حَطَّتْ روبوتات تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية في الصحراء المغربية الشَّاسعة، لاختبار تقنيات جديدة يقوم بها علماء فضاء أوروبيون لروبوتات الفضاء. ويدور الأمر حول اختبار برمجيات تتيح إمكانية التشغيل الذاتي للروبوتات في إطار المهام الفضائية لاستكشاف كوكب المريخ. ويشرحُ البروفيسور كمال تاج الدين، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاضي عياض بمراكش،في حديث لوكالة الأنباء الإسبانية أنَّ "المشروع يمتدُّ إلى جنوبِ سلسلة جبال الأطلس حيثُ توجدُ امتدادات فارغة شاسعة تشبهُ جيولوجيتها وشكلها التشبيهي كوكب المريخ". ويشارك في المشروع وكالة الفضاء الأوروبية والمركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء ووكالات الفضاء القومية في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا. وسيَقطعُ الروبوت كيلومترات عدة في الصحراء ليأخذ عينة تربة من مكان محدد. وأوضح المركز أنه يتعين على الروبوت أن يخطط لمساره ويتعامل مع الأمور غير المتوقعة ويتجاوز العقبات على نحو ذاتي. المنطقة التي سيُجرى فيها الاختبار تتسم باتساع مسطحاتها وتتخللها منحدرات حادة ووديان. ويرأسُ البروفيسور المغربي، الذي هو مدير مركز ابن بطوطة، برنامج "Europanet" الأوروبي، وينسق ما بينَ بعثات الأبحاث الفضائية المختلفة لأكثر من عشر سنوات، وكلها تقريبا تعتمد على مناطق جنوب الأطلس. ويعترف تاج الدين بأن "هناك دولاً أفريقية أخرى ذات صحاري (الجزائر أو إثيوبيا أو بوتسوانا) يمكنها أن تحتضنَ هذا المشروع، لكن المغرب لديه العديد من العوامل العلمية الإضافية المهمة، بدءاً بالأمن، حيث تحمي سلطات الدرك الملكي فرق التحقيق ولا يسمح بدخول المتسللين". "يضاف إلى ذلك، الاستقرار السياسي للبلاد ووجود بنية تحتية فندقية متطورة للغاية مع وصول سريع إلى الإنترنت، وهو أمر أساسي لفرق البحث لتحميل أعمالها في نهاية يوم تحت الشمس والرياح"، يشرحُ تاج الدين في حديثه لوسائل إعلام إسبانية. وخلالَ التجربة الأخيرة، التي تم تطويرها في أوائل شهر دجنبر، تمكّنَ الفريق العلمي من اختبار استقلالية رائد الفضاء المسمى "شيربا تي تي"، وهو روبوت بعجلات تشبه العنكبوت بأذرعها المفصلية، كان عليه أن يثبت قدرته على اتباع الأوامر. وتحت أعين العلماء الساهرة، سَارَ الروبوت (طوله متران وعرضه متران ووزنه 200 كيلوغرام) عبر هضاب غاري ميدوار، في منطقة أرفود، وتمكن من التقاط صور للأشياء بشكل مستقل (الحجارة والنباتات الصغيرة وأي نوع آخر من الأشياء المحيطة) في مساحة 360 مترا. ويعتبر روبوت "شيربا تي تي" نموذجا مختبرا فقط وليس حقيقياً؛ إذ إنه غير معزول ضد الإشعاع وغير مُصمم ضد درجات الحرارة القصوى، كما أوضح خورخي أوكون، الممثل الإسباني في هذا المشروع الممول من قبلِ المفوضية الأوروبية. وكانت إحدى التجارب الأكثر إثارة في المنطقة نفسها هي تلك التي أجراها منتدى الفضاء النمساوي التابع لجامعة إنسبروك، التي وضعت في عام 2013 عشرة رواد فضاء للاختبار خلال شهر واحد. كل رواد الفضاء العشرة "عاشوا" بمعدل ثلاث ساعات في اليوم-في بعض الأحيان يصل المعدل إلى خمس-في حين تمت مراقبة سلوكهم من قبل فريق مكون من الأطباء والميكانيكيين المتخصصين وفنيي الاتصالات. وبحسب الفريق المشارك، فإن ما لم يتم اختباره حتى الآن هو غلاف مشابه لجو المريخ، حيث يتكون الهواء بشكل أساسي من ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي فإن جميع الاختبارات لها مكونات صناعية يمكن حلها على مدار السنين. وقالت الوكالة الإسبانية إن "هذا الاستكشاف العلمي ما يزالُ أمامه طريقٌ طويلٌ". في الصحراء المغربية، سيستمرُّ الأمازيغُ والسكان المحليون في استقبال الفرق العلمية بأذرع مفتوحة، لأنهم يمثلون "نوعًا خاصًا جدًا للاستقبال وتقديم المساعدة"، كما أنَّ "المغرب هو أيضا أرض يسجل فيها معدل كبير من السقطات النيزكية".