أمام التحديات التي تواجه قضية وحدتنا الترابية ، و تفعيلا للنقاش حول قضية الصحراء المغربية ، نظمت الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بسيدي بنور، لقاء مفتوحا أطره الأستاذ محمد اليازغي الكاتب الأول الأسبق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في موضوع « الصحراء المغربية بين تحدي الأممالمتحدة و الإصلاح الداخلي »، و ذلك يوم الأربعاء 20 نونبر 2013 بقاعة الاجتماعات بمقر بلدية سيدي بنور بحضور الكاتب الجهوي الأخ نور الدين الشرقاوي و فعاليات وطنية و نقابية و حقوقية و جمعوية و شبابية و إعلاميين، بالإضافة إلى أعضاء الكتابة الإقليمية بكل من سيدي بنور و الجديدة و أعضاء مكاتب الفروع بالإقليم و مناضلات و مناضلي الحزب بالجهة . بداية اللقاء عرف كلمة تقديمية من طرف الأخ مسعود أبوزيد حيى من خلالها الحضور الذي غصت به القاعة و جنباتها ، على تلبيته الدعوة لحضور اللقاء الذي يتناول قضيتنا الوطنية الأولى، قضية جميع المغاربة، قضية وحدتنا الترابية و صحرائنا الحبيبة ، الصحراء التي قال عنها جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى من هذه السنة ، «... ذلك أن قضية الصحراء ليست فقط مسؤولية ملك البلاد و إنما هي أيضا قضية الجميع ، مؤسسات الدولة و البرلمان و المجالس المنتخبة و كافة الفعاليات السياسية و النقابية و الاقتصادية و هيآت المجتمع المدني و وسائل الإعلام و جميع المواطنين ، و هنا يجب التذكير مرة أخرى بأن مصدر قوتنا في الدفاع عن صحرائنا يكمن في إجماع كل مكونات الشعب المغربي حول مقدساته ». و استمرارا في تدخله أكد الأخ مسعود أن الاتحاد الاشتراكي ، منذ حصولنا على الاستقلال، اعتبر قضية الوحدة الترابية و استرجاع أراضينا المغتصبة هي قضية وطنية و قد قدم حزبنا التضحيات تلو التضحيات، مذكرا بمضمون اللافتة «الموجودة فوق رؤوسنا ، حينما تم اعتقال قيادتنا و إخوتنا في المكتب السياسي و على رأسهم المناضل الشهم الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله ومعه أخونا محمد اليازغي و أخونا محمد لحبابي و قد كان ذلك سنة 1981 بمناسبة قبول المغرب بإجراء الاستفتاء على صحرائنا المغربية، إذ قال أخونا المناضل الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد أثناء محاكمته سنة 81 رفقة الأخ اليازغي و الحبابي و الفقيه السي محمد الحبيب الفرقاني رحمه الله، و الأخ منصور أطال الله في عمره قال : « رب السجن أحب إلي من أن ألتزم الصمت في قضية وطنية مصيرية » . الأستاذ محمد اليازغي اعتبر في بداية مداخلته « أن قضية الصحراء هي قضيتنا و يجب أن نشتغل عليها طول الزمن ، مادامت أنها مطروحة على الأممالمتحدة» ، «بطبيعة الحال ، يقول الأخ اليازغي، لا أعتبر أن خطاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في جوبا عاصمة نيجيريا جاء بشيء جديد ، لأن هذا هو موقف الجزائر منذ أزيد من 35 سنة، حتى لا نفاجأ لما تعطي الصحافة معطيات عن هذه الخطب و المواقف ، وإذا استثنينا جبهة القوى الديمقراطية