صفتي منتميا غير مسؤول إلى واحد من الأحزاب السياسية المغربية القليلة الممكن عقد الأمل عليها راهنا، ولو كان الأمل ضئيلا؛ وتفاعلا مع النقاش الجاري حاليا حول دعم الأحزاب السياسية بعد إلقاء الملك محمد السادس الموقر لخطابه الأخير بمناسبة افتتاح البرلمان في دورة أكتوبر 2018، أثمن مضمون الخطاب، مع الاقتناع الكامل بأننا لا نحتاج داخل أحزابنا إلى دعم مادي مباشر بقدر حاجتنا إلى دعم معنوي وإرادي من قمة هرم السلطة إلى أسفلها، أي قاعدتها الشعبية، وهو دعم أساسي يمكن تحقيقه في نظري المتواضع عبر مدخلين أو رافدين أساسيين لا محيد عنهما: ويتعلق الرافد الأول بالجانب الدستوري والتشريعي، الأمر الذي يقتضي إصلاح قانون الأحزاب الحالي وملاءمة الدستور مع مضامينه، بما في ذلك التنصيص والإقرار بأن وظيفة الأحزاب السياسية الأساسية هي المشاركة في السلطة مشاركة فعلية لا صورية، وتحمل المسؤولية الكاملة في الحكم في حالة تحقيقها للأغلبية الانتخابية أو في المعارضة والمراقبة التشريعية لو لم يتحقق لها ذلك. وهذا يتطلب كذلك إصلاح المنظومة الانتخابية، ورفع العتبة، مع تجزيء الانتخابات البرلمانية إلى دورتين بغرض إلغاء البلقنة الحزبية ومحاربة العبثية في اتخاذ القرار السياسي والعمومي. وأما الرافد أو المدخل الثاني فهو الجانب العملي والواقعي، وهو لا يقل أهمية عن الرافد الأول، إذ بات من الضروري اليوم رفع الفيتو أو الرقابة عن الأحزاب السياسية وتحصينها من التوجيهات الفوقية والتأثيرات المرتبطة بسلطة المال والجاه؛ فالأمر هنا يتعلق بمبدأ أساسي من مبادئ العمل الحزبي والسياسي، في جو ديمقراطي من الحرية والاستقلالية في اتخاذ القرار. هذا في نظري هو ملخص الدعم الذي نحتاج إليه اليوم في أحزابنا، وهو السبيل الحقيقي إلى إصلاح الأحزاب السياسية في المغرب حتى يتسنى لها لعب دور الوساطة بين الحاكم والمحكومين في سياق مشروع مجتمعي متكامل وكفيل بالإجابة عن انشغالات فئات المجتمع وحاجيات أفراده. وهذا لا يعني بالضرورة أن الدعم المادي ليس مهما بالنسبة للأحزاب السياسية، بل هو مهم جدا، إلا أن الجانب الموضوعي والقيمي هو الأسبق والأولى في كل مشروع سياسي، باعتباره هو الأصل والغاية التي لا يمكن أن توجد دون وسائل مادية محيطة بها.