عزيز غالي.. "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" ومحدودية الخطاب العام    المفوضية الأوروبية تجدد ثقتها في المغرب كشريك استراتيجي أساسي    الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارها العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    الجواهري: سنكون من أوائل الدول التي ترخص العملات المشفرة    الوداد يعلن عن منع جماهيره من حضور مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي        اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    بنك المغرب…توقع نمو الاقتصاد الوطني ب 2,6 بالمائة في 2024    استهداف اسرائيل لمستشفيات غزة يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية    وكالة بيت مال القدس الشريف تنظم ندوة في "أدب الطفل والشباب الفلسطيني"    اتهم ‬باريس ‬بزعزعة ‬استقرار ‬الجزائر ‬ووجه ‬لها ‬تحذيرات ‬غير ‬مسبوقة ‬الحدة:‬    بعد سقوط الأسد.. السورية للطيران تنظّم أول رحلة من دمشق إلى حلب    مجلس الأمن الدولي يدعو لعملية سياسية "جامعة ويقودها السوريون"    الالتزام ‬الكامل ‬للمغرب ‬بمبادرات ‬السلام ‬‮ ‬والاستقرار ‬والأمن            إحصاء 2024… تباطؤ ملحوظ في معدل النمو الديمغرافي    بنموسى: تحسن متوسط مدة الدراسة لدى السكان البالغين 25 سنة    إجراءات تسليم بودريقة إلى المغرب مستمرة وفق إفادة النيابة العامة بهامبروغ ل"اليوم 24"    الطلب العالمي على الفحم يسجل مستوى قياسيا في 2024    مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    المكتب المديري للرجاء يتخذ قرارات جديدة لتصحيح المسار    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي    المغرب يتجه نحو الريادة في الطاقة المتجددة... استثمارات ضخمة    هل تساهم كميات اللحوم المستوردة في خفض الأسعار بالسوق الوطنية؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية        مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    "فيفا" يعوض فينيسيوس عن الكرة الذهبية بجائزة "الأفضل"    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة ساكنة المناطق الجبلية تتفاقم مع عودة الثلوج إلى إقليم تنغير
نشر في هسبريس يوم 02 - 11 - 2018

تعيش ساكنة عدد من مناطق إقليم تنغير، خصوصا القاطنة بالجبال والمناطق النائية، هذه الأيام، حالة من الخوف ترقبا لحلول فصل الشتاء الذي تعتبره موسم "عذاب"، وكلها أمل ألا يكون شبيها بالمواسم الماضية، لأنها تعيش المعاناة المريرة نفسها سنويا.
كلما اقترب فصل الشتاء تنتظر الساكنة الجبلية بإقليم تنغير عودة الثلوج والأمطار، التي تكون مصحوبة بالبرد والصقيع، ما يزيد من معاناة الفقراء، الذين يفتقدون أبسط ضروريات الحياة، ويتجرعون مرارة العيش بعيدا عن أعين مسؤولين تم تعيينهم لمعالجة الوضع والعمل من أجل تخفيف آثار المعاناة التي تئن تحت وطأتها الساكنة الجبلية.
جريدة هسبريس الإلكترونية تحاول من خلال هذا الروبورتاج تسليط الضوء على كيفية مجابهة ساكنة المناطق الجبلية لبرد الشتاء وصعوبة التأقلم مع التغيرات المناخية، ومدى تدخل الجهات المسؤولة من أجل العناية بهذه المناطق التي غالبا ما يسميها أهلها "المقابر الجماعية".
معاناة متكررة
بمجرد تساقط أولى الثلوج بإقليم تنغير، تهز عدد من صور الأطفال والنساء والشيوخ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تظهرهم وكأنهم يعيشون خارج التاريخ، وتنقل تفاصيل حياتهم الرثة في منازل مهددة بالسقوط وأغطية مهترئة.
تعتبر منطقة اوزيغيمت، التابعة لجماعة إغيل نمكون، والواقعة في المنطقة الحدودية بين إقليمي أزيلال وتنغير، من بين المناطق التي تتخبط ساكنتها في دوامة النسيان وفقر لا نهاية له، حتى سار السكان لا يعتبرون أنفسهم أحياء بل أمواتا في زمن يتنكر فيه الحاضر للماضي.