للحسين أيت أحمد و الحزب العمالي للويزة حنون ، فإن الخمسين حزبا جزائريا لا تعارض سياسة الحكومة الجزائرية ، رغم أن الشعب الجزائري لا تهمه قضية الصحراء و لا ينشغل بها و لا يهتم بها و لا يعتبرها من أولوياته ، لكن النخبة الجزائرية هذا هو موقفها باستثناء جبهة القوى الاشتراكية و الحزب العمالي. بطبيعة الحال ليس من مصلحتنا أن نصعد أي تصعيد مع الجزائر ، لذلك أحيي القرار الحكيم بإرجاع السفير إلى مكان إقامته في العاصمة الجزائرية، لأنه ليست لنا أية مصلحة أن ندخل في دوامة جديدة ، يكفي أن قضية الصحراء بيننا و بين الجزائر مطروحة منذ زمان ، و في اعتقادي، مصلحة المغرب هي أن تصبح علاقتنا طبيعية بيننا و بين أشقائنا الجزائريين كيفما كانت مواقفهم في قضية الصحراء، و أن نحاول أن نقنعهم بترك قضية الصحراء للأمم المتحدة ، و نشتغل على المسائل الثنائية و نعمل في اتجاه بناء المغرب العربي ، أريد هذا التوضيح، لأن هناك ضجة كبرى في الإعلام المغربي بسبب خطاب الرئيس بوتفليقة الأخير» . واعتبر الأستاذ اليازغي «أن هذه القضية لابد أن نهتم بها باستمرار و نهتم بكل التطورات، انطلاقا من مقومات وحدة التراب المغربي ، لأن الوحدة الترابية لها أسس ومقومات كبيرة جغرافية و تاريخية ، ثم أستعرض ملابسات استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، ثم قضية الصحراء في الأممالمتحدة و أخيرا الإصلاح الداخلي لبلادنا» ، «فمقومات وحدة التراب المغربي، يوضح الأخ اليازغي، هي مقومات صلبة ، أولها المقومات الجغرافية ، بحيث يمتلك المغرب ما يبني و يبنى على أربعة أبعاد ، البعد المتوسطي بوجود 350 كلم على البحر الأبيض المتوسط ، البعد الأطلسي بوجود 3000 كلم، البعد الجبلي، البلد الافريقي الذي فيه جبال الأطلس المهمة و التي شكلت على مدى التاريخ تأثيرا كبيرا على مجالنا الترابي و السكاني، البعد الرابع هو البعد الصحراوي الذي هو جزء من ثوابت تربتنا و وطننا ، لذلك فالارتباط بهذه الأبعاد الأربعة هو ارتباط قوي يجعل من خصوصيات المغرب ، الدفاع عن وحدته ، ثم هناك بطبيعة الحال المقومات التاريخية ، فهذه المنطقة ، يؤكد الأخ اليازغي، من البوغاز إلى نهر السينغال ، يشهد المؤرخون و العلماء و الباحثون على أن الإنسان كان متواجدا فيها منذ القدم، بل منذ ملايين السنين ، و أنها عرفت ، أي المنطقة، دائما بالاختلاط السكاني سواء السكان الأصليين الامازيغ أو العرب الفاتحين الذين جاؤوا ، أو العرب الآخرين الذين رحلهم الموحدون من إفريقيا إلى داخل المغرب أو القبائل التي هاجرت من خلال الصحراء للوصول إلى المغرب و كذلك القبائل السود التي جاءت من إفريقيا جنوب الصحراء ، و كذا الروافد الأندلسية و المتوسطية التي جعلت منا شعبا مختلطا ، وهذا مستمر لحد الآن ، فالمغرب يعيش فترة مهمة من الاختلاط البشري ، و ستكون لذلك أبعاد كبيرة، بحيث أن الناس الذين كانوا في الصحراء في الساقية الحمراء و وادي الذهب طلعوا إلى الشمال و أن أناسا من الشمال نزلوا إلى الصحراء، و هناك أجيال جديدة في الصحراء