إجماع على إنتهاء صلاحية النموذج الحالي الذي لا يستجيب للرهانات وتأكيد على اعتماد نموذج تنموي جديد يلائم الحاجيات المغربية الدكتور نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال: الانتقال إلى النموذج التنموي الجديد لا يتم إلا عبر قطائع وإصلاحات استراتيجية لابد من تجاوز الاختلالات والنقائص المتعلقة بالتوزيع المنصف للثروة وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية
* العلم: الرباط أود باسم الإخوة في مؤسسة علال الفاسي أن أشكركم على حضوركم المكثف لهذه الندوة حول موضوع «النموذج التنموي الجديد والإصلاح المؤسساتي. وهي ندوة، كما تعرفون، تندرج في إطار اللقاءات والتظاهرات الدراسية الشهرية التي تداوم على تنظيمها مؤسسة علال الفاسي في مختلف القضايا الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ كان لابد لمؤسسة علال الفاسي أن تساهم كذلك في النقاش الجاري حاليا حول النموذج التنموي الجديد إلى جانب باقي القوى الحية في المجتمع؛
وكما لا يخفى عليكم، كلما اتسع النقاش والحوار حول موضوع النموذج التنموي، بمشاركة كل الفاعلين، كلما تم إنضاج وتعميق الاختيارات التي نريدها لهذا النموذج التنموي حتى نجاوز الاختلالات والنقائص الحالية التي تعتري النموذج الحالي، ولا سيما فيما يتعلق بالتوزيع المنصف للثروة، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وبالأخص توفير الشغل الكافي واللائق لشباب بلادنها. وبالتالي، وكما أكد جلالة الملك محمد السادس أيده الله في توجيهاته السامية في هذا الموضوع، لابد من مقاربة شمولية مندمجة وتشاركية، تستحضر كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والترابية والحكامة، في تصور متكامل يساهم فيه الجميع، كل من موقعه ومسؤوليته. والانتقال إلى هذا النموذج الجديد لا يمكن أن يتم إلا عبر عدد من القطائع والإصلاحات والاختيارات الاستراتيجية التي تحتاج إلى توافقات كبرى بين مختلف الفاعلين. جانب من الحضور في ندوة هامة لمؤسسة علال الفاسي تبحث النموذج التنموي الجديد اخترنا في هذه الندوة تسليط الضوء على الجانب المؤسساتي كدعامة أساسية في إرساء النموذج التنموي الجديد. وفي هذا السياق، نذكّر بأن الإصلاح المؤسساتي كان في صلب التحولات والانتقالات والمصالحات التي شهدتها بلادنا مع بداية الألفية، في مختلف المجالات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، والمجتمعية كذلك؛ والتي كان لها عنوان كبير اسمه الانتقال الديمقراطي بروافده المتعددة. – واليوم لابد من طرح الأسئلة التي ينبغي طرحها بخصوص الإطار المؤسساتي الحالي لمواكبة وإنجاح النموذج التنموي الذي نتطلع إليه: – هل التأويل الديمقراطي للدستور الحالي والنابع من روح الإصلاح والإجماع الوطني، قادر أن يوفر لنا الإطار السياسي والمؤسساتي اللازم للإنتقال إلى نموذج تنموي جديد؟ – هل يحتاج إلى أفق أعلى في إطار السقف الدستوري المتقدم؟ – هل نحن في حاجة إلى مراجعة للدستور لتدقيق وتوضيح واستكمال عدد من المقتضيات التي طرحت صعوبات عند تطبيقها؟ – أم أنه بالأحرى حاليا العمل على تفعيل مقتضيات الدستور في ضوء التأويل والممارسة الديمقراطية التي تأخذ بعين الاعتبار الروح التي حملت دستور 2011 ؟ – كيف يمكن للإصلاح المؤسساتي أن يعيد الاعتبار للفاعل الحزبي في إطار تعددية يفرزها التنافس الشريف، ويمكن الهيئات السياسية من تأطير المواطنين وتقوية دور الوساطة وبلورة الاقتراحات والحلول، والقيام بدور حيوي في الداخل والخارج والترافع في القضايا الأساسية للمملكة؟ – كيف يساهم الإصلاح المؤسساتي في استرجاع ثقة المواطن في العمل السياسي، ومشاركته في تدبير وتغيير السياسات العمومية ومراقبتها؟ – كيف نجعل من الإصلاح المؤسساتي مدخلا للمواطنة الحقة وقوة المؤسسات المنتخبة وجدوى العمل السياسي الذي بدونه لن تكون هناك أي تنمية شاملة وناجحة؟ وكيف يمكن تقوية ومد الجسور بين الديمقراطية التشاركية والديمقراطية التمثيلية؟ – هل تشكل الجهوية المتقدمة مدخلا لإصلاح جريء للدولة ولتطوير الحكامة في بلادنا؟ – تلكم بعض الأسئلة الكبرى التي أدعو ضيوفنا الكرام إلى التفاعل معها، وأجدد لهم الشكر على تلبيتهم للدعوة وحضورهم بيننا: – الأخ العزيز الأستاذ إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ورئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية ورئيس المجموعة الحضرية لمدينة فاس. – الأخ العزيز الأستاذ شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال وعضو سابق للمجلس الدستوري وفاعل جمعوي. والأخ العزيز الأستاذ أنيس بيرو، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار ووزير سابق. – والأخ العزيز الأستاذ علي بوعبيد، المندوب العام لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد وعضو المكتب السياسي سابقا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
الأخ شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال: حزب الاستقلال أول المبادرين لإحداث لجنة عهد إليها إعداد مشروع تنموي يستجيب لمتطلبات المرحلة
الأستاذ شيبة ماء العينين أكد الأخ شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال أن خطاب جلالة الملك يوم 13 أكتوبر 2017 لافتتاح السنة التشريعية شكل انطلاقة التفكير في إعداد مشروع تنموي جديد لبلادنا بإعلان جلالته عن أنه «إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملموسا يشهد به العالم إلا أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين وغير قادر على الحد من الفوارق المجالية وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية». وقد كان حزب الاستقلال أول المبادرين في الأسبوع الموالي فأحدث لجنة عهد إليها بإعداد مشروع تنموي يستجيب لمتطلبات المرحلة برؤيا مستقبلية تأخذ في الاعتبار ما تفرضه رهانات الحاضر وما تتطلبه تحديات المستقبل اعتمادا على المعطيات الموضوعية وخصوصيات بلادنا ومكونات مجتمعنا مع مراعاة ما يشهده العالم من حولنا من تحولات إقليمية وقارية ودولية، وإعمال الجهد والفكر لمعالجة الواقع وتوقع ما سيأتي وتعزيز المكتسبات والبناء عليها ورصد السلبيات والحرص على تلافيها واستباقا للمحاذير حتى نتجنبها وذلك بتوظيف الخيال السياسي الذي دعا له جلالة الملك بقوله: «اعتماد حلول شجاعة ومبتكرة حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطريق المعتاد أو إحداث زلزال سياسي» وذلك بإعمال الخيال السياسي المبدع لأن الحزب السياسي عليه مسؤولية استيعاب معطيات الواقع وامتلاك القدرة على التطلع إلى المستقبل برؤية تتجاوز المألوف. لقد أدرك الرواد الأوائل الماهدون الذين أسسوا المدرسة الاستقلالية هذه الحقيقة في وقت مبكر منذ انطلاقتهم الأولى وطيلة مسارهم النضالي من أجل الحرية وبناء المغرب المستقل، فتملكوا القدرة على التفكير بطريقة خلاقة ورؤيا مستقبلية ثاقبة مدركة لما يزخر به الواقع من اتجاهات وما يتطلبه اتخاذ المواقف المناسبة حسب المراحل المتعاقبة مع الوعي بما يكتنفها من صعوبات وقيود تعيق حرية التحرك السياسي، فوطدوا العزم، رغم الظروف التي لم تكن دائما مساعدة بل كانت في أغلب الأحيان معاكسة على أداء هذا الواجب الوطني والثبات على ما أكده الزعيم علال الفاسي في المؤتمر السادس للحزب بالدار البيضاء يناير 1962 حيث أكد: «أن حزب الاستقلال يسير على ضوء الواقع الذي لا مناص لأحد من الاعتراف به وهو أن نهوض المغرب وبناء استقلاله لا يتم إلا بالتعاون الكامل بين الملك والشعب». وبفضل هذه القناعة وصلابة الإرادة ظل حزب الاستقلال طيلة مساره الحافل قوة اقتراحية مبادرة يطرح البدائل ويترافع من أجلها واثقا بأن ببلادنا على الدوام طاقات هامة كامنة غير مستغلة يجب على السياسيين والمفكرين البحث عنها وتوعيتها وتعبئتها للانخراط في الاهتمام بالشأن العام وتكوين أطر سياسية واقتصادية وثقافية قادرة على إعداد التصورات ووضع السيناريوهات الممكنة لمعالجة الأوضاع من أجل الدفع بعجلة الإصلاح والتطور، مدركا ومتفهما بأن للسلطة تصوراتها وإكراهاتها وللمجتمع رغباته وآماله، وهناك دائما تدافع بين الطرفين وكذلك تدافع بيني داخل المجتمع أفرادا