قال عبد الواحد الراضي، السياسي المغربي النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إنه لا يمكن الدفاع عن قضية الصحراء المغربية بالاكتفاء بالجانب الوطني والشعارات وقول "إن الصحراء مغربية أحب من أحب وكره من كره"، لأن هذه ليست لغة الدبلوماسية الدولية. وأضاف الراضي، في كلمة ألقاها يوم الأربعاء بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، أنه من الضروري على الجيلَين الحالي والمقبل التسلّح بمعرفة القضية حتى يستمروا في كفاح آبائهم وأجدادهم من أجل الوحدة الترابية، ويدافعوا عنها بنجاعة عبر ما يسمى بالدبلوماسية الموازية؛ "لأنها قضيتنا كلنا، ويجب أن نسهم قدر المستطاع حتى تخرج بلادنا منتصرة". ودعا البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي المغاربةَ إلى الاتكال على النفس، والتصالح مع الجزائر وحل المشكل معها، مع التهييئ لهذا الصلح دبلوماسيا ونفسيا واجتماعيا، مشددا على أن المسطرة التي اقترحها الملك محمد السادس ستكون لها نتائج إيجابية بترك المشكل عند الأممالمتحدة مع الجلوس بكيفية ثنائية وحل المشاكل، على الرغم من أنها صعبة وستأخذ وقتا، ومن بينها طرد 45000 مغربي من الجزائر في ساعة واحدة، مع فتح الحدود حتى يحصل تبادل بشري اقتصادي واجتماعي يُهيّئ جوّ المصالحة، لأنه "ليس هناك مشكل ليس له حل"، قبل أن يستدرك قائلا إنه "لو كانت هناك ديمقراطية حقيقية في الجزائر كان سيكون هناك تفاهم، لأنه ليس هناك مشكل بين الشعوب". تاريخ القضية استرسل الراضي متحدثا عن تاريخ قضية الصحراء، في إطار اللقاء المفتوح الذي نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، موضحا أن احتلالها بدأ في 1884 في الوقت الذي كانت فيه أطماع إسبانية مع عدم سنوح الظرف للتنافس الدولي، مضيفا أن هذا الاحتلال سبق مؤتمر برلين بسنة واحدة حيث اجتمعت القوى الاستعمارية الكبرى، مثل: بريطانياوفرنسا وإسبانيا والبرتغال و12 دولة في سنة 1885 من أجل تقسيم الدول غير المستعمرة بعد في إفريقيا والشرق الأوسط دون إصدار قرارات حول المغرب، إلى حدود سنة 1905 في مؤتمر الجزيرة الخضراء والتساؤل عن من عنده أسبقية احتلال المغرب؛ حيث بقيت ثلاث دول هي بريطانياوفرنسا وإسبانيا واتفقت على وحدة وسيادة وحدود المغرب إلى "ريو دي أورو"، أي بما في ذلك وادي الذهب. واستحضر السياسي المغربي اتفاق التنازل البريطاني عن المغرب لصالح فرنسا مع التنازل الفرنسي عن مصر، الذي سيترسم في معادة الحماية في سنة 1912 مع فرنسا، وما سيأتي معه من اعتراف بحق إسبانيا في احتلال المناطق الجنوبية للمملكة، مضيفا أن المعارك والمقاومة المسلحة ضد هذا توالت إلى حدود 1934، ثم امتد بعدها احتلال إسبانيا إلى داخل الصحراء، ولم يقتصر على احتلال الشواطئ فقط، مضيفا أن هذا أيضا كان تاريخ بداية العمل الوطني بالمنطقة الفرنسية والمنطقة الشمالية وبداية الحزب الوطني، الذي سيصير بعد ذلك حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال، الذي اكتفى في البداية بالمطالبة بتنفيذ بنود معاهدة الحماية بدل التسيير الذاتي المباشر للمغرب