المغرب يتحرك لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية داخل الاتحاد الإفريقي    تركيا تعتقل المعارض والمنافس السياسي الرئيسي لأردوغان على خلفية "تحقيقات في قضية فساد"    المنتخب الوطني ينخرط في تحضيراته لمواجهة النيجر يوم الجمعة    أرباح الأندية المغربية من بيع اللاعبين في 2024 تبلغ 8.27 مليون دولار    منخرطو الوداد ينتفضون في وجه الرئيس آيت منا    تلمسان.. مدينة مغربية لقرون طويلة قبل تغيير هويتها    مسؤول بحماس: لم نغلق باب التفاوض    مسيرة بطنجة تندد بحرب الإبادة    إسبانيا تعزز موقعها كشريك تجاري أول للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي    شركة صينية تفوز بصفقة لتوسيع الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء    "التسوية الطوعية" تَخفض حاجة البنوك إلى السيولة بداية عام 2025    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    مجلس السلم والأمن.. المغرب يؤكد على ضرورة مواكبة البلدان التي تمر بمرحلة انتقال سياسي لتسريع عودتها إلى الاتحاد الإفريقي    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    المغرب في مواجهة أزمة مائية متفاقمة: تقرير يسلط الضوء على التحديات والحلول المستقبلية    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: مشاورات غير رسمية مع الدول في مرحلة انتقالية سياسية    من اغتال كينيدي ؟ .. ترامب يكشف للعالم الحقيقة    حناجر مغربية ترفض تملص الكيان الإسرائيلي من اتفاق إطلاق النار بغزة    إعادة الإدماج بنون النسوة: حفل إفطار جماعي لنزيلات السجن المحلي العرائش 2    صندوق النقد الدولي يمنح المغرب 496 مليون دولار    جنيف : فاعلون صحراويون ينددون بالانتهاكات والقمع في مخيمات تندوف    صندوق النقد الدولي يوافق على منح المغرب 496 مليون دولار    فتح باب الترشح لرئاسة مجلس جماعة أصيلة بعد وفاة بن عيسى    العثور على رضيع ملفوف ومرمي بالقرب من مسجد في مدينة مريرت    إفطار جماعي واحتفاء بروح التضامن داخل السجن المحلي العرائش 2    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تكلف الحكم الدولي إسماعيل الفتح بتطوير التحكيم المغربي    ترويج مواد صيدلانية يجر ثلاثة أشخاص للاعتقال    الشرطة القضائية تفكك شبكة لسرقة سيارات كراء السيارات بمدينة البئر الجديد    يسار يشكر جمهوره بعد ليلة لا تُنسى في الدار البيضاء    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى بطلة العالم في الملاكمة وداد برطال    "اليونيسف": إسرائيل تقتل أكبر عدد من أطفال غزة في يوم واحد خلال عام    بنك المغرب يطلق برنامجًا جديدًا لدعم تمويل المقاولات الصغيرة جدًا بسعر فائدة تفضيلي    الملك يهنئ البطلة وداد برطال بعد تتويجها ببطولة العالم للملاكمة    "دبلوماسية الطعام"    جائزة "مبدعات" تعود بدورتها الرابعة لدعم إبداعات النساء    حِكم حَلاجِية..    لوديي يستقبل الوزير المنتدب لدى رئاسة جمهورية الكاميرون المكلف بالدفاع    إسرائيل تغتال أبو حمزة ومصير أبو عبيدة لا يزال مجهولا    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يعقد دورته السابعة غدا الأربعاء    أَكُلُّ هذا القتل من أجل تجويد شروط التفاوض؟    بورصة الدار البيضاء تعزز أرباحها عند الإغلاق    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بذكراه الثلاثين ويكشف عن أعضاء لجنتي التحكيم    الذهب يبلغ ذروة جديدة مع تزايد التوتر بسبب غزة والرسوم الجمركية    التمني في زمن التفاهة.. بين الحلم والواقع    هيئات مغربية تدعو إلى ملاحقة الجزائري "رشيد نكاز" بعد توقيفه بمراكش    أيوب كريطع يتوج بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة ساكنة المناطق الجبلية تتفاقم مع عودة الثلوج إلى إقليم تنغير
نشر في هسبريس يوم 02 - 11 - 2018

تعيش ساكنة عدد من مناطق إقليم تنغير، خصوصا القاطنة بالجبال والمناطق النائية، هذه الأيام، حالة من الخوف ترقبا لحلول فصل الشتاء الذي تعتبره موسم "عذاب"، وكلها أمل ألا يكون شبيها بالمواسم الماضية، لأنها تعيش المعاناة المريرة نفسها سنويا.
كلما اقترب فصل الشتاء تنتظر الساكنة الجبلية بإقليم تنغير عودة الثلوج والأمطار، التي تكون مصحوبة بالبرد والصقيع، ما يزيد من معاناة الفقراء، الذين يفتقدون أبسط ضروريات الحياة، ويتجرعون مرارة العيش بعيدا عن أعين مسؤولين تم تعيينهم لمعالجة الوضع والعمل من أجل تخفيف آثار المعاناة التي تئن تحت وطأتها الساكنة الجبلية.