ليست من أصول صحراوية و لكنها أصبحت صحراوية بحكم الازدياد، لأنه ، كما تعلمون ، من الأسس الأساسية القانونية اليوم هو أنه أين يولد الإنسان فذلك يعطيه أصلا و حتى جنسيته. ثم النقطة الأخيرة في المقومات التاريخية، هي أن المغرب مزقه الاستعمار ، فنحن من البلدان القلائل ، يفسر الأخ اليازغي، التي استعمرها الفرنسيون بوسط البلد و استعمرها الاسبانيون في الشمال و في افني و طرفاية و الساقية الحمراء و وادي الذهب ، و كان لها بمدينة طنجة نظام دولي فيه 23 دولة تحكمها ، و من المسائل الأساسية التي اتفق عليها المغاربة هو أنهم لن يقبلوا هذا التقسيم الاستعماري ، و نحن ربما البلد الوحيد في إفريقيا الذي رفض ميراث حدود الاستعمار ، أما الأقطار الإفريقية الأخرى فكلها بنت استقلالها على قبول الحدود الموروثة عن الاستعمار، ولما تأسست منظمة الوحدة الإفريقية، المغرب هو البلد الوحيد الذي تحفظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار، لذلك استرجع أولا من الفرنسيين في 2 مارس 56 و من عند الاسبانيين في ابريل 56 و طنجة في 58 و طرفاية في 58 و سيدي افني في 69 و الساقية الحمراء في 75 و وادي الذهب في 79 ، بطبيعة الحال استرجاع هذه المناطق كان كله دائما في حوار مع المستعمر الفرنسي ، بحيث كانت هناك اتفاقية 2 مارس، و مع فرانكو كانت اتفاقية 7 أبريل ومع الاسبانيين كان اتفاق ما بين الخارجية المغربية و الاسبانية سنة 58 و في 69 باتفاق مع المستعمر باسترجاع سيدي افني و استرجاع الساقية الحمراء سنة 75 في اتفاق ثلاثي...» . «فبطبيعة الحال، يؤكد الأستاذ محمد اليازغي، استرجاع الصحراء هو مشروع شرعي، لأنه كان باتفاق مع المستعمر و كان فيه تصويت لجماعة الصحراويين التي كانت موجودة في العيون و التي بناها الاسبانيون مدة طويلة على أساس الإعداد للانفصال، لكنها صوتت لصالح الالتحاق بالتراب الوطني ، و بالنسبة للصحراء كانت هناك ملابسات خاصة و ظروف خاصة ، لذلك لابد في قضية الصحراء أن يبادر المغاربة بمجرد حصولهم على الاستقلال من فرنسا و من اسبانيا ، ببعث جيش التحرير المغربي سنة 57 من أجل استرجاع الساقية الحمراء و وادي الذهب و حتى شنقيط إن أمكن ، فجيش التحرير الذي جاء من الشمال دخلت فيه عناصر كثيرة من قبائل الصحراء و واجه الاستعمار الاسباني و حرر أجزاء كبيرة من الساقية الحمراء، غير أنه حصل شيء خطير، و يتعلق الأمر بتحالف اسبانيا مع فرنسا التي كانت مازالت تحتل الجزائر آنذاك و كانت تعتبر أن قيام جيش التحرير في مناطق لها حدود مع الجزائر ربما سيخلق لها مشاكل و متاعب كبرى، لذلك تحالفت مع الاسبانيين و دعمتهم وأعطتهم الوسائل الكبرى في عملية « ليكيفيون « التي قاموا بها لطرد جيش التحرير من الأقاليم الصحراوية و أخرجوه إلى منطقة كلميم التي استقر فيها ، لكن مع الأسف، يقول الأخ اليازغي، أعتقد أنه من الأخطاء الكبيرة التي قام بها آنذاك الحسن الثاني و هو ولي العهد ، أنه قام بحل جيش التحرير و إدماجه في القوات المسلحة الملكية ، لأنه، تصوروا لو بقي جيش التحرير