قال الحسين الراجي، المحامي بهيئة مراكش، إن تعديل مدونة الأسرة بات لازما اليوم، مشددا على ضرورة القيام بتعديلات جوهرية لا تختصر العلاقة الزوجية في ما هو جنسي. الراجي، الذي كان يتحدث في اليوم الذي نظمه فريقا الأصالة والمعاصرة بالبرلمان تحت عنوان "مدونة الأسرة: حصيلة 15 سنة من تفعيلها"، قال إن هذه الوثيقة "لم تعد قادرة على تدبير شؤون الأسرة لتجعل منها خلية واحدة"، مضيفا: "لم يعد مقبولا أن تصدر مدونة بلغة تقليدية ومحافظة وتجري بنمط فكري قطعت معه المملكة". المحامي أكد أن المدونة تتضمن مصطلحات "لم تعد مقبولة اليوم"، من قبيل: البناء والمتعة والرجعة، موضحا أنها تعمل على "اختزال العلاقة الزوجية في الجوانب الجنسية". وأوضح الراجي أن المدونة "تقدم اليوم الزواج على أنه متعة بين شخصين يؤدى عنها"، مطالبا أيضا بضرورة مراجعة مبدأ الإنفاق ضمن هذه الوثيقة، و"الابتعاد عن جعل الزواج بمثابة علاقة استبضاع أو استمتاع، عوض التعامل معه على أنه علاقة لتكوين أسرة تحت رعاية الزوجين". ومن ضمن المقتضيات التي طالب الراجي بضرورة تعديلها تلك التي تهم الطلاق، منتقدا العمل على "التمييز بين الجنسين في ما يتعلق بإنهاء العلاقة، خاصة حين السماح للرجل بمراجعة الزواج أثناء العدة، في مصادرة لإرادة المرأة"؛ ناهيك عن "تغييب مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الولاية القانونية على الأبناء، وربط استحقاق الأم لحضانة أبنائنا بحالتها الزوجية". وشدد المتحدث على "وجوب تجريم كل ما يدخل في سياق القانون في ما يتعلق بزواج القاصرات وليس الاقتصار فقط على المنع"، إضافة إلى "تعديل الفصول التي تشرع التمييز بين الجنسين في ما يتعلق بالزواج بغير المسلم". وقال الراجي إن هناك "غموضا" في ما يتعلق بالمادة 49 من المدونة المتعلقة بتقسيم ممتلكات تؤول للزوجين أثناء العلاقة الزوجية، مشيرا إلى أن "التطبيق العملي لهذه المادة أبرز أنها قاصر عن حل الإشكاليات الخاصة بهذه النقطة". الراجي أشار خلال حديثه إلى أن إلزامية تعديل المدونة اليوم مرتبطة أيضا بوجود "حملة واسعة للنهوض بوضعية النساء، انخرط فيها حتى الذين كانوا ضد المبدأ"، مردفا: "الحكومة بنفسها من خلال المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو تعترف ضمنيا بضرورة المراجعة". من جانبها طالبت فريدة بناني، وهي أستاذة باحثة، في كلمة لها، بضرورة القطع مع الفقه الإسلامي في التشريع الأسري، مطالبة بتغيير جذري لمدونة الأسرة. بناني، وضمن كلمة لها، قالت إن "الفقه الإسلامي لا وجود فيه للمرأة الإنسان"، مضيفة: "تحقيق المساواة لن يتحقق بتعديل المدونة أو إصلاحها أو تحيينها أو تغييرها..لا يمكن أن يتم ذلك إلا بالتغيير الجذري لمدونة الأسرة لتقوم على مبدأ واحد هو المساواة، وأن تقوم على مرجعية واحدة وهي الاجتهاد". وتابعت المتحدثة: "لا يمكن أن يتعايش الفقه الإسلامي والاجتهاد في نص واحد، إذ لم تعد اللغة الحالية مقبولة لاعتبارها المرأة ناشزا". وقال محمد اشرورو، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، إن هناك مشاكل وقضايا جديدة بعد 14 سنة من وضع مدونة الأسرة، وهو ما يتطلب "إعادة النظر في بعض موادها". وأوضح اشرورو أن الوقت حان لمراجعة قانون الأسرة في كليته، وهو المطلب الذي تنادي به عدد من الهيئات. ونادى اشرورو بوجوب "فتح ورش إصلاح شامل للقانون الجنائي، ووضع تصور شمولي للقوانين استجابة للنوع الاجتماعي". ونبه المتحدث إلى وجوب "التأكيد على ضرورة مواجهة العنف الرمزي الذي يواجه النساء ومحاربة الصور النمطية"، وتابع: "يجب القيام بوقفة للتقييم ومساءلة الإصلاحات التشريعية التي من المنتظر أن تدعم النساء، خاصة أن قانون مناهضة العنف لم يكن في المستوى المطلوب، كما لا يستجيب للقوانين الأممية". من جانبه وقفت زكية البغدادي، ممثلة شبكة أزارو، على عدد من الثغرات والاختلالات، مشددة على ضرورة "الترافع من أجل إصلاح جذري لمدونة الأسرة للاستجابة المواثيق الدولية والتغيرات الاقتصادية".