بعد الجدل الذي أثاره مشروع بناء مركب سوسيوثقافي ومسبح فوق جزء مهم من موقع سجلماسة الأثري، تدخلت وزارة الثقافة والاتصال أخيرا من أجل وقف ما وصفته ب"الخروقات التي مست الموقع الأثري". وأكدت الوزارة المعنية بالقطاع أنها "قامت بصياغة تصميم خاص بالموقع يسهل عملية تسييره وتدبيره. كما ستعمل، من خلال برنامجها العملي بهذا الخصوص، على إنشاء محافظة خاصة بالموقع؛ من أجل مراقبة وتتبع مختلف الأشغال المتعلقة بتسييجه، قصد حمايته وتحسين مسالك الزيارة به وتثمين محطاته في إطار المنتزه الثقافي". وفي السياق ذاته، ونهوضا بالسياحة الثقافية لموقع سجلماسة الإنساني والحضاري، أشارت الوزارة إلى أنه "سيتم إحداث مركز للتعريف بتراث وآثار الموقع، استنادا على تقنيات توثيق التراث المعماري والأثري الوطني الحديثة، والتي تهدف، بالأساس، إلى جعل الموقع قطبا سياحيا من شأنه المساهمة في الرفع من مؤشرات التنمية الاقتصادية والسوسيو-ثقافية محليا ووطنيا". لحسن آيت لفقيه، الباحث في التراث الثقافي، اعتبر أنّ موقع سجلماسة الأثري يمثل جزءاً مهماً من الذاكرة المغربية، واقترن بصناعة الفخار قبل تشييد القصبة السجلماسية من لدن السلطان مولاي إسماعيل بين القرنين ال15 وال17، في حاجة ماسّة ومستعجلة إلى التأهيل وترميم ما يُمكن ترميمه، والحفاظ عليه للأجيال المقبلة. وتابع آيت لفقيه، في تصريح لهسبريس، أن "تقدير بلدية مولاي علي الشريف لإحداث المركب فوق هذا المجال التراثي تقدير خاطئ، يُدمر الحضارة الإسلامية وذاكرة المغاربة"، داعياً إلى تكثيف جهود الجميع وخاصة جمعيات المجتمع المدني من أجل تصنيف كل المآثر والمعالم التاريخية بتافيلالت، والحفاظ عليها للأجيال المُقبلة. وتعد سجلماسة على مدى التاريخ ملتقى للحضارات والتلاقح الثقافي، لم يتبق منها اليوم سوى رسوم وأطلال ستظل شاهدة على عظمة الحضارة والتاريخ المغربي. كما تعدّ سجلماسة أول مدينة في المغرب درس بها علم البيان من لدن الفقيه والعالم الشريف الحسن بن القاسم القادم من ينبوع النخيل في العهد المريني؛ وهو ما أعطى للمدينة شهرة كبيرة جعلتها قبلة لطلاب العلم ولعدد من العلماء. ولعل كتاب "الدرر البهية" لمؤلفه مولاي إدريس الفضيلي يقدم الكثير عن هذه المدينة، من الناحية العلمية والازدهار العلمي الذي كان بها، إلى جانب عدد من المصادر والمراجع، التي كتبت الكثير عن تاريخ هذه المدينة وحضارتها.