ليس للتفكير السليم قواعد ينضبط لها كما تنضبط لعبة كرة القدم لقواعد تُخرج من لم يحترمها من دائرة "اللعب السليم". فلو كان للتفكير السليم قواعد ينضبط لها لما كانت هذه القواعد موضوعا ممكنا للملاحظة والتحليل والنقد (وهذه نفسها هي الآليات الأساسية لكل تفكير سليم). وإن وجدت قواعد ينضبط لها التفكير الجيد، فإن التفكير فيها (بملاحظتها وتحليلها ونقدها) قد يدفع المفكِّر إلى إعادة النظر فيها بإعادة تقييمها وبنائها بما ينفعه في تحسين أداء آليات تفكيره. لذلك لا ينبغي أن ندعو إلى "قواعد" التفكير السليم ، بل إلى "مبادئ" التفكير السليم. ف"القاعدة" تلزمك بما ينبغي فعله، أما "المبدأ" فينبّهك إلى ما ينبغي أن تتجنبه. "القاعدة" تضع لك حدودا تلزمك في تفكيرك. أما "المبدأ" فيفتح لك آفاقا آمنة للتفكير بلا قيود. "القاعدة" قيد، أما "المبدأ" ف"دعوة". لذلك نقترح على القارئ الكريم، في هذا المقال، خمسة مبادئ للتفكير السليم نتمنى أن تكون "دعوة" للتفكير. 1 مبدأ "الدليل" العُمدة في الحوار العقلاني ما يترتب عليه الكلام من الأدلة. لذلك فقيمة كل دعوى سواء كنا نميل إليها أو ننفر منها (والميل والنفور أهواء) هو ما يترتب عليه الكلام من الأدلة. لذلك فعندما تقبل على مقروء بقراءته أو تحليله أو تقييمه، فاسأل نفسك: ما هي الأدلة التي يقوم عليها هذا الكلام؟ وبعد أن تجرد كل الأدلة، قم بتقييمها واحدا واحدا مقلّبا كلا منها على كل إمكانات صدقها أو كذبها، فاحصا ما تستند عليه من المسلمات التي قد تتفق معها وقد لا تتفق لأسباب عليك أن تصرح بها قلباً ولساناً. وعلينا دائما أن نحذر من "الهروبيّين": و"الهروبيون" فئة من الناس تستعيض عن الحوار العقلاني المبني على الدليل بتافه الكلام وهزيله، تستر افتقارها للدليل بالصراخ حينا وبالتفكُّه حينا وبالحشو غير المثمر حينا آخر. ومن علامات الهروبيين أنهم لا يقولون ما في قلوبهم، فهم أجبن من أن يقارعوا الدليل بالدليل، ولا يخاطبون في الناس عقولَهم، بل رغبتَهم في الترفيه والضحك والتسلية فهم يبعدون بذلك درجة عن الحق، ويبعدون عنه درجة أخرى بعدم توخّي الحق حيثما وجد، ويبعدون عنه درجة ثالثة إذا طال بهم المُقام في مَقامِهم حيث يهْيَؤُ الصدق كذبا ويهيؤ الكذب صدقا. من ثمار هذا مبدأ إذا طبقته: 1 أنك ستكون أقدر على تقييم المقروء بناء على ما يورده من أدلة. 2 أنك ستتجنب قراءة سخيف الكلام وهزيله مما لا ينبني على دليل. 3 أنك ستتعرف على "الهروبيين" وقد تدرك أسباب "هروبيتهم". 2 مبدأ "احذر العِلموية!" تذكر أن العُمدة في العلم الصحيح ما ينبني عليه من أدلة وما يترتب على الأدلة من نتائج. لا يغُرّنك من يدعي العلم ويدفعك دفعا لتصديق دعواه بالإكثار من استعمال المصطلحات"العلمية" التي لا تفهمها أصلا، أو بذكر تفاصيل كثيرة تبدو دقيقة من حيث شكلها لكن لا علاقة بموضوع الإستدلال، أو بالإسترسال في عرض النظريات تلو النظريات حتى تتوهم أن إلمامه بتلك النظريات إنما هو أمارة من أمارات سلامة أدلته وصحة دعواه. يستخدم متكلموالإنجليزية عبارة يشيرون بها لكل من يلجأ لهذه الحيل الخِطابية لإيهامك بعلمية دعاويهم التي لا تنبني على دليل علمي وهذه العبارة هي You are blinding me with science "إنك تعميني بالعلم!"