احتضنت كلية الحقوق بسلا لقاء علميا حول "الإرساء العملي لمدركات الحضارة العربية الإسلامية"، في إطار الموسم السنوي الثاني من أيام "الكرسي" الدراسي، تحت إشراف الدكتور الفلسطيني المغربي سعيد خالد الحسن، وبمشاركة أوراق بحثية أعدها باحثون في سلك الدكتوراه حول مواضيع "النحو العربي في القرون الأولى للهجرة"، و"الفتوحات الإسلامية والدعوة الإسلامية"، و"ظهور المدارس والمذاهب الفقهية.. الإرساء العملي للمدركات الجماعية والإرساء العملي لمبدأ التقوى في الإسلام"، و"تبلور نظرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". اليوم الدراسي الرابع عشر الذي احتضنته الجامعة مساء الأربعاء، استعرض من خلاله الدكتور سعيد خالد الحسن "أفكارا من تاريخ الأصول الحضارية للفكر العربي المعاصر"، معتبرا أن "الإسلام هو مؤسس الحضارة العربية، حيث إن الفترة التي سبقت قدومه لم تشهد استقرارا مديدا للمجموعات البشرية". وأضاف خالد الحسن أن "المجتمعات القبلية العربية قبل الإسلام لم تكن تشهد استقرارا"، مشيرا إلى أن الدراسة التي يُعدها الفريق تنطلقُ من دراسة الفضاء ومن يعبره كبشر على امتداد الزمن، وتفكيك الأصول الحضارية والقضايا والتوجهات. وأردف المتحدث أن "الإسلام تتويج لديانات سماوية، وجاء للتعامل مع خلاصة حضارية في الإقليم الذي نشأ فيه"، لافتا إلى أن "المشروع الدراسي الحالي تمكن من تغطية جزء من المعارف؛ أولها مرحلة قبل الإسلام، وثانيها محور الإرساء العملي للمدركات الجماعية للحضارة الإسلامية، وتمت مناقشة العديد من الأمور منها السنة النبوية والنحو والمعاجم وأصول الدين والعقيدة، فضلا عن الفتوحات والعلوم السلامية". من جهته، أورد الباحث أحمد عمر أن "المؤرخين لعلم النحو يتفقون على أن عليّا بن أبي طالب هو من أعطى التصور الأول لهذا العلم من خلال ما جرى بينه وبين أبي الأسود الدؤلي، لينحو هذا الأخير في هذا الاتجاه من خلال محاولته وضع الأسس وعقدة الأصول"، معتبرا تنقيطه الإعرابي للقرآن من صميم العمل النحوي. وأضاف عمر أن "الدؤلي سيسير بعده تلامذته أمثال نصر بن عاصم الليثي، الذي ظهرت معه بعض المصطلحات النحوية كالتنوين"، وزاد: "ابتداء من القرن الثاني للهجرة عرفت الدراسات النحوية تطورا جديدا على يد عالمين بارزين هما عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعمرو بن العلاء". وفي محور آخر قال الباحث المصطفى حمادي إن "الحديث عن ظهور المذاهب والمدارس الفقهية كما هي معروفة حاليا، سوف يكون حديثا مبتورا وناقصا إذا لم تعط فكرة ولو وجيزة قبله عن تاريخ أهل الفقه والعلم، بالأخص أهل الحفظ للقرآن وأهل الفهم لعلومه من صحابة الرسول". واستعرض حمادي "مظاهر الإرساء العلمي للمدركات الجماعية"، موضحا تلازم الإرساءين المعنوي والعملي لمدركات الحضارة الإسلامية منذ نشأتها، كما هو الحال مثلا في قيم الرباط والجهاد والدعوة والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقوى.