعات الدولية؛ وهو الأمر الضروري في المعايير الدولية حتى يكون للمغرب دور عالمي في ميدان الهجرة. وتحدّثت ليلى أوشاني، رئيسة قسم التأهيل والإدماج الاقتصادي بالوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، عن عولمة الهجرة على المستوى الدولي، وتنامي الهجرة جنوب-جنوب، في سياق عالمي أثمر مئتين وخمسين مليون مهاجر لأسباب اقتصادية أو نتيجة صراعات مسلّحة. وذكّرت أوشاني أن المغرب بعد تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان في سنة 2013 حول وضعية المهاجرين اتخذ سياسة للهجرة بشكل ذاتي، وقام، منذ أكثر من خمس سنوات، بمجموعة من الإجراءات والبرامج لإدماج المهاجرين، وحتى يتمكّن أبناؤهم من التسجيل في المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، وحتى يتمكّنوا من الاستفادة من البرامج الوطنية للصحة، والولوج إلى التكوينات المنظمة للتكوين المهني، إلى جانب تمكينهم من الولوج إلى المؤسسات والاستفادة من المرافقة مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.