وجماعات وأحزابا وتكتلات ومجتمع مدني، والمدرسة الاستقلالية التي درجت على تعميق هذه القناعات دأبت على اتخاذ المواقف الجريئة من أجل المصلحة العليا للبلاد منذ تقديم مطالب الشعب المغربي سنة 1934 ودفتر المطالب المستعجلة 1936، ووثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 وصولا إلى وثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية سنة 1963 التي ما تزال مرجعا أساسيا تؤطر المنظور الاستقلالي من أجل التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية وما أعقبها من مذكرات من أجل الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله وإلى الوزراء الأولين ورئيس الحكومة.. والحزب إذ يطرح تصوره للمشروع التنموي التعادلي لا ينطلق من فراغ ولا التمني أو الرغبة في المزايدة أو المعارضة العبثية بل يرتكز على منطلقات علمية نابعة من الواقع المعيش قائمة على إمعان النظر الموضوعي والتشاور الواسع واستخلاص النتائج على ضوء خصوصيات بلادنا ومجتمعنا. وكما تعلمون، لقد صادق المجلس الوطني في دورته الأخيرة على مخرجات التصور الاستقلالي التعادلي حول النموذج التنموية الجديد، بحيث تداول الحزب في القناعات والمداخل والقطائع ومسالك العمل التي يعتبرها الاستقلاليون مفصلية من أجل تجاوز الاختلالات والنواقص المتراكمة والمتراكبة، والتي حوَّلت النموذج الحالي، الذي بلغ مداه، الى معطل للدينامية التنموية، ومنتج للفوارق الاجتماعية والمجالية. وفي هذا السياق، أود هنا في هذه الندوة الفكرية الهامة أن أتناول بالخصوص الشق السياسي في تصور النموذج التنموي التعادلي مجددا التذكير بما سبق للحزب أن أكده في العديد من المحطات التنظيمية واللقاءات والندوات الفكرية وخاصة في مداخلات الأخ الأمين العام الأستاذ نزار بركة انطلاقا من قناعة الحزب بما للشق السياسي من أهمية قصوى في تصور حزبنا للنموذج التنموية، لأنه لا محيد عنه للانتقال إلى النموذج الجديد الذي نتطلع إليه؛ فلا صعود اقتصادي متوازن ولا تقدم اجتماعي تضامني، ما لم يتواصل الإصلاح السياسي والمؤسساتي والمضي نحو ملء السقف الإصلاحي المتقدم الذي يتيحه الدستور وما لم نغادر المنطقة الرمادية التي تستنزف رصيد المكتسبات. ومن نافلة القول التذكير بأن الديناميات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها بلادنا مع بداية الألفية الثالثة، قد وجدت القوة الدافعة والداعمة لها في أجواء الانفراج السياسي والانتقال الديمقراطي، والمفهوم الجديد للسلطة، والمصالحات الحقوقية والثقافية والمجتمعية والترابية، ومناخ السلم الاجتماعي، وغيرها من الاختيارات والإصلاحات والمبادرات التي شكلت أبرز مقومات الاستقرار في ظل العهد الجديد. إن الخيار الديمقراطي، الذي كرسه الدستور ضمن الثوابت غير القابلة للمراجعة إلى جانب الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافدو والملكية الدستورية؛ هو في تقديرنا قرين للتنمية ومقوم حيوي لتحقيقها، وهما معا يضمنان لبعضهما البعضالمشروعية والمصداقية والاستدامة. وكما يقول الزعيم علال الفاسي: «إن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كل لا يتجزأ، فلا مجال لتأجيل الحريات السياسية للحصول على الحريات الاقتصادية… لأن الحريات متضامنة فيما بينها، وهي إما أن تكون كلها أولا تكون». ذلك أن المواطن وهو يسعى إلى الاستفادة من ثمار الثروة بإنصاف واستحقاق، من خلال الخدمات الاجتماعية ذات الجودة، والشغل والسكن اللائقين، والكرامة والرفاه في المعيش اليومي، فإن الديمقراطية، في أبعادها التمثيلية والمواطنة والتشاركية، هي وسيلته لإنفاذ القانون، وفعلية الحقوق، وهي وسيلته للمراقبة الشعبية والمحاسبة، والمشاركة في تغيير السياسات عندما لا تفي هذه الأخيرة بوعودها والتزاماتها. وفي هذا التوجه، من الضروري العمل على إعادة الثقة في الفاعل الحزبي والفعل السياسي والديمقراطية المحلية، والمؤسسات المنتخبة وطنيا وترابيا. وهذا يقتضي إعادة تأهيل الحقل السياسي وخصوصا الأحزاب السياسية، حتى تتمكن هذه الأخيرة في إطار التعددية