جريدة هسبريس الإلكترونية تحاول من خلال هذا الروبورتاج تسليط الضوء على كيفية مجابهة ساكنة المناطق الجبلية لبرد الشتاء وصعوبة التأقلم مع التغيرات المناخية، ومدى تدخل الجهات المسؤولة من أجل العناية بهذه المناطق التي غالبا ما يسميها أهلها "المقابر الجماعية".
معاناة متكررة
بمجرد تساقط أولى الثلوج بإقليم تنغير، تهز عدد من صور الأطفال والنساء والشيوخ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تظهرهم وكأنهم يعيشون خارج التاريخ، وتنقل تفاصيل حياتهم الرثة في منازل مهددة بالسقوط وأغطية مهترئة.
تعتبر منطقة اوزيغيمت، التابعة لجماعة إغيل نمكون، والواقعة في المنطقة الحدودية بين إقليمي أزيلال وتنغير، من بين المناطق التي تتخبط ساكنتها في دوامة النسيان وفقر لا نهاية له، حتى سار السكان لا يعتبرون أنفسهم أحياء بل أمواتا في زمن يتنكر فيه الحاضر للماضي.
سعيد عمي، فاعل جمعوي بمنطقة اوزيغيمت، أوضح أن الحياة بمنطقته جد صعبة بسبب الإهمال والنسيان، وبسبب المعاناة مع البرد والثلوج، مشيرا إلى أن ساكنة المنطقة لم تعد تحلم كثيرا، لكونها ملت من الانتظار والحلم والوعود الكاذبة، متهما المسؤولين ب"قتل أحلام المواطنين الفقراء"، وفق تعبيره.
ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن "هذه الرقعة الجغرافية لا تتذكرها الدولة إلا مرة واحدة في السنة"، وزاد: "بعضنا ينتظر مستقبلا وغدا أفضل، والبعض الآخر ينتظر الموت الذي يلاحقه أينما حل وارتحل"، مبرزا أن "البيوت التي تقطنها الساكنة هنا لا تؤمن من خوف، خصوصا مع كثرة الثلوج التي تصل في بعض الأحيان إلى 3 أمتار"، ومشددا على أن "منطقة أوزيغيمت تنتظر زيارة ملكية من أجل انتشالها من قوقعة التهميش التي ظلت تتخبط فيها لعدة عقود من الزمن، كما انتشلت منطقة انفكو من قبل"، وفق تعبيره.
ولم يخف عدد من الجمعويين، ممن تحدثوا لهسبريس، أن "معاناة ساكنة الجبال بإقليم تنغير تتكرر سنويا"، مشددين على أن الحكومة ومصالحها الإقليمية "عاجزة" عن وضع حد لمعاناة هؤلاء ولو بشكل تدريجي، ومبرزين أن "الإقليم مقبل على موسم الثلوج والبرد، الذي توحي بوادره بأنه سيكون قاسيا على ساكنة الجبال"، بتعبيرهم.
التهميش والبرد والفقر.. ثالوث ينهش الفقراء
هنا بالمناطق الجبلية الواقعة بإقليم تنغير، حيث التساقطات الثلجية والصقيع، يصعب على الرجال تأمين مصاريف لقمة عيشهم والتنقل والتداوي من الأمراض التي تنتشر في هذا الموسم بكثرة، ويصارعون هم ونساؤهم وأطفالهم للبقاء على قيد الحياة؛ فهل سبق للسلطات الإقليمية بتنغير والمصالح المركزية العلم بمعاناة هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم حراس الوطن من وراء الجبال؟.
وتعيش ساكنة عدد من المناطق الجبلية بجماعات، أسول، أيت هاني، أمسمرير، إغيل نمكون، إكنيون، ايت سدرات الجبل العليا، وغيرها من الجماعات، بين أوجاع الحرمان والألم والعوز؛ ويبدو أن دوامة الحياة تسحبها إلى مكان مجهول، بعيدا عن حسابات مراكز القرار، لتقف عاجزة كل العجز أمام صخرة الفقر التي لا تنكسر.
نادية أيت عبد الحفيظ، جمعوية نشيطة بإقليم تنغير، قالت في تصريح لهسبريس: "بمجرد أن تطأ قدماك الطريق المؤدية إلى عدة دواوير واقعة بالجبال تستطيع قراءة أول فصول المعاناة وحالة اليأس والإحباط التي تعيشها الساكنة، بسبب الظروف الاجتماعية القاسية والمزرية التي مست جميع جوانب الحياة اليومية"، ووصفت الحياة بتلك المناطق ب"حياة البؤس والشقاء التي يكابد معاناتها المواطنون، والتي تجعلهم عرضة لجميع أشكال الاستغلال، خصوصا الأطفال منهم".
وأضافت المتحدثة ذاتها: "رغم المعاناة ومرارة الحياة فإن الساكنة المحلية تستقبل زوارها بوجوه مبتسمة وبأياد ممدودة وترحيب بدوي أصيل، داخل بيوت متواضعة تظهر أنها تعيش حياة بدائية قاسية"، مشيرة إلى أن "هؤلاء هم الأولى ببرامج محاربة الهشاشة وتقليص الفوارق الاجتماعية التي تطلقها الدولة".
