قال منير الجوري، عضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، إن هناك ديناميات مختلفة يشهدها الشعب المغربي، سواء على المستوى الفئوي أو المجالي، واعتبر ذلك انعكاسا لمظاهر الأزمة التي يعيشها المغرب باعتراف الدوائر الرسمية. وأكد الجوري، خلال ندوة بعنوان "الحراك المجتمعي والنخبة المغربية.. سؤال الموقف والموقع"، نظمت من قبل جماعة العدل والإحسان، في الذكرى السادسة لوفاة مرشدها عبد السلام ياسين، أن المخرج لا يمكن إلا أن يكون سياسيا، عبر بناء علاقات تربط المؤسسات، وتشكل مصداقية وقوة، وتمثل الشعب عن جدارة، مشترطا تحقق ذلك بأداء النخبة السياسية دورها المنوط بها. واعتبر عضو الدائرة العدل والإحسان أن النخبة المثقفة جزء من المجتمع ولا ينبغي أن تنفصل عنه، بل يجب أن تؤدي دورها في إنتاج الأفكار الجديدة، التي تصوغ مطالب الشعب، لتقف في مواجهة تغوّل الدولة وامتداد السلطوية. وأشار الجوري إلى العقبات التي تقف أمام مساهمة النخبة في دورها، والمتمثلة في الواقع الذي تعيشه النخبة المطبوع بالتشتت، والذي يتحوّل أحيانا إلى صراع أو نوع من الإقصاء واستدامة الأزمة، وهو ما يحتّم وعيها بدورها، ووضع كل الحسابات الضيقة قصد بناء جوّ عمل مشترك، وشروط الحوار وحاجات المستقبل، سواء من خلال الصلة التي تربطها بالمجتمع أو من خلال العلاقات التي بينها وبين الدولة. وحول اشتغال جماعة العدل من داخل المؤسسات، قال عضو الدائرة السياسية للجماعة إن "المؤسسات تفتقر إلى المصداقية، وليس لها دور في تحقيق التغيير الذي تنشده الجماعة"، مسجّلا ضعف الاختصاصات المبني بشكل قانوني ودستوري ومن خلال الأعراف السياسية، وعلّل ذلك بالتجارب السياسية التي مر بها الفاعلون، دون تحقيق الأهداف وآمال الشعب وانتظاراته، بعد ولوجها تلك المؤسسات، مفضّلا النضال من خارج المؤسسات بالنظر إلى أثره الأقوى، بعد أن استدل بحراك 20 فبراير 2011. من جهتها، أكّدت سعاد البراهمة، المحامية والناشطة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعضو بالنهج الديمقراطي، في تشخيصها لوضع الحراك وتموقع النخبة في الوضع الراهن، على وجود خلل وأعطاب كثيرة جدا، لخصتها في ضعف الأحزاب السياسية الديمقراطية الاجتماعية، وتدجينها وإغراقها بالأحزاب الإدارية الانتخابية، وعدم استقلاليتها في القرار، مما جعلها عاجزة عن تأطير الحقل السياسي الرسمي، وفقدت بسبب ذلك اهتمام الجماهير الشعبية بالعزوف وعدم ثقة الشعب. وأشارت البراهمة إلى أن الأحزاب عجزت عن لعب دور الوساطة من أجل إسماع صوت الشعب ومطالبه، شأنها في ذلك شأن باقي المؤسسات، من برلمان ومجالس ترابية، وموضوعاتية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى السمعي البصري ومجلس المنافسة وغيرها، والتي لم يعد لها أي دور غير الشراء لإغداق التعويضات عليها، وتلميع صورة واجهة الديمقراطية الموجهة للخارج. وسجلت الناشطة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ضعف الحكومة ومحدوديتها، مضيفة أنه لا حول لها ولا قوة لها إلاّ التحرك وفق التعليمات، أمام ضعف النقابات وتفككها وتراكمها بتفريخ نقابات مخزنية، موازاة مع ضعف مردودية جمعيات المجتمع المدني، رغم الكمّ العددي الذي وصل إلى 130 ألف جمعية سنة 2016، مقابل التضييق على الجمعيات الجادة والفاعلة عن طريق الإقصاء والمنع. وبخصوص النخبة، أشارت سعاد البراهمة إلى تراجع النخبة المثقفة الحقيقية، إما بالتغييب أو الإقصاء أو شراء الذمم أو الصمت والعجز عن مواجهة الفساد، مقابل صنع أشباه المثقفين والخبراء، الذين يطلّون من وسائل الإعلام الرسمية، والتضييق على الصحافة الحرّة والمستقلة بالأحكام السالبة للحرية والغرامات، وهو ما يتطلب خلق نخب مثقفة قادرة على حمل رسالة التغيير ونشر القيم النبيلة والكونية. وأضافت البراهمة، التي اقترحت في آخر مداخلتها لتجاوز النخبة للواقع، الانخراط في الاحتجاجات، وتسجيل الدور القوي مع فئات الشعب الكادحة في الاحتجاجات ذات المطالب الاجتماعية الصرفة، من أجل النضال من داخلها وتحقيق مطالبها كالصحة والتعليم وغيرهما، والدفع بتوحيد الاحتجاجات، وتغيير لغة الخشب تجاه فئة الشباب باستعمال خطاب سهل، وإعادة النظر في تغيير الوسائل المعتمدة، واستعمال وسائل التواصل الحديثة، وتكسير الحدود للعمل الميداني المشترك.