أكد محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية – المغرب، أن على الحكومة الحالية إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان في برنامجها الذي سيعرض قريبا على البرلمان…وقال السكتاوي، في حواره مع "أندلس برس" إن على وزارة العدل أن تضع حدا للسياسة السابقة في التضييق على المنظمات الحقوقية ومنع أنشطتها، وإخراس الانتقادات المشروعة لنشطاء حقوق الانسان، خاصة أنه كان من بين المجالات التي أخفقت فيها الحكومة السابقة هو التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان…وفي الأخير خلص ممثل المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن تكون عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي فرصة سانحة له لينخرط في الاتجاه الإفريقي ذي البعد الإنساني ويتم الإعلان عن مغرب براء من عقوبة الإعدام. +ما هو تقييمكم لتكليف الدكتور العثماني رئيسا للحكومة؟ نحن ننظر إلى تشكيل الحكومة الحالية من زاوية مدى إعطائها لحقوق الإنسان من أولوية في برنامجها الذي سيعرض قريبا على البرلمان. وما هي الموارد المادية والبشرية التي ستخصص لتدبير هذا الملف سواء على مستوى ضمان الحقوق المدنية و السياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ لقد سبق أن تقدمت منظمة العفو الدولية من خلال شبابها بمذكرة إلى الأحزاب السياسية أثناء الحملة الانتخابية التشريعية الأخيرة إلى تدعوها إلى تضمين برامجها الانتخابية مشاريع محددة لقضايا حقوق الإنسان. وسيكون حكمنا على السلطة السياسية والأخلاقية للحكومة الحالية لا يستند إلى تقييمنا للمسؤولين في رأس السلطة، وإنما على مواقف الحكومة وبرامجها إزاء حقوق الإنسان، فالأشخاص عابرون والمؤسسات باقية. إننا نعتبر أن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون أمر جوهري لأمن المجتمع، ومعيار للحكم على مصداقية سلطة المؤسسات، وهذا ما سيحدد نظرتنا إلى الحكومة….ومن جهة أخرى، سنرى كيف ستتجاوب الحكومة مع مطالب المواطنين و الرأي العام الذي لا يكف عن دعوة المسؤولين إلى التزام أقوى بحقوق الإنسان، وخاصة في شقع المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما لا يجب الاستخفاف بالمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم, الذين يقومون بدور أساسي في إماطة اللثام عن الانتهاكات والتصدي للإفلات من العقاب. وفي هذا الصدد، ننتظر من الحكومة الجديدة أن تجعل من دعاة حقوق الإنسان شريكا وليس خصما. +ما هي أهم الملفات التي تنوون تقديمها لوزارة العدل والحريات، خاصة بعد تعيين صديقكم محمد أوجار على رأسها؟ لقد عرفنا السيد محمد أوجار وزير العدل الحالي في فترة مسؤوليته عن وزارة حقوق الإنسان في أواخر التسعينيات من القرن المنصرم، في فترة كانت تخيم عليها أجواء سنوات الرصاص، ولم تكن منظمة العفو الدولية مرحبا بها في المغرب، ولكن استطعنا بعمل مشترك دؤوب أن نبني الثقة بين منظمة العفو الدولية والسلطات رغم الكثير من المقاومة الشرسة التي واجهنا بها وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري. ولعب السيد محمد أوجار دورا أساسيا في مواجهة تحديات تلك المرحلة. ويمكن القول انه منذ تلك الفترة بدأ الإصلاح المؤسسي في مجال حقوق الإنسان بالرغم من المحاولات اليائسة للقوى المحافظة وعلى رأسها إدريس البصري وزير الداخلية الذي لم يدخر جهذا لتعطيل التعاون بين المنظمة والمغرب استخفافا بالأمر و رغبة في إفساده. ولكن نجحنا في تجاوز الكثير من المطبات والعراقيل كانت توضع بطريقة غير أخلاقية تتسم بالمكر والخداع. وتوجه هذا المجهود باستقبال الملك محمد السادس لوفد رفيع المستوى لمنظمة العفو الدولية سنة 2001. ولذلك، نعتقد أننا اليوم وبوجود السيد محمد أوجار على رأس وزارة العدل، سنكون أمام مخاطب خبر طريقة اشتغال منظمة العفو الدولية ومنهجها وحيادها واحترامها لاختيارات الدول… ونراهن انطلاقا من هذه الخلفية أن يكون ورش إصلاح منظومة العدالة في المغرب في مقدمة الملفات التي يجب أن تعالجها وزارة العدل على ضوء مطالب حركة حقوق الانسان و توصياتها. وغير خاف أن إصلاح وتعزيز قطاع العدالة يعتبر أحد العناصر الإستراتيجية للتغير، خاصة إذا أدركنا أن كثيرا من المؤسسات الوطنية،التي أنيطت بها مهمة تعزيز سيادة القانون، تعاني من أوجه قصور خطيرة, مما يؤدي إلى استمرار انتهاكات حقوق الانسان وإلى بقاء مرتكبيها بمنجى من العقاب. ومن هذه الانتهاكات اعتقال أصحاب الرأي، والمحاكمات التي لا تفي بشروط المحاكمة العادلة، والتعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة. وفي هذا الإطار ننتظر إعادة النظر في التعديلات المقترحة على القانون الحالي رقم 01.22 المتعلق بالمسطرة الجنائية.