، تتوجه بها لكل من يكثر من استعمال المصطلحات التي لا تفهمها، أو يبالغ في عرض المعلومات أو النظريات التي لا علاقة لها بموضوع الإستدلال حتى يوهموك بعلمية منهجهم وحتى تُسلّم بصدق دعاويهم رغم أنها لا تستند إلى دليل سليم البناء. سأعطيك مثالا ملموسا على من يحاول "أن يعميك بالعلم"! سنة 2005 قرأت كتابا ضخما عنوانه How the mind works "كيف يشتغل العقل" لعالم نفس كندي مرموق اسمه ستيڤن پنكر. يعد ستينڤن پينكر قُراءه منذ بداية الكتاب أنه سيكشف لهم عن طبيعة علاقة "العقل" ب"الدماغ"، موحيا أن البحث العلمي قد كشف عنها وحسم فيها. قررت أن أقرأ الكتاب كاملا لأني كنت ولا أزال مهتما بالسؤال: كيف تتحول العمليات العصبية التي تتم داخل دماغ الإنسان إلى تجارب ذهنية ذاتية نسمي بعضها ب"الوعي"؟ كيف يتحول شيء موضوعي ومادي إلى شيء ذاتي وغير مادي؟ أذهلتني غزارة المعلومات التي ضمّنها ستيڤن پينكر في كتابه والنظريات النيورولوجية والمعرفية الكثيرة التي ناقشها فيه بأسلوب ممتع ومرِح. فقرأت الكتاب فقرة فقرة، وصفحة صفحة، باحثا بين ثناياه عن جواب عن السؤال الذي وعد ستيڤن پنكر بالإجابة عنه، أي سؤال: كيف تتحول عمليات الدماغ إلى تجربة ذاتية؟ لكني لم أجد فيه أي جواب عن هذا السؤال! بل إن الكاتب نفسه لم يعد لهذا السؤال إلا في ال 14 صفحة الأخيرة من كتابه، ليقول لنا ما معناه: إذا لم نجب عن هذا السؤال اليوم، فإن العلم قد يجيب عنه مستقبلا! لكن تخيل معي أنك لم تقرأ كتاب ستيڤن پينكر كاملا، أو أنك لم تقرأ إلا جزءا منه حيث وجدت تفاصيل غزيرة مهمة لم تكن على معرفة بها، أو أنك أُعجبت بأسلوب الكاتب الممتع والمرِح، أو أنك أُبهِرت بكثرة المصطلحات التي يستخدمها، حتى إنك لم تبذل ما يكفي من الجهد لتفحص أدلته وما يستند إليه من الحجج العلمية. الخطير في مثل هذه المواقف أنك قد تتوهّم أن الكاتب قد برهن على دعاويه بصحيح الأدلة العلمية وقاطع الحجج العقلانية التي قد لا تبذل أي جهد في فحصها بنفسك حتى تتيقّن من وجودها إن وُجدت وسلامة بنائها، لأن ما أورده الكاتب من غزير التفاصيل، وما استعمله من ماتِع الأسلوب، وما أدرجه من دقيق المصطلحات أقنعك أن حجته دامغة ودليله مُفحِم لا يشُكّ في ذلك إلا "قليلو العلم". عليك، إذن، أن لا تغترَّ بظاهر خطاب يدعي صاحبه "العِلميّة"، وأن تتحقق بنفسك مما يبني عليه دعواه من الأدلة دليلا دليلا، مميزا بين قويها وضعيفها، فلا ترجّح صدق دعواه إلا إذا قويت أدلّته واستقام بناؤها المنطقي. من ثمار عملك بهذا المبدإ: 1 أنك ستقي نفسك من تضليل "العِلمويين"، أي هؤلاء الذين يدعون العلم ويوهمون به بأساليب مختلفة منها ما ذكرنا من المبالغة في التفاصيل التي لا علاقة لها بموضوع الإستدلال، والإكثار من المصطلحات العلمية، واستخدام الأسلوب الماتِع. 2 أنك ستحمي لسانك وقلمك من التأثر بأسلوب "العلمويين" في الخداع والتضليل. 