الطبيعية التي يضمنها الدستور ويبررها المجتمع، من القيام بدورها كاملا في تأطير وتوجيه المواطن، وتبني مظالمه ومطالبه المشروعة، والوساطة مع المجتمع في استباق وتدبير الأزمات، وبلورة الحلول واقتراح البدائل، والترافع عن القضايا الوطنية في المنتدبات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة. وبهذه المناسبة نثمن عاليا الحرص الذي ما فتئ يوليه جلالة الملك محمد السادس حفظه لمواكبة الهيآت السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، كما جاء في خطابه السامي عند افتتاح السنة التشريعية الجديدة، في 12 أكتوبر الماضي، حيث دعا جلالته الحكومة إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار. وأننا لنعتبر في هذه المبادرة الملكية السامية ردا من أعلى سلطة في البلاد على من يشكك في جدوى المشاركة المواطنة، وفي أدوار ومصداقية الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة للدفاع والترافع والتجاوب مع مطالب المواطنات والمواطنين، وعلى الجميع أن يلتقط هذه الرسالة السامية ويتفاعل مع مضمونها وفقا لمقاصدها النبيلة. ونحن إذ ندرك أن هناك توجها عالميا له تداعياته وفعالياته في بلادنا، بحيث يدفع في اتجاه استبدال هذه المنظومة المؤسساتية بكاملها التي يكرسها الدستور بفضل نضالات القوى الوطنية والديمقراطية: – إما بخيار «النجاعة» الذي يدبر الشأن العام على غرار حكامة المقاولات الكبرى بالارتكاز على النتائج ومؤشرات الإنجاز وتوازنات الربح والخسارة، من منطلق أن الاقتصاد هو الحل. – أو بخيار التعبيرات المباشرة التي تجد في منصات التواصل الاجتماعي وسيطا جديدا للاحتجاج والتجييش والشعبوية في استنفار الرأي العام، والضغط على دوائر صناعة القرار السياسي، والدفع أحيانا نحو اختيارات نكوصية أو مضادة للديمقراطية ذاتها. وتبين التجارب الدولية، وخاصة ما تعيشه العديد من الدول في الآونة الأخيرة، بما فيها الديمقراطيات العتيدة، أن هذين التوجهين يشكلان خطرا على استقرار البلدان والعيش المشترك والتماسك المجتمعي. لذا فإننا نؤكد على أنه لا مناص من تقوية الأحزاب الديمقراطية والوسائط الاجتماعية والمدنية ودور المؤسسات، لضمان الاستقرار والنمو المشترك والارتقاء للجميع. يقول الزعيم علال الفاسي في محاضرة بعنوان «الحرية»: الأحزاب السياسية ضرورة من ضرورات الديمقراطية ولا يمكن تصور حكومة ديمقراطية ولا انتخابات حرة في بلد ما، إلا إذا كانت هناك أحزاب سياسية حقيقية. «إن كثيرا من المتحججين في المشرق العربي وفي المغرب العربي ينادون بالقضاء على الأحزاب السياسية وينسبون إليها كل ما يصيبهم من مكروه، والواقع أنهم يتجنون على الأحزاب ويقولون إن الخير للأمة أن تكون فيها حكومة لا انتمائية (تكنوقراطية)، ولكنهم يخطئون لأن الحكومة اللاانتمائية شيء لا طعم له ولا رائحة. «فالأحزاب مدرسة تعلم الجماهير التفكير الجماعي وتخرج الرأي العام الحقيقي الواعي المفكر المؤمن بقضايا وهموم البلاد. ويضرب الزعيم علال المثال بفرنسا وكأنه يتحدث عنها اليوم» «فلو فرضنا أن فرنسا ليس بها أحزاب مذا سيكون؟ بحيث ستخرج هذه المناقشات التي تقع بين الأقطاب إلى الشارع، وستقوم الإضرابات والثورات والمظاهرات وتضيع الحريات». ويضيف: «إن الأحزاب ليست مؤسسات لتجميع الناس ليناصروا زعماءهم وينتخبوهم ويعدوهم للحكم، ولكنها مدرسة شعبية قبل كل شيء (انتهى كلام الزعيم). لابد للأحزاب، من جهة أخرى، من ممارسة فضيلة النقد الذاتي البناء لتحسين وتجويد تدخلاتها في مواكبة حاجيات المجتمع التي تتطور بسرعة كبيرة وتزداد تعقيدا. ولابد من إعادة المصداقية للعمل السياسي من خلال ترسيخ ثقافة الالتزام بالتعهدات وربط القول بالفعل، واقتران المسؤولية بالمحاسبة، في إطار الصلاحيات التي يخولها الدستور للفاعلين، وعلى الجميع أن يلعب دوره كاملا، كما جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الأخيرة. وفي هذا الصدد، هناك مسؤولية للنخب في تأهيل الخطاب والممارسة السياسيين. لا يمكن للنخب أن تعتزل أو أن تظل في موقع الملاحظ أو المتفرج الذي ينتظر المآلات