ورد في تقارير أممية تعنى بحماية حقوق الإنسان، خاصة منظمة هيومان رايتس، أن شبهة التعذيب تشوّه محاكمة جماعية، وأن المتورطين في حراك الريف تعرضوا للتعذيب ولانتهاكات بناء على تصاريح جهات مختلفة، خولت للبعض استنتاج الشبهات علما أن من توفر على إمكانات هذه المنظمات المفروض أن لديها من الوسائل التي توصل إلى الجزم واليقين بدل الشبهة والتخمين. ولعل قمة العبث والابتعاد عن التجرد والموضوعية أن يتم اعتبار تراجع المتهمين عن تصريحاتهم قرينة على كونهم تعرضوا للتعذيب، على اعتبار أنه غالبا لما يسجل محضر الضابطة القضائية اعترافات يتم التراجع عنها أثناء الاستنطاق من لدن قاضي التحقيق أو قاضي الحكم. ومقارنة بتقرير هيومان رايتس، واللقاءات التي أجراها سابقا السيد الأمين العام لمنظمة العفو الدولية والوفد المرافق له مع السيد رئيس الحكومة وبعض الوزراء والجمعيات الحقوقية، بمقر مجلس النواب مع برلمانيين من مختلف الفرق الممثلة للأغلبية والمعارضة، وأثناء إلقاء كلمته أمام البرلمانيين في الولاية السابقة، أشار الأمين العام للمنظمة إلى أن هذه الأخيرة حركة عالمية مكونة مما يزيد على سبعة ملايين شخص مقسمين بين الأعضاء والمناصرين والنشطاء وموزعين في أكثر من 150 بلدا ومنطقة مركزا على الاستقلالية التامة عن مختلف الحكومات أو العقائد السياسية أو المصالح الاقتصادية أو الأديان، موضحا أن المنظمة تتلقى التمويل من الأعضاء والتبرعات العامة، وفي ذلك إشارة إلى البرلمانيين أن المنظمة لا تعتبر تابعة للوبيات معينة. كما لخص الأهداف المتمثلة في النضال من أجل وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والسعي إلى أن يتمتع بنو البشر بجميع الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتلك أمور محمودة لا يتجادل فيها اثنان. وأثناء تطرقه لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب، ركز على الهوة التي راحت تفصل بين سنة 2011، حيث تم رفع سقف الحقوق والحريات في المغرب، وحالة التضييق الحالي على الحقوق والحريات، مضيفا أنه على الرغم من اعتماد دستور جديد ينص على الحقوق والحريات واستقلال السلطة القضائية والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري سنة 2013 والانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب سنك 2014، فإن المنظمة ما زالت تسجل الانتهاكات والممارسات المسيئة إلى حقوق الإنسان. وأثناء إعطائه الكلمة لعضوة مرافقة للوفد، أوردت مجموعة من الملاحظات والتوصيات والتي تبين من خلال تلاوتها عدم تحيين المعلومات أحيانا، وعدم دقتها أحيانا أخرى، أهم تناقض وارد هو ما تمت إثارته من تزويج المغتصب من الضحية القاصر، والحال أنه تم حذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي الذي كان يسمح بزواج القاصر من المغرر بها. وما قيل عن هذا التناقض البين الصارخ يقال عن أوضاع وحالات أخرى، وأنه كان من الأجدر عند إعداد التقارير مراعاة مسألة التحيين، والاطلاع على مشاريع ومقترحات القوانين، واعتماد الموضوعية وأخذ المعلومة من أجهزة رسمية وأخرى حقوقية وعدم التحيز والانحياز إلى جهة وإقصاء أخرى، حتى تحرر التقارير بدقة وموضوعية مع التزام الحياد والتجرد، علما أن القانون الجنائي المغربي يعاقب على جريمة الاغتصاب إذا اقترن بظروف التشديد وقد تصل العقوبة إلى ثلاثين سنة سجنا نافذا. من جهة أخرى، تمت إثارة ملاحظات تتعلق بالحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي واكتظاظ السجون ووضع حد للعنف ومكافحة الإفلات من العقاب وإلغاء عقوبة الإعدام تماشيا مع المادة 20 من الدستور، علما أن مدة الحراسة