الأغلبية الحكومية تجدد الدفاع عن تماسكها بعد تسخينات انتخابية    زياش إلى الدحيل القطري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أمطار الأربعاء تؤكد حاجة طنجة لمزيد من مشاريع الحد من الفيضانات    مدير "البسيج": الأجهزة الأمنية تسير بخطى ثابتة في محاربة الإرهاب دون مبالاة بمن يشكك أو يبخس    بوغطاط المغربي | تصاعد خطر الإرهاب يعيد النقاش حول "المسؤولية المعنوية" لمتأسلمي العدل والإحسان والبيجيدي وأبواق التحريض في اليوتيوب    أداء إيجابي ببورصة الدار البيضاء    بعد تعليق نتنياهو قرار اطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين.. تقارير اعلامية: "الإفراج من سجن عوفر سيتم خلال ساعات الليل"    أمر تنفيذي من "ترامب" ضد الطلاب الأجانب الذين احتجوا مناصرة لفلسطين    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    الوداد يعزز صفوفه بالحارس مهدي بنعبيد    ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: المغرب يعتمد خيارا واضحا لتدبير إنساني للحدود    بايتاس: "التراشق والشيطنة" لا يخدم مكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية حققت 80% من أهدافها    أخنوش يتباحث مع وزير الخارجية اليمني و الأخير يجدد دعم بلاده لمغربية الصحراء    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    ساعات من الأمطار الغزيرة تغرق طنجة .. والعمدة يدافع عن التدابير    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قرب واشنطن    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    عاجل.. الوزير السابق مبديع يُجري عملية جراحية "خطيرة" والمحكمة تؤجل قضيته    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    قرعة دوري أبطال أوروبا غدا الجمعة.. وصراع ناري محتمل بين الريال والسيتي    مارين لوبان: من يحكمون الجزائر يخفون الحاضر.. لديهم اقتصاد مدمر، وشباب ضائع، وبلد في حالة تفكك    الوداد البيضاوي يعزز صفوفه بمهاجم صانداونز الجنوب إفريقي على سبيل الإعارة    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    على ‬بعد ‬30 ‬يوما ‬من ‬حلول ‬رمضان.. ‬شبح ‬تواصل ‬ارتفاع ‬الأسعار ‬يثير ‬مخاوف ‬المغاربة    "ماميلودي" يعير لورش إلى الوداد    الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يبقي سعر الفائدة دون تغيير    حاجيات الأبناك من السيولة تبلغ 123,9 مليار درهم في 2024    استقرار أسعار الذهب    الشرع يستقبل أمير قطر في دمشق    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يحقّق أرقامًا قياسية في صادرات عصير البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي    ""تويوتا" تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية للعام الخامس على التوالي    افتتاح السنة القضائية بطنجة: معالجة 328 ألف قضية واستقبال أكثر من 42 ألف شكاية خلال 2024    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة آغام بيرغر    نيمار يتنازل عن نصف مستحقاته للرحيل عن صفوف الهلال    أمطار رعدية غزيرة تجتاح مدينة طنجة وتغرق شوارعها    أمير قطر يصل لدمشق في أول زيارة لزعيم دولة منذ سقوط بشار الأسد    مجلة الشرطة تسلط الضوء في عددها الجديد على الشرطة السينوتقنية (فيديو)    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    جائزة عبد الله كنون تكرّم الإبداع الفكري في دورتها الثانية عشرة حول "اللغة العربية وتحديات العولمة"    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخ عبد الرحيم بوعبيد في ندوة «ملف الصحراء المغربية أمام الهيآت الدولية»

.بدعوة من جمعية قدماء ثانوية مكناس، اشترك الأستاذان عبد الرحيم بوعبيد ومحمد بوستة، بعرضين تلتهما مناقشة حول «قضية الصحراء المغربية أمام الهيئات الدولية».
وقد أشاد ممثل الجمعية المنظمة عند تقدينه للأستاذين، بكفاحهما الماضي والحاضر، من أجل الدفاع عن مطالب الشعب، واشار بصفة خاصة الى ما قاما به في سبيل توضيح ملف القضية، سواء لدى الول أو أمام الهيئات الدولية، الأمر الذي يجعلهما أفضل من يتحدث عن ملف الصحراء المغربية المعروضة امام المنظمات الدولية.
ثم تناول الكلمة الأستاذ محمد بوستة، الذي أبرز أن اللقاء يتم بعد ورود الأخبار عن تحرك المواطنين الصحراويين لتحرير المنطقة من الإستعمار، ووجه بالمناسبة تحية باسم المشاركين في الندوة الى إخواننا سكان الصحراء المحتلة.
وقد تناول الأستاذ بوستة في عرضه الذي قال بأنه سيضطر الى إيجازه، الجوانب التاريخية والقانونية، والمعطيات الجغرافية والإجتماعية للمنطقة، مع أبرز مواقف المغرب إزاء القضية خصوصا بعد الإستقلال، الر جانب مواقف اسبانيا، وختم المحاضر عرضه بإعطاء نظرة عن موقف المغرب الحالي وافشارة الى آفاق المستقبل.
وبعد كلمة الأستاذ بوستة، أخذ الأخ عبد الرحيم بوعبيد في إلقاء عرضه، الذي انصب على توضيح الإطار السياسي الذي كان يواجه المواقف المغربية سواء أثناء الحماية، أو بعد إعلان الإستقلالل، ووقف الأخ عبد الرحيم بوعبيد، عند محادثات إكس ليبان ليبين الظروف والإعتبارات التي أملت الموقف المغربي، وكذلك أسباب التصرف الخاص تجاه إسبانيا. ولم يفت الأخ بوعبيد أن يبرز الخطة التي كان المغرب يتبعها بخصوص الصحراء بالنسبة للموقف من الجزائر أثناء كفاح الجزائر من أجل الإستقلال. ونظرا للأهمية الخاصة للعرض الذي ألقاه بوعبيد
نقدمه فيما يلي:
أيها الإخوان:
بعد العرض القيم الذي قام به الأخ الأستاذ محمد بوستة والذي تناول فيه القضية من جوانبها التاريخية والقانونية والآفاق التي على المغرب أن يراها وهو يعالج قضية الصحراء ويخوض الكفاح من أجلها والتي عليه أن يراها من الآن وأثناء هذا الكفاح.
لماذا تأخر المغرب؟
بعذ هذا لابد من وضع السؤال الأتي: لماذا تأخر المغرب الى اليوم ولم يقم في الماضي بما قام به اليوم من انتفاضة ووحدة وطنية من أجل قضية مقدسة وهي تحرير الصحراء؟ ثم كيف كانت نظرة الحركة الوطنية أيام نشأتها وخلال خطواتها الأولى الى الصحراء؟ هذه بالطبع حقائق تاريخية لابد من ذكرها لنقوم بنوع من النقد الذاتي، ماذا كان ينبغي أن نفعل في الماضي أيام الكفاح الوطني أثناء الإستعمار وبأي شئ كان ينبغي أن نقوم ضد الإستعمارين الفرنسي والإسباني آنذاك؟ لابد من سرد هذه الحقائق التاريخية:
يجب ان نعرف ان احتلال المغرب لم يبتدئ بتوقيع عقد الحماية بتاريخ 30 مارس 1912 بالنسبة للحماية الفرنسية وما تبعها من المتداد النفوذ الإسباني الى شمال المغرب وجنوبه بواسطة توقيع عقد الحماية الإسباني في نفس السنة، ولكن الإستعمار إسبانيا كان أو فرنسيا ابتدأ في الحقيقة باحتلال عدة مناطق من الصحراء المغربية فبل توقيع عقدي الحماية الفرنسي والإسباني سنة 1912، لقد وقع احتلال الصحراء الشرقية والجنوبية والغربية بواسطة التسرب عن طريق السينغال وافريقيا السودار والجزائر، وهكذا احتلت في الشرق «توات» وما حولها بناحية فكيك وفي الجنوب على ضفاف وادي درعة تيندوف ونواحيها، وعلى هذا الشكل تم احتلال الصحراء الغربية، الساقية الحمراء ووادي الذهب... بعد هذا تم توقيع عقد الحماية على المنطقتين كأن المناطق الأخرى ليست من المغرب وخارجة عنه.