3 أنك ستقوي من مهاراتك في البحث عن الأدلة وبنائها بناء منطقيا سليما. و هذا هو "پروفيل" الإنسان العالِم الذي ينبغي أن نسعى لبنائه والتأثر به. 3 مبدأ "الانجنيوم" لا ينبغي أن تتجنب قراءة مقروء إذا وجدته غامضا أو ملتبسا أو متناقضا. كن دائما متسامحا مع الغموض والإلتباس والتناقض. هايدڭر يبدو غامضا عند قراءته بسرعة للمرة الأولى. ولكنك إذا درسته بتأنٍّ، ستكتشف أنه هو الفيلسوف الذي يوقظ فيك التسعين في المائة من قوة الذكاء التي لا يستعملها دماغك! نظرية الكوانطوم في الفيزياء تبدو متناقضة (بل هي متناقضة بالفعل لأنها ترصد ظواهر متناقضة في الواقع الفيزيائي(. أعظم المفكرين يلعبون على الإلتباس لأنه يساعدهم على التعبير عن أفكار جامعة لأمور تبدو بعيدة عن بعضها البعض، ولكنها مترابطة بخيوط لا يراها إلا من أُنعِم عليه بذكاء فلسفي حاد.. الغموض والإلتباس والتناقض تكون أحيانا وسائل خِطابية يستعملها كبار المفكرين والعلماء ليتحايلوا على تمنّع الحقيقة، أي مقاومتها للإنفتاح على الإنسان إنها أدوات تستخدمها طليعة حكماء العالم ليرصدوا ظلال الحقيقة التي كثيرا ما تبدو في أول الأمر غامضة وملتبسة ومتناقضة. شجاعة الفكر هي أن "تقتحم عقبة" الغموض والإلتباس والتناقض لتسير مع طليعة الحكماء حيث يسيرون ، ولترى ما يرون. يسمي فيلسوف إيطالي اسمه إيرنيستو ڭراسي هذه القدرة ب"الإنجينيوم". الإنجينيوم هي القدرة على رؤية الترابطات بين الأشياء التي لا يراها إلا العباقرة والحكماء .. التسامح مع الغموض والإلتباس والتناقض هو الذي ينمّي الإنجينيوم .. والإنجينيوم لا يتقوى إلا بهذا التسامح. 4 مبدأ "برتراند راسل" تعلمت هذا المبدأ من الفيلسوف البريطاني برتراند راسل سنة 1996 بينما كنت أقرأ كتابه الذي عنوانه "The Problems of Philsophy". تذكرت هذا المبدأ بينما كنت قراءة كتاب " The End of History and the Last Man " لصاحبه فرانسيس فوكو ياما. تذكرت هذا المبدأ لأني كنت دائما أتوجس من الغايات الحقيقية لفرانسيس فوكوياما: فبينما يحاول هذا الكاتب أن يقنعنا أن هدفه هو نقد شيوعية الإتحاد السوڤياتي ووضع مبدإ تاريخي يفسر ميل المجتمعات للإنتقال نحو الديموقراطية السياسية، اكتشفت أن هدفه الحقيقي هو الدفاع عن "ديموقراطية" الحزب الديموقراطي الأمريكي ومحاولة فك ارتباط هذا الحزب بكل يسارية ذات أصول ماركسية. كان هدفه الحقيقي هو أن يبرّئ الحزب الديموقراطي من أي ارتباط بيسارية الشرق وأن يوهم بوجود علاقة بين الحزب الجمهوري (وهو حزب يميني) والماركسية اللينينية التي سقطت في الشرق. المبدأ الذي تعلمته من برتراند راسل هو أن لا أقوم فكر فرانسيس فوكوياما على ضوء قراءتي لغاياته الأساسية بل على ضوء ما يقوله صراحة. يمكن صياغة هذا المبدإ كما يلي: لا تظلم نفسك برفض فكر كاتب من الكتاب أو فيلسوف من الفلاسفة انطلاقا من تأويلك