نشرت جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 18 أكتوبر 2012 مقالا ثالثا للسيد زهير لخيار في سياق نشر مقالين سابقين بتاريخ 10 وتاريخ 13 أكتوبر ابتغى من ورائهما «كشف» «المنزلقات» و»الادعاءات» التي يتوهم السيد «الخبير» ورودها في كتاب «الاقتصاد الاجتماعي: التنمية المعاقة وجدلية الاقتصاد والمجتمع»، والتي اعتبرها تحاملا على «اتجاهه» في البحث في مجال الاقتصاد الاجتماعي. وفي هذا الإطار خصص المقالين السابقين، وفي غياب تبني خيط ناظم، للتطرق لما اعتبره المنزلق رقم 1 والذي يرتبط حسب زعمه باختلالات شابت عملية «تعريف الاقتصاد وتاريخه»، على أساس أن هناك «منزلقات» أخرى سيتم إدراجها في عدة حلقات بسبب كثرتها، حسب تعبيره. غير أنه في هذا المقال الثالث انتقل مباشرة، وبدون سابق إعلان أو تعليل، من «مناقشة» «المنزلق» الأول إلى سرد ما اعتبره «إدعاءات» نالت من «مكانته العلمية والاعتبارية» . بحيث قفز من الفصل الأول المخصص للجذور النظرية لجدلية السياسي والاجتماعي في الحقل الاقتصادي، وتحديدا ما ورد في الصفحة 46، إلى الفقرة الرابعة من الفصل الثالث المخصص لمفهوم الاقتصاد الاجتماعي في الخطاب الأكاديمي، وتحديدا ما ورد في الصفحات 108-113 التي لمضمونها ارتباط مباشر بما ورد في كتيبه. وهذا القفز يبين طبعا أن ما يهم السيد لخيار في كل هذا «النقاش» هو البعد الذاتي، ومن ثم السعي بأي وسيلة للطعن في مصداقية الانتقادات الموجهة له، على أساس أنه يعتبر نفسه «وارث السر» و»حامي المعبد» في مجال الاقتصاد الاجتماعي. وبالتالي، نتساءل أين اختفت «المنزلقات» الباقية إذا كان في نية السيد «الخبير» الحديث عنها بصيغة الجمع، كما أعلن عن ذلك من قبل؟ وهذه الملاحظة المنهجية تبين طبعا تيه وهذيان الرجل، و تؤكد بشكل جلي عدم اكتراثه بالجوانب المعرفية والمنهجية لا شكلا ولا مضمونا. وسلوكه هذا يعكس اعتقاده أن النقد العلمي هو مجرد «تخراج العينين ومزايدات وعرض للعنتريات والأزليات. تمحور سرد ما اعتبره السيد لخيار «ادعاءات»، من خلال هذا المقال، حول ثلاثة محاور عنونها على الشكل التالي: 1): «في قضية الخلط بين الاقتصاد الاجتماعي والتضامني»، 2): «في مسألة التمظهرات الديماغوجية»، 3): في «قضية المراوغة والتطبيل والتزمير». وتأسيسا على ما سبق، سأرد على هذا الصنف الجديد من تراهات السيد خبير التنمية (المعاقة) سالكا طريق التعقيب تبعا للترتيب الذي ورد في مقاله. I- في موضوع «الخلط بين الاقتصاد الاجتماعي والتضامني» 1- يرجع السيد لخيار غياب اهتمامه بمسألة التمييز بين «الاقتصاد الاجتماعي» و»الاقتصاد التضامني»، الذي كنت قد أثرتها بشكل عام في كتابي، إلى كون موضوع كتيبه «العمل الجمعوي: من الهواية إلى الاحترافية» انحصر في معالجة مطلب «مهنية الجمعيات»، مما يجعل مسالة التمييز في اعتقاده غير ذات جدوى. حسنا. ولكن إذا كان الأمر كذلك فعلى أي أساس ولأي غرض يدعو الجمعيات إلى الارتقاء من الهواية إلى الاحترافية، وفي ماذا تتمثل هذه الاحترافية في رأيه؟ وهو القائل أن احد أهم مداخل (وليس مداخيل حسب تعبير السيد «الخبير») الفعالية يتمثل في صياغة المشاريع التنموية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتربوي، بمعنى ضبط عملية تحديد المفاهيم، ومن ثم تحديد مجالات تدخل الجمعيات، درءا للانتقادات الموجهة عموما لهذه الأخيرة والمتمثلة في عدم تحديدها وضبطا لإغراضها الاجتماعية حتى تكون أكثر فعالية. ومن هذا المنطلق، تبدو ضرورة إثارة مسألة التمييز بين «الاقتصاد الاجتماعي» و»الاقتصاد التضامني» أكثر من واردة، وفقا لضرورة تسمية المسميات بأسمائها، ولتحقيق الانسجام في الطرح وتجنب الغموض. لكن «كون كان لخيار، أو الخوخ، يداوي، كون داوى راسه». وفي كل الأحوال، فإن السيد «الخبير» يروق له ارتداء عمامة العارف الناهل من سجل الغرور المطبوع بالاستعلاء و»الإفتاء» و»إعطاء الدروس» و»التنظير» التافه، من خلال تضمين خواطره قول تفاهات من نوع: «يجب على الجمعيات فقط فعل كذا...» و»يكفي فقط القيام بكذا..»، على غرار ما ورد في كتيب «العمل الجمعوي من الهواية إلى الاحترافية» وكله تعبير عن نظرة سطحية من فوق:»أصبح على الجمعيات لزاما دعم ما يسمى بالاقتصاد التضامني أو الاجتماعي»، «أصبح على النسيج الجمعوي أن يساهم في إعادة تشكيل ثقافته»، «أصبح لزاما عليه (أي النسيج الجمعوي) أن يساهم في نشر الثقافة المقاولة»، «أصبح لزاما عليه المساهمة كذلك في تكوين المقاول الكفئ «( ص.15). ومن جهة أخرى، يدفع السيد لخيار بوجود مبرر ثان، حال بينه وبين الانشغال بمسألة التمييز بين مفهوم «الاقتصاد الاجتماعي» ومفهوم «الاقتصاد التضامني»، يتمثل في عدم اتضاح معالم هذا التمييز وعدم الحسم فيه من طرف المنظرين والخبراء، على حد تعبيره. يشكل هذا التبرير في نظري مجرد هروب إلى الأمام يتوهم منه السيد لخيار إيجاد ذريعة تجنبه تبرير تفادي «شر» الخوض في هذا الموضوع، وفقا لمقولة «كم من أشياء قضيناها بتركها». السيد لخيار لا يساوره القلق الابستيمولوجي، ومن ثم لا يعير للانشغال بسبر المفردات والمفاهيم قبل استعمالها بالا، ولا يهمه لا السؤال ولا التعليل. وهذه اللامبالاة تفسر إلى حد كبير اختياره «سياسة النعامة» والاكتفاء بالقول أن النقاش حول التمييز بين «الاقتصاد الاجتماعي» و»الاقتصاد التضامني» لا زال قائما، وفيه أخذ ورد، الخ، دون أن يحدد لنا بين من ومن، وحول ماذا؟ وما موقف خبراء التنمية (المعطوبة) من هذا الجدل كله؟ السيد لخيار يجهل أن الكتابة صناعة وأن للبحث العلمي قواعد وضوابط تتعارض ومنطق الإفتاء وإغواءات التنبي la tentation du prophétisme))، تفرض النهل من جميع روافد المعرفة العلمية، تقتضي الالتزام بتماسك العناصر التركيبية والجدلية التي يقوم عليها الخطاب، وتملي ضرورة مراعاة وضوح المفاهيم والأفكار. السيد لخيار يعتقد أن الكتابة مجرد زعامة (بالسكون) تتجاوز الجرأة لتتحول إلى وقاحة. السيد لخيار يجهل كل هذا، ومن ثم تستهويه الكتابة السريعة المعتمدة على الإسهال والتخمة وعلى «تضخيم الشخص الذي يصبح أستاذا، منظرا، باحثا (...) في وقت وجيز جدا» (الأستاذ محمد جسوس، طروحات حول المسألة الاجتماعية) ، ومن ثم يساهم في تسمين التطفل والشعوذة والخردة (حسب تعبير للأستاذ محمد جسوس دائما). 