بعد عقد الحماية أصبح شغل الوطنيين الشاغل هو ابطال مفعول عقد الحماية المفروض علينا وتحرير المناطق التي يمند اليها نفوذ الدولتين الحانيتين بمقتضى بنود عقد الحماية.
أين يبدأ التراب الوطني وأين ينتهي:
وعندما نعود الى الوثائق الوطنية مثلا وثيقة الأستقلال سنة 1944 نجد اننا طالبنا فيها بالإستقلال الوطني على أساس الوحدة الترابية للبلاد وصيانة التراب الوطني. لقد كنا ونحن شبان نتسائل عن حقيقة هذا التراب الوطني: ما هو هذا التراب؟ أين يبدأ وأين ينتهي؟ كان تصرف الحركة الوطنية يقوم على أساس سياسة تجزئة الكفاح الى مراحل، تبتدئ بإلغاء الإتفاقات الدولية التي فرضت على المغرب في شكل حماية وإعلان الإستقلال الوطني على المناطقالمحمية على ان يتم ذلك في دائرة احترام وحدة التراب الوطني، ثم تأتي مراحل تحرير المناطق التي فرض عليها الإستعمار المباشر في الشرق والجنوب من طرف الفرنسيين وفي الغرب من طرف الإسبان والتي أصبحت تابعة إما لفرنسا وإما لاسبانيا، اننظر مثلا الى المناطق الصحراوية التي تقع في الشرق والجنوب الشرقي للمغرب وهي التي أصبحت الآن جزءا من التراب الجزائري، لقد كانت هذه المناطق كلها أو جلها تابعة للمغرب، ثم لما تم إحتلال الجزائر والصحراء والمغرب، فكر الإستعمار في فصل هذه المناطق حتى عن الجزائر نفسها إداريا وقانونيا باعتبارها مناطق أساسية، فكانت الجزائر وكانت مناطق أخرى صحراوية خارجة عن الجزائر.
ذلك هو موقف الحركة الوطنية أثناء كفاحها الوطني إزاء مشكلة الصحراء، على أنه لابد من شهادة تاريخية وهي ان أول شخص بحث في قضية الصحراء ونادى بتحريرها هو المرحوم علال الفاسي، وذلك خلال سنتي 1947 و1948 من القاهرة.
وهكذا يتأكد أن معالم التراب الوطني غير نحدود في وثائق الحركة الوطنية إلا ما كتبه أو قاله المرحوم علال الفاسي.
قضية الصحراء و»إكس ليبان»
تلك كانت وضعية الصحراء في كفاحنا قبل الإستقلال أما ما قمنا به بعده، فهناك عدد من الناس يتساءلون أحيانا عن حسن نية وأحيانا كثيرة عن سوء نية وعناد ومكابرة: لماذا لم نضع قضية الصحراء ونطرحها وقت وضع معاهدة الإستقلال؟ وجوابنا هو أنه وقت معاهدة الإستقلال كانت الوثائق الرسمية للمغرب، سواء كانت وثائق ملك المغرب أو الحركة الوطنية نفسها كانت تركز على إلغاء نظام الحماية وأحلال نظام الإستقلال محله، والغاء نظام الحماية يعني تحرير المناطق التي كانت تحت الحماية.
