إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتباره، تاريخيا ووظيفيا، استمرارا لحركة التحرير الشعبية، وثمرةَ تلاقح الأجيال والتجارب في معركة بلادنا من أجل استقلالها، وتوطيد وحدتها، وقوة مؤسساتها بقيادة رائد الأمة وأب الاستقلال المغفور له محمد الخامس.. واستلهاما منه، لكل الدروس التي راكمتها بلادنا، وصمودها طوال نصف قرن من الزمن في وجه كل مؤامرات تفكيك وحدة وأوصال الوطن، منذ المسيرة الخضراء التي أبدعها المرحوم الحسن الثاني، وكانت بحق مناسبة لتفجير طاقات التحرير لدى المغاربة، وتجسيدا للإرادة الشعبية في مواصلة التحرير، وللعزم الوطني المشترك في بناء الديموقراطية وتصليب عودها وسمَتْ من خلالها الحقيقة التاريخية التي تسكن أعماق الشعب المغربي، والتي ضمنت استمرار كيان الأمة وتماسكها الوطني في وجه كل الشدائد والأزمات، كما تَمثَّل فيها التراث النضالي التاريخي الذي تحافظ به الجماهير المغربية وكل مكونات الأمة على هويتها الوجودية والكفاحية الساطعة. إن الاتحاد وهو يتابع التطورات الأخيرة ذات الصلة بقضية وحدتنا الترابية، في تجاه الحسم التاريخي والنهائي لهذا النزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية. وإذ يعرب عن اعتزازه الكبير، بكل ما ورد في الخطاب الملكي التاريخي، الذي ألقاه جلالته بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة، في سياق مراكمة قضيتنا الوطنية للمزيد من الانتصارات، يعتبر أن الوضوح الذي طبع رؤية جلالته حول تطورات الوضع في أقاليمنا الجنوبية وما تحقق فيها من نموِّ، قد مكَّن بلادنا من توفير مضامين سوسيو اقتصادية للسيادة على التراب، من حيث تحويل المنطقة إلى قاطرة وطنية في التنمية يستفيد منها أبناء الوطن الحبيب في الجنوب، ويكرسها كقاعدة وطنية لمواصلة المسار التنموي وقاعدة أفرو أطلسية لفائدة شعوب المنطقة واستقرارها وأمنها وتطورها، من خلال إعلان ملك البلاد عن اليد المفتوحة للاستفادة من المنفذ الأطلسي، وجعله عنصر بناء وتطوير عوض عنصر استيهامات عفا عنها الزمن، وعنصر إشعاع عوض توظيفه كهدف يروم المَسَّ بسيادة البلاد ووحدتها الترابية. يثمن عاليا دعوة ملك البلاد إلى مساءلة الأممالمتحدة لنفسها، معتبرا بأنه آن الأوان لكي تخرج هي بدورها من حالة الالتباس ومنطقة الراحة التي اختارتها لنفسها في التعامل مع القضية الأولى للمغرب، والقطع مع المساواة بين عالمين متناقضين، الأول هو عالم المغرب الحقيقي والعملي والواقعي القائم على الأرض، والذي تتقاسم حقيقتَه ورؤيتَه أغلبية الدول الأعضاء في المنتظم الدولي عبر مساندة الحكم الذاتي وتبني الموائد المستديرة في طريقة الوصول إلى الحل، وعالم مزيف و ماضوِيٍّ يستمد وجوده من أحلام اليقظة التي تسكن أصحابه، والإسقاطات المتجاوزة، الساعية إلى اعتبار الصحراء شماعتها الجيوسياسية للتنفيس عن الأوضاع الداخلية أو مداراة العجز في ادراك الواقع الدولي الجديد في المنطق. يرى الاتحاد أن الأممالمتحدة مسؤولة عن مسايرة الواقع كما تحركه الإرادات الصادقة الساعية إلى حل يضمن السلم والاستقرار والنماء في المنطقة ومحيطها، والقطع مع السلبية التي تطبع متابعتها لما يجري في مخيمات العار اللانسانية، والعمل من أجل إحصاء المحتجزين وتمكنيهم من حرية الحركة