سعيد عمي، فاعل جمعوي بمنطقة اوزيغيمت، أوضح أن الحياة بمنطقته جد صعبة بسبب الإهمال والنسيان، وبسبب المعاناة مع البرد والثلوج، مشيرا إلى أن ساكنة المنطقة لم تعد تحلم كثيرا، لكونها ملت من الانتظار والحلم والوعود الكاذبة، متهما المسؤولين ب"قتل أحلام المواطنين الفقراء"، وفق تعبيره.
ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن "هذه الرقعة الجغرافية لا تتذكرها الدولة إلا مرة واحدة في السنة"، وزاد: "بعضنا ينتظر مستقبلا وغدا أفضل، والبعض الآخر ينتظر الموت الذي يلاحقه أينما حل وارتحل"، مبرزا أن "البيوت التي تقطنها الساكنة هنا لا تؤمن من خوف، خصوصا مع كثرة الثلوج التي تصل في بعض الأحيان إلى 3 أمتار"، ومشددا على أن "منطقة أوزيغيمت تنتظر زيارة ملكية من أجل انتشالها من قوقعة التهميش التي ظلت تتخبط فيها لعدة عقود من الزمن، كما انتشلت منطقة انفكو من قبل"، وفق تعبيره.
ولم يخف عدد من الجمعويين، ممن تحدثوا لهسبريس، أن "معاناة ساكنة الجبال بإقليم تنغير تتكرر سنويا"، مشددين على أن الحكومة ومصالحها الإقليمية "عاجزة" عن وضع حد لمعاناة هؤلاء ولو بشكل تدريجي، ومبرزين أن "الإقليم مقبل على موسم الثلوج والبرد، الذي توحي بوادره بأنه سيكون قاسيا على ساكنة الجبال"، بتعبيرهم.
التهميش والبرد والفقر.. ثالوث ينهش الفقراء
هنا بالمناطق الجبلية الواقعة بإقليم تنغير، حيث التساقطات الثلجية والصقيع، يصعب على الرجال تأمين مصاريف لقمة عيشهم والتنقل والتداوي من الأمراض التي تنتشر في هذا الموسم بكثرة، ويصارعون هم ونساؤهم وأطفالهم للبقاء على قيد الحياة؛ فهل سبق للسلطات الإقليمية بتنغير والمصالح المركزية العلم بمعاناة هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم حراس الوطن من وراء الجبال؟.
وتعيش ساكنة عدد من المناطق الجبلية بجماعات، أسول، أيت هاني، أمسمرير، إغيل نمكون، إكنيون، ايت سدرات الجبل العليا، وغيرها من الجماعات، بين أوجاع الحرمان والألم والعوز؛ ويبدو أن دوامة الحياة تسحبها إلى مكان مجهول، بعيدا عن حسابات مراكز القرار، لتقف عاجزة كل العجز أمام صخرة الفقر التي لا تنكسر.
نادية أيت عبد الحفيظ، جمعوية نشيطة بإقليم تنغير، قالت في تصريح لهسبريس: "بمجرد أن تطأ قدماك الطريق المؤدية إلى عدة دواوير واقعة بالجبال تستطيع قراءة أول فصول المعاناة وحالة اليأس والإحباط التي تعيشها الساكنة، بسبب الظروف الاجتماعية القاسية والمزرية التي مست جميع جوانب الحياة اليومية"، ووصفت الحياة بتلك المناطق ب"حياة البؤس والشقاء التي يكابد معاناتها المواطنون، والتي تجعلهم عرضة لجميع أشكال الاستغلال، خصوصا الأطفال منهم".
وأضافت المتحدثة ذاتها: "رغم المعاناة ومرارة الحياة فإن الساكنة المحلية تستقبل زوارها بوجوه مبتسمة وبأياد ممدودة وترحيب بدوي أصيل، داخل بيوت متواضعة تظهر أنها تعيش حياة بدائية قاسية"، مشيرة إلى أن "هؤلاء هم الأولى ببرامج محاربة الهشاشة وتقليص الفوارق الاجتماعية التي تطلقها الدولة".
حادة أيت شعبون، امرأة في الستينات، من ساكنة أوزيغيمت، أكدت أن الحياة بمنطقتها جد صعبة، خصوصا في فصل الشتاء، حيث تصل درجات الحرارة إلى أقل من الصفر، مع تسجيل غياب حطب التدفئة والمؤونة، موردة: "نحن هنا في فصل الشتاء نعتبر أنفسها أمواتا، وبعده نشعر وكأننا عدنا للحياة بقليل من الأمل الذي سلب منا من طرف الجهات المسؤولة".