والنتائج دون أن يساهم في صنعها. كما أن المشاركة لا تعني فقط الانتقاد والتعبير عن الاستياء، بل لابد أن يقترن الوعي النقدي لدى النخب بانخراطها، وباضطلاعها بدورها في التوجيه، وفي حسن الاختيار، وفي الإنتاج والتطوير والإبداع، وفي روح المواجهة والتحدي، دون استسلام، وعليها أن تؤمن بأن الأفضل ممكن تحقيقه، وأن الأسوأ يمكن تفاديه. وهذا هو المطلوب من النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادنا. لقد قدمنا ضمن تصور حزبنا للنموذج التنموي الجديد منظومة متجانسة من التوجهات والإجراءات التي من شأنها إعادة الثقة في الفعل والفاعل السياسيين في مختلف مستويات تواجده وتدخله، سواء تعلق الأمر بالجماعات الترابية أو البرلمان أو الحكومة. لقد قدم حزب الاستقلال ضمن تصوره، دعوة مختلف الفرقاء السياسيين إلى إعطاء دينامية جديدة للديمقراطية التمثيلية بكل الوسائل والآليات المتاحة وخاصة من خلال: – تقوية الرابط السياسي الاجتماعي (السوسيو – سياسي) بين المنتخب والمواطن، لاسيما على مستوى القرب الترابي، وتبني المطالب المشروعة للساكنة، وذلك بما يتجاوز منطق الولاءات والانتماءات الضيقة، وبما يستثمر الممارسات الجيدة للرأسمال الاجتماعي فيما يتعلق بالتضامن والتآزر والإحسان، وإعطاء الأولوية للفئات المعوزة. – اعتماد نمط تفكير جديد (براديغم) للممارسة السياسية يرتكز على التفاعل والترافع، والتفكير والاقتراح الذي يجد امتداده الطبيعي في الفعل والعمل. – ترسيخ نماذج أخلاقية في الممارسة السياسية تعيد الاعتبار لقيم «النضال) و«العمل التطوعي» و«المبادرة المواطنة» في المجتمع، باعتبارها قيما للمشاركة والعطاء والمساهمة في خدمة الصالح العام. – اعتماد ميثاق وطني للمنتخب وللسلوك والممارسة الانتدابية، ويقوم على ثقافة المصلحة العامة، والوفاء بالالتزامات الواردة في البرامج الانتخابية، وحضور ترابي عبر فضاءات للتواصل واستقبال المواطنين، واقتران المسؤولية بالمحاسبة، – مراجعة المنظومة الانتخابية بما يحقق التلاؤم والربط بين التمثيلية الانتخابية والمجتمع في تحولاته، وبما يسمح بتوسيع قاعدة التمثيلية المجتمعية في المؤسسات. – تجديد وتوسيع قاعدة النخب السياسية بإفساح المجال أمام شرعية نضالية جديدة قادرة على تجاوز أزمة العرض النضالي الحالي، وذلك من خلال إطلاق حوار وطني للمصالحة بين مختلف مكونات النخبة السياسية لتجاوز التقاطبات بين السياسي والتكنوقراط، وبين الاقتصادي والسياسي، وبين المناضلين الحزبيين والأعيان الترابيين…) وصولا إلى إشاعة ثقافة المواطنة. – اعتبار المغاربة المقيمين بالمهجر (الجهة رقم 13) وتقسيمها إلى دوائر انتخابية دولية، وذلك على مستوى التمثيل في مجلس المستشارين. – مراجعة القانون التنظيمي للأحزاب، لاسيما فيما يتعلق بتمويل الحياة السياسية باعتماد مزيد من الشفافية، مع تعبئة الإمكانيات الضرورية وتنويع مصادرها لكي تواكب التطورات وتحصن الفعل السياسي.- وأنا واثق أن مداخلات الأساتذة الأجلاء الذين لبوا دعوتنا وشرفونا بحضورهم ستسلط الكثير من الضوء على العديد من هذه الإشكالات.
إدريس الإدريسي الأزمي رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية: العيب في النموذج التنموي الحالي هو عدم الوفاء للإرادة الشعبية إضعاف وزعزعة المؤسسات والأحزاب بفرغها من محتواها الأستاذ إدريس الأزمي الإدريسي قال إدريس الادريسي الأزمي رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في هذه الندوة، إن هذا النقاش حول النموذج التنموي الجديد ودور المؤسسات، يقتضي الوقوف عند أول مؤسسة «المواطن» باعتبارها أصل النماذج التنموية، وغاية هذه النماذج. وأضاف أن مساهمة في هذه الندوة ستركز أولا على الدينامية التي يعرفها المغرب اليوم حول النموذج التنموي الجديد، وأن هذا التساؤل اليوم يسائل بلدنا هل معنى ذلك أن المغرب لم يكن يتوفر على نموذج تنموي، أولا هذا يعني أن بلدنا، لم يمكن مساره التنموي من الاستجابة للحاجيات الحقيقية للمواطنين والمواطنات، وعلى رأسه الحاجيات والاحتياجات السياسية من حرية وكرامة وثقة