في الحدود ينتظر فرصا أخرى، لكان في إمكانه أن يدخل في حركة تحرير جديدة في السنوات التي ستعقب ذلك التوقيف ، ففرنسا تحالفت مع اسبانيا لأنها كانت هي مستعمرة الجزائر و بالتالي حريصة على الدفاع عن وجودها بالجزائر ، و لما اتفقت مع الجزائريين و أخذت الجزائر الاستقلال فآنذاك لم يبق داعم للاسبان، و حينها لو بقي جيش التحرير لبدأ عملية التحرير مجددا، و بالتالي يكون المغرب في موقف مريح، لأن الدولة ليست مسؤولة عنه ، عكس القوات المسلحة الملكية التي إن تدخلت ستصبح عملية حرب مع اسبانيا . كذلك لابد أن نسجل على أن سكان الصحراء و شباب الصحراء اخذوا المبادرات ، أولاها تلك التي أخذها شخص اسمه محمد البصيري أصوله من الصحراء و ينتمي إلى الزاوية البصيرية التي يوجد مركزها بإقليم أزيلال ولها امتدادات قوية في الصحراء ، هذا الشاب رحل إلى الشرق ودرس، و بطبيعة الحال ، رجع بعد دراسته و أقام بمدينة الدارالبيضاء أولا و أسس مجلة « الشهاب « و من بعد رحل إلى العيون و بدأ في توعية الساكنة على أساس تحرير الصحراء و استرجاعها إلى الوطن ، إلى حين أن وصلت إلى تنظيم مظاهرة و انتفاضة كبيرة في شهر يونيو 1970 بالعيون واجهها الاسبانيون بقمع شرس و اختطفوا محمد البصيري الذي لم يعد يظهر له إثر لحد اليوم ، فهو من شهداء معركة التحرير في بلادنا ، ولم يقل الاسبان ما هو مصيره و أين ذهب و أين قتل و أين جثته ؟ التجربة الثانية كانت للشباب الصحراوي الذي قام جيش التحرير بتعليمه في بوزكارن و تارودانت و اكادير، هذا الجيل لما وصل إلى الجامعة في السبعينات بدأ له وعي كبير على أنه لا يمكن أن تبقى الساقية الحمراء و وادي الذهب تحت الاستعمار ، جماعة من هؤلاء الطلبة الصحراويين كانوا وحداويين ، لم يكن لهم أي فكر انفصالي ، و قاموا بمظاهرة كبرى في طانطان في ماي 1972 ، غير أن الجنرال أوفقير قام بقمع هذه المظاهرة قمعا شرسا كان من نتائجه أن جزءا من هؤلاء الشباب فر إلى الجزائر و جزءا آخر بقي ، وبطبيعة الحال حاولوا الحصول على الدعم للبدء في عملية تحرير الصحراء و أسسوا البوليساريو سنة 1973 ، و أن هذا التأسيس لم يكن انفصاليا في البداية ، بدليل أن أحد المؤسسين يوجد في الصحراء ، فقاموا بأعمال مهمة و أراد معمر القدافي مساعدتهم ، لكن بومدين احتضنهم و اعتبر أن وجود أناس البوليساريو فوق ترابه و تحت مراقبته و بدعمه المادي و العسكري سيجعلهم أداة طيعة بين يديه، حيث دفعهم إلى الانفصال بعد شحنهم ضد بلادهم ، من هنا يوضح الأخ اليازغي، جاء المشروع الاستعماري فيما بعد بحيث في سنة 1974 قرر الجنرال فرانكو أن يقوم بتأسيس دويلة في الساقية الحمراء و وادي الذهب عن طريق الاستفتاء تسهر عليه الأممالمتحدة ، مستغلا الوضع المغربي المتأزم آنذاك ، و أمام هذا المخطط ، قام الحسن الثاني بالمبادرة على الانفتاح على الأحزاب السياسية و بالخصوص على الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، و أنا أتذكر، يقول الأستاذ اليازغي، أنني كنت في الإقامة الإجبارية في افران وإخواني جزء كبير