2) يدعي السيد لخيار أنني جانبت مقتضيات «الأمانة العلمية» حينما «تعمدت» حذف فكرة «تثمين الإمكان البشري» التي يعتبرها إحدى أهم مميزات «الاقتصاد التضامني أو الاجتماعي»، على أساس اعتباره أن مجال «الاقتصاد التضامني أو الاجتماعي»، «يتميز بخاصية محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة التوازن بين فئات المجتمع وتثمين الإمكان البشري». ويتساءل، بأسلوب مضمر، وماكر مثل بكاء الثعالب، ومثير للشفقة في نفس الآن، عن دوافعي لحذف فكرة «تثمين الإمكان البشري»، لأن هذا الحذف المتعمد، حسب تعبيره، يشكل عملا عبثيا مقصودا ومظللا للقارئ، وبالتالي مسؤولا عن حصول أي ارتباك على مستوى التمييز بين المفاهيم. ألاحظ في هذا السياق كيف يستخف السيد لخيار بذكاء القارئ حينما يدعي أن «تثمين الإمكان البشري» يعد صلب موضوع «الاقتصاد التضامني»، و يشكل «بيت القصيد» و»سدرة المنتهى»، لكنه مع ذلك يورده على مستوى الترتيب في المقام الرابع والأخير بعد «محاربة الفقر» و»تحقيق العدالة الاجتماعية» و»إعادة التوازن بين فئات المجتمع»، دون أن ينتبه إلى أن مسألة الترتيب تعكس الأهمية التي نوليها للبعد الوظيفي للمفاهيم. هذا طبعا إذا سلمنا أن لهذا المفهوم دلالة خاصة. وفي نفس السياق، يدعي السيد لخيار أنه حينما ذكر عبارة «خاصية» من خلال القول: «يتميز الاقتصاد التضامني بخاصية محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة التوازن بين فئات المجتمع وتثمين الإمكان البشري»، فإنه كان يعني بمصطلح «خاصية» «أن الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني يتوفر بالإضافة إلى الخصائص المتوفرة في الاقتصاديات الأخرى على تلك الأشياء الأخرى التي تميزه وتنبت فيه إضافة نوعية». فهل ومتى كان مصطلح «خاصية»، جمعه خاصيات وخصائص، أي مميزات (لسان العرب) يفيد معنى الإضافات. لأننا حينما نقول مثلا أن «العقل خاصية الإنسان، فمعناه أننا نعتبر أن ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات هو امتلاكه للعقل. وفي كل الأحوال يحق لنا أن نتساءل في هذا الإطار حول ما يقصده السيد «الخبير» ب»الخصائص المتوفرة في الاقتصاديات الأخرى (أي اقتصاديات وأي أخرى؟) على تلك الأشياء الأخرى التي تميزه وتنبث فيه إضافة نوعية». أود، في هذا الإطار، أن أوضح للبعض من القراء وأذكر البعض الآخر أن مفهوم «الإمكان البشري» ورد بشكل لا جدال فيه في التقرير العام حول «50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب وآفاق 2025»، وقد أورده التقرير المومأ إليه من خلال التطرق لخمسة