في وجهتنا إلى البروج عبر الطريق الجهوية رقم 308، سألنا أحد المواطنين عن أقرب مسافة إلى أولاد فارس، اختلط عليه الأمر بتواجد جماعتين بالاسم نفسه تابعتين لإقليم سطات؛ الأولى بأمزاب والثانية ببني مسكين، إلا أنّ الفرق كان هو إضافة وصف "الحلة" لتحديد المكان المطلوب. بعد قطع 72 كيلومترا، وصلنا البروج، إلاّ أنه كان لزاما علينا متابعة السير عبر الطريق الإقليمية 3503 التي تحتاج الإصلاح من البروج في اتجاه مدينة خريبكة. حقول استعادت حياتها بعد الأمطار الأخيرة، والبشرى بادية على الفلاحين. الرعاة يرعون ماشيتهم وأطفال يعرضون نبتة "الزّعتر" للبيع على جانب الطريق. بعد 10 كيلومترات من البروج، تظهر جماعة أولاد فارس الحلّة بالنفوذ الترابي لدائرة البروج قيادة بني مسكين الشرقية، تحدّها شمالا جماعتا أولاد بوعلي ومسكورة، وجنوبا بلدية البروج، وشرقا جماعتا القراقرة وخميس بني شكدال، وغربا بلدية البروج وجماعة مسكورة. جماعة حديثة وفقيرة "جماعتنا فقيرة وجديدة ولا تتوفّر على مشاريع لتحسين المداخيل، بل الأكثر من ذلك لا يوجد بها حتى السوق الأسبوعي كباقي الجماعات"، يقول أحد السكان الذين صادفتهم هسبريس على المدخل الشمالي للجماعة للترابية. واستدرك المتحدّث قائلا إن "الحركية عادت إلى الجماعة، والمستفيدون هم الأطفال والتلاميذ والتلميذات وبعض الفلاحين، بالنظر إلى ظاهرة الهجرة المنتشرة بكثرة في المنطقة، حيث لا تخلو دار من فرد مهاجر أو أكثر إلى إيطاليا بالدرجة الأولى، وإسبانيا وفرنسا في المرتبة الثانية، حتى رئيس جماعتنا من المهاجرين السابقين". وطالب المتحدث بمزيد من التنمية وإحداث المشاريع وتشجيع الاستثمار، واستغلال العملة الصعبة التي يجلبها المهاجرون إلى بلدهم الأم، خاصة على مستوى تربية الماشية والفلاحة، رغم قلة الكثافة السكانية التي لا تتعدّى 3021 نسمة موزعة على 21 دوارا على مساحة 121 كيلومترا مربّعا. قصة "التيربتور" الذي أثار جدلا تتوفر الجماعة على مقرّ ومركز صحي محلي ومرفق التعاون النسوي وملعب للقرب، وسيارات للنقل المدرسي، وسيارة إسعاف، إلا أن الغريب أنها لا تتوفّر على سيارة خدمة، لكن حلّت محلّها درّاجة ثلاثية العجلات "تريبورتور". العربي الشريعي، رئيس المجلس الترابي لأولاد فارس الحلّة، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "إن الجماعة وضعت نصب عينيها ترشيد النفقات، والتركيز على حاجات المواطنين، خاصة أنها فقيرة لا مداخيل لها باستثناء المصادر المالية من الداخلية، وكونها محدثة سنة 1991 بعد انفصالها عن الجماعة الأم أولاد بوعلي". وفي السياق نفسه، أوضح الشريعي أن المجلس أقرّ في أحد اجتماعاته الاقتصار على شراء دراجة ثلاثية العجلات، عوض سيارة تنهك مالية الجماعة، بالإضافة إلى إلغاء مصاريف خدمات الهاتف وتغطيتها من المال الخاص للرئيس والأعضاء، نافيا أن يكون ذلك مزايدة سياسية أو شعبوية، مشيرا إلا أنها "مبدأ وعفة وقناعة منذ زمان، وليست فكرة وليدة اللحظة". تحديث الإدارة والتعليم والصحة من الأولويات أوضح الشريعي أن المجلس الجماعي، بعد تشخيص الوضعية التنموية الهشّة للجماعة، ركّز على القطاعات الحيوية التي ستساهم في الحد من الهجرة بنوعيها، حيث عمل على تحسين جودة الخدمات الإدارية المعلوماتية لتسهيل الحصول على الوثائق في وقت وجيز خاصة بالنسبة للمهاجرين. وحول قطاع التعليم، أفاد العربي الشريعي بأن المجلس الجماعي يدعم جمعيات المجتمع المدني بشراكة مع باقي المتدخلين من مدراء المؤسسات أو مديرية التعليم، موردا أن "المجلس سهر على إصلاح المؤسسات والمسالك الطرقية وسقيفات انتظار التلاميذ لوسائل النقل المدرسي المكوّن من 5 حافلات، يستفيد منها جميع التلاميذ والتلميذات مجّانا، مع تشجيع المتفوّقين، وتنظيم رحلات ثقافية وترفيهية للجميع. وتوجت هذه المجهودات بحصول مؤسسات ابتدائية بالجائزة الفضية في الأندية البيئية"، وفق تعبيره. وعلى المستوى الصحي، تتوفّر الجماعة على مركز صحي محلي، عملت الجماعة على إصلاحه، يسهر عليه ممرّض تابع للوزارة الوصية ومساعدة اجتماعية بتمويل من المجلس، مع تخصيص سيارة إسعاف مجّانية لنقل الحالات المستعجلة والمرضى من الجماعة الترابية أو خارجها في إطار التعاون مع الجماعات المجاورة في حالات الطوارئ كالحوادث، بسبب بعد المسافة بين أولاد فارس ومستشفى سطات. المطالب والإكراهات "إذا كانت عملية ربط الكوانين بالكهرباء قد تمّت تغطيتها بنسبة 90 بالمائة، في انتظار وصولها نسبة 100 بالمائة مستقبلا، وتوفير الماء الصالح للشرب الكافي، والقيام بالدراسات للحاجات من المسالك وفق الإمكانات المالية، وتحفيظ مجموعة من الهكتارات لإنهاء المشكل العقاري، والمراهنة على شراكات مع وزارة الفلاحة لتشجيع التشجير، وتوفير الكلأ، "مزارع القطفة" مثلا، للماشية من أجل دعم الفلاحين والكسابة، وتشجيعا للاستثمار بالجماعة، وطمأنة الجالية للاستقرار في مسقط رأسها، فإنه لا يمكن إرضاء الجميع رغم اقتناع الأغلبية"، يقول رئيس الجماعة. وأوضح أن "السكان الذين يقلّلون من الإنجازات هم من يقارنون جماعة قروية بمناطق أوروبية بحكم هجرتهم وعيشهم في إيطاليا وإسبانيا وغيرهما"، نافيا تسجيل أي احتجاج داخل الجماعة منذ ولاية المجلس، مطالبا الجهات المعنية بسيارة إسعاف ثانية، والحرص على تحسين جودة إصلاح المسالك الطرقية بالمنطقة، والوفاء بالوعود التي قدّمت من قبل المجالس المنتخبة إقليميا وجهويا.