في الوقت الذي كان الجميع ينتظر من النظام الجزائري التفاعل مع مبادرة الملك محمد السادس الداعية إلى إنشاء آلية مشتركة للحوار المباشر والصريح مع هذا البلد الجار، وجهت الجزائر دعوة مفاجئة إلى اتحاد المغرب العربي من أجل تنظيم قمة مغاربية في أقرب الآجال على مستوى وزراء الخارجية. وقالت الخارجية الجزائرية، في بيان اليوم الخميس، إن هذه "المبادرة تندرج ضمن القناعة الراسخة للجزائر التي أعربت في عديد المرات عن ضرورة الدفع بمسار الصرح المغاربي وبعث مؤسساته، كما أنها تأتي امتدادا لتوصيات القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الإفريقي بإثيوبيا حول الإصلاح المؤسساتي ودور المجموعات الاقتصادية الإقليمية في مسار اندماج الدول الإفريقية". وربطت الصحافة الجزائرية بين هذه الدعوة الجديدة وبين مبادرة الملك محمد السادس، التي دعا فيها الجزائر إلى إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، على أن تقدم الجارة مقترحات ومبادرات. ويرى ملاحظون أنه لا تُوجد أي علاقة بين الدعوة رفيعة المستوى التي وجهها العاهل المغربي ومقترح الخارجية الجزائرية؛ لأنهما موضوعان مختلفان ومنفصلان، خصوصا أن المقترح المغربي يهم العلاقة الثنائية مع الجزائر التي يوجد فيها مشكل، بينما الدعوة لعقد اجتماع وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي يهم جميع الدول المنضوية تحت لواء هذا التنظيم. وسبق لمجلس وزراء خارجية اتحاد المغربي العربي أن عُقد منذ سنتين في تونس؛ إلا أن العلاقات بين المغرب والجزائر ظلت جامدة وغير متحركة، بل عُقدت أكثر من 30 دورة لنفس المجلس ولم ينعكس ذلك على الحدود المغلقة والتعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي بين البلدين. ويُؤكد مراقبون أن هذا الاتحاد العربي الذي تلجأ إليه الجزائر اليوم هو نفسه مشلول بسبب خلافات المغرب والجزائر، خصوصا أن المشكل اليوم في المنطقة ليس مغاربياً ما دام أن علاقات المغرب مع تونسوموريتانيا وليبيا هي جيدة؛ ما يعني أن حل الأزمة القائمة يتطلب جلوس الأطراف الرئيسية في الخلاف، أي الرباطوالجزائر. وفي ظل استمرار صمت "قصر المرادية" وعدم امتلاكه الشجاعة للرد على مبادرة العاهل المغربي، سواء بالقبول أو الرفض، يُشير مراقبون إلى أن الخطوة الجديدة قد تكون مجرد "مناورة جزائرية للهروب من المقترح المغربي، الذي لاقى إشادة دولية غير مسبوقة". وتلقت مبادرة الملك محمد السادس أزيد من 40 إشادة دولية، كما أيدت ذلك ست منظمات دولية وإقليمية كبرى؛ منها الأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، واتحاد المغرب العربي، بالإضافة إلى إشادة من قبل ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن هم أمريكا وروسيا وفرنسا، ودول أخرى عربية وخليجية وإفريقية وأوروبية، منها موريتانيا وإسبانيا.