وطالبت المتحدثة الجهات المسؤولة على مستوى إقليم تنغير بضرورة "الاعتناء بساكنة الجبال وتنفيذ تعليمات الملك محمد السادس من خلال تقديم يد العون والمساعدة لهؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة"، مشيرة إلى أن درجات الحرارة هذا الموسم ستعرف انخفاضا كبيرا.
دور الجهات المسؤولة في تخفيف آثار البرد
أكدت مصادر مسؤولة بعمالة تنغير أن اللجنة الإقليمية لليقظة تقوم بشكل دوري بعقد لقاءات من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لمجابهة البرد والتخفيف من آثاره على ساكنة المناطق الجبلية، مشددة على أن عمل اللجنة يتجلى في إحصاء الرحل والحوامل والمرضى وفتح المسالك وتوفير الآليات من أجل الاستعداد لأي طارئ.
وأوضحت المصادر ذاتها، في تصريحات لهسبريس، أن اللجنة منكبة حاليا على إعداد خطة من أجل العمل على تقليص نسبة المسالك الطرقية التي تنقطع سنويا، وتسهيل تنقل المواطنين القاطنين في الجبال، وتوفير الرعاية اللازمة لهم، تنفيذا للتعليمات الملكية، وفق تعبيرها.
من جهته، قال حسن اوسها، رئيس المركز الإقليمي للأرصاد الجوية بورزازات، إن المركز يقوم برصد الأحوال الجوية بواسطة أجهزة أوتوماتيكية، ومن خلال نتائجها يقوم بإعداد تقارير رصدية على مدار الساعة، مشيرا إلى أن التقارير التي يقوم بإعدادها مضبوطة ومقننة طبقا للمعايير الدولية في مجال الأرصاد الجوية.
وأوضح المسؤول ذاته أن المركز الإقليمي للأرصاد الجوية بورزازات يلعب دورا محوريا ومهما، عبر توفير الإنذار المبكر والتتبع وإخبار السلطات المركزية والمحلية بمعطيات شاملة حول النشرات الإنذارية التي تصدرها مديرية الأرصاد الجوية، مشيرا إلى أنه على مستوى المحلي، وبمجرد التوصل بالنشرة الإنذارية يتم إرسالها على الفور إلى السلطات المحلية وجميع المتدخلين، لاتخاذ التدابير اللازمة.
وطالب المسؤول ذاته المواطنين بتتبع النشرات الجوية لمعرفة أحول الطقس، وتوخي الحيطة والحذر، مع ضرورة الامتثال للنشرات الإنذارية التي تصدرها مديرية الأرصاد الجوية.
وعن استعدادات المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء بتنغير في إطار لجنة اليقظة الإقليمية، قال محمد حاكمي، المدير الإقليمي للتجهيز، إن المديرية بتنغير "قامت بعرض تبرز من خلاله التحضيرات الاستباقية للموسم الشتوي، كالوقوف على جاهزية آليات إزاحة الثلوج والصيانة المسبقة لها".
وأضاف المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "التحضيرات همت أيضا التزود بالمواد الضرورية لضمان استمرار حركة السير أثناء عملية إزاحة الثلوج وإذابة الصقيع، كالملح والحصى، وكذلك التزود بعلامات التشوير الطرقي المؤقت اللازمة لتنظيم حركة السير أثناء التدخلات، بالإضافة إلى وضع نظام الديمومة الشتوية بمراكز التدخل المتموقعة بتنغير وبومالن؛ وذلك بانخراط مهندسي وتقنيي وسائقي الآليات بالمديرية.
وشدد المسؤول ذاته على ضرورة التنسيق المستمر عبر لجنة اليقظة الإقليمية مع السلطات ومختلف المصالح الإقليمية من أجل تدخلات أكثر دقة وفعالية في مدة وجيزة، داعيا مستعملي الطريق إلى إيلاء أهمية قصوى للنشرات الإنذارية الصادرة عن مديرية الأرصاد الجوية والتحلي بالحيطة والحذر في استعمال الطرق أثناء الحالات الجوية.
هذا وتعمل مجموعة من الجمعيات الإنسانية حاليا على جمع المواد الغذائية الأساسية والملابس، قصد الانطلاق إلى الجبال لإغاثة الفقراء وضحايا البرد، كما دأبت على ذلك كل سنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.