كل هذا ضروري لإزالة كل لبس وتبديد جميع الأوهام وإلغاء كا المجادلات، فقد قيل: لماذا لم تطرح قضية الصحراء أثناء محادثات إكس ليبان؟ ونقول لهؤلاء أولا إن محادثات إكس ليبان لم تكون لتحديد تراب المغرب وانما كانت مذكرات وتبادل وجهات النظر، لكننا لما حان وقت وضع معاهدة الإستقلال 2 مارس 1956 وضعت قضية الصحراء التي اقتطعت من التراب المغربي، حينذاك وضعت الحكومة المغربية 3 تحفظات وكنت انا مكلفا من قبل الحكومة المغربية بابداء هذه التحفظات التي كان احدها يتعلق بوضعية القواعد الأمريكية بالمغرب والثانية بالصحراء الجنوبية: جنوب وادي درعة وجنوب فجيج وبالأخص فيما يتعلق بمدينة تيندوف.
تحفظات ...والتزامات
لكن إذا كنا قد قمنا بتحفظات أثناء وضع معاهدة الإستقلال فقد كانت لدينا التزامات ازاء الثورة الجزائرية التي تتطلب منا التضامن معها واحباط مناورات الإستعمار الذي كان يرمي الى التفرقة وفك التضامن المغربي الجزائري، لكن فضل المغرب ان يقوم بدراسة قضية الصحراء مع الجزائريين بدل دراستها مع المستعمرين حفاظا على مبدأ التضامن مع الثورة الجزائرية، بل ذهب المغرب الى أكثر من ذلك، فقد عرضت عدة حكومات فرنسية على المغرب وضع قضية الصحراء اثناء مفاوضتها مع الجزائريين إلا أن المغرب رفض ذلك مرجئا الأمر الى محادثات ثنائية بينه وبين الجزائريين، كان هذا ضروريا للحفاظ على جبهة تحرير المغرب العربي ومساندة كفاح الشعب الجزائري الذي كان الكفاح التحريري من التراب المغربي المستقل. وقد اعتمد المغرب على وعد من الحكومة المؤقتة الجزائرية بأن مشاكل الصحراء سيتم حلها بين الحكومتين المغربية والجزائرية بعد ان تستقل الجزائر.
وفاء لروح جبهة تحرير المغرب العربي
أما الصحراء الغربية فقد وضعنا مشكلها بمدريد اثناء وضع معاهدة استقلال شمال المغرب سنة 1956 وقمنا بالتحفظات اللازمة في شأن هذه المنطقة، وقلنا للاسبانيين ان وضعية هذه المنطقة أكثر وضوحا من وضعية المناطق الصحراوية الخاضعة للنفوذ الفرنسي، فقد ظلت الساقية الحمراء ووادي الذهب ضمن مناطق الحماية الإسبانية الى سنة 1946، ومعنى هذا ان الغاء الحماية عن الشمال وطرفاية يستتبع بالضرورة انها الإحتلال في كل المناطق الصحراوية بما فيها الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهذا معنى النص في معاهدة الإستقلال على استكمال الوحدة الترابية وصيانة هذا التراب، لكن المشكل في القضية هو أننا كنا نتصرف تصرفا خاصا ازاء اسبانيا، فقد كانت تدعي انها الولة الأوربية الوحيدة التي حافظت على علاقات طيبة مع العالم العربي، وكانت تزعم انه لولا المنطقة الشمالية لما احرز المغرب على استقلاله... فكان تصرفنا ازاءها ? تبعا لذلك ? يرمي الى عدم احراجها، وهناك جانب آخر اساسي من الناحية التاريخية وهو ان اسبانيا سمحت للجزائريين بأن يمارسوا عدة نشاطات فوق ترابها كالإتصالات وعقد الإجتماعات، وطبعا فإن ذلك كان تحت مراقبة الأجهزة الإسبانية الا ان الجزائريين كانوا في حاجة اليه. فكان لديهم نوع من حرية التصرف والتنقل والإجنماع في مأمن من مراقبة ومطاردة السلطات الفرنسية.