من اللجنة الإدارية للاتحاد كانوا بالسجن المركزي بالقنيطرة ، الملك الحسن الثاني استدعى سي عبد الرحيم بوعبيد و شرح له الوضع كما أوضح له مخطط فرانكو و أنه اليوم محتاج إلينا لندافع عن بلادنا ، و أنا أتذكر زارني عبد الرحيم و أنا في الإقامة الإجبارية فكان جوابي هو إذا اختار الحسن الثاني موقفا وطنيا فلا يمكن إلا أن نكون معه، و بالتالي نحن حزب وطني و من مؤسسينا عدد من الناس ناضلوا في الصحراء من أعضاء جيش التحرير و المقاومة ، و بالتالي نحن لنا جذور في الصحراء. اذن لابد أن نقف معه ، ولا يهم أننا في السجن أو سنبقى في السجن ، المهم هي القضية الوطنية. حينها دخلت القضية الوطنية مرحلة أخرى ، و كان فشل فرانكو هو أن المغرب كان له موقف موحد، لأن الملك اتخذ موقفا وطنيا و التقينا معه فيه ، و بالطبع كانت المسألة استعجالية بحكم أن الأممالمتحدة كانت ستعقد جلسة عامة في شتنبر 1974 ، و قام الملك باتصالاته في شهر يونيو وكانت الأممالمتحدة ستصوت على تنظيم الاستفتاء، فكان أن اقترح الاتحاد على الملك أن نطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن نطرح السؤال على محكمة العدل الدولية ما إذا كانت الصحراء في الماضي أرضا خلاء ، لأن الاسبان كانوا يقولون ذلك ، عكس المغرب الذي يقول إن له علاقة بالصحراء منذ القديم ( الولاء البيعة ...) ، فكان أن طرح السؤال على محكمة العدل الدولية رغم محاولة الاسبان و الحكومة الجزائرية دفع موريتانيا للمطالبة بالصحراء لتصبح دولتان تطالبان بالصحراء ، و بطبيعة الحال الحكومة الجزائرية قامت بدور كبير في المحكمة بحيث كان أحد القضاة جزائريا ، إلا أنه في النهاية قالت المحكمة الدولية أنه كانت هناك علاقة ولاء بين سلاطين المغرب و قبائل الصحراء، و هذا يكفي من ناحية القانون الدولي، و لو أنه خاص بالعالم الإسلامي ، يؤكد الأخ اليازغي ، لكن مع الأسف أضافت شيئا لم يطلب منها، بحيث قالت إن هذا لا يمنع من تنظيم استفتاء في الصحراء ، آنذاك كانت المسيرة الخضراء التي حلت ذكراها منذ أيام ، و التي كانت عبارة عن مظاهرة كبرى قام بها المغاربة بتنظيم من المرحوم الملك الحسن الثاني، لإظهار هذا الجمهور الواسع ، 350 ألف متظاهر يصلون الحدود بل يتجاوزونها، لإبراز أن المسألة تهم المغاربة جميعا ، و بالتالي كان لها تأثير كبير في الوضع، خصوصا و أنها صادفت مرض الجنرال فرانكو الذي كان يحتضر، و حقيقة مجلس الأمن اجتمع و طلب من الأطراف التحاور ، فكانت المفاوضات ثلاثية ( اسبانيا، المغرب و موريتانيا ) ، و جاء الاتفاق الثلاثي و قدم للجماعة الصحراوية ، و بالتالي المغرب شرعا هو في أقاليمه الصحراوية بناء على اتفاق مع المستعمر و بناء على توصية للجماعة الصحراوية، و أن هذه المعاهدة وضعت لدى الأممالمتحدة و لم يُطعن فيها من أي أحد لحد اليوم ، هذا ما ينساه كثير من الناس، بمن فيهم الحكومة الجزائرية ، فجزء من الاسبان لما ظهر أن المغرب سيسترجع أقاليمه الصحراوية قاموا بحملة عنيفة ضده في الأقاليم الصحراوية كان من نتائجها أن جزءا رحل