والتنقل وضمان العيش الكريم و تسمية المسؤولين عن أوضاعهم بمسمياتهم وفضح سلوكاتهم كما يقتضي واجبها الأخلاقي والقانوني الانساني. وإذ يجدد الاتحاد تثمينه لما ورد في خطاب جلالة الملك أمام البرلمان عند افتتاح الدورة الحالية، والذي كان موضوع بلاغ المكتب السياسي بتاريخ الأحد 15 أكتوبر 2024، فإنه يسترشد بمضامين هذا الخطاب وبتفاعل قيادته من خلال التحليل التي قدمه أعضاؤه، يتقدمهم كاتبه الأول الاخ الاستاذ ادريس لشكر وبردود الفعل الهامة التي عبر عنها مناضلوه ومناضلاته في كل مستويات المسؤولية، وبالشحنة الحماسية التي ضخها جلالته في الروح الوطنية حالا ومستقبلا، وإذ يستحضر المكتب السياسي زيارة الدولة التي قام الرئيس الفرنسي السيد إمانويل ماكرون، لبلادنا ويذكر بالأجواء الايجابية العالية التي طبعتها ، يسجل ما يلي: تهنئة جلالة الملك، وكل القوى الوطنية الديموقراطية والحية وعموم المواطنين والمواطنات على النجاح الباهر الذي عرفته هاته الزيارة التي أعادت الأمور الى نصابها، على قاعدة ماحققته بلادنا ، وذلك بانضمام دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وفاعلة في المشهد الدولي وتوازناته، وعلى اطلاع دقيق بملف وحدتنا الوطنية خصوصا وبتاريخ المنطقة وماضيها القريب، على وجه العموم، إلى صف الحق المغربي. يعتبر بأن الدعوة إلى بناء إطار استراتيجي جديد يضبط العلاقات التاريخية بين البلدين، مناسبة مفصلية في إعادة تأطير هاته العلاقات على أساس المساواة في السيادة، والندية والمصالح المشترك، علاوة على أنها لحظة تحيين تاريخية تعترف للمغرب بريادته الإقليمية ودوره الحاسم في توازناتها، سواء في الحوض الأورومتوسطي أو في الشمال الافريقي أو في عموم القارة. وإذ يجدد تأكيده على المعرفة الفرنسية الدقيقة بالأوضاع الخاصة بمنطقتنا، يرى بهذه المناسبة أن توفير عناصر التوثيق ومواد تاريخ المرحلة يقوي من حظوظ السعي المشترك الى بناء الثقة المطلوبة في السير قدما خدمة للأجيال القادمة. وإذ يحيي الاتحاد عاليا المكسب الجديد، الذي ينضاف الى انتصارات أخرى حاسمة للديبلوماسية الملكية الحكيمة والمبادِرة، يعتبر بأن تجاوب القوى العظمى، مع روح مبادرة المغرب للحكم الذاتي والإنصات لها، يعد أحد أهم التعبيرات الساطعة لنجاح الانتقال من التدبير الى التغيير الذي شكل عمق العقيدة الديبلوماسية كما شيدها ملك البلاد وسيَّرها في علاقات بلادنا الدولية منذ اعتلائه العرش. يثمن عاليا تضحيات الشعب المغربي بكافة مكوناته وما بذله في سبيل ترصيد كل هاته المنجزات، ويعتبر بأن تقوية المؤسسات من صميم تقوية الجبهة الداخلية، وهي جبهة تضم في صفوفها مغاربة العالم، الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على رابطتهم الوطنية القوية، والدفاع عن حقوق بلادهم، وإسماع صوتها. وعليه، يشيد المكتب السياسي بتوجيهات جلالة الملك من أجل إعادة تنظيم المؤسسات التي تهتم بشؤونهم، والإسراع في إخراج القوانين ذات الصلة ، حتى يتسنى لهم المزيد من المشاركة في كل مفاصل الحياة الوطنية، ويغتني الوطن بكفاءاتهم ومساهماتهم وخبرتهم ونبوغهم، في كل مجالات الابداع والانتاج، ويتيح لهم المشاركة في الإقلاع الاقتصادي الذي بات يتطلب حضورا أكبر لاستثماراتهم في كافة المجالات..