محاور استرجاعية لمسار المغرب، متمثلة في: - تطور الإمكان البشري للمغرب كشعب: الديموغرافيا والساكنة، المجتمع والتراث الجماعي، المكون الطبيعي والثقافي؛ - تحرير الإمكان البشري للبلاد كدولة: المسار المؤسساتي، البناء الديمقراطي والحكامة؛ - تثمين الإمكان البشري، باعتباره حياة وتجليات: الصحة، التربية، ولوج الخدمات الأساسية، الحماية الاجتماعية ومحاربة الفقر؛ - تعبئة الإمكان البشري، من حيث هو قوة عمل وإنتاج للثروات: الاقتصاد وللشغل؛ - الإمكان المادي والطبيعي، بوصفه إطارا وموردا للتنمية البشرية: تدبير الموروث الطبيعي والمادي، المجالات الترابية والبنيات التحتية. ومن جهة أخرى يعرف التقرير العام المشار إليه مفهوم «تثمين الإمكان البشري» على أنه يختزل تلك السياسات والإجراءات التي باشرتها وتباشرها السلطات المغربية منذ الاستقلال بهدف الارتقاء بقدرات المغاربة والرفع من إسهامهم في ازدهار البلاد، وتحسين مستوى عيشهم عبر تنمية الموارد البشرية وتبني سياسات اجتماعية هادفة إلى تحقيق تنمية اجتماعية، على خلفية وجود وضع عام (موروث عن زمن الحماية؟) متسم بتهميش الإمكان البشري، ومحدودية توظيفه وضعف نموه. أما ما ورد في خطاب السيد لخيار من كون «الاقتصاد التضامني» يهدف كذلك لتحقيق «العدالة الاجتماعية»، فهذا مجرد إقحام، لا سند له، من طرف السيد «الخبير» الذي استبدل مفهوم «الحماية الاجتماعية» بمفهوم «العدالة الاجتماعية. وتأسيسا على ماسبق، يتجلى «تثمين الإمكان البشري» على مستوى الأجرأة في: الصحة والتربية وولوج الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية ومحاربة الفقر. أما إعادة التوازن بين فئات المجتمع التي أضافها السيد «الخبير»، فهي لا تشكل أداة لأجرأة مفهوم التمكين بقدر ما تشكل إحدى تجليات سياسة «تثمين الإمكان البشري». يتضح في هذا السياق، وبشكل لا جدال فيه، من خلال ما قدمه السيد لخيار من «دفوعات شكلية» في إطار سرد مميزات الاقتصاد التضامني، ثلاثة أمور أساسية: أولها أن إضافة الدال (le signifiant)، أي»تثمين الإمكان البشري»، إلى المدلول (le signifié)، أي تحقيق التنمية الاجتماعية و محاربة الفقر، لا تضيف شيئا يسهل عملية فهم مميزات ما ينعته السيد لخيار، تعسفا، ب»الاقتصاد الاجتماعي أوالتضامني». ثانيها، أن «الاقتصاد الاجتماعي»، كنسق إنتاجي، لا يخرج عن دائرة إنتاج وتبادل واستهلاك البضائع والخدمات السوقية، وإن كان على مستوى المبادئ وأشكال الممارسة يشكل نسقا مغايرا لمنظومة الاقتصادي الرأسمالي على مستوى تمثل الثروة ومحددات السلوك وطبيعة الغايات الأساسية. ثالثها، أن «الاقتصاد التضامني» لا يتجاوز دائرة الانشغال بمسألة التماسك الاجتماعي، عبر العمل على التقليص من حدة التفاوتات المجالية وعبر العناية بالمعوزين والموجودين في وضعية الهشاشة وإدماج الضعفاء اقتصاديا. ومن هذا المنظور، فإن مطلب تثمين الإمكان البشري يتجاوز آليات و قدرات «الاقتصاد الاجتماعي» و»الاقتصاد التضامني». وتأسيسا عليه، يشكل هذا «القصور» على مستوى مبتغى التخلص من مستنقع الاختلالات والفوارق والمعاناة الإنسانية، اعتمادا على «الاقتصاد التضامني/الاجتماعي»، هدفا يبدو بعيد المنال، إن لم يكن مستحيل التحقيق. يبدو أن السيد لخيار اختلط عليه استيعاب معنى التمكين...