كل هذه العوامل جعلت اسبانيا تستفيد وتطور هذه الأشياء التي ستصبح فيما بعد اشياء قاهرة وحقوقا مكتسبة، كما لو كان ذلك ثمنا لبعض المساعدات التي منحتها لنا أثناء كفاحنا للإستعمار الفرنسي، والتي ساعدت بها اعضاء جبهة التحرير الوطني الجزائري الذين كان كفاحنا مرتبطا بكفاحهم وفاء لروح جبهة تحرير المغرب العربي.
الجزء الذي ينتظر التحرير
ايها الاخوان، ايها السادة:
هذه التفاتة الى الماضي كانت ضرورية لنعلم هل كانت تصرفاتنا ازاء قضية الصحراء في مستوى ما كان ينبغي ان نقوم به ام انها كانت دون ما كان في امكاننا ان نقوم به ازاءها؟
ومهما يكن فهذا هو الواقع: فابتداء من سنة 57 الى سنة 1960: دخلت قضية الصحراء طورا جديدا يتمثل في المطالبة الرسمية من المغرب بتحريرها باعتبارها جزءا من ترابه الوطني بما في ذلك الصحراء الشرقية والجنوبية، وعلى الصعيد الرسمي طرحت القضية في خطاب ملكي القاه المرحوم محمد الخامس بمحاميد الغزلان سنة 1957 وبذلك اصبحت المشكلة مطروحة وطنيا ودوليا، غير ان تصرفاتنا مع الإسبانيين سارت كما وصفتها قبل على اساس عدم احراجهم بالإضافة الى ما كان مؤملا من الإسبانيين من تفهمهم للمشكل واعترافهم بالحق لأصحابه والإعتراف بالجميل للمغرب الذي حرص في علاقته معهم على عدم احراجهم، لكن بعد استقلال الجزائر اصبحت الأمور واضحة فأنا لن اتحدث عن الصحراء الجنوبية او الشرقية لان الموضوع يحدد اطار الحديث في الصحراء المحتلة من طرف اسبانيا.
كانت هناك اتفاقات مع الجزائر الا ان هذه الإتفاقات لا تلزم الشعب المغربي.
ان حل جميع مشاكل الحدود يجب ان يتم في اطار وحدة المغرب العربي.
عندما نستعرض هذه الأحداث التاريخية لا نريد من وراء ذلك الانتقاد، بل لنسجل الوحدة الوطنية والإجماع الوطني من القمة الى القاعدة، من الملك الى الشعب، ولنقول بصراحة للشباب المغربي: اننا طلبنا باسقلال فحرر طرف منه وبقي طرف آخر ينتظر التحرير.
اللجوء الى محكمة العدل الدولية واحراج اسبانيا
لقد عرض عليكم الأخ بوستة موقف المغرب في الأمم المتحدة طيلة السنوات الماضية وبصفة خاصة هذه السنة، واؤكد لكم اننا ذهبنا للأمم المتحدة لنزيل الغموض واللبس الذي علق بهذه القضية، واؤكد لكم بان ذلك لم يكن سهلا: لقد ذكرنا بكفاح الجزائر وموقف اسبانيا في الماضي وفسرنا تردد المغرب ووضعناه في اطار التضامن مع كفاح الشعب الجزائري، وأثبتنا شكاية المغرب ضد اسبانيا امام الهيآت الدولية سنة 1964 واتباعه الشكاية بملتمس يؤكد ان هناك نزاعا على السيادة بهذه المنطقة.
ومما يؤسف له ان المغرب لم يسلك خلال السنوات الماضية طريق الملتمس الأول وقام بتصرفات استفادت منها اسبانيا واستفاد منها آخرون لا اذكر أسناءهم، وبذلك حلقت اطماع بالمنطقة، واصبح هؤلاء يتملصون من فتح ملف القضية ليقينهم بسلامة موقف المغرب وقوة حجته، وكثيرا ما كان اخواننا الأفارقة يسألوننا، لماذا لم تقولوا هذا من قبل؟
وهكذا اضطررنا الى التذكير بمواقف المغرب السابقة واثارة قضية السيادة التي طرحها ملتمس المغرب المقدم سنة 1964، وعندما وصلت الأمور الى هذا الحد وبعد مواقف اسبانيا التي اصبحت تستهدف فصل المنطقة عن المغرب واقامة حكومة صورية لاستمرار تسلطها واستغلالها لهذه المنطقة بواسطة منح استقلال تحتفظ فيه لنفسها بالخارجية والدفاع والمالية.