وتجدر الإشارة إلى أن منظمة العفو الدولية سبق أن قدمت مذكرة بشأن إصلاح قانون المسطرة الجنائية في المغرب في مارس 2016 إلى وزير العدل والحريات السابق، وتأمل منظمة العفو الدولية أن تلقى التوصيات الواردة في هذه المذكرة استجابة لدى السلطات المغربية, كما تأمل المنظمة أن يتم قريبا إنشاء آلية وطنية فعالة لمراقبة ومنع حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز . ومن جهة أخرى، نعول على وزارة العدل أن يكون لها دور داعم ومؤثر في إصلاح جوانب عمل الشرطة وتعزيز استقلالية القضاء ودوره، وتوطيد دعائم العدالة الجنائية الدولية، وخاصة من خلال دعم المحكمة الجنائية الدولية، ومبدأ الولاية القضائية العالمية' بالإضافة إلى تعزيز آليات محاربة الفساد و حد تأثيره على سبل إقرار العدالة. ملف أخر لا يقل أهمية هو استمرار عقوبة الإعدام في التشريع المغربي. نعم، لقد رحبت منظمة العفو الدولية بالسياسات الجنائية للمغرب فيما يخص وقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ 1993، بيد أن القلق مازال يساورنا جراء الاستمرار في الاحتفاظ بعقوبة الإعدام في مسودة مشروع القانون الجنائي الذي تقدم به وزير العدل والحريات، والوزير المكلف بحقوق الانسان حاليا، وهذا أمر لا ينسجم مع الاتجاه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، ولا يتلاءم مع ما تقضي به المعايير والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها كما تتعارض مع أحكام الدستور. وعلى مستوى أخرى، سيكون على وزارة العدل أن تضع حدا للسياسة السابقة في التضييق على المنظمات الحقوقية ومنع أنشطتها، و إخراس الانتقادات المشروعة لنشطاء حقوق الانسان. ويمثل العنف ضد المرأة واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان تفشيا واستمرارا، ويتجلى في محيط الأسرة والمجتمع وفي مؤسسات الدولة، لقد أحرز قدر كبير من التقدم في مجال تعزيز حقوق المرأة في القانون، بما في ذلك القانون الجنائي. إلا أن هذه الانجازات لم تحقق تغييرا يذكر حتى الآن في الواقع المرير لكثير من النساء،وما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به بخصوص هذا الملف، ونعتقد أن لوزارة العدل دورا في هذا الملف من خلال تقوية الآليات المؤسساتية للتصدي للإفلات من العقاب عن جريمة الاغتصاب وغيرها من صنوف العنف ضد المرأة، ودعم المدافعات عن حقوق المرأة، ووضع سياسات تكفل الحقوق المتعلقة بالصحة الإنجابية وما يتصل بها من قضايا. +هل لاحظتم تطورا ملموسا لحقوق الإنسان بالمغرب خلال الخمس السنوات الفارطة، أي في فترة تولي مصطفى الرميد لوزارة العدل والحريات؟ من الصعب إجراء تقييم لحقوق الإنسان بالمغرب خلال الخمس سنوات الفارطة في هذا الاتجاه أو ذاك، لقد شهدنا خليطا من التغيرات الإيجابية والسلبية في آن واحد. ثم نحن لا نصنف الدول في درجات ونمنحها تنقيطا معينا وإنما نعمل من أجل وضع حد لجميع انتهاكات حقوق الإنسان وتسليط الضوء عليها حينما يتم اقترافها, ولكن لابد من الإشارة غلى المنظمة ثمنت إيجابيا الخطوة المتمثلة بوقف تطبيق اختصاص المحاكم العسكرية على المدنيين، كما رحبت المنظمة باتخاذ المغرب خطوات تهدف للتصدي للعنف الموجه ضد النساء والفتيات بما في ذلك اقتراح مسودة قانون يكفل تعزيز حماية ضحايا التعذيب، وهناك عمل إصلاحي ينكب عليه المغرب حاليا وهو مراجعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بهدف جعل التشريعات الوطنية أكثر اتساقا مع دستور 2011 ، والتزامات المغرب الدولية على صعيد حقوق الإنسان. ومن الإيجابيات أيضا انضمام المغرب إلى اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في 2013 وإعلانه عن الشروع في تأسيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب. ولكن بالمقابل نجد أن الإفلات من العقاب لا يزال مستمرا فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة المرتكبة في الماضي، بما فيها حالات التعذيب والاختفاء القسري التي زعم وقوعها في المغرب خلال سنوات الرصاص بين عامي 1956 و1999 .