كشف مسؤولون في الجبهة الوطنية لإنقاذ المِصفاة المغربية للبترول "سامير" عن مُعطيات مثيرة حول استمرار تعطّل المصفاة المتوقفة عن العمل منذ أكثر من سنتين، إذ قال الحسين اليمني، منسق الجبهة، إنّ المغاربة كانوا سيقتنون الكازوال، حاليا، بثمانية دراهم وعشرين سنتيما للتر، بدل عشرة دراهم وأربعين سنتيما، ثمنه في السوق حاليا. وأوضح اليمني، في ندوة صحافية عقدتها الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، مساء الجمعة، بمقر حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بالرباط، أنّ أسعار المحروقات كانت ستنخفض بدرهمين وعشرين سنتيما لو كانت مصفاة "سامير" مشغّلة، كما كانت ستحمي سوق المحروقات المحلي من تقلّبات أسعار النفط الخام في السوق الدولية. وحذّر المسؤول النقابي من التداعيات الوخيمة، التي ستترتب عن الاستمرار في توقّف المصفاة المغربية لتكرير البترول عن العمل، ضاربا المَثل بموريتانيا، التي كانت تتوفر على شركتين للبترول أدّى التفريط فيهما إلى ارتفاع صاروخي للأسعار، حيث تُعدّ أسعار المحروقات في موريتانيا الأعلى في العالم، "وهذا ما سيحدث في المغرب إذا تمّ التفريض في المصفاة المغربية للبترول"، يقول اليمني. وتوقفت المصفاة المغربية لتكرير البترول الموجودة بالمحمدية عن العمل يوم 21 مارس 2016، بعد أن قضت المحكمة التجارية بالبيضاء بتصفيتها، بسبب تراكم الديون عليها لفائدة الجمارك والأبناك، والتي بلغت 40 مليار درهم. ولا يُعرف مصير المصفاة لحدّ الآن، إذ لم تَحسم الحكومة في أمرها رغم تقدّم عشرين مستثمرا بعروض اقتنائها، تراوحت بين 3 و2،5 مليارات دولار. واعتبر الحسين اليمني أنَّ أسعار المحروقات في المغرب ما كانتْ لتصل إلى السقف الذي بلغتْه حاليا لو كانت المصفاة المغربية للبترول مشغّلة، رغم تحرير أسعار المحروقات ورغم رفْع الدعم عنها، لأنّها ستُمكّن من اقتناء المحروقات بوفْرة عند انخفاض سعْرها في السوق الدولية وتخزينها، واللجوء إليها حين ترتفع أسعارها، وبالتالي حماية سوق المحروقات في المغرب من الصدمات العالمية الناجمة عن تقلبات الأسعار. وفيما لم تَحسم الحكومة المغربية بعد في مستقبل مصفاة "سامير"، قال محمد بنموسى، الخبير الاقتصادي، إنّ هناك "تواطؤات" تحُول دون إيجاد حلّ للمصفاة، معتبرا أنّ أفضل حلّ يمكن للحكومة أن تلجأ إليه هو تفويت الشركة إلى مستثمر، أو إلى شركة ذات رأس مال مختلط. وانتقد بنموسى بشدّة تعاطي الحكومة مع ملف المصفاة المغربية للبترول، قائلا: "هذا الملف لا يهم الطبقة الشغيلة للشركة والاقتصاد المحلي للمحمدية، أو العلاقات بين رأسمال الشركة والبنوك والجمارك، الأمر أبعد من ذلك بكثير. هذا الملف يهمّ الوطن والشعب المغربي قاطبة". وأضاف "لا يجب الصمت حُيال ما يجري، بل يجب الضغط على أصحاب القرار حتى لا تضيع المصفاة". ويبدو أنّ حَلّ ملف شركة "سامير" يتجاوز الحكومة، وأنها لا تجرؤ على الاقتراب منه، إذ كشف مسؤولو الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول أنّهم قدموا طلبات إلى رئاسة الحكومة، وإلى وزير الاقتصاد والمالية، ووزير الطاقة والمعادن، والوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، من أجل استقبالهم، ولم يفْتح لهم أيُّ وزير باب مكتبه، عدا وزير الشؤون العامة والحكامة الذي كلّف الكاتب العام للوزارة باستقبالهم. وبالرغم من وجود مستثمرين مفترضين عبروا عن رغبتهم في شراء المصفاة المغربية للبترول، فإنّ إنجاح عملية الشركة بشكل جيد يقتضي أن توضّح الدولة سياستها في قطاع المحروقات، حسب الحسين اليمني، موضحا "من يريد شراء المصفاة المغربية للبترول سيستثمر أموالا طائلة، والمستثمرون يطلبون أن تكون الرؤية واضحة، لأن قطاع المحروقات في المغرب فيه نهْب وضبابية، ولن يُغامر أي مستثمر باستثمار أمواله في سوق كهذه". وأضاف اليمني "الكرة الآن في ملعب الدولة، التي يجب أن تقدم ما يكفي من الضمانات والتشجيعات للمستثمرين، وإذا لم توفّر هذه الضمانات فإنها تبعث رسالة فحواها أنها تريد إعدام المصفاة المغربية للبترول، وتشجعَ المتحكمين في سوق المحروقات من أجل احتكار السوق". وتابع "لو توفرت الإرادة السياسية لحُلَّ هذا الملف منذ زمان، ولكنَّ هذه الإرادة السياسية الإيجابية، للأسف، غير متوفرة. وفي المقابل هناك إرادة لإعدام وإقبار المصفاة المغربية للبترول".