إلى اسبانيا ، خصوصا من كانوا بالجيش الاسباني ( تييرسو ) ، و حرضهم الحاكم سرزار بأن يذهبوا إلى تندوف ، وأكد أن الجزائر قامت سنة 1975، بالتدخل في الشؤون الداخلية للبوليساريو، وفرضت عليه قيادة جديدة، بعد قتل الوالي مصطفى السيد في أرض موريتانيا سنة 1976 . فيما بعد حاول البوليزاريو في المرحلة الأولى من 75 و 76 إلى 80 أن يختطف الناس أو أن يضغط عليهم لترحيلهم إلى تندوف، و بالتالي أصبحت المعارك ضد المغرب في أقاليمه الصحراوية بإمكانيات و لوجستيك جزائري مهيأ ، و بالطبع كان هناك ضحايا ، بحيث أدى المغرب ثمنا كبيرا من دماء أبنائه في الصحراء في هذه المعارك التي جعلته يتعبأ ليواجه الموقف ، وأن هذه التعبئة وصلت في النهاية إلى أن المغرب اهتدى إلى بناء جدار دفاعي على الحدود مع الجزائر و مع موريطانيا ، أكثر من 2300 كلم لهذا الجدار الرملي ، هذا هو ما جعل الصحراء تصبح في أمان ، ولولا الجدار لاستمرت الحرب و لكانت مآسي كبرى علما بأن المغرب ليس مستعدا لتسليم هذه الأرض مهما كان الثمن . بطبيعة الحال توجه الجزائريون إلى موريطانيا معتبرينها الحلقة الضعيفة» . وبعد أن تحدث بإسهاب عن حكم المحكمة الدولية، وتنظيم المسيرة الخضراء وطرح القضية على المنتظم الدولي والتفاعلات التي صاحبتها ضمنها مسألة إيقاف النار سنة 1990، ودخول المينورسو على الخط، ومسألة تحديد الهوية، أشار الأستاذ اليازغي إلى أن المغرب كان أول من طرح فكرة الاستفتاء في سنة 1981 بفريتاون، ولكن الاستفتاء، كان مستحيلا، حيث لم تستطع الأممالمتحدة تحديد الجسم الناخب ، مرورا بمخطط بيكر الأول والثاني، و قد اعتبر الأستاذ اليازغي أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، مقترح وجيه ويحظى بمصداقية من طرف مجموعة من دول العالم، مضيفا أنه لا يمكن تطبيقه إلا إذا تم التوصل إلى حل مع المغرب، وبعد حديثه عن المفاوضات الحالية بين المغرب والبوليساريو، قال بأن المغرب لايزال يطالب الجزائر بأن تأخذ الكلمة في هذه المفاوضات، خصوصا وأن اللاجئين يتواجدون فوق أراضيها، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة إحصاء هؤلاء اللاجئين المتواجدين فوق أرض جزائرية ، معتبرا في الوقت نفسه، أن الحل لمشكل الصحراء، يتمثل في تطبيق الحكم الذاتي. و بخصوص الإصلاح الداخلي ، أكد الأستاذ اليازغي أن المغرب و حتى يربح الرهان في هذه القضية، فهو ملزم بالإصلاح الداخلي في اتجاه الجهوية الموسعة التي تعتبر الأداة الأساسية للربح النهائي للملف ، رغم أننا متواجدون في صحرائنا ، كما يجب العمل في كل المحافل والتطرق إلى قضية وحدتنا الترابية و التعريف بها باستمرار مع تنشيط الدبلوماسية الرسمية و الموازية و الشعبية، علما بأن المغاربة متيقظون لمخططات الخصوم، و أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها في مسألة احترام حقوق الإنسان التي يسخرها الخصوم ضد بلادنا، و إعمال الشفافية إذا ما تم الحديث عن خروقات ، حتى نبين للمجتمع الدولي أن حقوق الإنسان مصانة عندنا و في كل الأقاليم» .