أما على صعيد حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين فلم يطبق المغرب بعد التوصيات المتعلقة بإلغاء المواد التمييزية الواردة في مدونة الأسرة على صعيد الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال. ورغم استجابة المغرب للتوصيات المتعلقة بضمان حرية التعبير عن الرأي بإلغاء عقوبة الحبس الواردة في قانون الصحافة في عام 2016 ، فإنه لم تتوقف ملاحقة الصحفيين ومنتقدي الحكومة بموجب أحكام القانون الجنائي . ومن جهة أخرى لا يزال السجناء يبلغون عن الاكتظاظ الشديد في السجون وتراجع مستوى الرعاية الصحية فيه، وذلك على الرغم من قبول المغرب للتوصيات المتعلقة بإصلاح هذه الأوضاع في العام 2012. وهناك مسألة هامة وتتعلق بتأسيس سلطة قضائية مستقلة، فعقب صدور دستور 2011 وضع المغرب قوانيني أساسية تعدل النظام الأساسي الخاص برجال القضاء ، وأنشأ المجلس الأعلى للقضاء قي 2015.لا جدال في أهمية هذا الإصلاح لكنة لا يوفر الشروط اللازمة لضمان استقلالية القضاء وفق التوصيات الموجهة إلى المغرب بهذا الخصوص خلال دورة الاستعراض الدوري الشامل خلال 2012. وكان من بين المجالات التي أخفقت فيها الحكومة السابقة هو التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان وإخراس أصوات النشطاء بمنع أنشطتهم، وسيكون على الحكومة الحالية أن توقف الاعتداء على حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان وعلى المنظومات التي تحميهم كما يتعين عليها أن توفر للهيأت الحقوقية الدعم المادي والسياسي لأنشطتهم واحترام القانون الدولي. + كيف ترون تعيين مصطفى الرميد وزير دولة مكلفا بحقوق اللإنسان في حكومة العثماني؟ لقد كان لمنظمة العفو الدولية حوار معمق مع وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان حاليا لما كان وزيرا للعدل والحريات, وقد أثمر هذا الحوار تذويب سوء التفاهم الذي حصل بين المغرب ومنظمة العفو الدولية إثر حملتها العالمية بخصوص التعذيب والتي اعتبرت حملة تبخس جهود المغرب في مجال حقوق الإنسان . كما كان هذا الحوار فرصة لاستعراض بواعث قلق منظمة العفو الدولية بشأن قضايا حرية التعبير عن الرأي والتجمع وتكوين الجمعيات حيث طالبت المنظمة بإلغاء مواد القانون الجنائي التي تجرم التعبير السلمي عن الرأي ووقف ملاحقة الصحفيين بموجب أحكام القانون الجنائي أثناء ممارستهم السلمية لمهامهم ورفع القيود عن دخول الصحفيين والناشطين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان بما فيهم الباحثون في منظمة العفو الدولية إلى المغرب، كما كان هذا الحوار الذي تم على أرفع المستوى بين وزير العدل والحريات السابق مصطفي الرميد والأمين العام للمنظمة سليل شتي فيما يخص قضايا تتعلق في الحق في المحاكمة العادلة وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سياق مكافحة الإرهاب، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة وحقوق المرأة والتمييز القائم على النوع الاجتماعي ووضعية اللاجئين والمهاجرين والإفلات من العقاب على الانتهاكات المرتكبة في مجال حقوق الإنسان ومسألة إلغاء عقوبة الإعدام, ونعتقد أن هذه الأوراش ما زالت مفتوحة ونراهن على وزير الدولية المكلف بحقوق الإنسان أن يتقدم في دعم الإصلاحات على هذا الصعيد حتى نعطي للحوار القائم بين الطرفين المصداقية والجدية. +ما هو تعليقكم على الأرقام والإحصائيات التي جاءت في تقرير منظمة العفو الدولية حول عقوبة الإعدام في العالم لسنة 2016؟ الخلاصة الأساسية التي وصل إليها تقرير منظمة العفو الدولية عن واقع عقوبة الإعدام في العالم خلال سنة 2016 هي أن هذا العالم يقترب من لحظة وضع الستار النهائي على هذه العقوبة الوحشية واللاإنسانية، نصف دول العالم ألغت عقوبة الإعدام في القانون أو الممارسة، أوروبا سارت منطقة خالية من الإعدام باستثناء بلد واحد هو بيلاروسيا، القارة الأمريكية دفنت عقوبة الإعدام إلى الأبد باستثناء بعض الولايات في أمريكا، إفريقيا تقترب هي بدورها من إلغاء عقوبة الإعدام، فهناك 38 دولة إفريقية ألغت عقوبة الإعدام من أصل 54 دولة،ومع الأسف فإن الدول المتبقية عي الدول الإفريقية المنتمية إلى منطقة الجامعة العربية/ المغرب الجزائر، موريتانيا، تونس، ليبيا، السودان، الصومال، و مصر. وننتظر أن تكون عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي فرصة سانحة له لينخرط في الاتجاه الإفريقي ذي البعد الإنساني ويتم الإعلان عن مغرب براء من عقوبة الإعدام.