الذي قامت به فرنسا. واستعاد الراضي بعجالة ذكرى الحركة الوطنية التي كان فيها الملك محمد الخامس وحزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال والحزب الشيوعي المغربي، ونفي ملك البلاد في سنة 1953 ورجوعه بعد ذلك بسنتين باتفاق مع فرنسا بإعطاء المغرب استقلاله، ثم انطلاق المفاوضات على الجنوب التي قُبل بعد سنتين منها رجوع طانطان وآيت باعمران، ورجوع سيدي إفني بعد 11 سنة من ذلك. وأرجع الراضي إبقاء إسبانيا الساقية الحمراء ووادي الذهب تحت إمرتها لأسباب عسكرية لوجودهما أمام جزر الكناري، ومادية تتمثل في اكتشاف الفوسفاط فيهما في الستينيات، وعاطفية متعلقة بالجنرال فرانكو الذي كان قائد الجيش الإسباني بالمغرب حين حدوث الحرب المدنية الإسبانية، وانطلق بالمغاربة لمحاربة الجمهوريين الإسبان واستولى على الحكم، فضلا عن كون العديد من الضباط الإسبان قد ولدوا بالصحراء والشمال المغربيين. وتحدث المتدخل عن تحفظ المغرب عن القبول بما طرحته منظمة الوحدة الإفريقية حول الحدود الموروثة عن الاستعمار، مضيفا أنه بعدما صعُبَ على إسبانيا أن تبقى البلاد الوحيدة المستعمرة للصحراء، قرر الجنرال فرانكو في سنة 1974 قيام دولة مستقلة في الصحراء، محاولا إضفاء طابع ديمقراطي عليها باستحضار تقرير المصير وإحصاء الصحراويين الذين يريدون الاستقلال، والأحزاب، دون إحصاء عدد من القبائل التي طالبت بالالتحاق بالمغرب، وأشخاص قدموا إليه ومن بينهم مؤسسون للبوليساريو. ضغط جزائري واستعاد الراضي موقف المغرب الحاسم تجاه مغربية الصحراء وعدم إمكانية أن تصبح دولة، مضيفا أن من دفع موريتانيا للمطالبة بحقها في الصحراء هو الرئيس الجزائري آنذاك الهواري بومدين، مشيرا إلى أن المغرب كان عنده الذكاء الكافي للاتفاق مع موريتانيا؛ وهو ما أعقبه عدم وفاء للرئيس الجزائري بكلمته حول موافقته في حال اتفاق البلَدين، ثم تحدث المتدخل عن طلب الأممالمتحدة رأي محكمة العدل الدولية في لاهاي وإجابتها في شتنبر من سنة 1975 حول عدم خلاء أرض الصحراء عند استعمارها وأنها كانت تعرف وجود سكان وتنظيم، ووجود علاقة البيعة بين سكان الصحراء والسلاطين المغاربة، ووجود علاقات بين قبائل الصحراء والقبائل الموريتانية، لأن القبائل كلها رحالة والرحالة لا يعرفون الحدود. وأشار السياسي المغربي إلى تسيُّس محكمة العدل الدولية بسبب ضغط الجزائريين مع القضاة والمحامين عليها، قبل أن يوضّح أن الملك الراحل الحسن الثاني بنى موقف المغرب على حكمها الأول، على الرغم من معارضة الجزائر حكم هذه المحكمة قبل صدوره، ورأى أن على المغرب تنفيذ الحكم بنفسه؛ فانطلقت المسيرة الخضراء في السادس من نونبر في سنة 1975 من أجل استرجاع الصحراء، وهو ما أثار تخوف الأممالمتحدة من حدوث كارثة بشرية بسبب تلغيم المكان من طرف الإسبان، فأمرت الطرفين بالدخول في مفاوضات، شاءت الأقدار أن تحدث في وقت دخل فيه الجنرال فرانكو في غيبوبة، فوقعت اتفاقية مدريد بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا وسجلت في الأممالمتحدة، قاضية باسترجاع البلدين الأرض بكيفية قانونية. وعلى