حادة أيت شعبون، امرأة في الستينات، من ساكنة أوزيغيمت، أكدت أن الحياة بمنطقتها جد صعبة، خصوصا في فصل الشتاء، حيث تصل درجات الحرارة إلى أقل من الصفر، مع تسجيل غياب حطب التدفئة والمؤونة، موردة: "نحن هنا في فصل الشتاء نعتبر أنفسها أمواتا، وبعده نشعر وكأننا عدنا للحياة بقليل من الأمل الذي سلب منا من طرف الجهات المسؤولة".
وطالبت المتحدثة الجهات المسؤولة على مستوى إقليم تنغير بضرورة "الاعتناء بساكنة الجبال وتنفيذ تعليمات الملك محمد السادس من خلال تقديم يد العون والمساعدة لهؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة"، مشيرة إلى أن درجات الحرارة هذا الموسم ستعرف انخفاضا كبيرا.
دور الجهات المسؤولة في تخفيف آثار البرد
أكدت مصادر مسؤولة بعمالة تنغير أن اللجنة الإقليمية لليقظة تقوم بشكل دوري بعقد لقاءات من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لمجابهة البرد والتخفيف من آثاره على ساكنة المناطق الجبلية، مشددة على أن عمل اللجنة يتجلى في إحصاء الرحل والحوامل والمرضى وفتح المسالك وتوفير الآليات من أجل الاستعداد لأي طارئ.
وأوضحت المصادر ذاتها، في تصريحات لهسبريس، أن اللجنة منكبة حاليا على إعداد خطة من أجل العمل على تقليص نسبة المسالك الطرقية التي تنقطع سنويا، وتسهيل تنقل المواطنين القاطنين في الجبال، وتوفير الرعاية اللازمة لهم، تنفيذا للتعليمات الملكية، وفق تعبيرها.
من جهته، قال حسن اوسها، رئيس المركز الإقليمي للأرصاد الجوية بورزازات، إن المركز يقوم برصد الأحوال الجوية بواسطة أجهزة أوتوماتيكية، ومن خلال نتائجها يقوم بإعداد تقارير رصدية على مدار الساعة، مشيرا إلى أن التقارير التي يقوم بإعدادها مضبوطة ومقننة طبقا للمعايير الدولية في مجال الأرصاد الجوية.
وأوضح المسؤول ذاته أن المركز الإقليمي للأرصاد الجوية بورزازات يلعب دورا محوريا ومهما، عبر توفير الإنذار المبكر والتتبع وإخبار السلطات المركزية والمحلية بمعطيات شاملة حول النشرات الإنذارية التي تصدرها مديرية الأرصاد الجوية، مشيرا إلى أنه على مستوى المحلي، وبمجرد التوصل بالنشرة الإنذارية يتم إرسالها على الفور إلى السلطات المحلية وجميع المتدخلين، لاتخاذ التدابير اللازمة.
وطالب المسؤول ذاته المواطنين بتتبع النشرات الجوية لمعرفة أحول الطقس، وتوخي الحيطة والحذر، مع ضرورة الامتثال للنشرات الإنذارية التي تصدرها مديرية الأرصاد الجوية.
وعن استعدادات المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء بتنغير في إطار لجنة اليقظة الإقليمية، قال محمد حاكمي، المدير الإقليمي للتجهيز، إن المديرية بتنغير "قامت بعرض تبرز من خلاله التحضيرات الاستباقية للموسم الشتوي، كالوقوف على جاهزية آليات إزاحة الثلوج والصيانة المسبقة لها".
وأضاف المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "التحضيرات همت أيضا التزود بالمواد الضرورية لضمان استمرار حركة السير أثناء عملية إزاحة الثلوج وإذابة الصقيع، كالملح والحصى، وكذلك التزود بعلامات التشوير الطرقي المؤقت اللازمة لتنظيم حركة السير أثناء التدخلات، بالإضافة إلى وضع نظام الديمومة الشتوية بمراكز التدخل المتموقعة بتنغير وبومالن؛ وذلك بانخراط مهندسي وتقنيي وسائقي الآليات بالمديرية.
وشدد المسؤول ذاته على ضرورة التنسيق المستمر عبر لجنة اليقظة الإقليمية مع السلطات ومختلف المصالح الإقليمية من أجل تدخلات أكثر دقة وفعالية في مدة وجيزة، داعيا مستعملي الطريق إلى إيلاء أهمية قصوى للنشرات الإنذارية الصادرة عن مديرية الأرصاد الجوية والتحلي بالحيطة والحذر في استعمال الطرق أثناء الحالات الجوية.
هذا وتعمل مجموعة من الجمعيات الإنسانية حاليا على جمع المواد الغذائية الأساسية والملابس، قصد الانطلاق إلى الجبال لإغاثة الفقراء وضحايا البرد، كما دأبت على ذلك كل سنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.