النظرية المثارة في التقرير والمنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية لم تعد تطرح إشكالا. كما أشار البرلمانيون إلى مستجدات مشروع القانون الجنائي والذي لئن جاء متضمنا لعدة سلبيات هي مطروحة حاليا للنقاش وأن نواب الأمة يمثلون الشعب ولا يتحيزون إلى أية فئة أو شريحة معينة، فإنه أجاب على عدة نواقص تثيرها منظمة أمنستي في تقاريرها؛ منها ما نص عليه الفصل 9-231 من المشروع الذي يجرم كل اعتقال أو احتجاز أو اختطاف أو أي شكل من الأشكال السالبة للحرية يرتكبه الموظفون العموميون أو أشخاص يتصرفون بموافقة الدولة أو بإذنها أو بدعم منها، في تناغم مع مقتضيات الفصل 23 من الدستور الذي يعتبر الاعتقال التعسفي أو السري أو القسري من أخطر الجرائم التي تعرض مقترفيها لأقسى العقوبات، وكذلك تجريم التزويج القسري ومضاعفة العقاب إذا كانت الضحية قاصرا، علما أن مدونة الأسرة لسنة 2004 خولت للرشيدة تزويج نفسها بنفسها. وعن الاكتظاظ والاعتقال الاحتياطي، تمت الإشارة إلى أن مشروع القانون الجنائي نص على العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتعدى العقوبة المحكوم بها سنتين حبسا، والتي ستمكن لا محالة من مواجهة معضلة اكتظاظ السجون.ك ما ينبغي الإشارة إلى أن المشروع خفض عدد الجرائم التي تطبق فيها عقوبة الإعدام من 33 إلى 11، وأن قانون القضاء العسكري الذي صدر في الجريدة الرسمية في يناير 2015 قلص من عدد الجرائم التي تطبق فيها عقوبة الإعدام. وخلص البرلمانيون إلى أن المغرب حقق عدة نتائج إيجابية في مجال احترام وحماية الحقوق، كما راجع عدة قوانين وصادق على أخرى؛ منها قانون الدفع بعدم دستورية القوانين، الذي يعد رائدا في مجال حماية الحقوق. لذلك، فإن منظمة العفو الدولية، وباعتبارها رائدة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ومن أقوى المنظمات التي تناضل من أجل وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولديها من الإمكانات للاطلاع والتقصي وتدقيق المعطيات، وحتى تتسم قراراتها بالشرعية والموضوعية والمصداقية والحياد والتجرد وعدم تصنيف المغرب تصنيفات غير منصفة بناء على معلومات صادرة عن جهات إما معادية لمسلسل الإصلاح الذي يعرفه المغرب منذ إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، واعتماد الوثيقة الدستورية لسنة 2011 ومختلف الإصلاحات في مجال التشريع وإحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحماية المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، أن تأخذ بعين الاعتبار مصادر المؤسسة التشريعية بغرفتيها للاطلاع على المشاريع والمقترحات، خصوصا تلك المتعلقة بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والجهات الرسمية من وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة التي أصبحت رائدة في حماية الحقوق والحريات والتواصل مع جميع الشرائح ورصد الخروقات ذات الصلة باختصاصاتها، والجمعيات الحقوقية بمختلف مشاربها ومقارنة جميع المعطيات بما يصدر عن بعض النشطاء التابعين لجهات متحيزة لا توثق المعلومة بصفة موضوعية، بل تطمس الحقائق خدمة لأجندات معينة، وأن المقارنة وحدها بين تقارير الجهات الرسمية والاستماع إلى مختلف الشرائح منها المعارضة لكل ما هو رسمي، والاطلاع على الأحكام علما أن الحكم القاضي بإدانة المتهمين في ملف حراك جرادة يشتمل على ست عشرة صفحة تجيب عن الدفوعات الشكلية المثارة استنادا على مقتضيات اتفاقيات دولية ونصوص المسطرة الجنائية، والتحريات الدقيقة وحدها تمنح التقارير مصداقية وتجرد لأنها ستتكفل بتشخيص موضوعي وحقيقي للأوضاع !