بعد هذا اصبح ضروريا فضح مواقف اسبانيا ولذلك رفض المغرب الإستفتاء لأنه ليس من المعقول ان يقبل استفتاء في جزء من ترابنا الوطني.
لقد طالب المغرب برفع القضية الى محكمة لاهاي بعد ان رفض الإستفتاء وهو يريد من ذلك احراج اسبانيا وحمل الأطراف المعنية على نوضيح آرائهم في القضية، وكان هذا الحل سليما لانه جنب المغرب الوقوع في العزلة سيما بعد مواقف المغرب السابقة من قضية الصحراء.
ان احراج اسبانيا يتجلى في ضعف حجتها امام المغرب اذ كانت ولا تزال تدعي انها وجدت الصحراء ارضا خالية لا سيادة لولة عليها، ولذلك فان امر الصحراء لا يعني في منطقها الا سكانها واسبانيا، ولذلك قررت استفتاءهم، ولهم بعد ذلك ان يقرروا ما يريدون، واذا كان هذا صحيحا فلماذا رفضت الذهاب الى محكمة العدل؟
الطريق الصحيح نحو التحرير
اننا موقنون ان محكمة لاهاي ليست هي طريق التحرير ولكنها وسيلة من الوسائل السياسية التي لابد من استعمالها لكن يبقى الطريق الصحيح للتحرير الوطني وتصفية الإستعمار، انه لكي يكون التحرير كاملا لابد من عمل ناجع وفعال، وقد اكدت الجلسات التي حضرناها والتي تراسها جلالة الملك ان المغرب سيستعمل جميع الوسائل لتحرير ترابه.
وأخيرا: هناك سؤال لابد منه: ما هو نوقفنا من موريطانيا؟ لابد من توضيح هذا الجانب الهام من قضية الصحراء، لقد كانت سياسة اسبانيا تقوم على استغلال واستفادة من الخلافات حول الصحراء، بل لم تكن تتورع عن الدس بين المغرب وموريطانيا لتخويفها من المغرب عندما تصبح حدوده متصلة بحدودها.
موقفنا الآن من القضية واضح، بالنسبة لتحرير الصحراء من قبضة الإستعمار، يجب استعمال جميع الوسائل مسلحة وغير مسلحة، وبالنسبة لعلاقتنا مع موريطانيا فلا بأس ان نوضح حقيقة علاقة سكان الصحراء المحتلة بالمغرب من جهة وموريطانيا من جهة أخرى، فقد كان سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب صلة الوصل بين جنوب المغرب وشمال موريطانيا، فيجب اليوم ايضا كما كان الأمر بالأمس ان تكون هذه المنطقة من أسس التعاون بين البلدين الشقيقين، ان العلاقات القائمة بين الدول اليوم ليست هي علاقات الأمس وان مغرب اليوم هو غير مغرب البارحة، علينا ان نفهم الوضع الدولي اليوم وخاصة في افريقيا، في القديم لم تكن هناك دول بمفهومها الصحيح اذا استثنينا المغلرب واثيوبيا ومصر، والواقع اليوم: ان اكثر اعضاء الأمم المتحدة هي دول جديدة تعيش ضمن الحدود التي ورثتها عن الإستعمار، فيجب ان تتطلع الى آفاق جديدة بروح منفتحة وعقلية جديدة تصل بين الماضي والحاضر وتؤهل المغرب ليلعب دوره التاريخي في نشر الحضارة وتحرير المنطقة بأكملها من الإستعمار بأشكاله المختلفة.
المرجع: جريدة المحرر 6 دجنبر 1974
مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.