في المؤسسات. المطروح اليوم بعد سنين من النضالات التي خاضتها مختلف الهيئات لا يمكن ونحن نطرح النموذج التنموي، أن نقول إن مساءلة هذا النموذج التنموي هي إعلان فشل، ولكن يمكن أن ننظر اليوم الى هذه المساءلة من موقع قوة، باعتبار أننا نقوم بها في إطار مؤسسات وبمشاركة المؤسسات عوض أن نسائلها بطرق غير حضارية، كما يتم اليوم في بعض البلدان، وعوض أن نقوم بقفزة في المجهول، كما قامت بها بعض الدول، واليوم المغرب يسائل نموذجه التنموي وهو يعي كل الوعي ما حققه من إصلاحات سياسية وحقوقية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية والتي توجت بدستور 2011. وفي نفس الوقت ليسائل نموذجه التنموي انطلاقا من مجموعة من الإصلاحات التي قادتها مختلف القوى، ولكن كذلك انطلاقا من عدة اختيارات على مستوى أوراش كبرى، وعلى مستوى بنيات تحتية وعلى مستوى استراتيجيات قطاعية وعلى مستوى سياسات اجتماعية وكل هذا أدى إلى نتائج حقيقية، على مستوى التنمية البشرية إلا أنه في المقابل، لابد أن نعترف أن هذا النموذج التنموي له تجليات حقيقية على مستوى المحدودية نلخصها مجموعة من المؤشرات التي أصبحت اليوم في خضم هذه الدينامية النقاشية، معروفة على مستوى مؤشر التنمية البشرية وعلى مستوى كثرة الموارد المخصصة لمنظومتنا التربوية والتكوينية وضعف فعالياتها وآثارها، ولكن كذلك بالأساس على مستوى ما حققه بلادنا من تركيز فئوي قوي للثروة وتركيز جهوي قوي لهذه الثروة وكذلك من أن مجموعة من المبادئ التي تواضع عليها المغاربة منذ الدساتير الأولى إلى اليوم لم تجد طريقها إلى التحقيق الكامل، وهو ما أصبح اليوم يعطي للمواطن انطباعا بأن كل المبادئ الدستورية والآليات الدستورية والإجراءات التي تتبعها لا تبلغ مداها. وإذا كان من حديث اليوم عن محدودية النموذج التنموي فهي محدودية تنزيل المبادئ الدستورية والقرارات التي تتبعها، المطروح اليوم على المستوى المؤسساتي هو أمرين اثنين، الأمر الأول يتجلى في مدى استشعارنا جميعا كمؤسسات وكمواطنين، لسمو وفعالية ونجاعة القواعد الدستورية والقانونية على المستوى السياسي بها يتعلق بالاختيار الديمقراطي، فيما يتعلق باحترام الإرادة الشعبية، فيما يتعلق باحترام هذا الاختيار الذي يقوم على أساس الانتخاب كطريقة حضارية لاختيار المؤسسات، وكطريقة حضارية لاختيار المسؤولين. وأكد أن المغرب يتوفر على مستوى الدستور بابا متعلقا بالحقوق والحريات، ولأول مرة فصل تفصيلا يكاد يكون وافيا لكل ما يتعلق بالحقوق والحريات، لكن نجد أنفسنا على مستوى التطبيق في مستوى الدساتير السابقة وفي مستوى الاصلاحات الدستورية السابقة، كذلك على مستوى المؤسسات التنفيذية، هناك مجموعة من الاختصاصات ومجموعة من الامكانيات الدستورية المتاحة، لكن تقليص دور النخب وتقليص دور الأحزاب السياسية، والعمل على إضعافها، وعلى زعزعتها يفرغ هذه المؤسسات من محتواها الحقيقي، اليوم لا يمكن أن نتحدث عن مؤسسة كحكومة أو كمؤسسة كالمجالس المنتخبة على المستوى الجهوي وعلى المستوى المجالي دون أن نعود الى تأسيسها وإلى كيفية تشكيلها، لأن العيب في الأساس هو في عدم الوفاء للإرادة الشعبية التي، تم التعبير عنها. علي بوعبيد المندوب العام لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد: الشعور السائد حاليا لدى المغاربة هو أن جميع المؤسسات لا تقوم بالأدوار المنوطة بها المجهود المؤسساتي لم يستثمر بالشكل المطلوب
الأستاذ علي بوعبيد قال علي بوعبيد المندوب العام لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، إن مراجعة النموذج التنموي الحالي يستدعي مراعاة مضمون هذه المراجعة، وأن دعوة جلالة الملك في هذا الصدد تتجه نحو مقاربة شمولية لا تسثني أي جانب من النموذج التنموي، كما يؤكد نص رسالة المشاركين في المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية، «إنما نتوخى من الدعوة مراجعة هذا النموذج، أكثر من مجرد إصلاحات قطاعية معزولة، إعادة ترتيب بعض الأوراش الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، وإنما نتطلع لبلورة رؤية