قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إن تدبير العمل الحكومي يتطلب التوافق السياسي والتنازل في بعض الأمور "رغم أن ذلك قد يكون صعباً بالنسبة لحزب معين"، وفق تعبيره. وفي مداخلة له حول "دور حزب العدالة والتنمية في تطوير الحياة السياسية المغربية "، اليوم الأحد ضمن المنتدى السياسي الرابع لشبيبة "البيجيدي"، تطرق العثماني إلى "التوافق من أجل مواصلة المشروع الإصلاحي"، سواء خلال مرحلة تشكيل الحكومة أو إعداد البرنامج الحكومي، موردا أنه "بدون حصول توافقات قد يكون الصراع الديمقراطي مدمراً أحياناً". وجدد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية تأكيده على مشروعه السياسي الذي ينطلق من الإصلاح في إطار الثوابت الوطنية، قائلاً: "بدون هذه الثوابت تصبح الأرضية التي نبني عليها الإصلاحات متحولة وغير ثابتة". وأشار رئيس الحكومة إلى بعض الانقسامات السياسية العميقة في بعض البلدان المجاورة، التي أدت إلى فشل عدد من الإصلاحات الديمقراطية بسبب غياب أرضية عمل واضحة، مؤكداً أن حزبه يعمل في إطار المرجعية الإسلامية والوحدة الترابية للمملكة والملكية. "نحن واعون بالتحديات، لكن هذا أمر طبيعي لأنه لا يمكن لأي فاعل سياسي ألا تعترض طريقه ضغوطات وصراعات"، يضيف العثماني، الذي وجه رسائل سياسية إلى خصومه بضرورة خوض المنافسة السياسية والحزبية بالأعمال الشريفة وليس عن طريق "اللوبيات". وأعطى العثماني مثالاً على ذلك بما وقع لزميله في الحزب إدريس الأزمي الإدريسي، عمدة مدينة فاس، الذي وجد نفسه في وضع لا يُحسد عليه عندما أقدمت ساكنة مدينة فاس على طرده من لقاء خصص لتقديم حصيلته لثلاث سنوات، لكن الأمين العام للحزب اعتبر أن "ما حصل كان مدبراً من قبل جهات معروفة عمدت إلى تسخير بلطجية لنسف اللقاء الذي نظمته الكتابة الإقليمية للبيجيدي بفاس". واستغرب العثماني بعض الانتقادات التي تُوجه إليه كرئيس للحكومة حول أمور قال إنه ليس وحده من يتحمل مسؤوليتها، موردا أن "الحكومة وجدت إرثا وتحاول معالجته، وهي لا تملك عصا موسى السحرية"، قبل أن يستدرك قائلاً: "هناك أحزاب أمضت 14 سنة في التدبير الحكومي، وتأتي اليوم لتتحدث عن العدالة المجالية وإصلاح الطرق وانتشار الأمية، لكن هل أنا من صنعت كل هذا في ظرف عام؟". وحذر زعيم الحزب الإسلامي من جهات لم يسمها قال إنها تعمل جاهدة على بث اليأس بين المواطنين، داعياً شبيبة حزبه إلى مقاومة هذا التوجه عبر بث روح الأمل. كما نبه إلى الأخبار الزائفة التي تغزو شبكات التواصل الاجتماعي. وأضاف الفاعل الحزبي والحكومي أن مصداقية الفعل الديمقراطي تنطلق أيضا من مصداقية الإعلام في البلاد، ورحب بالنقد البناء من قبل المؤسسات الإعلامية وجهات أخرى، لكنه دعا إلى إبراز الإصلاحيات أيضا "لأن الأمر يتعلق بمصلحة المغرب"، بتعبيره. من جهة ثانية، أوضح العثماني أن "المغرب دولة تبني ديمقراطيتها، واستطاعت أن تحقق جوانب مهمة. في المقابل، هناك جوانب أخرى نحتاج إلى النضال لتحقيقها"، مشيرا إلى أن المملكة شهدت تطورات مهمة على المستوى السياسي والانتخابي عبر تعديل عدد من القوانين في هذا المجال.