فوقع في «التموكين» ! ثم إن سياسة محاربة الفقر تقتضي، على مستوى الأجرأة، أولا تشخيص أسبابه الهيكلية: أي معرفة هل ترتبط بعجز على مستوى الموارد البشرية (قصور على مستوى التكوين مثلا)، أم بالتفاوتات على مستوى توزيع الموارد، أم بالعوامل الطبيعية (قلة المياه مثلا)، أم بهشاشة قوى الإنتاج و ضعف النمو وضعف مردودية الأنشطة الاقتصادية الممارسة، أم بهيمنة اقتصاد الريع، الخ). وتقتضي من جهة ثانية رصد تمظهراته على مستوى التغذية والصحة والسكن، والخدمات الأساسية، الخ، قبل اتخاذ الإجراءات التي يعتقد أن اتخاذها أمر لازم للقضاء عليه، أو على الأقل التقليص من حدته. وبالتالي، لم يوضح لنا السيد لخيار لا أسباب الفقر ومعالم كيفية محاربته من خلال التعويل على ما يسميه «الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني» لمواجهة هذه الآفة الاجتماعية؟ * أستاذ باحث بكلية الحقوق، سطات أظن أن هذه المفاهيم تعتبر من المصطلحات الفكرية التي تأسست فى الفلسفة السياسية ورغم أهميتها فهى بحاجة إلى مناخ عام لكي تحقق اهدافها المرجوة منها, وهذه المسؤولية تكون على عاتق الفاعل السياسى لأنه لا موقع للسياسى التقليدي الذي كانت أهميته تكمن فيما يصدر عنه من أقوال, فإذا كان مفتيا بأقواله فقد أصبح من واجبه الآن أن يكون مفتيا بتصرفاته التى ينادى بها فى كل محطة سياسية,ولا نريدها ان تكون أقوال مرتبطة بانجازات آنية ومن اجل مصلحة ذاتية, فالمفاهيم التى تضمنها المشروع السياسى تجعل من الفاعل السياسى ان يكون مفتيا بأفعاله بمواقفه بحركاته بكلامه وبحله وبترحاله. *السؤال المطروح كيف لنا كسياسيين أن ننقل ما جاء فى المشروع السياسى من إطار نظرى إلى عملي?أظن ان هذا دور الفاعل السياسى ليساهم فى بناء منظومة القيم المؤسسة للدمقراطية التشاركية ويحولها الى سلوك يومي لكى يكون عبرة للمواطن, لأن الديمقراطية كفكرة لا يمكن ان تنهض على القوانين وحدها, بل ينبغى تأسيسها على تطور التربية السياسية. التى تؤمن بحرية النقاش السياسى المؤسس لدمقراطية حاكمة بدل الدمقراطية المحكومة . آفاق عمل الفاعل السياسى إن الاتحاد الاشتراكي باعتماده مقومات مذهبية وتوجهات نضالية فإن عمل الفاعل السياسي كان مرتبطا بمبادئه السالفة الذكر ويجب ان يظل وفيا لها لأنه ينشد دائما التغيير.إن نجاح مشروع المقرر السياسي يتم من خلال مناقشته وتفعيله واغناء مضامينه بالمقترحات والتوصيات والتوجهات المؤسسة للمشروع السياسي ليتحول الحزب إلى حزب سياسي متعاقد حول قواعده السياسية القائمة على ترسيخ مبادئ الديمقراطية الداخلية وتقاسم المسؤوليات وترسيخ ثقافة تنظيمية تفسح المجال للتنافس بين الكفاءات الحزبية ومنحها الاعتبار حسب التراتبية الحزبية و إلغاء إنزالات أ خر دقيقة , وهذا سيتم إذا طبقت الصرامة المنطقية داخل التنظيم.