لمقاصده وأهدافه ونواياه. لا تحرم نفسك من فكر كاتب أو فيلسوف بدعوى أن فكره "رجعي" أو "غير حداثي" أو "علماني" أو "ملحد" أو " قروسطي" أو"وثوقي" أو غير ذلك من الأحكام الجاهزة. حرمانك لنفسك من الإستفادة من فكر كاتب أو فيلسوف بهذه المبررات هو نوع من التهرب من الأدلة التي يسوقها هذا الكاتب أو الفيلسوف، خوفاً (من أن تكون أدلته صحيحة) أو تكبّرا (والتكبر في الفكر غباء) أو كسلا (والكسل الذهني أمارة من أمارات قلة الحق وكثرة الباطل( لتكن مواجهتك لأدلة الكاتب أو الفيلسوف الذي لا توافقه الرأي ووجهة النظر شجاعة لا تهرُّب فيها، ومباشرة لا التواء فيها، وواضحة لا تقنُّع فيها. لن تنفعك أساليب الهمز واللمز (ففيه "غصب" لحق الكاتب أو الفيلسوف من معرفة رأيك والرد عليك)، ولن تنفعك أساليب "الإحالات المضللة" misleading allusions (وهي أن تتحدث عن كاتب أو فيلسوف معلوم بينما مقصودك كاتب أو فيلسوف آخر لا تمتلك شجاعة مواجهته)، ولن تنفعك أساليب الإيحاء (وهي أن تستعمل أسلوبا في النقد عاما ومجردا قد لا يُفهم منه مخصوص ما تنتقده وتعترض عليه(. من ثمار تطبيقك لهذا المبدإ: 1 أنك ستستفيد من صحيح أدلة خصومك حتى ولو لم تكن تتفق معهم. 2 أنك ستكتسب ميلا لقبول الحق حيثما ثقفته. 3 أن معرفتك ستصير أنضج، وسعيك للحق سيصبح أزكى، وتقديرك لذكاء من يخالفك سيغدو أعظم وأنبل. 5 مبدأ "التمييز بين التحليل والتركيب" كثيرا ما أسمع الناس يقولون: "ينبغي أن نفكر بطريقة منطقية" أو "كن منطقيا!" أو "هذا كلام غير منطقي!" ... معظم استعمالات الناس للوصف "منطقي" لا تكون سليمة ولا تدل على وعي أصحابها بمعنى "المنطق". للحكم على القول ب"المنطقية" دائرة لا ينبغي أن نتجاوزها. ويمكن أن نحدد هذه الدائرة إذا اتبعنا القاعدتين التاليتين: القاعدة الأولى: مناط الحكم على القول ب"المنطقية" أو بعدمها هو أن نتبين من أن هذا القول "تحليلي" وليس "تركيبيا". سأشرح لك معنى "التحليل" و"التركيب" بعد قليل. القاعدة الثانية: إذا لم يكن من الممكن الحكم على القول ب"المنطقية" أو بعدمها (بسبب تركيبية هذا القول)، فإن الحكم عليه هو "تطابقه مع الواقع" أو عدم تطابقه. ما معنى أن يكون القول "تحليليا" أو "تركيبيا"؟ تتكون كل جملة من "موضوع" (فاعل أو مبتدأ: ما نسند له محمولا) و "محمول". مثلا: الجملة "يسكن زيد في حي المسيرة" تتكون من "موضوع" هو "زيد"، و"محمول" هو "يسكن في حي المسيرة". لنفترض بأن هناك "حي مسيرة" واحد في العالم بأسره يوجد في مدينة مراكش. إذا كان الأمر كذلك، فإن الجملة "يسكن زيد في حي المسيرة" تستلزم بالضرورة أنه "يسكن في مدينة مراكش". هناك طريقتان يمكن أن نعبر بهما عن هذه النتيجة الضرورية. أولهما: أن نعتبر "حي المسيرة" مجموعة رياضية تتكون من عناصر من بينها "زيد"، وأن نعتبر بأن "مراكش" مجموعة أخرى تتكون من عناصر من بينها "حي المسيرة"، فنستنتج بقاعدة التعدي أن العنصر "زيد" ينتمي إلى المجموعة "مراكش" لأنه ينتمي إلى المجموعة "حي