مندمجة للنموذج السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولمنظومة الحكامة المركزية والترابية في كل أبعادها بما في ذلك المنظومة القانونية التي تؤطره، رؤية كفيلة بإعطائه دفعة قوية وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره ومعالجة نقط الضعف التي أبانت عنها التجربة». (انتهى كلام جلالة الملك). الاشارة الثانية استنتجها بوعبيد من اللجوء إلى مصطلح المراجعة وما ينطوي عليها ضمنيا من ضرورة تفعيل حسي نقدي بمفهوم نبيل لهذه المراجعة، هذين التوجهين يوفران شروط نقاش وتفكير جماعي مفتوح وجريء كذلك، ومعالجة هذا الموضوع، قابلة لقراءات مختلفة، وبما أننا في مؤسسة تعنى بالفكر، اقترح بوعبيد مقاربة الموضوع باعتماد مدخل نظري يوحي بالابعاد والرهانات المختلفة التي ينطوي عليها موضوع التطور المؤسساتي كمفهوم حضي في السنوات الأخيرة باهتمام بالغ، من طرف مجموعة من الباحثين في العالم وبالخصوص في الولاياتالمتحدةالامريكية. واكتفى المتحدث باستحضار أشغال المؤرخ الأمريكي الذي يعتبر مرجعا في الموضوع، من خلال ما يسمى بنظرية الأنظمة الاجتماعية التي اصدرها في كتاب مشهور «violence et ordres sociaux”، ماذا يقول هذا الكاتب : جوهر عطاؤه يكمن في بلورة إطار نظري مفاهيمي على شكل شبكة للقراءة أو بطاقة خرائطية للمحطات التي يمر منها التطور المؤسساتي من المجتمعات التقليدية إلى المجتمعات الراقية، هذه النظرية هي التي أسست لمقاربات عدة. إن الشعور السائد اليوم هو أن معظم المؤسسات لا تقوم بالأدوار والمهام المنوطة بها باستثناء بعض المؤسسات وقصد بذلك مؤسسات الحكامة، وأن المجهود المؤسساتي لم يستثمر بعد بالشكل المطلوب، ويمكن توظيف هذا الشعور بقرائن دالة، السبب الرئيسي في نظر الأستاذ بوعبيد لا يرجع بالدرجة الأولى إلى منطوق دستور لم يستنفد عطاءه، كما لا يرجع إلى إرادة معزولة، و لا إلى وتيرة المسار بقدر ما له طابع نظامي ومنظوماتي يتجلى في صعوبة التكلف، مع ثقافة المؤسسات بالقبول بمستلزماتها واعتبار المراجعات التي يستدعي تفعيلها، وحين الحديث عن المؤسسات، فإنه لا يقصد المؤسسات السياسية فحسب، بل يقصد ثقافة المؤسسات في مختلف أبعادها. واعطى في هذا الصدد نظرة خاطفة عن ظاهرة يرى في استمرارها عائقا مركزيا يعترض بشكل مقلق مسار الإصلاح، هذه الظاهرة تتعلق بما يمكن أن يسمى باستمرار هيمنة وطغيان المنطق العمودي الأحادي في تحضير وتصرف وتصريف القرارات السياسية والإدارية، في هذا المجال، علينا أن نقر على أن هذا المنطق هو الذي يتحكم في العلاقة بين الإدارة والمواطن ثم داخل وما بين مكونات الإدارة ثم بين القطاعات الحكومية ثم بين المؤسسة الملكية و يقصد المستشارين، والحكومة. من تجليات هذا المنطق، على سبيل المثال أنه منذ سنين شكل وجود معظم الآليات التي تعنى بالعمل الأفقي والتنسيق القبلي ومحدودية أدائها في الوقت الذي تستدعي الإصلاحات تكثيف الجهود والتعاون بين الأطراف للسهر على مأسسة العمل التنسيقي الأفقي وتشبثه كآلية لصنع القرار السياسي والإداري، ولاحظ غياب آليات للحوار والتعاون المستمر بين المؤسسة الملكية والحكومية والحال أن صلاحيتهما مترابطة وتستدعي آلية للحوار كما هو الشأن في جميع الدول المتقدمة، وغياب آلية من هذا الشكل لا يساعد على ترسيخ هذه الممارسة على المستويين الحكومي والإداري. ولا يمكن في جميع الأحوال، استثمار الرأسمال المؤسساتي المتراكم في ظل استمرار ممارسات عمودية من هذا القبيل كون هيمنة هذه الثقافة يفرغ الحديث المتكرر والممل حول انتقائية السياسات من مضمونه. أنيس بيرو عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار النموذج التنموي ليس نموذجا اقتصاديا فقط بل هو تصور متكامل النموذج التنموي المغربي الحالي لم يستطع مسايرة انتظارات المغاربة