هذه الخصائص تفسح المجال للتنافس بين الكفاءات والأفكار وهذا لن يتحقق الا بإحياء المؤسسة الاشتراكية للدراسات والتكوين التى تعتبر مدرسة سياسية قادرة على التأطير والتوجيه النظرى, لأن الذى يحقق مشروعية السياسة هو الفاعل السياسي, فكل ما كان قويا الا وكان عمله داخل المؤسسات قويا, ولأن الدولة لن تكون قوية إلا بمؤسسات قوية وهذا دور الحزب فى التأطير والتكوين والتوجيه . المهام الموكولة للقيادة الجديدة هى.. تنظيم لقاءات وندوات موضوعاتية حول القضايا التالية: *القيم الجديدة للمرجعية الاشتراكية *تحيين مفهوم الهوية بما يتناسب والوضع السياسى الحالى* *اشكالية الظاهرة الأصولية و وتداعياتها*الربيع العربى والانظمة الناتجة وعن هذا الحراك, كيفية التعامل مع المناصفة التى اقرها الدستور* *كيفية تحديد مقاربة شاملة للقضايا السياسية المستجدة * تأسيس وحدة اليسار التى أصبحت مطمحا لكل قوى اليسار المغربى. بيد أنه من خلال قراءة وتحليل الأرقام المسجلة من طرف هذه القوى اليسارية، سيتبين أن هناك عددا من المعطيات والعناصر يتعين مساءلتها وقراءتها قراءة استشرافية سياسيا واستراتيجيا بالنظر لمستقبل الديمقراطية والحرية والحداثة ببلادنا. فلو افترضنا نظريا أن هذه القوة السياسية تقدمت للناخبين كقطب يساري واحد، عوض وضعية الشتات والتشرذم التي بدت عليها أمام الناخبين، والتي وصلت إلى حد أنه في جل الدوائر الانتخابية، وجدت الهيئة الناخبة نفسها أمام 6 أو7 تشكيلات حزبية يسارية متنافسة، تتبارى وفي أحسن الأحوال على محاولة انتزاع مقعد واحد إن استطاعت إلى ذلك سبيلا من براثن القلاع المخزنية اليمينية والمحافظة. فما هي النتائج المفترضة لهذا السيناريو الذي قد يبدو للبعض عبارة عن يوتوبيا سياسية وحلم ميتافيزيقي بعيد المنال، بالنظر لتعقيدات الموقف السياسي العام وتشرذم مختلف مكونات اليسار أو ما تبقى منها، أمام تقدم واختراق القوى التقليدانية والمحافظة للمجتمع السياسي وأيضا للمجتمع المدني، بمناسبة الانتخابات التشريعية المنظمة يوم 25 نونبر 2011، فإن المشهد السياسي سيصبح على الشكل التالي: 1/ سيحتل كل من القطب اليساري وحزب العدالة والتنمية المركز السياسي الأول ب 97 مقعدا نيابيا، بالنسبة لكل حزب و بنسبة تقارب 25 في المائة، أي أن نصف الكتلة الناخبة موزعة سياسيا وبالتساوي بين تيارين فقط . 2/ سيقتصر عدد الدوائر الانتخابية غير الممثلة من طرف القطب اليساري في البرلمان على 25 دائرة من مجموع 94 وهي: السمارة، طاطا، طنجة/أصيلة، وجدة/أنجاد، الدريوش، تارودانت الشمالية، تارودانت الجنوبية، زاكورة، سيدي البرنوصي، الفداء/درب السلطان، المحمدية، مديونة، النواصر، بن امسيك، الحي الحسني، مولاي رشيد، بوجدور، سلاالجديدة، سلاالمدينة، طرفاية، أوسرد، الصخيرات/تمارة، الفحص/ أنجرة، تاوريرت وجليز. 