تعقّدت الأزمات الداخلية كما الدولية في عالم اليوم، من حيث أسبابها وحدودها والعوامل المغذّية لها، وهو الأمر الذي يطرح ضرورة تطوير الوسائل اللازمة للتعاطي معها بقدر من النجاعة، عبر اعتماد آليات متطورة وسبل تنحو إلى تحقيق الجودة من جهة، وحفظ المصالح واعتماد السرعة من جهة أخرى. وأتاح المشرع الوطني كما الدولي إمكانية اللجوء إلى عدد مختلف ومتباين من السبل الكفيلة بتدبير الأزمات والمخاطر، ويندرج أسلوب التّحكيم ضمن هذه السّبل، التي أثبتت جدارتها وأهميتها في تقديم حلول مستدامة بصدد عدد من الأزمات الداخلية والدولية. وفي هذا السياق، صدر، مؤخرا، مؤلف تحت عنوان: "التحكيم وتدبير الأزمات في السياقين الوطني والدولي"، من تنسيق وإشراف إدريس لكريني والحسين شكراني، الأستاذين بكلية الحقوق بمراكش. الكتاب الذي يندرج ضمن منشورات مختبر "الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات"، التابع لكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، صدر عن المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ضمن سلسلة "مواضيع الساعة"، وهو يتضمن 16 مقالا باللغتين العربية والفرنسية لباحثين وخبراء من المغرب والجزائر والإمارات العربية المتحدة والأردن وإسبانيا. ويأتي هذا المؤلف الجماعي، الذي يتضمن أوراق النّدوة الدولية، التي نظمها مختبر "الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات"، بتعاون مع مؤسسة "هانس زايدل" الألمانية، لمقاربة "التحكيم وتدبير المخاطر والأزمات"، بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء من حقول معرفية مختلفة. كما يروم إغناء النّقاش العلمي حول أهمية هذه التقنية، والفرص التي تتيحها في مختلف المجالات والتّجارب المقارنة، والوقوف على الإشكالات التقنية والقانونية والاجتماعية.. التي تحدّ من تمدّده ونجاعته. ويتناول الكتاب، الذي جاء في 346 صفحة من الحجم المتوسط، آلية التحكيم من حيث مفهومها، وأهميتها في السياقين الداخلي والدولي. كما يتطرق إلى المهام التحكيمية للملك في النظام السياسي والدستوري المغربي، إضافة إلى حالات إبعاد المحكم عن الخصومة التحكيمية، وآليات ترشيد التحكيم لحلّ النزاعات الجبائية، والتحكيم الإلكتروني كمدخل لدعم الأمن القضائي، والتحكيم في المنازعات الإدارية والتجارية، وفي التجارة الإلكترونية، والمصادقة على حكم التحكيم لغايات تنفيذه، والتحكيم وعلاقته بالاستثمار والمحاسبة وقانون الشركات، والمنازعات القضائية الدولية.