الأستاذ أنيس بيرو قال أنيس بيرو عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار إن هذا اللقاء ذو راهنية وجاء استجابة للتوجهات الملكية السامية لمناقشة النموذج التنموي، إيجابياته ومحدوديته وخاصة، المسالك الجديدة لتصور جديد، لنموذج جديد الذي يؤخذ بعين الاعتبار، وهذا أساسي جدا، ما حققناه من تراكمات، لأننا لا ننطلق من العدم، ومخطئ جدا من يعتقد أننا سنبدأ من الصفر، إن ما أسسنا له، وما حققنا في هذا البلد بنظام وجهاد نساء ورجال هذا الوطن، لا يمكن أبدا أن نتجاهله ولن يتجاهله إلا جاحد. وأضاف بيرو أنه أساسي أن نأخذ بعين الاعتبار التراكمات ولكن كذلك ما نأمل إليه في المستقبل، وما نريده في المستقبل. وقال إن مبادرة مؤسسة علال الفاسي تنضاف إلى مبادرات سابقة للسيد الأمين العام لحزب الاستقلال، وأخرى أخذتها كذلك فعاليات سياسية ومدنية أخرى وما أحوجنا لهذه المبادرات لأننا محتاجون جدا لنعمق النقاش لإثراء الحوار ولكي نقوم بقراءات متعددة من زوايا مختلفة والقراءة من الزوايا المختلفة يمكن أن يوسع كذلك فهمنا لحاضرنا وما يمكن أن نطمح إليه في المستقبل. هذه القراءات المتعددة من الزوايا المختلفة لما نريده لهذا الوطن من رقي ومن رغد عيش وطمأنينة المواطنين. وذكر أن للمغرب من المؤهلات ومن القدرات ومن الذكاء ما يمكن من تحقيق القفزة الحقيقية والكبرى التي ينشدها الملك والتي يصبو إليها كل المغاربة. وما يميز الشعب المغربي والوطن، والمغاربة جميعهم جد متفائلين بالنسبة للمستقبل، ويجعل هذا الحلم الذي يتقاسمه المغاربة حلما ممكنا وهذا بطبيعة الحال لن يتأتى فقط بالتمني والانتظار بل بالعمل وبالجد وبروح المسؤولية كذلك، وهذا من المسائل الأساسية بالثقة بأنفسنا وبالثقة في امكاناتنا، وبالثقة في الوطن وفي ما يمكن أن ينجز بفضل عبقرية المغاربة الجماعية. إن الحديث عن النموذج التنموي الجديد، يتطلب الإحاطة بقضية أساسية لبناء هذا النموذج التنموي، بل الموضوع يعتبر أحد الجوانب المركزية، وذلك في تكامل، مع ندوات أخرى، لأن هذا التفكير الجماعي دفع لعقد ندوات عديدة، بالاضافة إلى أن هناك دينامية تقوم بها أحزاب كثيرة وبالتالي هناك تكامل بين هذه الندوات التي يجب استثمارها في المستقبل لنتمكن من إعطاء قراءات متعددة. وحينما نتحدث عن نموذج تنموي فإننا لا نتحدث عن نموذج اقتصادي بل عن نموذج في مفهومه الواسع، وإننا نتكلم عن منظومة متكاملة، داخل هذه المنظومة يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وتحتل فيه منظومة القيم مكانا أساسيا ومحورا أساسيا. والذي يجب الاقتناع به أن النموذج لا يتحدد في لحظة معينة وأقول فيها أن هذا نموذج حدد في اللحظة كذا بل هو سيرورة ومسار وبناء مستمر واختيارات وتحكيمات تنطلق من الواقع، من الخصوصيات، ومن الايجابيات ومن السلبيات، ومن مواطن الخلل كذلك وذلك مقابل رؤية وأمل وطموح، وهذا النموذج يحمل في طياته وسائل تطوره، ووسائل الاصلاح الداخلي لهذا النموذج ويحمل أيضا دينامية حركته، من تخطيط واستباق وسياسات قطاعية وأجرأة وتنفيذ وتقييم. وما يميز النموذج المغربي الحالي هي ثلاثة عناوين أساسية، العنوان الأول، ترسيخ المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي وما قطعته بلادنا في هذا المجال مهم جدا، بما في ذلك دستور 2011، وتناوب 1998، وما قبل الميثاق الجماعي والجهوية المتقدمة. والعنوان الثاني هو ما يتعلق بتطوير البنية التحتية والبرامج والمشاريع المهيكلة. والعنوان الثالث الذي انطلق سنة 2005 وهو ما يتعلق بالتنمية البشرية ومحاربة الفقر. لكن هذا النموذج لم يستطع أن يساير انتظارات المغاربة، إذن كيف الوصول إلى إحساس المواطن بمساهمته في المشروع التنموي للبلاد، والاستفادة عدلا من ثرواته، كيف السبيل لبناء اقتصاد متين، انطلاقا من مؤهلات وقدرات في إطار عولمة زاحفة وتنافسية شرسة، كيف السبيل لاعداد مواطن لمواجهة هذه التحديات انطلاقا من وضعية منظومة التربية ومن البحث العلمي ومن واقع الجامعة المغربية ومن مكان ثقافتنا وتنوعها، وغناها كاسمنت صلب لمجتمعنا، وتميز المغرب ينطلق من ثقافة ومن تنوعها والاختلافات الموجودة فيها ومن تناغمها وانسجامها. جانب من الحضور في ندوة هامة لمؤسسة علال الفاسي تبحث النموذج التنموي الجديد الدكتور نزار بركة في ندوة هامة لمؤسسة علال الفاسي تبحث النموذج التنموي الجديد