3/ سيفوز القطب اليساري في 8 دوائر انتخابية بمرشحين اثنين في الدوائر التالية: سطات، الجديدة، سيدي بنور، تطوان، بني ملال، غفساي، سيدي سليمان والراشيدية. 4/ سيحسن القطب اليساري نسبته العامة بالمقارنة مع نتائجه الانتخابية ب54 بالمائة. 5/ سيحسن القطب اليساري موقعه السياسي بولاية الدار البيضاء ب 3 مقاعد بكل من دوائر البيضاء/آنفا، عين السبع/الحي المحمدي، عين الشق، مقارنة مع الوضع الانتخابي والسياسي الكارثي المترتب عن اقتراع 25 نونبر 2011 والذي تمخض عنه انقراض كلي لتمثيلية اليسار من أهم و أضخم مدينة عمالية وصناعية مغربية. 6/ سيضاعف القطب اليساري موقعه السياسي التمثيلي في جل المدن( 70 مدينة عوض 44 ). 7/ سيقتصر فوز حزب العدالة والتنمية بمرشحين اثنين في 17 دائرة عوض 24 وهي: الرباط/المحيط، سلا/المدينة، الصخيرات/تمارة، سيدي البرنوصي، المحمدية، الدار البيضاء/آنفا، عين السبع/الحي المحمدي، عين الشق/الحي الحسني، الفداء/درب السلطان، مكناس، أكادير/إداونتان، إنزكان/أيت ملول، وجدة/أنجاد، فاس الجنوبية، فاس الشمالية،القنيطرة، وبثلاث مرشحين بدائرة طنجة/أصيلة. 8/ سيفقد حزب الاستقلال 10 مقاعد نيابية وسيحتل الرتبة الثالثة. 9/ ستحصل الأحزاب اليمينية التقليدية والوسطية (الحركة الشعبية، التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الدستوري وحزب الأصالة والمعاصرة) على 143 مقعد عوض 155 بنسبة 36 بالمائة وبتراجع يعادل 8 بالمائة. 10/ سيتقلص عدد الأحزاب الصغرى في حدود 4 ( 8 مقاعد ) وبنسبة 2 بالمائة. 11/ ستؤشر هذه الوضعية المتميزة على إمكانية بروز تقاطبات سياسية جديدة، تتمركز حول ثلاث قوى سياسية فاعلة: كتلة يسارية وكتلة يمينية وكتلة إسلامية. ليست هذه الأرقام السياسية المثيرة من صنع الخيال الهوليودي، بل هي محصلة لدراسة متأنية وعميقة للنتائج الإحصائية لاستحقاقات 25 نونبر 2011، أضيفت لها فرضية، وإن كانت من جنح الخيال السياسي، تتلخص في أن مختلف مكونات اليسار تقدمت لهذه الانتخابات ككتلة سياسية موحدة. ففي هذا السياق لا بد أن نذكر، بأنه لم يعد يفصلنا عن استحقاقات الانتخابات الجماعية، سوى أقل من سنة، فهل ستعي وتدرك مختلف المكونات اليسارية أن المعارك السياسية القادمة تبدأ من الآن وستكون شرسة وقاسية حتى بالنسبة لتوقعات السلطات المركزية وسيحكمها منطق أن تكون أو لا تكون لاستعادة الجماعات المحلية وانتزاعها من قبضة اليمين التقليدي والمخزني، خاصة وأن عددا مهما من النواب البرلمانيين ومن مختلف الأطياف الحزبية لم يفوزوا بمقاعدهم النيابية الحالية، إلا بفضل مواقعهم الانتخابية والإدارية كرؤساء أو كمستشارين بإحدى المقاطعات أو الجماعات الحضرية أو القروية، بحكم ‹› سياسة القرب ‹› من الناخبين واستغلال الإمكانيات المادية واللوجيستكية التي تتيحها الجماعات والمقاطعات المحلية. إن