الرغم من مرور تسليم السلطات بين البلدين بكيفية عادية وتعيين أحمد بنسودة عاملا على المنطقة بحضور السلطات المغربية والإسبانية ورفع العلم المغربي بعد خفض العلم الإسباني، وحكمة المغرب بإعطاء جزء من التراب إلى موريتانيا لأنه من الصعب دبلوماسيا ودوليا أن يأخذ المغرب لوحده المنطقة، إضافة إلى تفكير الجميع في وحدة المغرب العربي، إلا أن الهواري بومدين، كما يقول المتحدث، تراجع عن موقفه وعارض استرجاع المغرب للصحراء ووجد في معمر القذافي حليفا له، لأن هذا الأخير كان لا يحب الملكية. وتحدث الراضي عن مجموعة من المشاكل التي تلت تحمل المغرب المسؤولية الأمنية للمنطقة عند ذهاب الأمن والدرك للقيام بعملهم، وحديث جزء من الضباط والقوات المساعدة الصحراوية في الجيش الإسباني على أن المغرب قادم للهجوم، مما دفع جزءا كبيرا من المواطنين بدعم من الجيش الجزائري ليصبحوا لاجئين في تندوف، وهو ما جعل القوات الاحتياطية التي ذهبت نواة للبوليساريو العسكري. انفصال لا تحرير نفى عبد الواحد الراضي صحة ادعاء البوليساريو أنها منظمة تحرير، مضيفا أن منظمات التحرير تكون ضد الاستعمار، بينما لم تحارب البوليساريو في يوم من الأيام المستعمر الإسباني، بل خلقت في سنة 1973 بعد إرادة فرانكو إنشاء جمهورية في الصحراء، وبدعم من معمر القذافي. وتحدث الراضي عن خلق ما يسمى بالجمهورية العربية الإسلامية الصحراوية في فبراير من سنة 1976، بعد جمع مقومات مثل اللاجئين والعسكريين، والاعترافات على المستوى الدولي لتسيير عدد من الدول الإفريقية من طرف أُناس ادعوا أنهم ماركسيون لينينيون ولم ينظروا إلى الصحراء بناء على التاريخ والقانون بل باعتبارات إيديولوجية تُصنِّف المغرب كدولة صديقة للعالم الغربي، وترى الجزائر مع دول العالم الشرقي والمعسكر الشيوعي، مع اعتبارات أخرى. وذكّر أقدم برلمانيي المغرب بصمود المغرب ونجاح الجزائر وليبيا في تدويل القضية؛ وهو ما دفع الدول الصديقة للمغرب مثل فرنسا وألمانيا إلى التعبير عن صعوبة الوقوف ضد تقرير المصير، وهو ما دفع الحسن الثاني في سنة 1981 بنيروبي إلى اقتراح إجراء استفتاء، كان الراضي داخل معمعته لمشاركته في الوفد وبرر موقف حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض للاستفتاء آنذاك ب"مشكل تواصل بين الحزب والملك" لو لم يكن لكان هنالك موقف موحد. وذَكَر المتحدث أن القمة الإفريقية، بعد الموافقة على تنظيم الاستفتاء مع المغرب، التقت في اجتماع نيروبي الثاني من أجل القيام بالإجراءات، قبل وقوع مؤامرة دبرها أعداء الوحدة الترابية لعدم اطمئنانهم للاستفتاء، على الرغم من دعوتهم إليه، وتمثلت في قرار الأمين العام للمنظمة بقبول الجمهورية الوهمية في القمة الإفريقية، بعد اعتراف مالي بها، على الرغم من أن هذا ليس من اختصاصاته، وهو ما ترتب عنه اجتماع في سنة 1984 للقمة الإفريقية، من أجل البتّ بصفة نهائية في هذا الأمر في أديس أبابا التي حكمها سفاح عدو للمغرب بعد وفاة الغيني سيكو توري الذي كان مساندا للقضية المغربية، أيدت فيه قرار اعتبار الجمهورية عضوة، على الرغم عمن دم سماح ميثاق القمة