المسيرة". ثانيهما: أن نقول بأن الجملة "زيد يسكن في حي المسيرة" تستلزم أن "زيدا يسكن في مدينة مراكش"، لأن "السكن في حي المسيرة" هو بمقتضي تعريفه "سكن في مدينة مراكش". سواء عبرنا عن هذه النتيجة بالطريقة الأولى (علاقات الإنتماء إلى مجموعات) أو بالطريقة الثانية (طريقة الإستلزام بمقتضى تعريف الكلمات)، فإننا سنفترض شيئا مهما وهو أننا نفترض بأن الجملة "السكن في حي المسيرة هو السكن في مراكش" صادقة بالضرورة لأن المحمول، وهو "هو السكن في مراكش"، متضمن في الموضوع "السكن في حي المسيرة". المحمول لا يضيف أي شيء جديد للموضوع .. المحمول متضمن في الموضوع. المنطق، في جوهره، فحص للترابطات بين الجمل بناء على استنباطنا لكل ما يمكن استنباطه مما هو متضمن في الموضوع. الجملة التي يتضمن محمولُها موضوعَها. لذلك فعندما تحكم على قول بأنه "منطقي" أو "غير منطقي"، تساءل مع نفسك: هل يمكن أن أستنبط جملة من جملة أخرى بناء على جملة تحليلية ما . فما هي هذه الجملة التحليلية إن كانت موجودة ؟ إذا لم أجد هذه الجملة التحليلية التي ينبني عليها الحكم، فإن مناط القول ليس تحليليا بل "تركيبي". وبالتالي فاستدلالك ليس "منطقيا" بل "تجريبي" يرتهن صدقه بإثباته على أساس المعطيات التجريبية. نقول بأن جملة ما هي جملة تركيبية إذا كان محمولها غير متضمن في موضوعها. مثلا: "يسكن زيد في حي المسيرة". المحمول "يسكن في حي المسيرة" ليس جزءا من طبيعة زيد. لذلك فإن مناط الحكم على هذه الجملة بالصدق أو الكذب رهين بالتحقق التجريبي من كون زيد يسكن في حي المسيرة أو لا يسكن فيه (بجمع الأدلة والبينات والأمارات وغير ذلك من وسائل التحقق التجريبي). "المنطق" هو الآلة التي نفحص بها التلازمات بين الجمل بناء على ترابطاتها "التحليلية". فلا تكمل العقلانية إلا ببنائه على ما تحققنا من صدقه من الجمل التركيبية .. بجمع القرائن والبينات والآثار والأمارات والعلامات وغيرها من دقائق الفحص التجريبي. لذلك كثير من ادعاءات الناس منطقية ومنسجمة ومتمساكة ولكنها مبنية على مسلمات كاذبة كثيرة ... لا ينبغي أن تكتفي ب"منطقية" الكلام فقط بل أيضا (وهذا أهم) بما ينبني عليه من مسلمات لا يمكن فحص صدقها أو كذبها إلا بالبحث في الواقع المباشر. فوائد: 1 درب عقلك على فحص حجج من تسمعه أو تقرأ له على ضوء الواقع المباشر: هل هناك تجارب أثبتت كلامه؟ هل هناك معلومات مؤكدة أو إحصائيات أو مؤشرات رقمية أو شهادات لخبراء أكدت ما قرأته أو سمعته؟ 2 تدريب عقلك على هذه العادات التجريبية ليس مجرد "وسيلة" لحفظ العقل من الزلل، بل هو أيضا "فضيلة" من الفضائل الأخلاقية وعلامة من علامات السلامة النفسية. هو "فضيلة" لأنه دليل على كراهة الكذب. وهو علامة من علامات السلامة النفسية لأن الإنسان الغير السوي هو الذي يميل إلى الإعتقاد في أشياء لم يرها، أو يرى أشياء ولا يعتقد في وجودها. خاتمة تلك دعوة للتفكير بالتحرر من معيقات التفكير أرجو أن تساعد القارئ الكريم على مزيد من التفكير المبدع.