المعركة السياسية للاستحقاقات التشريعية القادمة تبدأ من الآن بالتحضير الموضوعي والشامل للانتخابات الجماعية المقررة مبدئيا خلال شتنبر 2013، وأولى الشروط الذاتية والموضوعية لهذه الانتخابات وأهمها التفكير والاستعداد لاختبار فكرة بناء جبهة القوى اليسارية والديمقراطية، كمدخل رئيسي، لا محيد عنه، قد يتيح للهيأة الناخبة إمكانية استعادة الثقة في مؤسساتهم التمثيلية الجماعية، في أفق انتزاع هذه الجماعات وبالخصوص الجماعات الحضرية من القبضة الحديدية للشبكات اليمينية والتكتلات المافيوزية المسيطرة بشكل خاص على المدن. إن هذه المعركة التشريعية المتوقعة لسنة 2016 ستبتدئ بمعركة 2013 الجماعية. إن التاريخ قد لا يرحم مرة أخرى، حتى لا تنقرض وربما لمدة غير هينة قد تستمر لعقد أو عقدين جل الأفكار والآمال والمتمنيات التي ضحت من أجلها الأجيال السياسية الماضية والمرتبطة بصيرورة بناء وتشكيل المجتمع الديمقراطي والحداثي. هل ما زال هناك متسع من الوقت، لأن تستفيد مختلف مكونات الحركة اليسارية من أخطائها وتشرذمها و انقساماتها، وأن تتخلى عن كبريائها وانغلاقها وآفاقها المسدودة، باستجماع لكافة قواها الذاتية والموضوعية، وأن تبرهن على نضجها ومسؤوليتها ووطنيتها واستيعابها لدروس وعبر المرحلة السياسية الدقيقة الماضية والراهنة التي يمر منها مصير البلاد والعباد، وترتقي بمواقفها وممارستها لأن تكون في مستوى اللحظة السياسية والتاريخية التي تنتظرها القوى الحية للبلاد، وحتى لا تتكرر المهازل والهزائم الانتخابية السياسية المتكررة للسنوات الماضية والتي على ما يبدو لن تتوقف وإنذاراتها القوية الموجهة للنخبة والطبقة السياسية وتداعياتها التراجيدية بالنسبة لمستقبل الحرية والديمقراطية والحداثة والتنمية الخلاقة. وعلى سبيل توفير الشروط العامة الذاتية والموضوعية لتجميع مختلف الطاقات ووضح حد للتشرذم والبلقنة الداخلية القائمة، أقترح ما يلي: 1/ القيام بالنقد الذاتي من طرف كل القوى السياسية اليسارية المعنية، لتوضيح وتسليط الأضواء على الإعاقات المحيطة بالتجارب السياسية الماضية، في أفق بناء القوة السياسية المؤثرة مستقبلا، ليس على المستوى السياسي فحسب، بل في نسيج المجتمع وفي تحولاته الحاضرة والمستقبلية. 2/ التشجيع على الوحدة النقابية بالعمل على إدماج الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل في مركزية نقابية واحدة. 3/ الاتفاق في إطار جبهة واحدة على الحد الأدنى الضروري، لبناء إستراتيجية انتخابية في أفق الانتخابات الجماعية القادمة، تروم منح كل مكون من المكونات السياسية، إمكانية التمثيل- دون إقصاء أو تمييز تراعي وزنه الانتخابي والسياسي، انطلاقا من نتائجه الانتخابية. 4/ الالتزام بمبادئ وقيم التقدم والحداثة والاشتراكية. الاتحاد الاشتراكي:39 مقعدا ،حزب التقدم والاشتراكية: 18 مقعد ،الحزب العمالي: 4 مقاعد ،اليسار الأخضر المغربي:مقعد 1،حزب جبهة القوى الديمقراطية : 1.