بذلك؛ لأنها لم تتوفر على شروط من بينها عضوية الأممالمتحدة. هذه الخروقات الفادحة للميثاق جعلت من غير الممكن على المغرب أن يبقى عضوا، فقرأ أحمد رضا اكديرة، مستشار الملك الراحل الحسن الثاني، رسالة للملك وخرج الوفد المغربي من الاجتماع وغادرت المملكة منظمة الوحدة الإفريقية، لأن هذا ما كان من المفروض أن تقوم به، على الرغم من استغلال هذا من طرف الجزائريين، وفق تعبير المتحدث. تسوية أممية صرح الراضي بأنه بعد الخروج من منظمة الوحدة الإفريقية طلب الملك الحسن الثاني نقل ملف الصحراء إلى الأممالمتحدة، على الرغم من رؤية منظمة الوحدة الإفريقية بأن الملف ما زال في يدها، وهو ما ترتب عنه مخطط للتسوية صدر عن الأممالمتحدة وقبل به المغرب والبوليساريو، فتم وقف إطلاق النار مع مكوث القوات المسلحة في ثكناتها. وذكر السياسي المغربي بأن بعثة المينورسو الأممية قد كلفت بمراقبة وقف إطلاق النار، مع تحديد هوية الصحراويين، للقيام بالحملة الانتخابية ثم الاستفتاء، وطلب بعد هذا مِن مَن يعتبر نفسه صحراويا أن يسجل نفسه ويملأ أوراقا تبث فيها لجنة يتفق فيها المغرب والبوليساريو على أن هذا الشخص صحراوي، وهو ما اصطدم بإرادة البوليساريو مشاركة اللائحة الإسبانية فقط مع أقل عدد ممكن من المشاركين وعدم مشاركة الصحراويين الموجودين خارج أرض الصحراء، بينما كانت إستراتيجية المغرب معاكسة بدعوتها إلى عدم إقصاء أي صحراوي وصحراوية. ووضح الراضي أن أعضاء البوليساريو في اللجان كانوا يقبلون الأخت ولا يقبلون الأخ مثلا إذا عرفوا بمعارضته، ثم ظهرت استحالة الاستفتاء بعد إرادة البوليساريو إقصاء قبائل كاملة؛ فتقدم جيمس بيكر، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بحل سياسي هو مقترح "بيكر 1" الذي قبل به المغرب ورفضته الجزائر، ثم تقدم ب"بيكر 2" الذي قبلته الجزائر ورفضه المغرب، فقدم استقالته. وتحدث الراضي عن تعيين الممثل الهولندي للأمين العام للأمم المتحدة الراحل كوفي عنان الذي قال باستحالة إنشاء دولة في الصحراء، وتوقف الأمور بعد ذلك بالاقتصار على لقاءات دون تقدم، إلى حدود سنة 2007 التي عرفت مشروع الحكم الذاتي المهم جدا الذي يقترح حكومة وبرلمانا وإدارة.. وهو ما قالت الجزائر بعده إن موقفها من الصحراء مبدأي، على الرغم من معرفة الجميع بأنها من تسير كل شيء، وهو ما لم ترد البوليساريو الحديث عنه في الاجتماعات مع المطالبة بالاستفتاء، على الرغم من عدم إمكانية حدوثه، وعلى الرغم من قول مجلس الأمن إن لاقتراح الحكم الذاتي أساسا ومصداقية. وناقش السياسي المغربي مستجد التجديد لبعثة المينورسو لستة أشهر للمرة الأولى منذ 43 سنة، نافيا أن يكون على معرفة بمسار تطور هذا الأمر، قبل تأكيده أن من وراء مشكل الصحراء هي الجزائر ورئيسها سابقا الهواري بومدين، مشددا على أن الحسم سيكون مع هذه الدولة الجارة لا مع الدول العظمى أو الصغرى التي لا ترى إلا مصالحها، وتُجامل وتؤيد الاقتراحات دون أن يترتب على ذلك شيء، باستثناء الموقفين الإسباني والفرنسي المؤيدين لمعرفتهما بحقيقة ظلمهما المغرب بخلق الحدود والدول الموجودة الآن.