في مبادرة إنسانية يرادُ منها مساعدة الضحايا الناجين من حادث انقلاب "قطار بوقنادل"، قامَ ثلاثة أطباء أخصائيين في الطب النفسي بتشكيل خلية ستعملُ على مواكبة الناجين من فاجعة القطار، مع تسخير خبراتهم في المجال لمعالجة الأضرار النفسية التي خلفها الحادث لدى الضحايا. ويتعلّقُ الأمر بكل من الأخصائيين العربي بوتبوقالت وصفاء بوعجاج وجواد النبلاوي، الذين قاموا صباح اليوم الخميس بإطلاق مبادرة تتبُّع حالات المصابين والمسافرين الذين كانوا داخل القطار وقت وقوع الحادث، وذلك نظرا لما عاشوه من صدمات نفسية، قد تؤثر على صحتهم وتوازنهم النفسي. وستعمل الخلية على المتابعة النفسية لضحايا فاجعة "قطار بوقنادل" بالمجان، بشراكة مع مركز خاص بالتكوين والتدريب بالرباط. وفي هذا الصدد قالت الأخصائية النفسية صفاء بوعجاج، في تصريح لجريدة هسبريس، إن "فكرة تشكيل هذه الخلية راودتنا منذ أمس بعد الاستماع إلى شهادة أحد الضحايا الذي صرّح بأن الحادث خلَّف له مشاكل نفسية"، مردفة: "بما أن هذا الراكب عبّر عن معاناته النفسية جراء قوة الحادث فهذا يعني أن هناك مجموعة من المسافرين الآخرين الذين كانوا على متن القطار يعانون الأمر نفسه، وهم في حاجة إلى المساعدة العاجلة من أجل تجاوز تداعيات الحادث". وأضافت الطبيبة النفسانية أنَّ المبادرة التي أطلقتها بمعية زميليها في العمل ستكون بالمجان، قبل أن تسردَ بعض الحالات التي يمكن أن يعاني منها الناجون في قادم الأيام، موردة: "سيفتقدون النوم بسبب المشاهد التي رأوها داخل القطار، ويمكن أن يتعرضوا لما يسمى Traumatisme أو الصدمة التي يشعر بها المرء فجأة دون سابق إنذار ابتداء من أعمال العنف أو وقوع حادث". وزادت الأخصائية ذاتها: "كما قد يشتكي الناجون من فقدان شهية الأكل بسبب المشاهد التي عاشوها لحظة الحادث، وربما قد تكون عبارة عن مشاهد دماء أو جثث بشرية وصراخ المصابين، وكلها أمور تتحول إلى كابوس بالنسبة للمصاب"، مضيفة أن "هناك احتمال تعرض هؤلاء لفوبيا القطار والدم حسب شخصية كل فرد". من جانبه، أوضح الدكتور المتخصص في الأمراض النفسية أبو بكر حركات، في تصريح لهسبريس، أنه "عندما يقع حادث تنتج عنه وفيات وإصابات خطيرة فإننا نكون إزاء فاجعة، خاصة إذا تعلق الأمر بحادث غير مألوف كالذي وقع في بوقنادل لما زاغ القطار عن سكته؛ وهو حادث لا يشبهُ مثلاً حادث انقلاب حافلة للمسافرين، والذي نسمع عنه كثيراً عكس انقلاب القطار الذي لا يقع إلا نادراً". وتوقف المتخصص النفساني عند حصيلة الحادث التي وصفها ب"الكبيرة"، مضيفاً: "الناس الذين كانوا داخل القطار أحسوا في لحظة معينة بالأمان لأن الرحلة روتينية، وفي لحظة فارقة انقلبت الأمور رأسا على عقب، ووقعت القيامة. وكلما كان حجم الفاجعة كبيراً إلا وزاد تأثَّر هؤلاء المسافرين". ويتوقع حركات أن يعاني هؤلاء المسافرين من تداعيات الحادث، "إذ إن هناك احتمال وقوع انهيار نفسي أو الشعور باكتئاب حاد وحالة من الهلوسة وتمظهرات أخرى لها علاقة بالوسواس، وهي أعراض ما بعد الصدمة"، مردفا: "الأشخاص الذين شاهدوا أطرافاً وجثثا مقطعة يحتاجون لوقت طويل حتى يتجاوزوا فعل الصدمة ويلتئم الجرح النفسي والمعنوي". وأكمل المتحدث ذاته: "في مثل هذه الحالات في الدول المتقدمة تكون هناك خلايا نفسية على مستوى الجهة والإقليم، دورها التدخل من أجل المواساة من الناحية النفسية؛ لأن من المفروض أن لشركات النقل متخصصين نفسيين من أجل التنقل إلى المكان من أجل المرافقة النفسية العينية ثم المتابعة النفسية لما بعد الحادث".