بعد جمود دام خمس سنوات، جرى تنصيب أعضاء مجلس المنافسة الاثني عشر الجدد، اليوم الأربعاء، بعد تعيين الملك محمد السادس، خلال الشهر الماضي، لإدريس الكراوي رئيساً للمجلس خلفا لعبد العالي عمور. ونُظم حفل التنصيب بمقر مجلس المنافسة بالعاصمة الرباط، وهو من المؤسسات الدستورية، ويُعنى بضبط وضعية المنافسة في الأسواق، بحضور الأعضاء الذين جرى تعيينهم قبل أيام من طرف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بمرسوم صدر في الجريدة الرسمية. ومن المقرر أن يؤدي، غداً الخميس، الأعضاء الجدد بمجلس المنافسة، ما عدا القضاة نواب الرئيس، القَسمَ بمقر محكمة الاستئناف في الرباط كشرط لمباشرة عملهم الذي سينطلق يوم الجمعة بأول اجتماع رسمي، حسب ما كشف عنه الرئيس الجديد ادريس الكراوي. وقال الكراوي، في كلمة خلال حفل التنصيب، إن الظرفية التي جاء فيها التعيين الجديد تتميز بطلب مُختلف مكونات المجتمع بالاحترام والتطبيق السليم لقانون الأسعار والمنافسة، مؤكداً أن التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والحكامة المؤسساتية الجيدة مترابطة ارتباطاً وطيداً. وأشار الكراوي إلى أن تكريس مبادئ الحكامة الاقتصادية الجديدة بالمغرب يُحتم تفعيل مبادئ الشفافية والنزاهة والاستحقاق على مستوى العلاقات الاقتصادية بشكل يضمن وضع نظام اقتصادي يُشجع على الاستثمار والابتكار، ويمنع ممارسات الربح غير المشروع المبنية على السلوكيات المنافية للمنافسة. كما شدد الرئيس الجديد لمجلس المنافسة على أن تفعيل مبادئ المنافسة الحرة والنزيهة داخل الأسواق من بين الأسس المهمة لتحسين مناخ الأعمال والرفع من تنافسية النسيج الاقتصادي، وهو ما يدفع، بحسبه، إلى تشجيع الاستثمار والدفع بالمقاولات نحو الاستعمال الأفضل للموارد ولوسائل الإنتاج. واعتبر الكراوي أن المجلس يتوفر على إطار قانوني جديد بمواصفات عالمية سيمكنه من القيام بكل فعالية بدوره لوضع سياسة المنافسة ومحاربة الممارسات المنافية لها ومراقبة عمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار، وبالتالي تجاوز صفته الاستشارية دون إلغائها. ووضع الكراوي سبعة أهداف استراتيجية كبرى لمجلس المنافسة، تتمثل في حماية المستهلك المغربي والحفاظ على قدرته الشرائية، وتأمين تموين السوق الداخلي من المواد الأساسية الاستهلاكية والتجهيزية الضرورية للمواطنين والمقاولات على حد سواء، وتجويد عمليات الاستثمار الوطني وتقوية نجاعته، والمساهمة في تفجير الطاقات الخلاقة لكافة مكونات المجتمع والاقتصاد، خصوصاً لفائدة الشباب الراغب في المبادرة والاستثمار والمخاطرة والابتكار. بالإضافة إلى ذلك، سيركز مجلس المنافسة، حسب الكراوي، على التحول إلى مؤسسة للحكامة والضبط الاقتصادي للمساهمة في بناء نموذج وطني للتنمية قوامه التوفيق بين اقتصاد تنافسي ينتج الثروة وينعش الشغل، ومجتمع تضامني يوفر شروط العدالة الاجتماعية، وتطوير ثقافة المنافسة النزيهة التي تشجع الممارسات الجيدة في إطار المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية للدولة والمقاولة والجماعات الترابية وفعاليات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق المستهلك المغربي. وللنجاح في تحقيق هذه الأهداف، أكد الكراوي ضرورة مقاربة أعضاء مجلس المنافسة لقضايا الأسعار والمنافسة وفق منهجية تشاركية تمكن من اتخاذ قرارات مستقلة ومجردة وجريئة، وتحظى في بلورتها بالنزاهة والموضوعية، ومقبولة من طرف الفرقاء المعنيين بالقضايا المطروحة على المجلس. ودعا الكراوي أعضاء المجلس إلى الحرص الجماعي على الاستقلالية التامة إزاء ضغوطات محيط الأعمال وعالم السياسة، طبقاً لتوجيهات الملك محمد السادس، من أجل بلوغ الهدف المتمثل في خدمة المصالح العليا للاقتصاد الوطني بتجرد تام وموضوعية مطلقة ونزاهة صافية صادقة. ومجلس المنافسة منظم بالقانون رقم 20.13 الصادر سنة 2014، وبموجبه يتمتع المجلس بسلطة تقريرية في ميدان محاربة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة ومراقبة عمليات التركيز الاقتصادي كما هي معرفة في القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، كما يُكلف المجلس أيضاً بإبداء الرأي والاستشارة وإصدار دراسات بشأن المناخ العام للمنافسة قطاعياً ووطنياً. ويتيح قانون المجلس للإدارة أن تحيل عليه كل ممارسة منافية لقواعد المنافسة، كما يمكن أن يستشار من طرف المحاكم في القضايا المعروضة عليها، إضافة إلى الجماعات الترابية وغرف التجارة والفلاحة والصناعة التقليدية والصيد البحري والنقابات وهيئات التقنين وجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة.